“ليس في سوء طالعي، ثغرة واحدة”.. هذا ما قاله الكولونيل “أورليانو بونيديا”، بطل الرواية الغرائبية الشهيرة، “مئة عام من العزلة”، في إشارة إلى سوء الحظ الذي يلازمه، ولا يمكنه الفرار منه.
فسوء الحظ، هو “الشمّاعة” الأشهر، التي يُعلق عليها أكثر الفاشلين حول العالم، فشلهم. فنراهم يتحججون بسوء الحظ الذي منعهم من النجاح، وأن “قانون مورفي” يتجلّى في كل جانب من جوانب حياتهم، ويسيطر عليها، ومن ثمّ الادعاء بأن “حُسن الحظ” هو السبب الوحيد الذي مكّن “غيرهم” من النجاح وتحقيق الإنجازات.
وبعيدا عن أسطورة “سوء الحظ” التي يتبناها أكثر الخائبين، إلا أن بعض الحوادث والمواقف المروعة، التي وقعت لبعض الأشخاص، لا يوجد لها تبرير أو تفسير إلا بكلمة واحدة: “سوء حظ متناهِ”.
وفي هذا التقرير، جمعنا بعض هؤلاء الأشخاص، الذين تعرضوا لمواقف مروعة و ربما مؤسفة، لا يد لهم –فعلا- في حدوثها، ويمكن اعتبارها سوء حظ خالص..
“ميلاني مارتينيز” التي دمرت الأعاصير منزلها، خمس مرات خلال خمسين سنة
(ميلاني وأسرتها، ينقلون ما تبقى من منزلهم بعدما ضربه إعصار “إسحاق”)
ميلاني مارتينيز أو المرأة الأكثر سوءا للحظ في أمريكا، والتي تعمل كسائقة لحافلة مدرسية، وتعيش في ولاية لويزيانا الأمريكية. فقدت منزلها الذي ولدت وترعرعت فيه ومن ثَمّ تزوجت فيه، خمس مرات خلال الخمسين سنة الماضية، بفعل الأعاصير المختلفة.
كانت المرة الأولى في عام 1965، عندما اجتاح الإعصار “بتسي” بعض الولايات الأمريكية، مُخلّفًا وراؤه أضرارًا جمّة، تقدر بمليار ونصف المليار دولار أمريكي. وبعد 20 عاما، في 1985، ومع اجتياح إعصار “خوان” للولايات المتحدة الأمريكية، دُمّر منزلها مرة أخرى. ثم تكرر الأمر مرة أخرى، في عامي 1998، و2005، بفعل الإعصارين: جورج وكاترينا، على التوالي.
(منزل ميلاني مارتينيز، بعدما دمره إعصار “إسحاق”)
وبعد ذيوع قصتها، قام برنامج التلفزة الواقعية “منازل بشعة”، بمنحها 20.000 دولار أمريكي من أجل إعادة بناء منزلها المدمر للمرة الرابعة، بفعل الإعصار “كاترينا”. لكن الإعصار “إسحاق” والذي اجتاح أمريكا في عام 2012، دمّر منزلها مرة أخرى، بينما كانت هي وأسرتها يحتمون في سقيفة المنزل، على أمل أن يتخطاهم الإعصار ولا يقترب من منزلهم.
الجندي “جورج لورانس برايس” الذي قُتِل برصاص قناص ألماني قبل دقيقتين من إعلان انتهاء الحرب العالمية الأولى
(قبر أخر جندي بريطاني قُتل في الحرب العالمية الأولى)
في الساعة التاسعة من صباح 11 نوفمبر 1918، تسلّم جنود الكتيبة 28، منشورا يؤكد وقف الأعمال العدائية والتزام الهدنة بدءًا من الساعة الحادية عشرة صباحا. لكن “برايس” ورفاقه الذين كانوا منوطين بحماية جسور “قناة دو سنتر”، كانوا يتمركزون في مكان مكشوف ومعرضون لإطلاق النار. فقرروا إطلاق دورية تفتيش في البيوت المجاورة، لتعثر الدورية على جنود ألمان، قاموا بفتح النار على دورية التفتيش. ليصاب “برايس” برصاصة في الصدر. وبرغم محاولات إنقاذه، إلا أنه توفى في تمام الساعة 10.58 دقيقة، أي قبل دقيقتين من وقف إطلاق النار وإلتزام الهدنة التي أعلنت انتهاء الحرب. ليكون “برايس” آخر جندي من جنود جيش الإمبراطورية البريطانية، يُقتل في الحرب العالمية الأولى.
“آن هودجز” المرأة التي ضربها حجر نيزكي وهي نائمة في منزلها
(سقف غرفة المعيشة في منزل “آن هودجز”، حيث اندفع الحجر النيزكي مخلفا وراؤه كدمة كبيرة)
في عصر يوم صافِ في أواخر نوفمبر 1954، وبينما كانت “آن هودجز” تنام ممددة على أريكة في منزلها في ولاية ألاباما الأمريكية، مستمتعة بأخذ قيلولة قصيرة. استيقظت فجأة على ألم حاد، سببه اندفاع كرة صخرية كبيرة سوداء، نحوها من خلال سقف غرفة المعيشة في منزلها، مخلّفة وراءها كدمة كبيرة على شكل ثمرة أناناس.
وأكد “مايكل رينولدز”، عالم الفلك في كلية ولاية فلوريدا، أن هذا الصخر، عبارة عن حجر نيزكي، متعجبا من وقوع مثل هذا الحادث، مؤكدًا أنه أمر نادر للغاية.
(حجر النيزك الذي ضرب “آن هودجز”)
فالنيازك غالبا ما تسقط في المحيطات أو في الأماكن النائية من الأراضي غير المأهولة، وأن فرصة الإصابة بواسطة برق أو إعصار، أعلى بكثير من فرصة الإصابة بحجر نيزكي.
وقبل أن يضرب هذا الحجر سقف غرفة المعيشة في منزل “آن هودجز”، أبلغ بعض المواطنين في شرق ولاية “ألاباما”، أنهم رأوا كرة حمراء مشتعلة، يُصاحبها انفجارات هائلة، تسقط من السماء.
“والتر سامرفورد” الرجل الذي ضربه البرق ثلاث مرات في حياته، ومرة بعد وفاته
(صورة شاهد قبر الرائد والتر سامرفورد الذي ضربه البرق ودمره )
يقولون أن البرق لا يضرب مكانا واحدا مرتين، لكن البرق –أحيانا- يكون له رأي آخر.. ففي أثناء امتطاء الضابط البريطاني برتبة رائد “والتر سامرفورد” لحصانه، وقتاله في صفوف الجيش البريطاني في حقول فلاندرز عام 1918، تعرض لصاعقة من قِبل البرق، تركته مشلولا من خصره وحتى قدميه، مما اضطره للتقاعد والرحيل إلى مدينة فانكوفر.
وفي أحد الأيام من عام 1924، وفي أثناء جلوسه تحت شجرة، أمام النهر لصيد الأسماك، أضاءت السماء، صاعقة، ومن ثم اصطدمت بالشجرة التي يجلس عليها “سامرفورد” لترتد إليه، ويصيبه البرق مرة ثانية، ويُسبب لها شللا في الجانب الأيمن من جسده.
وبمتابعة العلاج، تمكن “سامرفورد” من التعافي خلال عامين، وصار قادرا على السير على قدميه مرة أخرى. ليصدمه البرق مرة ثالثة أثناء خروجه للتنزه سيرا في صيف 1930, مما أصابه بشلل تام، توفى على إثره بعد عامين.
لكن البرق لم ينسى “سامرفورد”، وبعد أربع سنوات من وفاته، ضربت صاعقة المقبرة التي دُفن بها، ودمرت شاهد القبر الخاص به.
“كوستيس ميتسوتاكيس”، الشخص الوحيد الذي لم يربح الياناصيب، في قرية فاز كل سكانها بجائزة الياناصيب الكبرى في احتفالات أعياد الميلاد عام 2011
(المخرج اليوناني كوستيس ميتسوتاكيس )
المخرج اليوناني الذي انتقل للعيش في قرية “سوديتو” الإسبانية الصغيرة، بعدما وقع في حب امرأة من سكان المدينة، لكن قصة حبه كللها الفشل؛ كان الشخص الوحيد من سكان القرية البالغ تعدادها 250 نسمة -70 أُسرة-، الذي لم يفز بحصة من جائزة الياناصيب الكبرى التي اشتركت القرية بأكملها في شراء تذكرتها، وفازت بها، لأنه لم يشتري سهما قيمته 4 يورو.
فبعد الإعلان عن جائزة الياناصيب الكبري، في موسم أعياد الميلاد لعام 2011، اتفقت جميع الأُسر في القرية، على شراء تذكرة واحدة، عالية القيمة، تمنحهم في حال الفوز، 100 مليون يورو. على أن تُقسم الجائزة عليهم، بحسب حصصهم من المشاركة في شراء التذكرة. بحيث يمنح السهم الواحد -الذي كان قيمته 4 يورو-، 83 ألف يورو في حالة الفوز.
(أهالي قرية سوديتو الإسبانية يحتفلون بعد فوزهم جميعا بجائزة الياناصيب الكبرى في 22 ديسمبر 2011)
لتفوز التذكرة رقم 58268، والتي اشتراها سُكّان القرية بمئة مليون يورو، تم اقتسامها على حسب الأسهم التي اشترتها العائلات. ليبلغ نصيب بعض العائلات التي اشترت عشرات الأسهم في التذكرة، ملايين اليوروهات. في حين كان “ميتسوتاكيس” هو الشخص الوحيد في القرية الذي لم يشارك في شراء تذكرة الياناصيب الرابحة.