على وقع كلمات وزنها القباني وصدحت بها بنت الرومي وجفا النوم جرائها عيون الساهر، جاءت “محاولاتٌ لقتل امرأة لا تُقْتَل”، والتي عرفت حديثًا بـ “وعدتك” كمنظمة موسيقية ندر مثلها، تمامًا كالحالة السياسية الفلسطينية باستثناء أنها النقيض لكل ما هو في “وعدتك”، وعمرها الذي هو على هذا الحال منذ عقود.
أكره أن أكون ذلك الشخص الذي يسوق لك النص كتلة واحدة، أتحدث عن موضوع أكتبه مستعجلًا وتقرأه بملل كواجب يومي بدأته وتكره عدم انهائه، أنا متفرغ لك، إن لم تكن كذلك ولم تستمع لـ “وعدتك” ولو لمرة واحدة، غادرني فأنا حديث عهدٍ بالمقال الذي يرى النور ويهرب من ملف تحرير النصوص.
قبل أيام طلّ علينا أحد رجال الرصاصة الأولى على رأس أحد أكبر وأقدم التنظيمات الفلسطينية، وخلال مؤتمر وصف بـ “التاريخي” يضع بين أيدينا نتاج السياسة والنضال والثورة والمفاوضات والمقاومة المسلحة حتى وصل إلى النكات، التي صراحة كانت الطاغية على كل ما سبق، لكن وأســفاه لم يفسدها سوى حرارة التصفيق.
فما علاقة “وعدتك” بإحكامها بالحالة السياسية الفلسطينية المرتخية؟، حســنًا إنها تبدأ من حيث بدء حس القباني وتعطل إحساس قادة فلسطين وانعزل عن معاناتها ومشاكلها.
وعدتُ بأشياء أكبرَ منّي..
فماذا غدًا ستقولُ الجرائدُ عنّي؟
أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي جُنِنْتْ.
فتعال يا أيها القارئ نتعرف، لا لا تأتي الآن، تعال نستعرض آخر الصيحات السياسية في فلسطين، ذلك الرجل صاحب الرصاصة الأولى قال إنه يعرف هوية قاتل الرجل صاحب الرصاصة ما قبل الأولى، لكن شهادة الرجل الأول صاحب الرصاصة الأولى، لا تكفي لاتهام قاتل صاحب الرصاصة ما قبل الأولى.
كما قال ذلك الرجل إن تمكين الشباب في الأماكن القيادية ليس مجرد شعار بل هو متطلب وضمانة لا يمكن تجاوزها، فخرج ذلك المؤتمر بمتوسط أعمار للجنة مركزية يبلغ 62 عامًا، ومسؤول وعنها وعن أكبر منها بلغ الـ 81، ويدخن 20 لفافة تبغ في نصف ساعة!
وبعد كل هذا أقرّ صاحب الرصاصة الأولى أن طرفة “فليسقط واحد من فوق” _كناية عن جهلاء يسيرون بذيل مظاهرة تنادي “فليسقط وعد بلفور” ويرددون العبارة الأولى بتبعية وتشويش بالفهم_ موجودة بالفعل لدى شخصيات قيادية.
عذرًا لو كنت مملًا فأنا متوتر وحديث العهد بالمقال، ولا أحتمل تدخين 20 لفافة تبغ في نصف ساعة!
وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..
كيفَ؟
وأينَ؟
وفي أيِّ يومٍ تُراني وَعَدْتْ؟
لقد كنتُ أكْذِبُ من شِدَّة الصِدْقِ،
والحمدُ لله أني كَذَبْتْ….
أما على الطرف الآخر، تتعدد النكات وتكثر التخبطات، لكنها هذه المرة في سياق جدي ملتزم، تقدم على طبق من ألماس للاحتلال الإسرائيلي ليسوقها دعاية عالمية.
حدثني أحد الأصدقاء وهو يعمل في مؤسسة صحافية محلية وأخرى أجنبية، عن أحد القيادات الكبيرة من هذا الطرف، وقصته أنه أخذ منه تصريحًا ما للمؤسسة المحلية، فتوسم صديقي في الخبر سبقًا صحافيًا فعاود الاتصال بهذا القيادي لأخذ التصريح نفسه بعد دقائق، فإذا به ينفي التصريح ويكذب من يتداوله!
وشخصيات عديدة تعد بتحرير فلسطين خلال سنوات، والضفة خلال 24 ساعة لو توفرت إمكانيات معينة فيها، وذهبت لوصف أن غزة تعيش في ظروف يتمناها غيرنا من الشعوب المتقدمة.
أتذكرون يوم قرر حزب ما عدم إحياء ذكرى انطلاقته بسبب “الأوضاع المعيشية لأهلنا وفي ظل الحصار الخانق المطبق وتأخير الإعمار المتعمد”، هو نفسه قرر إحياء ذكرى أخرى بفعاليات تختتم بمهرجان كبير ومركزي.
ولا الحصار انتهى، ولا الإعمار تم، والبطالة على الجرار.
وكانت جميعُ وعودي
دُخَانًا، وبعثرتُهُ في الهواءِ.
عذرا لو كنت مملًا فأنا متوتر وحديث العهد بالمقال، ولا أحتمل تدخين 20 لفافة تبغ في نصف ساعة!
وكما العادة وليست عادتي، نحتفظ بالأجمل والأبهى حتى النهاية، واثبتوا مكانكم خلفي ولا تخافوا القناصة، فهذا القيادي الأخير لديه من النفوذ والمعارف والأصدقاء ما نعجز عن جمعه بعمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى.
رجلٌ لوحده استطاع تحريك ملف المعبر وصرح علانية قبل عام أنه بحكم معارفه وصداقته فتح معبر رفح للتخفيف عن أهل غزة، رجلٌ كألف، أقسم أن يُفسح ويرفّه كل صحافيي غزة في مصر تحت مسميات ومؤتمرات صداها لا يغادر القاعدة التي تعقد فيها.
يا رجل همتك معنا في أزمة الكهرباء والماء والإسمنت والسجائر والبطالة والخريجين والجامعات والضرب في المدارس والشباب والزواج وغلاء المهور… لا لا الزواج لا المدام للأمانة وللصدق غير مقصرة الله يجازيها كل خير.