اتهم وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قوات نظام السورية وبعض الأطراف المشاركة معها، بعرقلة اتفاق الهدنة في حلب، وذلك بعد أن أفادت مصادر في المعارضة السورية أن قوات الأسد قد استأنفت القصف على أحياء حلب الشرقية. حيث أكد ناشطون أن ميليشيات إيرانية متواجدة في المنطقة قصفت المدنيين في أحياء الأنصاري والمشهد والسكري في حلب. ودوت أصوات انفجارات في حلب اليوم الأربعاء بعد يوم واحد فقط من سريان وقف لإطلاق النار في المدينة.
وكانت مصادر في المعارضة السورية قد تحدّثت عن تأجيل إجلاء أهالي حلب، حتى يوم غد الخميس، بعد أن كان مقرراً فجر اليوم، وسط غموض كبير حول الأسباب، لكن تبيّن فيما بعد أن خلافاً مع الميليشيات الشيعية التي تقودها إيران، والرافضة للاتفاق الذي تم بالأمس بين الفصائل وروسيا برعاية تركية، أحد أسباب التأجيل.
من جهتها، أكدت كتائب نور الدين زنكي في إعزاز بريف حلب أن المليشيات الشيعية الإيرانية منعت خروج المدنيين والجرحى من حلب، واشترطت خروج جرحى في بلدة الفوعة في ريف إدلب.
وقالت الكتائب على لسان أحد قياداتها لـ”الجزيرة” إن من يدير الأمور على الأرض في حلب هم الإيرانيون، وهم على خلاف مع الروس فيما يتعلق بخروج المدنيين، مؤكدًا أنه تم تعطيل عملية خروج جرحى من معبر العامرية باتجاه ريف حلب إلا بمقابل خروج مثلهم من الفوعة.
وسبق أن ذكرت مصادر مختلفة مواعيد متوقعة مختلفة لبدء عملية الإجلاء، وقال مسؤولون بالمعارضة إنهم كانوا يتوقعون أن تغادر أول مجموعة من المصابين ليل الثلاثاء، لكن الإيرانيين عرقلوا ذلك.
الإجلاء ربما يتأجل إلى الخميس
ونقلت رويترز عن شهود أن هناك نحو ثلاثين حافلة مصطفة ومحركاتها دائرة على طريق رئيسي إلى خارج مدينة حلب في انتظار من سيتم إجلاؤهم، بينما نقل تلفزيون أورينت المؤيد للمعارضة السورية تقارير عن أن بدء عملية الإجلاء من شرق حلب ربما يتأجل حتى الخميس.
وكانت مصادر مختلفة تحدثت عن إنه كان من المفترض خروج سبعين مصابًا بالإضافة إلى ثمانين من عائلاتهم بالدفعة الأولى، غير أنه تم تأجيل العملية بشكل عاجل لأسباب غير واضحة.
إلى ذلك فقد نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء اليوم الأربعاء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله: “آمل في حل الوضع في حلب خلال اليومين أو الثلاثة أيام القادمة”.
واشنطن تتهم روسيا بالمذابح..والأخيرة: تذكروا سجلكم أولًا
المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور قالت لمجلس الأمن الدولي الثلاثاء إن الحكومة السورية وحليفتيها روسيا وإيران يقفون وراء “الغزو والمذابح في حلب”.
وأضافت خلال جلسة طارئة للمجلس بشأن حلب، أن الدول الثلاث مسؤولة عما وصفه المتحدث باسم المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة ينس لايركه بـ”الانهيار الكامل للإنسانية” دون إبداء أي بادرة رحمة بالمدنيين على الأرض.
فيما رد المندوب الروسي فيتالي تشوريكين على باور قائلًا إنها أدلت ببيان “وكأنها الأم تريزا”. وقال تشوركين: “تذكروا من فضلكم أي دولة تمثلون، تذكروا سجل بلادكم ومن ثم يكون بإمكانكم البدء في إبداء رأيكم من موقف التفوق الأخلاقي”.
واشنطن عادت على لسان المتحدث باسم خارجتيها جون كيربي بالقول أن هناك “تقارير مقلقة” ترد من حلب، وأضاف كيربي: “إننا نرى حاليًا تقارير عن أشخاص يتم إعدامهم في الشوارع، ويتم قتلهم لمجرد أنهم موجودون هناك، وهذا أمر حقير”.
من الفائر من خسارة حلب؟
الكاتب في صحيفة فايننشال تايمز ديفد غاردنر قال اليوم في مقالة له “إن حلب أكثر من مجرد حدث وأنها جزء من عملية العنف والفوضى التي لا تظهر فيها القوى الخارجية في سوريا والعراق -المتمثلة في روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة- أي علامة تذكر على أنها قادرة على تطوير أي نوع من الاستقرار فيها، وهي فوق ذلك تمثل انتصارًا لإيران فيما يتعلق بمستقبل المنطقة”.
وقال غاردنر إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبرز من حطام حلب الشرقية كقوة عالمية لن يردعها شيء لتأمين مكان لها في صدارة الطاولة الدولية. ورأى الكاتب أن ما قام به بوتين في سوريا لا يتعلق بسوريا أو حتى الشرق الأوسط ولكنه يتعلق بدور روسيا العالمي، وفي النهاية يتعلق بتحالف ند للولايات المتحدة.
وأضاف أن الأمر مختلف بالنسبة لإيران كقوة إقليمية وشيعية، حيث إن دحر الثورة في حلب بمثابة “نصر إيراني آخر يؤسس لأرض متاخمة تابعة لها تمتد من حكومة الأغلبية الشيعية في بغداد وصولًا إلى التحالف شبه العسكري الشيعي المدعوم من طهران الذي يعمل في غرب منطقة الهجوم، الذي تدعمه الولايات المتحدة في الموصل، وعبورًا إلى الساحل السوري ثم إلى بيروت حيث تمكن حزب الله من تنصيب حليف مسيحي له رئيسا للبنان”، إشارة إلى ميشيل عون.
وختمت الكاتب بأن أي سياسة أميركية عاقلة في ظل هذه الظروف ينبغي لها أن تقيم بعناية ما إذا كانت ستقدم المزيد من الانتصارات للمتشددين الإيرانيين الذين لم يريدوا أي اتفاق نووي أو أي شكل من أشكال التسوية.