إذا كان قطبا الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة يعتبران الأشهر على مستوى القارة الأوروبية، وقطبا الكرة الأرجنتينية بوكا جونيور وريفر بلايت هما الأشهر على مستوى أمريكا اللاتينية، فإن قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك يمثلان أبرز وأشهر أندية كرة القدم على المستوى الإفريقي والعربي أيضًا، وذلك عطفًا على ما يزخر به تاريخهما العريق من إنجازات وألقاب ونجوم، جعلت من شعبية هذين الناديين تتخطى حدود مصر، نحو سائر بلدان الوطن العربي والقارة السمراء.
وسنسرد لكم من خلال السطور التالية، حكاية أمجاد الناديين المصريين العريقين، الملقبين بالمارد الأحمر والقلعة البيضاء.
شعارا ناديي الأهلي والزمالك
تأسس النادي الأهلي الملقب بالمارد الأحمر، في 24 من أبريل من عام 1907، بجهود من عمر لطفي بك، الذي كان يشغل منصب رئيس نادي الطلبة ذي الطابع السياسي، فأراد أن يكون لطلبة وشبان مصر مكان يمارسون فيه نشاطاتهم الرياضية، فقام بعقد سلسلة من الاجتماعات والمداولات مع عدد من تجار وساسة البلاد، أسفرت عن تأسيس (النادي الأهلي للرياضة البدنية) برئاسة الإنجليزي ميشيل آينس، الذي تم تعيينه في هذا المنصب بغية استغلال نفوذه لدى قوات الاحتلال الإنجليزي، من أجل تسهيل الحصول على أرض في منطقة الجزيرة بالقاهرة، لاستعمالها كملعب للنادي الوليد، الذي اتخذ من الألوان الحمراء قمصانًا له، ومن صورة النسر المصري شعارًا له.
أما نادي القلعة البيضاء: الزمالك، فتعود فكرة تأسيسه إلى رئيس المحاكم المختلطة بمصر آنذاك البلجيكي جورج مرزباخ، الذي أراد تأسيس نادٍ رياضي يكون ندًا للنادي الأهلي، فاختار أرض (كازينو النهر) بمنطقة جزيرة الزمالك بالقاهرة لتكون مقرًا للنادي، الذي تأسس في 5 من يناير من عام 1911 تحت اسم (نادي قصر النيل)، وبعد عامين فقط تغير اسم النادي ليصبح (النادي المختلط) نسبةً إلى المحاكم المختلطة، التي كان رائد الحركة الوطنية المصرية سعد زغلول باشا أحد أفرادها، وبقي ذلك الاسم حتى عام 1941 عندما حظي الفريق بإعجاب ملك مصر فاروق الأول، فأصدر قرارًا بتغيير اسم النادي ليصبح (نادي الملك فاروق)، قبل أن يتخذ النادي اسمه الحالي عقب ثورة 23 من يوليو من عام 1952، ورغم انتقاله بعيدًا عن منطقة الزمالك إلى منطقة مية عقبة بالجيزة، حافظ النادي ذو القمصان البيضاء على اسمه، كما حافظ على شعاره الذي يرمز للانتماء إلى الحضارة المصرية الفرعونية.
الأهلي توج بطلًا للدوري المصري الموسم الماضي
وبالنظر إلى إنجازاتهما على المستوى المحلي، نجد أن قطبي الكرة المصرية قد احتكرا بطولة الدوري المصري، بإحرازها 50 مرةً من مجموع 58، بواقع 38 لقبًا للأهلي و12 للزمالك، علمًا بأن الدوري المصري انطلق عام 1948، حيث سيطر المارد الأحمر على ألقابه الـ9 الأولى، قبل أن يحقق فريق القلعة البيضاء أول ألقابه فيه عام 1960، ويستمر بمنافسة الأهلي طيلة سنوات القرن الماضي، وصولًا إلى الألفية الجديدة، التي فاز خلالها الأهلي بالدوري 10 مرات آخرها الموسم الماضي، والزمالك 4 مرات آخرها الموسم ما قبل الماضي، فيما أفلتت بطولة دوري واحدة من قبضة العملاقين في القرن الحالي، عندما تُوج الاسماعيلي بلقب عام 2002.
أما على صعيد بطولة كأس مصر العريقة، والتي انطلقت أولى نسخها عام 1922، فيحمل النادي الأهلي الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بها برصيد 35 لقبًا، آخرها عام 2007، فيما يحتل الزمالك المركز الثاني برصيد 25 لقبًا، آخرها لقب الموسم الماضي الذي جاء على حساب النادي الأهلي، وكذلك الحال في كأس السوبر المصرية، التي أحرزها المارد الأحمر 9 مرات، مقابل لقبين للقلعة البيضاء.
تشكيلة فريق الزمالك خلال نهائي دوري أبطال إفريقيا الأخير
وبالانتقال للحديث عن الإنجازات الخارجية لقطبي الكرة المصرية، نجد أن النادي الأهلي الذي يحمل لقب نادي القرن في القارة الإفريقية، يتصدر لائحة الفائزين بالمسابقة القارية الأبرز: دوري أبطال إفريقيا، حيث تزخر سجلاته بـ8 ألقاب، أحرزها أعوام: 1982 و1987 و2001 و2005 و2006 و2008 و2012 و2013، وبالمقابل يحتل الزمالك المركز الثاني تاريخيًا بالتساوي مع نادي مازيمبي الكونغولي برصيد 5 ألقاب، حققها أعوام: 1984 و1986 و1993 و1996 و2002، وكان قريبًا جدًا من الفوز بلقبه السادس في المسابقة، لولا خسارته نهائي العام الحالي أمام صن داونز من جنوب إفريقيا.
كما تتضمن سجلات المارد الأحمر في القارة السمراء، 6 ألقاب في كأس السوبر، و4 ألقاب في كأس أبطال الكؤوس، ولقبًا واحدًا في كأس الكونفدرالية، وتحتوي خزائن القلعة البيضاء بالمقابل، على 3 ألقاب في كأس السوبر الإفريقي، ولقب واحد في كأس أبطال الكؤوس الإفريقية.
ويمتلك النادي الأهلي رصيدًا عالميًا مميزًا، يتمثل بنجاحه في التأهل لبطولة كأس العالم للأندية 5 مرات، آخرها عام 2013، وأفضلها نتيجة عام 2006، عندما تمكن المارد الأحمر من تحقيق المركز الثالث في البطولة، ويتفوق الزمالك في عدد مرات الفوز ببطولة الكأس الأفروآسيوية، حيث حققها مرتين مقابل مرةً واحدةً للنادي الأهلي، الذي يتفوق بدوره في البطولات العربية، حيث أحرز لقب دوري أبطال العرب عام 1996، وكأس الكؤوس العربية عام 1994، وكأس السوبر العربي عامي 1997 و1998، مقابل لقب عربي وحيد للزمالك، تحقق في بطولة كأس أبطال العرب عام 2003.
أسطورة النادي الأهلي والكرة المصرية محمود الخطيب
عند الحديث عن أبرز نجوم المنتخب المصري في الماضي والحاضر، تطالعنا أسماء لاعبي القطبين القاهريين، وفي مقدمتهم أسطورة النادي الأهلي محمود الخطيب، الذي يعتبر المصري الوحيد الفائز بجائزة أفضل لاعب إفريقي عام 1983، والنجم محمد أبو تريكة، ثاني أفضل لاعب إفريقي لعام 2008، وبقية نجوم المارد الأحمر التي لمعت عبر الأجيال، كمختار التتش ورفعت الفناجيلي وصالح سليم وميمي الشربيني وطاهر أبو زيد وثابت البطل وأحمد شوبير ومجدي عبد الغني ومحمد بركات ووائل جمعة وعماد متعب وأحمد فتحي وحسام غالي وحسام عاشور وشريف إكرامي وعبد الله السعيد وغيرهم.
المعلم حسن شحاتة
ومن الزمالك برزت أسماء كبيرة، أشهرها عبد الرحمن فوزي، صاحب أول هدف لمصر في تاريخ كؤوس العالم عام 1934، ونجم السبعينيات المعلم حسن شحاتة، الذي نجح في قيادة منتخب مصر للتتويج بلقب أمم إفريقيا كمدرب أعوام 2006 و2008 و2010، ومحمد لطيف وعلاء الحامولي وحنفي بستان وطه البصري وحمادة إمام وطارق يحيى ونادر السيد وعبد الحميد بسيوني ومدحت عبد الهادي وحازم إمام وعمرو زكي وشيكابالا وباسم مرسي وأحمد الشناوي وأيمن حفني وعلي جبر وغيرهم، وكلها أسماء لمعت في ماضي نادي القلعة البيضاء وحاضره.
وثمة نجوم لم يمنعهم التنافس المحموم بين قطبي الكرة المصرية من اللعب في صفوف الفريقين، كالكابتن أحمد حجازي أول مدرب للمنتخب المصري في تاريخه، والهدافين عبد الكريم صقر ومصطفى طه في الثلاثينيات والأربعينيات، ومن بعدهم جمال عبد الحميد وعصام الحضري وإبراهيم سعيد والتوأم حسام وإبراهيم حسن، إضافةً للنجم أحمد حسن، صاحب العدد الأكبر من المباريات الدولية في تاريخ كرة القدم.
جانب من نهائي كأس مصر الماضي بين الأهلي والزمالك
وفي ختام حديثنا عن قطبي الكرة المصرية، لا بد من التطرق إلى تاريخ مواجهاتهما، التي تُدعى بدربي مدينة القاهرة أو كلاسيكو الكرة المصرية، والذي يُعتبر الأشهر من نوعه على الصعيدين العربي والإفريقي، فتاريخه يمتد إلى عام 1917، حين شهد يوم 9 من فبراير أول مواجهة بين الفريقين، حيث حملت الطابع الودي وانتهت بفوز الأهلي بنتيجة 1-0، وتوالت مباريات الفريقين محليًا وإفريقيًا عبر السنين، ليصل عددها إلى 171 مباراةً، فاز الأهلي في 70 منها والزمالك في 42 منها، فيما خيم التعادل على 59 مباراة.
ويعتبر فوز الزمالك بنتيجة 6-0، الذي تكرر في عامي 1942 و1944، هو أكبر نتائج الكلاسيكو المصري عبر التاريخ، فيما يُعد نهائي كأس السوبر الإفريقي عام 1994 الذي حسمه الزمالك، ونصف نهائي دوري أبطال إفريقيا عام 2005 الذي حسمه الأهلي، أبرز مواجهات الفريقين على الصعيد القاري.
ويعود تاريخ آخر كلاسيكو مصري إلى 8 من أغسطس الماضي، حين تواجه الفريقان في نهائي كأس مصر الذي حسمه الزمالك بنتيجة 3-1، ويُنتظر أن يكون استاد القاهرة الدولي، الذي يتسع لـ75 ألف متفرج، مليئًا عن بكرة أبيه مساء يوم الخميس، الواقع في 29 من ديسمبر الحاليَ حين تتكرر مواجهة قطبي الكرة المصرية للمرة الـ171 خلال نحو المئة عام، فهل تكون الغلبة لنجوم المارد الأحمر أم لفرسان القلعة البيضاء؟