يواصل الجيش السوري تقدمه وانتصاره في شرق حلب بالتزامن مع فرار آلاف المدنيين من المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، إلا أنه مني بخسارة فادحة أمام “تنظيم الدولة” الذي تمكن مجددًا الأحد من السيطرة على مدينة تدمر الأثرية، بالرغم من القصف الجوي الروسي العنيف عليه، وذلك إثر بعد فرار الجيش السوري منها باتجاه الريف الجنوبي.
وكالة “أعماق” المرتبطة بتنظيم “داعش” المتطرف قالت إن “قوات الدولة الإسلامية تحكم سيطرتها على كامل مدينة تدمر”، حيث شنّ التنظيم الأحد هجومًا جديدًا على تدمر بعد ساعات على طرده منها إثر غارات روسية كثيفة.
وأسفر هجوم “داعش” منذ يوم الخميس عن مقتل ما لا يقل عن 100 عنصر من قوات النظام في مدينة تدمر ومحيطها، بحسب حصيلة للمرصد السوري. وأعلن التنظيم عن إسقاط طائرة حربية من نوع ميغ 23 أقلعت من مطار التيفور في منطقة جزل شمال غربي المدينة، وقال إن قائدها ومساعده قتلا. وكان مقاتلو التنظيم قد أعلنوا أنهم استولوا على 30 دبابة روسية وكميات كبيرة من صواريخ غراد وذخيرة وقذائف دبابات وقتلوا نحو 120 من القوات السورية.
وفي وقت سابق، اعترف محافظ حمص طلال البرازي بأن التنظيم سيطر على مدينة تدمر القديمة “بعد انسحاب القوات النظامية منها”. وأضاف أن “الجيش يستخدم كل الوسائل لمنع الإرهابيين من الاستقرار في تدمر”. ويقول الكثير من المحللين إن سقوط تدمر من جديد في يد التنظيم جاء نتيجة تركيز الجيش السوري المنهك على هزيمة المعارضة المسلحة في حلب. وتمثل سيطرة التنظيم على تدمر هزيمة كبيرة لقوات النظام السوري وروسيا الداعمة لها والتي رحبت باستعادة المدينة في مارس/آذار الماضي وأرسلت قوات لحمايتها وأقامت حفلا موسيقيًا هناك.
انتصارات على حلب.. وآلاف النازحين
لكن في مدينة حلب، حقق الجيش السوري تقدمًا جديدًا على حساب الفصائل المعارضة بسيطرته على حارة الأصيلة قرب المدينة القديمة فضلًا عن أجزاء واسعة من حي المعادي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق.
حيث دفع هجوم قوات النظام منذ حوالى شهر 120 ألف شخص إلى الفرار من الأحياء الشرقية، وفق المرصد السوري. وتوجه معظمهم إلى أحياء تحت سيطرة قوات النظام، وشهد منتصف ليل السبت الأحد جولة جديدة من النزوح. من جهته، توقع وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الأحد أن يسيطر الجيش السوري على مدينة حلب، وقال: “يبدو الآن للأسف أن حلب ستسقط”.
إلى ذلك، فقد انفض اجتماع أصدقاء الشعب السوري الذي عقد في باريس السبت، من دون التوصل إلى نتائج ملموسة توقف آلة القتل المتواصلة في سوريا. وخلص المجتمعون إلى الدعوة إلى إيجاد حل سياسي للصراع، وضرورة تقديم المساعدات العاجلة للمحاصرين وتوفير ممرات آمنة للمدنيين. حيث كان الاجتماع كان عبارة عن توصيات فقط، ولم يتوصل إلى اتفاق ملزم للدول المعنية خصوصا النظام السوري وروسيا وإيران.
وشارك في الاجتماع عشر دول كلها مناهضة للنظام السوري، وهي فرنسا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة والسعودية وقطر والإمارات والأردن وتركيا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي ورئيس الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية رياض حجاب، ورئيس المجلس المحلي لمدينة حلب بريتا حاجي حسن.
مبادرات لانسحاب المعارضة
إلى ذلك قال ثلاثة مسؤولين ينتمون لجماعات معارضة في مدينة حلب السورية لوكالة “رويترز” إن الولايات المتحدة وروسيا طرحتا مقترحا أمس الأحد لمقاتلي المعارضة في حلب سيوفر لهم ولأسرهم ولمدنيين آخرين ممرا آمنا للخروج من المدينة. وأضافت مصادر مسؤولة من المعارضة أن اقتراح الإجلاء الروسي الأمريكي للمقاتلين والمدنيين الراغبين في الرحيل سينفذ خلال 48 ساعة.
This is how the #Aleppo map looks like today: green for rebels and red for government forces. #حلب pic.twitter.com/swCPZdvtBB
— Faisal Irshaid (@faisalirshaid) December 12, 2016
وحول الضمانات قالت المعارضة إن الحكومة السورية ستضمن علناً سلامة وأمن المقاتلين الذين سيتم إجلاؤهم من حلب ضمن المقترح الأمريكي الروسي. وبحسب رويترز فإن المقترح يقول إن مقاتلي جبهة فتح الشام، (النصرة سابقا) بإمكانهم فقط الرحيل إلى إدلب بينما يمكن للباقين التوجه لأماكن أخرى. وقال المسؤولون إن الجماعات المعارضة في حلب لم ترد على المقترح بعد.
من جانبها نفت روسيا التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن مقترح لخروج آمن لمقاتلي حلب حتى الآن، بينما أكد مسؤولون بالمعارضة السورية تسلمهم المقترح الذي تدعمه واشنطن. وقال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات نقلتها وكالة الإعلام الروسية إن بلاده “تعمل لتهيئة الظروف المناسبة لخروج آمن للناس من حلب”. وقالت وزارة الدفاع الروسية اليوم إن 728 شخصًا من المعارضة السورية المسلحة سلموا أسلحتهم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية وانتقلوا إلى غرب حلب. وبحسب وزارة الدفاع أيضًا فإن 13346 مدنيًا غادروا مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب خلال نفس الفترة.