“مدينة القرن”، “مدينة تونس الاقتصادية”، ” المدينة الرياضية بتونس”، ” المرفأ المالي الدولي بتونس”، “بلاد الورد”… أسماء بعض المشاريع الكبرى المعطلة في تونس، منذ سنوات. بعضها وضع له حجر الأساس والبعض الأخر بقي حبرًا على الورق.
نهاية شهر نوفمبر الماضي، أعلنت تونس للمرة الثالثة، عن انطلاق مشروع “مرفأ تونس المالي”، بقيمة 3 مليارات دولار، يؤمنها بيت التمويل الخليجي (البحرين). المرفأ المالي، يدشنه كل رئيس حكومة جديد يدخل قصر القصبة. حيث يمتد “المرفأ” على مساحة 500 هكتار تطل على خليج تونس بمنطقة الحسيان، من معتمدية قلعة الأندلس بمحافظة أريانة شمال تونس. وبحسب خارطة المشروع، سيضم “المرفأ” تجمعًا للخدمات المصرفية الاستثمارية والاستشارات، ومركزًا للشركات التجارية ومركزًا للتأمين وإعادة التامين وشركات التكافل، وآخر للصرافة الدولية.
وسيكون “المرفأ”، مدينة متكاملة بها مدرسة للأعمال التجارية، ومركب تجاري وفنادق من فئة خمسة نجوم وميناء ترفيهي مساحته 30 هكتارا يتسع لأكثر من 850 يخت وملعب صولجان على مساحة 82 هكتارا، يسمح باستضافة البطولات العالمية (18 حفرة). ويضم المشروع جامعة حرة، ومستشفى وفضاءات ومساكن فردية وجماعية، وبرجا متعدد الاستعمالات يتكون من 35 طابقا.
هدد كاتب الدولة للتجهيز في تونس بالتخلي عن الشركة، والاتفاق مع مستثمر ، في حال تواصل عدم مبالاتها
وكانت اتفاقية المشروع، قد أبرمت بين الطرف التونسي ومصرف بيت التمويل الخليجي (بحريني)، وهو الممول للمشروع منذ عام 2008، على أن تنطلق الأشغال عام 2009. وقد مكنت الدولة التونسية بموجب الاتفاقية المبرمة الطرف الأجنبي من الأرض بالدينار الرمزي وبامتيازات وإعفاءات جبائية وجمركية كبيرة وتعهدت بالبنية الأساسية الخارجية للمشروع. وبعد تأخر دام 4 سنوات تقريباً، أعلن بيت التمويل الخليجي في 10 مارس 2014 عن الشروع الفعلي في الإنجاز نهاية ذلك الشهر، إلا أن ذلك الوعد لم يتحقق ولم تنطلق أعمال المشروع.
“مدينة القرن”، أو ما يطلق عليها أيضا “باب المتوسط”، إحدى المشاريع الكبرى المعطلة في تونس منذ سنة 2007، تشرف عليه شركة “سما دبي” الإماراتية، لكنها لم تحترم التزاماتها، حتى هدد كاتب الدولة للتجهيز في تونس بالتخلي عن الشركة، والاتفاق مع مستثمر ، في حال تواصل عدم مبالاتها.
واتفقت شركة ” سما دبي” مع الحكومة التونسية في عام 2007، على الإشراف على تنفيذ مشروع” باب المتوسط”، الواقع في البحيرة الجنوبية لتونس، باستثمارات تصل إلى نحو 25 مليار دولار، ومدة تنفيذ تتراوح بين 15 و20 عاما.
أحد المشاريع المعطلة إن تم، سوف يوفر فرص عمل تتراوح بين 150 و200 ألف فرصة
ويتواجد مشروع “باب المتوسط” الذي يمتد على مساحة 1000 هكتار في قلب العاصمة على بعد 200 متر من شارع الحبيب بورقيبة. المشروع من المتوقع، إن تمّ، أن يوفر فرص عمل تتراوح بين 150 و200 ألف فرصة، ويهدف إلى إنشاء مدينة ضخمة متكاملة عقاريا وسياحيا لتجذب شركات الاستثمار في إفريقيا وأوروبا وتساهم في جعل تونس مركزا للتكنولوجيا والمال والأعمال بالإضافة إلى تشييد أعلى برج في إفريقيا.
حالة “المدينة الرياضية”، لم يكن أفضل من “مدينة القرن” ولا “المرفأ المالي، فهذا المشروع متوقف من سنة 2010. مشروع في البحيرة الشمالية لتونس العاصمة على مساحة 250 هكتارًا، كان من المنتظر أن تنجزه مجموعة بوخاطر الإماراتية باستثمار قدره 5 مليار دولار، على أن يحتوي 9 أكاديميات رياضية وملعب سعته 20 ألف متفرج ومرافق رياضية أخرى ومساحات خضراء كثيرة، و 119 هكتارًا منها لبناء 3,5 مليون متر مربع من وحدات سكنية وترفيهية وتجارية ومدارس ومرافق أخرى.
“مدينة تونس الاقتصادية”، لم تشدّ عن القاعدة، فمنذ الاتفاق على انجازها في تونس، لم يوضع حجر تأسيسه. ويمتد هذا المشروع، الذي كان من المنتظر أن تحتضنه المنطقة الواقعة بين النفيضة و بوفيشة مابين الطريقين الوطنية والسيارة من الغرب وشاطئ والبحر من الشرق وسط شرق تونس (على بعد 40 كلم من مدينة سوسة)، على مساحة 90 كلم مربع، وهو بتمويل من المستثمرين السعوديين.
“تونس الاقتصادية” مشروع كان موجهًا لبناء أول مدينة اقتصادية وسياحية واجتماعية وثقافية في أفريقيا، على أن يشمل عددًا من المناطق الصناعية والمستودعات الكبرى المعدة لتخزين المنتجات بأصنافها، إضافة إلى ميناء تجاري ضخم قادر على استقبال كبرى سفن الملاحة والتجارة ومنطقة للتجارة الحرة منفتحة على كل القارات ومنطقة سياحية ترفيهية ذات مواصفات عالمية ومدينة طبية ذات طاقة استيعاب كبرى وتتمتع باختصاصات طبية دقيقة ومركز لصنع الأدوية ومدينة جامعية تضمن جميع الاختصاصات العلمية ولها القدرة على استقطاب الطلبة من جميع أنحاء العالم، إضافة إلى مدينة سكنية ومدينة ترفيهية ومدينة للإعلام، بقيمة جملية تناهز 50 مليار دولار.
نتيجة تغير نظام الحكم في تونس سنة 2011. كثير من الشركات كانت تعمل على الترويج للمعجزة التونسية، فما أن سقط بن علي حتى سقط الرهان معه
في سبخة أريانة الواقعة بين قمرت ورواد (أي الضاحية الشمالية للعاصمة)، كان مبرمجًا، أن تنجز مجموعة المعبر الإماراتية باستثمار قدره 10 مليار دولار، مدينة تحمل اسم “بلاد الورد، على مساحة 5000 هكتارًا منها 2600 هكتارًا مائية.
مشروع مدينة عصرية، يستلهم تصميماته من التراث المعماري الأصيل في تونس ويعتمد أحدث الأساليب المعمارية وتحتوي على إقامات سكنية ومراكز سياحية وترفيهية وتجارية ورياضية مع تهيئة 50 كم من الشواطئ داخل المدينة على شاكلة مدينة البندقية الإيطالية، لكن وجد التصوّر ولم يوجد الفعل.
مشاريع لم تتجاوز النور، وغيرها كثير، نتيجة الأزمات المالية التي مرّت بها الشركات المشرفة عليها ونتيجة تغير نظام الحكم في تونس سنة 2011. فكثير من الشركات كانت تعمل على الترويج للمعجزة التونسية، فما أن سقط بن علي حتى سقط الرهان معه.