في كل البلاد وعند كل الأمم إذا وصل خطر العدو إلى أقصى حدٍّ واجتاح البلاد مجرمون ومحتلون فإن المعنيين يعلنون النفير العام والتعبئة العامة وتدخل البلاد في حالة تحشيد شامل وتعبئة تامة عاجلة وتصدر قوانين تخص من يتخلف أو يتعاون مع العدو.
وفي هذه الظروف يعلم كل فرد في الأمّة أنه قد دخل في وضع غير مخير فيه, وأشد ما يخشاه هو لوم الناس وقطيعتهم ومن وراء ذلك قسوة التاريخ الذي سيُخلد الأبطال وسيُخلد المتخلفين.
أطفال حلب ينتظرون المجهول
وفي سوريا وصل الوضع إلى أشد درجة يمكن أن يصل إليها بلد أو أمة في كل الجوانب التي تخص الوطن والشعب وتهدد الحاضر والمستقبل…ومع ذلك لم تصدر دعوات النفير العام وما يجب أن يرافقها من قوانين.
وإذا تأملنا جوهر كلمة “الفتوى” وقسناها وقسنا عليها فسنجد أنها هي المرسوم الرسمي الذي نعنيه ومعه قوانينه المطلوبة اللازمة إن صدرت من جمع غفير من العلماء أو من مجلس مركزي يضمهم.
ومرسوم الفتوى الجمعي له نفس فعل مرسوم التعبئة العامة وله نفس قوته ويزيد، فقوة القانون كعقوبات في أوقات المواجهة الصعبة الهائلة قد لا تُلزم الناس و الذي يلزمهم هو لوم الناس وكيف سينظرون إلى الذي لم يستجب، أما الفتوى الجمعية فلها هذا التأثير وفيها المزيد في شعور المقصرين بالذنب والخوف من حساب الله جل شأنه.
والمنصّة التي أُنشئت وتفاءل الجميع بنشوئها منذ عامين ونصف والتي يمكن أن تصدر المرسوم الفتوى وما يرافقه هي منصة المجلس الإسلامي السوري…ولذلك أرسل إليها كثيرون يلتمسون منها ويطلبون منها ويذكرونها ويكررون عليها من أجل هذا الأمر الجلل ولكن المتربعين على المنصة سكتوا أو ردّوا بعموميات أو بتهربات منمقة أو ببيانات ضبابية مبهمة ومازالوا على ذلك مستمرين.
المجلس يتكون من شخصيات سورية معارضة
هل رأوا كم من الجنود الذين يجتاحون حلب وينهشون حلب هم من أهل السنة بل من أهل حلب نفسها؟ أليس في ذلك عندهم مأساة مريرة؟
هل شاهدوا في سيما هؤلاء الجنود نظرات ندم أو تلمسوا منهم شديد إكراه تعرضوا له ليقاتلوا مع الشياطين؟ أليس في ذلك كارثة أخلاقية عظمى؟
مهما حاولنا أن نخفف من وطأة هذه الكارثة فلن نستطيع أن نتجنب حقيقة مرَّة أن كثيراً من هؤلاء الذين ما زالوا يقاتلون مع النظام مغيب غائب، وأشد ما أذهل ثائر مقاتل اتصل بقريب له ما زال في جيش الأسد فقال له القريب:” لدينا مئات الفتاوى من مؤسسات دينية معروفة في سورية ومصر تقول إن الذين خرجوا على بشار هم من الخوارج الضالين الواجب قتالهم وليس لديكم ضدنا مثل ذلك من أي مؤسسة دينية رسمية” ، لماذا لا يصدر العلماء من خلال روابطهم ومجالسهم حكم الردَّة على الذين مازالوا يقاتلون في جيش بشار الأسد؟
هل يُعقل أنهم لا يرون في ذلك ردّة؟
نحن لا نحتاجهم ليعلمونا ديننا ويستخرجوا ويستنبطوا حكم الردة على كل من يقاتل مع المجرمين والمحتلين في سوريا, فقد بَّلغنا ربنا في مواضع كثيرة في كتابه ما يجزم بردتهم (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) ونحن الذين نعلم علم اليقين أن بشار ومن سانده هم أعتى من حادَّ الله ورسوله خلال كل القرون.
نحن نحتاج فقط القول من المنصّة التي يحتلونها ومن الألقاب التي يحملونها ومن الشهرة التي حازوا عليها ليكون للفتوى أثر ووقع…نحتاج فتوى النفير العام وما يخصه من فتاوى لازمة مرافقة.
وتبقى أسئلة هائلة لا يمكن أن نتجاهلها بعد الآن :
ماذا يمكن ان يُسمى موقف الجهة المعنية المسؤولة عن إعلان النفير في ظرفه العاجل في أي دولة إن لم تفعل ولم تستجب؟ والجهة المعنية في الملحمة السورية هي منصّة المجلس الاسلامي السوري… فماذا يمكن أن نسمي موقفها إن لم تفعل وبقيت لا تستجيب؟
المسؤولية تقع على عاتق هذه المنصة كمؤسسة وواجبنا جميعا إن أردنا البراءةً أن نضغط عليها بكل السبل لتصدر النفير العام وفتاواه وإن لم تستطع المنصة أن تفعل فلتُلغى لنسائل كل عالم على حدة.
وما موقفنا نحن وماذا نصف أنفسنا… إن تركنا المجلس الاسلامي ينجو بفعلته؟.