في خطاب التكليف، أغسطس الماضي، أكّد رئيس حكومة الوحدة التونسية يوسف الشاهد، أن سنة 2017 ستكون أصعب بكثير من السنة الماضية، في حال لم يتم اتخاذ أية اجراءات لتفادي ذلك. وقال الشاهد: “في حال عدم اتخاذ إصلاحات استثنائية فسيكون الوضع أصعب بكثير في سنة 2017، وستُجبر تونس على اتباع سياسة التقشف وتسريح الموظفين وفرض الضرائب وإيقاف الاستثمار في التنمية والبنية التحتية“. اجراءات التقشف التي تحدّث عنها رئيس حكومة تونس، ضمّن بعضها في مشروع الموازنة العامة للدولة، التي صادق عليها مجلس وزرائه، أكتوبر الماضي.
هذه المقترحات بدأت في السقوط واحد تلو الأخر، مع وصول مشروع الموازنة لقبة البرلمان
مشروع الموازنة أقر تأجيل الزيادة في الأجور لموظفي القطاع العام بعنوان سنة 2017، وفرض رسم ضريبي على كل أعمال المحامين من قضايا وعقود يحررونها، يقدر بحوالي 27 دولاراً، وفرض ضريبية استثنائية بنسبة 7.5 بالمائة على أصحاب المؤسسات، وضريبة على المسابح الخاصة بحوالي 500 دولار سنويا، ورسوم ضريبية أخرى، في وقت قدّر فيه حجم ميزانية الدولة لسنة 2017 ب15.03 مليار دولار.
إلا أن هذه المقترحات بدأت في السقوط واحد تلو الأخر، مع وصول مشروع الموازنة لقبة البرلمان. مقترح الضريبة على المسابح سقط هو الآخر ولم يصل حتى لجلسة عامة لمناقشته، حيث قامت لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس النواب، بإسقاط الفصل 30 من مشروع قانون المالية. واعتبر عدد من أعضاء اللجنة أن هذا الفصل شعبوي، وقد تمت صياغته بداعي إدخال موارد إضافية للميزانبة.
تأجيل الزيادة في أجور موظفي القطاع العام، الذي اقرته الحكومة بإيعاز من صندوق النقد الدولي، لم يمر هو الأخر. فرغم تشبث الحكومة بهذا القرار، وصل حد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) الاضراب العام في البلاد للتصدي لهذا القرار، إلا أنه سقط قبل مضي الاتحاد في تنفيذ تهديده، وألغى إضرابه العام، وسعت الحكومة التونسية، في إطار سياسة التقشف، إلى تجميد الزيادات في أجور القطاع العام لدعم الموارد المالية للدولة، لكن خطتها فشلت.
البرلمان التونسي، قرّر أيضا، إسقاط الفصل 29 من مشروع قانون المالية المتعلق بفرض ضرائب جديدة على المحامين
وينص الاقتراح الجديد الذي قدمته الحكومة للاتحاد العام التونسي للشغل، والذي على أساسه تم إلغاء الإضراب العام، على التزام الحكومة بصرف 50% من المنحة الخصوصية بداية من أبريل 2017 حتى نوفمبر 2017 على أن تصرف كاملة خلال شهر ديسمبر 2017.
كما ينص أيضا على صرف المبالغ المتبقية من الزيادتين (العامة والخاصة) على امتداد أشهر يناير وفبراير ومارس 2018، وتطبيق الاتفاقيات الموقعة بين الحكومة والاتحاد بداية من 2017، وصرف مستحقات قطاعات مدرسي التعليم الثانوي والأساسي، بالإضافة إلى مراجعة السلم الضريبي باعتماد مبدأ العدالة الجبائية، وفتح جولة من المفاوضات الاجتماعية بداية من أبريل 2018.
البرلمان التونسي، قرّر أيضا، إسقاط الفصل 29 من مشروع قانون المالية المتعلق بفرض ضرائب جديدة على المحامين، حيث صوّت 100 نائب ضدّه وأيّده 8 نواب، فيما احتفظ 19 نائباً بأصواتهم. وينص الفصل المذكور على فرض رسم ضريبي على كل أعمال المحامين من قضايا وعقود يحررونها، يقدر بـحوالي 27 دولاراً.
من المنتظر المصادقة على مشروع الميزانية العامة للسنة القادمة من قبل نواب البرلمان مساء السبت
وكان المحامون التونسيون أعلنوا، في وقت سابق، عن إضراب مفتوح داخل المحاكم التونسية للتعبير عن رفضهم لقانون المالية، حيث اقتحموا مبنى البرلمان كما تظاهروا في ساحة القصبة أمام قصر الحكومة، وطالبوا بإقالة وزيرة المالية وإلغاء الضريبة المفروضة عليهم.
وتساءل عديد المتابعين، إن كان الجميع متيقنًا أنه سيتم الاتفاق مع اتحاد الشغل فيما يتعلق بتأجيل الزيادة في الأجور، فضلاً عن إسقاط الفصل الخاص بالضرائب المفروضة على المحامين، فلما وجود هذه الفصول أصلاً في مشروع ميزانية الدولة للعام المقبل؟.
ومن المنتظر أن يتم في ساعة متأخرة من مساء ليل السبت -مع انتهاء المدة الدستورية- المصادقة على مشروع الميزانية العامة للسنة القادمة من قبل نواب البرلمان التونسي. ويتعين الحصول -وفق الدستور التونسي- على موافقة الأغلبية المطلقة، أي 109 أصوات من بين 217 نائباً في البرلمان للمصادقة على مشروع الموازنة.