توفي المدون والصحفي الجزائري – البريطاني محمد تامالت الذي كان مضربًا عن الطعام احتجاجًا على سجنه بسبب كتابته قصيدة هاجم فيها الرئيس الجزائري ونشرها على الانترنت، حسبما أعلن محاميه.
حيث نشر المحامي أمين سيدهم على صفحته على فيسبوك” نؤكد وفاة الصحفي محمد تامالت في مستشفى باب الواد بعد إضرابه عن الطعام لأكثر من ثلاثة أشهر ثم دخوله في غيبوبة دامت ثلاثة أشهر”.
وعلّق محامي الراحل، على وفاة موكله، بكونها “سابقة خطيرة في تاريخ الجزائر وتاريخ العدالة وتاريخ الصحافة الجزائرية”، محملًا الصحافة الجزائرية جزء من المسؤولية كونها “لم تقم بأي دور في مساندة زميلها”.
وأضاف سيدهم في تصريح لـ شبكة CNN النسخة العربية، أنه بعد تدهور الوضع الصحي للفقيد، تم إيداع شكوى لدى محكمة القليعة منذ شهر، مشيرًا إلى أن وزير العدل سبق وأن صرح بفتح تحقيق قي القضية، إلّا أن النتائج لم تظهر منذ هذا الوقت.
الرواية الحكومية
جاء في بيان للمديرية العامة لإدارة السجون أن ” تامالت توفي جراء التهاب في الرئتين كان يُعالج منه منذ اكتشاف إصابته به الأول من ديسمبر الجاري”.
وصرحت وزارة العدل الجزائرية إن قاضي تطبيق العقوبات ومدير المؤسسة السجنية، وعدد من الأطباء النفسيين، زاروا الصحفي تامالت لأجل ثنيه عن الإضراب، إلّا أنه أصر على المواصلة. لافتة إلى أن الجهاز الطبي أجرى له عملية تطعيم في السجن بداية أغسطس، إثر انخفاض مستوى السكر، وتحسنت حالته بعد ذلك.
غير أن الراحل عانى مرة أخرى من انخفاض مستوى السكر، ليتم نقله إلى المستشفى، حيث عولج بمصلحة الإنعاش، وخضع لعدة فحوصات أظهرت أنه مصاب بجلطة دماغية، وهو ما تطلب إخضاعه لعملية جراحية مستعجلة على مستوى الرأس، لتتحسن حالته الصحية بعد ذلك.
توفي الصحفي محمد تامالت في مستشفى باب الواد بعد إضرابه عن الطعام لأكثر من ثلاثة أشهر ثم دخوله في غيبوبة دامت ثلاثة أشهر
وكان تامالت – الذي يحمل الجنسيتين الجزائرية والبريطانية – قد بدأ إضرابًا عن الطعام ليلة القبض عليه بالقرب من منزل والديه في العاصمة الجزائرية في 27 يونيو الماضي ، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
تامالت (42 عاما) الذي عمل مدونًا وصحفيًا كان يدير موقعًا إلكترونيًا من العاصمة البريطانية، مقر إقامته، وقد أدين من قبل السلطات الجزائرية بـ “الإساءة إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة و”إهانة هيئة نظامية” في قصيدة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، مرفوقة بصورة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركزوي.
ثم حكمت عليه محكمة في الجزائر بالسجن لمدة عامين في 11 يوليو الماضي، وغرامة بقيمة 200 ألف دينار جزائري (1800 دولار أمريكي)، وتم تأكيد الحكم بعد الطعن في أغسطس الماضي في محكمة الاستئناف.
تضامن دولي
وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت السلطات الجزائرية الأحد بفتح تحقيق شفاف في الظروف التي أدت إلى موت الصحفي محمد تامالت، كما عبرت منظمة مراسلون بلا حدود عن “صدمتها” جراء وفاة تامالت واعتبرتها “ضربة لحرية التعبير في الجزائر”.
وتساءلت ياسمينة كاشا، رئيسة المنظمة في شمال إفريقيا عن “سبب الإدانة منذ البداية لمجرد كتابته قصيدة ونشرها على موقع فيسبوك”، مضيفة أنها ” مجرد كلمات لا تؤذي أحدًا”.
منظمة هيومان رايتس ووتش قد طالبت بإطلاق سراح تامالت في شهر أغسطس الماضي عندما أخذت صحته في التدهور بسبب دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام
وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد طالبت بإطلاق سراح تامالت في شهر أغسطس الماضي عندما أخذت صحته في التدهور بسبب دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحه، وكانت المنظمة قد نددت بالحكم الصادر بحق الصحفي الجزائري، حيث قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن “حماية حرية التعبير غير موجودة في الجزائر، وإن سجن الناس لمزاعم الإهانة أو الإساءة العلنية ظُلم يهدد أي شخص يسعى للتعليق على القضايا الراهنة”.
كما اعتبرت المنظمة أن جميع الشخصيات العامة، بمن فيها التي تمارس أعلى السلطات السياسية مثل رؤساء الدول والحكومات، “تخضع بشكل مشروع للنقد والمعارضة السياسية”. لافتة إلى الدستور الجزائري يضمن بصيغته المعدلة الحق في حرية التعبير بموجب المادة 48، التي تنص على أن حرية الإعلام لا تخضع للرقابة المسبقة وأن الجرائم المتعلقة بها لا تُعاقَب بالسجن.
فيما أكدت أسرته أنها تنوي تقديم شكوى للمطالبة بتحقيق في وفاته، حيث أعلنت أسرته أنه بعد التفرغ من مراسيم الجنازة ستودع شكوى على مستوى المحكمة للتحقيق في وفاة نجلهم والمطالبة بالتحقيق مع المدير العام للسجون وكذا مدير مركز إعادة التربية والتأهيل بالقليعة وأيضا الطاقم الطبي الذي كان يشرف عليه في مستشفى “مايو” بالعاصمة.