ترجمة وتحرير نون بوست
أعلنت منظمة الأمم المتحدة، يوم الجمعة، عن اختفاء المئات من المواطنين السوريين إثر فرارهم من المناطق الواقعة في مدينة حلب، التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. ووفقا لتصريحات منظمة الأمم المتحدة، فإن الجماعات المسلحة الموالية لكلا الطرفين قد اختطفت البعض من المدنيين الذي كانوا يحاولون مغادرة المنطقة وقتلت البعض الآخر.
لقد أجبر الآلاف من السوريين على مغادرة شرقيّ حلب منذ بداية القوات الموالية للأسد محاولة استعادة السيطرة على المدينة. وقد بدت قوات المعارضة متأهبة لتعزز خط الجبهة في معركتها ضد قوات النظام يوم الجمعة وقد ادخرت جهودها طيلة الأسابيع التي خلت ترقبا لهذه اللحظة. لكن أحد المسؤولين في المعارضة السورية المسلحة، الذي قبل التحدث شرط أن لا يتم الكشف عن هويته لأنه لم يكن مخولا لتسريب مثل هذه المعلومات، صرح علنا أن المعارك الماضية قد استنزفت أعداد مقاتليهم بشدة.
لقاء كيري -لافروف في روما لم يتوصل الى نتائج
ووفقا لما أدلى به وزير الخارجية الأمريكي في باريس، جون كيري، فإن الولايات المتحدة والفرق الروسية قد عقدت اجتماعا يوم السبت في جنيف كمحاولة منها “لإنقاذ مدينة حلب” ومناقشة خطة إجلاء كل من المدنيين والمعارضة بأمان.
ودعا كيري نظيره وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى إجراء مشاورات عاجلة هذا الأسبوع. وتبعا لما أعرب عنه جون كيري، فإنه “سيحاول الجمع بين الوفد الأمريكي بقيادة الرئيس أوباما والوفد الروسي خلال اللقاء الذي سيجمعهم في جنيف، ونحن نأمل أن تفضي هذه المشاورات إلى نوع من الترتيبات، حيث سنتمكن من استنباط كيفية حماية المدنيين ومعرفة مصير المعارضة المسلحة”.
يعتبر اجتماع جنيف، الذي سيجمع بين مسؤولين دبلوماسيين وعسكريين من كلا الطرفين، بمثابة الفرصة التي ستعيد سير المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا حول الشأن السوري إلى نصابها، بعد أن علقت واشنطن مجرياتها في تشرين الأول/ أكتوبر تنديدا بالقصف الروسي للمدنيين والبنية التحتية.
ويخطط وزير الخارجية الأمريكي إلى عقد اجتماع يوم السبت في باريس سيجمعه بنظرائه من أوروبا والشرق الأوسط الذين يدعمون المعارضة المسلحة ويحذون حذو الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد علق آلاف المتمردون وما يقارب عن 250 ألف مدني في شرق حلب لمدة أربع سنوات جراء الحصار والقصف المتواصل. وعلى الرغم من الخناق المضيق عليهم، تمكّن الكثيرون من الفرار منذ اجتياح الميليشيات الموالية للأسد والمدعومة من قبل إيران ثلاثة أرباع معاقل المعارضة في هجوم بدأت بشنه في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال الناطق باسم المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، روبير كوفيل، يوم الجمعة في جنيف، إن القيادة قد سمعت “ادعاءات مثيرة للقلق” متعلقة باختفاء مئات المواطنين السوريين أثناء عمليات التهجير. وأضاف كوفيل أنه “نظرا إلى الأرقام المفزعة التي تم تسجيلها حول الإحصاءات المتعلقة بنسب الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء، فنحن بالطبع قلقون حيال هذا الأمر”.
ووفقا لما قدره المراقبون التابعون للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن حوالي 80 ألف شخص قد غادروا المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في الأسابيع القليلة الماضية تزامنا مع التقدم الذي تحرزه القوات الحكومية. وقال سكان تلك المناطق إن “الرجال في سن القتال يجري فصلهم عن مجموعاتهم من قبل الجنود أو مقاتلي الميليشيات، بينما يأخذ البعض الآخر للمطار ليخضع لاستجواب”.
كما صرح كوفيل يوم الجمعة أن جماعات المعارضة المسلحة قد منعت المدنيين من مغادرة المدينة وفي بعض الحالات قامت بإطلاق النار عليهم للحيلولة دون فرارهم. وأضاف أنه “خلال الأسبوعين الماضيين، زعمت جبهة فتح الشام وكتيبة أبو عمارة اختطاف وقتل عدد غير معروف من المدنيين الذين توسلوا إلى المجموعات المسلحة لتركهم يغادرون أحياءهم السكنية دون إزهاق مزيد من الأرواح”. وكان كوفيل يشير باستمرار إلى الجماعات المسلحة المنتسبة إلى تنظيم القاعدة والمعهودة سابقا باسم جبهة النصرة وإلى الجماعات المتشددة الأخرى المتحالفة معها ضد قوات الأسد.
كما اتهم كيري المعارضة المسلحة بارتكاب جرائم قتل بحق المدنيين، قائلا “حتى أولئك الذين ظنوا أنهم من المفترض أن يقفوا في صفهم يطلقون عليهم النار لمنعهم من المغادرة بغية إبقائهم لاستخدامهم كدروع بشرية”.
وقال لافروف مساء يوم الخميس إن “العمليات العسكرية التي تنفذها الحكومة السورية في حلب قد توقفت”. لكنه مع ذلك، صرح يوم الجمعة أن وقف إطلاق النار لم يكن سوى “وقت مستقطع” لإتاحة الفرصة لبعض المدنيين للمغادرة، خاصة وأن القوات السورية استأنفت الهجمات من جديد.
وأدلى لافروف بتصريح أثناء مؤتمر صحفي في هامبورغ تزامن مع حضوره لمؤتمر دولي ولاجتماع جنيف، أكد فيه أن “هناك فرصة كبيرة للوصول إلى اتفاق حول كيفية وضع اللمسات الأخيرة على مشروع التسوية في شرق حلب من خلال سحب جميع المسلحين من هناك”.
كما أدان كل من لافروف، والمتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في موسكو، إدارة أوباما متهما إياها “بسوء التصرف” إزاء مواصلة انتقاد روسيا في الوقت الذي كان فيه كيري يتفاوض معهم. ونفى لافروف أن روسيا تعمد إلى تأجيل الاتفاق بشأن سوريا حتى تنتهي ولاية أوباما ويترك منصبه. لكن في الوقت نفسه، أقر بوضوح التصريحات التي أدلى بها الرئيس المنتخب دونالد ترامب حول الإرهاب مقارنة بتصريحات سلفه أوباما.
والتقى المسؤولون المكلفون بالاستعداد لإدارة ترامب في واشنطن هذا الأسبوع بكل من أعضاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والجماعة السياسية التي تأمل إدارة أوباما في أن تتمكن من العودة إلى طاولة المفاوضات لإجراء محادثات مع حكومة الأسد بشأن تشكيل حكومة انتقالية في سوريا.
وقال الأمين العام للائتلاف، عبد الإله فهد، في حوار عبر الهاتف أن جماعته وفريق ترامب قد “اتفقا على ضرورة اتخاذ الحكومة الانتقالية لدور محوري كشريك قوي في مكافحة الإرهاب، وعلى ضرورة التصدي للتحرك الإيراني في سوريا، وممارسة سياسة الضغط من أجل حماية المدنيين وتحقيق الانتقال السياسي”.
ووفقا لبيان نقلته وكالة الأنباء السورية الموالية للحكومة، فإن الحكومة السورية قد أعربت يوم الجمعة عن استعدادها لاستئناف الحوار مع المعارضة لكن من دون تدخل خارجي أو فرض شروط مسبقة عليها.
وقال كيري إنه “يأمل أن اتفاق حلب سيمهد الطريق لتمديد مدة وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يسهل عملية تدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا، واستئناف المحادثات السياسية بين الحكومة والمعارضة التي أًجهضت في الربيع الماضي عندما تواصل القصف السوري والروسي المستمر على المناطق المدنية”.
ومنذ ذلك الحين، أدت الخسارة الفادحة التي تكبدتها المعارضة في المناطق التابعة لها إلى إضعاف مركزها في المفاوضات، لتتشبث برأيها بخصوص ترك الأسد للسلطة في حين أن مطالبة الولايات المتحدة لتنحي الأسد عن الحكم تبدو أكثر وهنا.
وقال فهد إن أي اقتراح يسمح للأسد بالاحتفاظ بمنصبه “سيعقد الأمور أكثر من ذلك بكثير وسوف يزيد من تنامي النفوذ الإيراني في سوريا”. كما أورد أن هذا المقترح لن يتم قبوله من قبل دول المنطقة التي تساند المعارضة.
وفي تصريحات الجمعة، نددت روسيا أيضا “بقرار إدارة أوباما” الذي يفضي إلى إمداد المعارضة المسلحة بصواريخ محمولة مضادة للطائرات. وتعكس تصريحات لافروف وبيسكوف إشارتهما إلى ميزانية الدفاع التي صادق عليها مجلس النواب الأمريكي في هذا الأسبوع، ليخرق بذلك الاتفاقيات المتعلقة بعدم تسليح أي كيانات مشاركة في المعارك الطاحنة في سوريا.
كما أن الإدارة الأمريكية أعرضت في العديد من المناسبات عن مطالب بعض المشرعين، الذين حاولوا الضغط عليها لإرسال الإمدادات العسكرية إلى المعارضة المسلحة، مدعية أن ذلك قد يتسبب في وقوع الأسلحة بحوزة الجماعات الإرهابية.
المصدر: واشنطن بوست