لم يدُر يومًا في مخيلة السوريين أن سيناريو مجزرة حماة 1982 التي خلفت مابين 30-40 ألف قتيل، من الممكن أن يحيوها من جديد، إذ استقر في ضمير ووجدان الشعب السوري بأكمله أن ما حدث منذ 34عامًا كان الأسوأ في تاريخ سوريا على الإطلاق، ومن ثم وفي ظل التطورات الإقليمية والدولية بات الحديث عن تكرار هذا السيناريو دربا من الخيال.
لكن يبدوا أن سجلات الإجرام الوحشي في سوريا لم تغلق بعد، إذا أن هناك صفحة جديدة سُطرت مع اندلاع الثورة السورية لتضاف إلى هذه السلسلة الوحشية من الجرائم ضد الإنسانية، دفع ثمنها ملايين السوريين، مابين قتيل ومصاب ونازح ومعتقل، لتأتي حماة جديدة في 2016، حتى وإن اختلفت الأسماء والأشخاص، لكنها نفس الوسائل والنتائج والأهداف.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم الحديث عما تواجهه حلب هذه الأيام من إجرام أسدي روسي وصمت دولي، بمعزل عما تم في 1982 في مدينة حماة، حين يسير الابن على نهج أبيه، وبنفس الوسائل، وبذات الرغبة الوحشية في إبادة شعبه، فلابد من وقفة.
وفي نفس التوقيت من الصعب أن تطرح هذه المجازرعلى في قضية على الملأ دون الدخول في طبيعة الدور الروسي كونه السيف الذي يستخدمه بشار الأسد لقتل شعبه على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ويبدو أيضا أن إستراتيجية الحصار حتى الموت باتت تمثل عقيدة لدى الدب الروسي، وهو ما يتطلب استدعاء سيناريو “غروزني” الشيشاني للاستفادة منه في تقييم المشهد الحالي.
حماة 1982.. حملة إبادة المعارضة
حسبما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، نقلته عنها اللجنة السورية لحقوق الإنسان، فإن مجزرة حماة 1982 تعد أكبر مجزرة في العصر الحديث، حيث تعرضت فيها تلك المدينة إلى أوسع وأبشع حملة عسكرية من الممكن أن يشنها نظام حاكم ضد المعارضة، وهو ما دفع المنظمات الحقوقية لتوثيقها كأحد أبرز جرائم الحرب في العالم، فضلا عن شهادات الناجين منها والتي تحمل بين ثناياها، صرخات الألم والجراح التي تعكس حجم وبشاعة ما حدث.
البداية تعود إلى 2 فبراير 1982، حيث قرر الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وشقيقه رفعت، تطويق مدينة حماة، وإبادتها بالكامل عن طريق المدفعية، فضلا عن اقتحامها بريًا، وهو ما نجم عنه عشرات الآلاف من القتلى والمصابين من أهالي المدينة.
القصف الممنهج من قبل هذه قوت حافظ الأسد أسفر عن سقوط مابين بين 30 إلى 40 ألف قتيل، وهدمت أحياء بكاملها على رؤوس أصحابها كما هدم 88 مسجداً وثلاث كنائس، فيما هاجر عشرات الآلاف من سكّان المدينة هرباً من القتل والذّبح والتنكيل
وتعود أسباب ودوافع نظام حافظ الأسد لارتكاب هذه الجريمة التاريخية، إلى مساعيه لتقليم أظافر المعارضة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت أكبر وأقوى فصائل المعارضة حينها، حيث اتهم النظام حينها جماعة الإخوان بتسليح عدد من كوادرها وتنفيذ اغتيالات وأعمال عنف في سوريا من بينها قتل مجموعة من طلاب مدرسة المدفعية في يونيو 1979 في مدينة حلب شمال سوريا، ورغم نفي الإخوان لتلك التهم وتبرّئهم من أحداث مدرسة المدفعية، فإن نظام حافظ الأسد حظر الجماعة بعد ذلك، وشن حملة تصفية واسعة في صفوفها، وأصدر القانون 49 عام 1980 الذي يعاقب بالإعدام كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
المجزرة التي دامت ما يقرب من 27 يومًا، اشتركت فيها مجموعات من مختلف الأسلحة والتشكيلات العسكرية، منها: سرايا الدّفاع، – اللواء 47 [دبابات]، اللواء 21 [ميكانيك]والفوج 21 [إنزال جوّي (قوات خاصّة)]، فضلاً عن مجموعات القمع من مخابرات وفصائل حزبية مسلّحة.
القصف الممنهج من قبل هذه القوات أسفر عن سقوط مابين بين 30 إلى 40 ألف قتيل، وهدمت أحياء بكاملها على رؤوس أصحابها كما هدم 88 مسجدًا وثلاث كنائس، فيما هاجر عشرات الآلاف من سكّان المدينة هربًا من القتل والذّبح والتنكيل، في الوقت الذي فرض فيه نظام الأسد تعتيما إعلاميا على هذه المجازر لتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية، إضافة إلى قطع كافة طرق المواصلات التي كانت تؤدي إلى المدينة، ولم تسمح لأحد بالخروج منها.
حلب 2016.. الابن على نهج أبيه
ما أشبه الليلة بالبارحة، وبالرغم من مرور ما يقرب من 34 عامًا على مجزرة حماة التي شنّها حافظ الأسد ونظامه، ها هو الابن يعيد ذكريات والده الدموية من جديد، لكن هذه المرة، في مدينة حلب، وكما كان شقيق الوالد هو الداعم والقائد الأول لقوات إبادة المعارضة في حماة 1982، هاهو شقيق الابن أيضا (ماهر الأسد) هو من يقود حملة إبادة حلب هذه المرة.
وكما كانت مدينة حماة هي معقل المعارضة السورية أوائل ثمانيناتالقرن الماضي، تعد حلب أيضا معقل المعارضة ضد نظام بشار، لذا كان الهدف واحد، حيث اعتقد حافظ الأسد أن بإبادته حماة يستقر حكمه، بعيدا عن أصوات المعارضة المزعجة التي طالما أرقت نومه، وهو نفس الاعتقاد لدى الابن الذي رأى أنه بالقضاء على حلب واستعادتها من أيدي فصائل المعارضة المسلحة، سينهي تماما على الموجة الثورية المستمرة منذ عام 2011.
الأسد الأب وظّف كل أبجديات ومقومات البطش والقصف – المجاز منه والمحرم – واستخدم كل فصائل الجيش والشرطة والمخابرات والعمليات الخاصة، للقضاء على المعارضة في حماة، حتى ولو تحولت المدينة إلى تراب، وهي نفس الوسائل التي أستخدمها الابن في تحقيق هدفه في القضاء على الثوار في مدينة حلب، حيث استخدم كل أنواع الأسلحة المحرمة، الكيميائية والبيولوجية والعنقودية، حسبما وثقت ذلك اللجان الحقوقية السورية القريبة من المشهد.
وكما كانت مدينة حماة هي معقل المعارضة السورية أوائل ثمانينات القرن الماضي، تعد حلب أيضا معقل المعارضة ضد نظام بشار، لذا كان الهدف واحد، حيث اعتقد حافظ الأسد أن بإبادته حماة يستقر حكمه، وهو نفس الاعتقاد لدى الابن الذي رأى أنه بالقضاء على حلب، سينهي تماما على الموجة الثورية المستمرة منذ عام 2011.
وإذا كانت مجزرة الأب خلفت ورائها مابين 30-40 ألف قتيل، فإن ما ارتكبه الابن يفوق هذه الأرقام بكثير، وهو ما أشارت إليه التقارير الواردة عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والتي جاء على لسان مديرها فضل عبد الغني أنه منذ مارس 2011 وحتى وقت قريب، بلغت حصيلة الضحايا المدنيين على يد النظام السوري 183827 قتيلا، وكان العدد الأكبر للقتلى بمحافظة ريف دمشق تليها حلب، مشيرا أن المعدل السنوي لعدد القتلى المدنيين بلغ 45000 قتيل، وفق توثيق الشبكة.
أما فيما يتعلق بحصيلة القتلى من الأطفال والنساء، أضاف مدير الشبكة أنها بلغت حوالي أربعين ألف قتيل، بينما بلغ عدد الذين توفوا تحت التعذيب 12500 من ضمن 124596 حالة اعتقال تعسفي، موضحا أن 80% من تلك الحالات تحولت إلى حالات اختفاء قسري.
ويبدوا أن الابن تفوق على الأب كثيرا في الوسائل الإجرامية المستخدمة، وهو ما كشفته التقارير الواردة خلال اليومين الماضيين، حيث أعدمت قوات النظام والميلشيات الموالية لها 79 شخصا رميا بالرصاص، بعد سيطرتها على أحياء الفردوس والصالحين وبستان القصر في حلب، بينما قصفت طائرات روسيا والنظام مناطق عدة وتسببت في سقوط قتلى وجرحى بالرقة.
كما تحدثت بعض المصادر داخل الدفاع المدني السوري عن جثث القتلى التي تملأ الشوارع في حلب، وتحت أنقاض الأبنية المدمرة مع استمرار القصف، بينما شهدت الأحياء التي بقيت تحت سيطرة المعارضة حركة نزوح كبيرة للمدنيين.
وفي مدينة حماة، استشهد ما يقرب من 85 مواطنًا في قصف بالغازات السامة على بعض الأحياء في المدينة، فضلا عن عشرات المصابين معظمهم من النساء والأطفال، فضلا عن حملة من الإعدامات الميدانية التي شهدتها بعض المناطق، في ظل استمرار القصف الروسي بالطائرات، وهو ما يقودنا للحديث عن الدور الروسي في هذه الجريمة، وهو ما يتطلب استدعاء سيناريو “غروزني “.
موسكو وتكرار سيناريو “غروزني”
التدخل الروسي المفاجئ في مضمار الحرب المستعرة في سوريا، في سبتمبر 2015 لم يكن متوقعا على الإطلاق، لا من قبل المجتمع الدولي ولا النظام السوري نفسه، حيث باغتت موسكو الجميع بإرسال طائراتها الحربية لقصف مواقع المعارضة السورية، بعد أربعة أعوام ونصف على اندلاع الثورة السورية.
موسكو بتدخلها الأول من نوعه منذ الغياب شبه التام عن المشهد السياسي الدولي والإقليمي عقب هزيمة الإتحاد السوفيتي بأفغانستان، فرضت نفسها كأبرز اللاعبين المؤثرين في المعادلة الإقليمية، لتستعيد جزءا من دورها المفقود، على حساب الشعب السوري، الذي دفع كثيرا من أرواحه ودماءه جرّاء هذا التدخل.
وبحسب لجان حقوق الإنسان السورية، فإن موسكو تورطت بشكل كبير في ارتكاب جرائم حرب داخل النطاق السوري، حيث أفادت التقارير إلى استخدام الطيران السوري الذخائر العنقودية والصواريخ بعيدة المدى، فضلا عن القنابل الفوسفورية المحرمة دوليا.
جاء التدخل السوري ليعطي قبلة الأمل لنظام بشار في الاستمرارية والبقاء لفترة أطول، لاسيما وأن هذا التدخل أتى بعد التدهور غير المسبوق في صفوف جيش الأسد وخسارته ثلاثة أرباع الجغرافيا السورية، ليعيد رسم خارطة الصراع من جديد.
وبحسب لجان حقوق الإنسان السورية، فإن موسكو تورطت بشكل كبير في ارتكاب جرائم حرب داخل النطاق السوري، حيث أفادت التقارير إلى استخدام الطيران السوري الذخائر العنقودية والصواريخ بعيدة المدى، فضلا عن القنابل الفوسفورية المحرمة دوليا.
كما أفادت التقارير أن روسيا منذ تدخلها في في سوريا، قصفت المعارضة بما لا يقل عن 16098 برميلاً متفجراً، 1946 برميلاً منهم في نوفمبر المنصرم فقط، تسببت في مقتل 102 مدنياً، بينهم 18 طفلاً، و5 سيدات.
وفيما يتعلق بمخططات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتكرار سيناريو “غروزني” في حلب، فإن التشابه الواضح في المقدمات والوسائل ينذر بالتوصل إلى نفس النتائج، وهو ما دفع البعض للتحذير من تكرار هذا السيناريو من جديد في حلب.
حلب وسياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها بوتين
وبالعودة إلى الوراء قليلا، نجد أن التدخل العسكري الروسي الثاني في الشيشان، التي سبق لها مطلع التسعينيات التمرد على سلطة موسكو، فور انهيار الاتحاد السوفيتي، وبعد حرب استمرت نحو أربعة أعوام، أسفرت عن استقلالها رسميا، لكن بوتين كان له رأي أخر.
فعقب تسلمه الرئاسة بالوكالة خلفا لبوريس يلتسين مطلع الألفية الثانية، نقض فلاديمير بوتين الاتفاق الذي كان قد حظي بموافقة يلتسين عند توقيعه عام 1996، حيث شن حربا ضروس على الشيشان بهدف القضاء على المقاتلين الشيشانيين وأنصارهم الذين كانوا تمددوا باتجاه جمهوريات أخرى شمال القوقاز الواقع ضمن الاتحاد الروسي.
منذ التدخل الروسي في سوريا 2015، وبوتين وجهازه العسكري بالتعاون مع نظام الأسد وميليشياته الإيرانية يسعون إلى تكرار نفس السيناريو، حيث الأرض المحروقة، وموجات متتالية من الاغتيالات، والتشكيك في المعارضة، ومحاولة إلصاق التهم بها، بأنها منظمات إرهابية تسعى لتخريب الوطن
استخدم بوتين خلال هذه الحرب كل الأسلحة المحرمة دوليا، مستعينا بجيش قوامه 100 ألف مقاتل للقضاء على العاصمة الشيشانية غروزني بالكامل، مستخدما منهجي “الأرض المحروقة” و”تجفيف الينابيع” حيث التدمير الكامل للمدينة وحرقها عن آخرها، إضافة إلى الاغتيالات والإعدامات أمام الجميع، فضلا عن اتباع إستراتيجية إقناع المواطنين بمحاربة المتمردين المقاتلين ضد موسكو.
وبالفعل نجح بوتين في القضاء على المدينة بالكامل، حيث وصفتها الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب بأنها “الأكثر دماراً على وجه الأرض”، إذ بلغت نسبة الخراب فيها 95%، وهو ما يفوق الذي أحدثته القنبلة الذرية التي ألقاها الأميركيون على مدينة هيروشيما أواخر الحرب العالمية الثانية.
ومنذ التدخل الروسي في سوريا، وبوتين وجهازه العسكري بالتعاون مع نظام الأسد وميليشياته الإيرانية يسعون إلى تكرار نفس السيناريو، حيث الأرض المحروقة، وموجات متتالية من الاغتيالات، والتشكيك في المعارضة، ومحاولة إلصاق التهم بها، بأنها “منظمات إرهابية تسعى لتخريب الوطن”، وما إلى غير ذلك من الوسائل المتبعة قديما في “غروزني”، وهو ما دفع الكثير من المحللين وبعض الجهات الرسمية إلى التحذير من تكرار نفس السيناريو.
“جروزني” وقد تحولت إلى مدينة أشباح جراء القصف الروسي
صمت دولي وتخاذل عربي
لم يكن ليحدث ما يمارس الآن في حلب وحماة، لولا صمت المجتمع الدولي، وغيابه شبه التام عن المشهد، حيث أكتفى بعقد الجلسات الطارئة داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة، لكن دون جدوى، في ظل إجهاض روسيا والصين لأي مشروع من الممكن أن يدين نظام الأسد.
عربيا: حالة من التخاذل الواضح تعاني منها الدول العربية في موقفها من الأزمة السورية، حتى دول الخليج التي تعتبر داعمًا رئيسيًا للمعارضة في سوريا فشلت في دعمها بالشكل الذي تستطيع من خلاله مواجهة التحالف الروسي الإيراني، فضلا عن الموقف السلبي للقوى المؤثرة عربيًا تجاه الثورة السورية، وفي مقدمتها مصر التي أعلنت منذ بداية تولي عبدالفتاح السيسي تغير نهجها حيال دمشق، من خلال دعم نظام الأسد على حساب الثورة السورية.
أمريكيا: هناك تراجع واضح في الموقف الأمريكي، مفاده التطورات الأخيرة التي شهدتها واشنطن عقب فوز دونالد ترامب، حيث تحيا الإدارة الأمريكية هذه الأيام حالة من “البيات السياسي” وهي الفترة التي تقع بين قرب نهاية ولاية أوباما وبداية ولاية ترامب، وفيها تنكفئ الدولة على مشاكلها الداخلية، وتتراجع الاهتمامات الخارجية قليلا حتى يتولى الرئيس الجديد ويعيد النظر في سياسات بلاده وتوجهاته وفق المصلحة العامة من وجهة نظره.
كما أن الاتهامات التي وجهت لفترة اوباما وحكومته فيما يتعلق بدعمه للتنظيمات المتطرفة كالقاعدة وداعش، وهو ما جاء على لسان ترامب مرات عديدة في حديثه لمنافسته هيلاري كلينتون في أكثر من جولة انتخابية، قللت كثيرا من حماس الإدارة الأمريكية الحالية في الدفاع عن المعارضة السورية، فضلا عن عدم الرغبة في الدخول في صراع جديد مع روسيا.
أوروبيا: الأزمات الداخلية التي تعاني منها معظم دول أوروبا لاسيما المتعلقة بالأمن القومي لهذه الدول، فضلا عن الوضع الاقتصادي المتردي، ساهم بشكل كبير في تراجعها عن توجهاتها الخارجية التي كانت في معظمها داعمة للثورة السورية، ومنددة بنظام بشار الأسد.
الاتهامات التي وجهت لفترة اوباما وحكومته من قبل ترامب قللت كثيرا من حماس الإدارة الأمريكية الحالية في الدفاع عن المعارضة السورية، فضلا عن عدم الرغبة في الدخول في صراع جديد مع روسيا.
كما أن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ومساعيها للتقرب من دول الخليج لم يجني ثماره بعض، ولم يترجم على أرض الواقع حتى ألان ، خاصة بعد تصريحات الخارجية البريطانية بدعمها للأمن القومي الخليجي، ولا يعلم أحد عما إذا كانت تقصد لندن من هذا التصريح الأزمة السورية ضمنا كأحد أبرز محاور الأمن الخليجي أم لا.
كل هذه العوامل في مقابل تقوية ودعم نظام الأسد من خلال التحالف الروسي الإيراني ساهم بشكل كبير في وصول حلب إلى ما وصلت إليه، حيث باتت أشبه بـ”الأرض المحروقة” التي تفتقد للروح والحياة، وأصبح لون الدم هو المهيمن على جدران المدينة، والأشلاء المتناثرة هنا وهناك أضحت لوحة تعكس حجم المأساة التي يعيشها ملايين السوريين هذه الأيام.
34 عامًا مضت على محرقة حماة، وهاهي حلب تسير إلى نفس المصير، وسط استمرارية النهج الروسي في الحصار والتجويع والقصف حتى الموت، وبقاء الإبن على إجرام أبيه، وسط تخاذل عربي يقابله صمت دولي، إلا أن صمود المدينة التاريخية ضد هذه المؤامرات حتى ألان،يعد درسًا يلقن للأجيال القادمة التي قد تحمل بيديها مشاعل التنوير والتغيير.