أطلقت القوات العكسرية عملية كبيرة جدا روجت أنها منطلقة نحو صحراء الأنبار وبدعم من طيران الجيش لمحاربة تنظيم القاعدة ، نقلت بعدها وسائل الإعلام مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي اللواء محمد الكروي .
وقد تضاربت رواية مقتل اللواء محمد الكروي ففي الوقت الذي حمل فيه رئيس الوزراء نوري المالكي تنظيم القاعدة مقتله وأنهم نصبوا له فخا عن طريق برميل متفجر ، يرى محللون عسكريون ان الكروي قد تم تصفيته من قبل مقربين ويعزون ذلك الى ان الكروي يملك معلومات مهمة حول مجزرة الحويجة التي ارتكبت في 23/4/2013 وعليه عددا من الدعاوى القضائية في محاكم خارج العراق ، فتم تصفيته في إطار حملة لتصفية كل من يحرج الحكومة العراقية في أي محفل عربي أو دولي.
واللواء محمد الكروي هو قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي “يتكون الجيش العراقي من 17 فرقة” وبالتالي يعد أحد أكبر الضباط في العراق وتسلم “لواء الذئب” الشهير التابع للفرقة الأولى من الشرطة الاتحادية ، وهو قائد مجزرة الحويجة والتي قتل فيها قرابة 300 من المعتصمين السلميين ، ورقي بعد مجزرة الحويجة من عميد ركن إلى لواء ركن وتسلم قيادة الفرقة السابعة في الأنبار.
بعد مقتل العميد الكروي أعلنت وزارة الدفاع عن ان هذه العمليات ستستمر لأسابع طويلة وقد أطلقت عليها إسم “ثأر القائد محمد” ، وشاركت فيها قطعات عسكرية قتالية تابعة للفرقة السابعة والفرقة الأولى من الجيش العراقي .
كذلك أعلنت قيادة طيران الجيش العراقي عن وصول أسلحة وصواريخ متطورة لمواصلة المعارك في صحراء الأنبار، ورافق العملية إعتقال عشرات الأشخاص بحجة إنتمائهم الى تنظيم القاعدة و”داعش” .
الجدير بالذكر إن الولايات المتحدة الأمريكية وعلى لسان أحد كبار مسؤوليها أكد إرسال صواريخ هيلفاير جو- أرض إلى العراق ، وقال المسؤول الأمريكي إن حوالي خمسة وسبعين صاروخا “هيلفاير” اُرسِلت إلى العراقِ الأسبوع الماضي لتصل قبل الموعد الاصلي ، وإن شحنة تضم عشر طائرات إستطلاع بدون طيار سيتم تسليمُها قبل نهاية أذار/ مارس .
المشهد الإعلامي الحكومي
رافق الحملة العسكرية الحكومية على محافظة الأنبار ترويجا وتحشيدا إعلاميا من القناة الحكومية العراقية والقنوات القريبة من الحكومة والتي تمثل طيفا عراقيا واحدا.
وركزت الحملة الإعلامية على رسالة إعلامية أساسية مفاهدها ان هذه المعركة هي المعركة الأخيرة ضد الجماعات المسلحة و”الإرهابية” صاحب ذلك أناشيد وأغاني وطنية داعمة ومشجعة على محاربة “التكفيريين” .
وقد عبر أكاديمي إعلامي عراقي بقوله “لم يسبق لعمليات أمنية أن حظيت بمثل هذه التغطية الإعلامية ، ما يضعها في خانة التوظيف السياسي والدعاية الانتخابيات على حساب الدم العراقي”.
المشهد في باقي المحافظات
ولتكتمل صورة ما يجري في العراق لا بد من تسليط الضوء على أهم الاحداث التي رافقت العمليات العسكرية ولكن في المحافظات العراقية السنية الأخرى ، وهو وضع بلا شك يعطي تصور واضح للأحداث في العراق .
ففي محافظة ديالى قامت المليشيات الإجرامية بمهاجمت منزل شيخ عموم عشائر الجبور الشيخ سعدون العواد وقرية عشيرة جميلة وفجرت عددا من المنازل وأحراقت ممتلكات المواطنين وذلك بعد إنسحاب الجيش بشكل تام من تلك المناطق .
ويرى مراقبون ان السبب الرئيس خلف هذه النوعية من العمليات هو محاولات تهجير العوائل من مناطقها الى مناطق أخرى خارج المحافظة في محاولة لفرض توازن غير حقيقي في ديالى.
وقال محافظ ديالى السابق عمر عزيز الحميري : إن ميليشات متنفذة عمدت الى إحراق منازل الاسر المهجرة في قرى الكف وعكيدات والخيلانية جنوب قضاء المقدادية .
وقد وصف النائب سليم الجبوري هذه الحادثة بأنها “جريمة تطهير عرقي منظم وتحت مرأى ومسمع قوى الأمن ، حيث تمت العملية بعد إنسحابهم مباشرة من قبل مليشيا معروفة” وأكد الجبوري “أن على القائد العام للقوات المسلحة إعلان حربه على المليشيات في ديالى وبغداد والبصرة كما أعلن حربه على القاعدة في صحراء الأنبار”
وفي ديالى أيضا عثر أهالي قضاء المقدادية على جثة عضوِ الحراك الشعبي الشيخ علي سلمان بعد اختطافه على يد مجموعة تستقل سيارات رباعية الدفع قبل حوالي شهر .
وفي الرمادي داهمت قوات سوات الحكومية عددا من منازل منطقة البوعلي الجاسم شرقي الرمادي وذكر شهود عيان ان قوات سوات أقدمت على ضرب النساء وبثت الذعر والخراب في المنطقة.
اما مناطق حزام بغداد فتعرضت لحملات دهم واعتقال طالت المئات من أبنائِها.
وفي مدينة الموصل شنت القوات الأمنية حملة إعتقالات ليلية واسعة ، وقال شهود عيان إن القوات الامنية تنفذ منذ اسبوع هذه الإعتقالات ، مؤكدين أن جميع الإعتقالات تنفذ بدون أوامر قضائية بإلإضافة الى سوء المعاملة .
فتوى محاربة القاعدة والمليشيات
وفي هذه الأجواء قال الشيخ الرفاعي إن من واجب الحكومة محاربة الإرهاب وتوفير الأمن شريطة أن لا تخلط الأوراق وألّا تتعامل مع الناس بمكيالين ، وأشار إلى أن أهالي الانبار كسروا شوكة الإرهاب يوم لم تُحرِك الحكومة ساكناً ، وأكد أن ساحات الإعتصام مفتوحة أمام الجهات الأمنية لتفتيشِها ، مبينا أن رجال الدين وشيوخ العشائر دعوا الأجهزة الأمنية أكثر من مرة لدخول الساحات .
ساحات الإعتصام
مع هذا الوضع الأمني المتدهور هدد رئيس الوزراء نوري المالكي بحرق خيم المعتصمين في الأنبار إذا لم ينسحبوا من ساحات الإعتصام ، وأكد المالكي في تصريحات صحفية “أن هذا اليوم هو أخر صلاة جمعة بساحة الفتنة (كما وصفها) وأن الصلاة مكانها الجوامع وليس قطع الطرق” ، وطالب المالكي عشائر الأنبار التي تنصب خيما في ساحة الإعتصام مكرهة بأن يسحبوها حتى لا تتعرض للحرق إكراما للعشائر.
في هذه الأجواء كانت ساحات الإعتصام ما تزال معتصمة في المحافظات الستة مطالبة بحقوقها التي تنادي بها منذ أكثر من عام والتي أهمها الإفراج عن المعتقلين والمعتقلات الأبرياء ، والغاء المادة أربعة أرهاب وتحقيق التوازن وعدم تسيس القضاء والأجهزة الأمنية والقضاء على الميليشيات وإيقاف حملة الاستهدافِ الطائفي وسياسة الإقصاء والتهميش التي تقوم بها الحكومة ضد المحافظات المنتفضة .