علق النظام السوري عمليات إجلاء المدنيين من أحياء مدينة حلب الشرقية، عقب إطلاق رصاص وسماع دوي انفجارات في منطقة لانطلاق الحافلات التي تقلهم، وذلك بعد اتهام المعارضة المسلحة بخرق اتفاق الإجلاء.
هذا وقد نقلت وكالة رويترز إن أصوات أربعة انفجارات على الأقل ترددت في المواقع التي تغادر منها حافلات الإجلاء، دون أن تشير إلى المسؤول عن توقف الإجلاء، أما وكالة الأناضول التركية للأنباء فقد أوردت وذكرت عن مراسلها في حلب، أن عمليات الإجلاء توقفت بعد قيام مليشيات أجنبية موالية للنظام بفتح النار على إحدى القوافل الخارجة من المدينة.
وتشير مصادر ميدانية إلى مطالبة مليشيات إيرانية بوقف عمليات الإجلاء حتى فك الحصار عن قريتيين كفريا والفوعة بريف إدلب، فيما أكدت هذه المعلومة وحدة “الإعلام الحربي” التابعة لـ”حزب الله” اللبناني.
جدير بالذكر أن إيران قد اعترضت على اتفاق الإجلاء المبرم بين النظام السوري والمعارضة السورية المسلحة، والذي يقضي بإجلاء المدنيين والجرحى من شرقي المدينة، بعد سيطرة قوات النظام على غالبية الأرض هناك، وقد طالبت إيران بإدراج قريتي الفوعة وكفريا -اللتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة- حتى تسمح بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ليغادر مقاتلو المعارضة والمدنيون شرق حلب بموجبه.
800 مدني رهائن
عقب إطلاق النار على إحدى قوافل الإجلاء من قبل مليشيات مساندة لقوات الأسد اعتراضًا على اتفاق إجلاء المدنيين، احتجزت المليشيات نحو 800 مدني كرهائن لإجبار المعارضة على تقديم مزيد من التنازلات لاستئناف عملية الإجلاء.
فيما تجمعت عناصر من المليشيات منادية بفك الحصار عن مقاتلين شيعة محاصرين في بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب، وهو الأمر الذي لم يتضمنه الاتفاق مع النظام.
يذكر أن جدير بلدتي الفوعة وكفريا التي يقطنهما نحو 15 ألف شخص ينتمون إلى المذهب الشيعي في معظمهم، يسيطر عليهما عناصر مسلحة من حزب الله اللبناني ومن الحرس الثوري الإيراني، وقد قامت المعارضة السورية المسلحة بفرض حصارًا عليهما.
وقد طالب الإيرانيون العديد من المرات بفك الحصار عن مقاتليهم في هاتين البلدتين لكن المعارضة السورية رفضت بشكل قاطع، بسبب رغبة الإيرانيين في التخلص من أي ضغط عليهم، وهو ما تقول المعارضة بأنه سيؤدي إلى استباحة أكثر من 18 مدينة محاصرة من قبل النظام السوري، في حين أن أوضاع سكان البلدتين أفضل بكثير من أوضاع المدنيين السوريين المحاصرين من قبل نظام الأسد والمليشيات المساندة له.
وبحسب رويترز قالت منظمة الصحة العالمية اليوم الجمعة إن إجلاء المصابين والمدنيين من جيوب في شرق حلب توقف فجأة، وتم إبلاغ منظمات الإغاثة بضرورة مغادرة المنطقة دون تقديم تفسير.
بلدتي الفوعة وكفريا التي يقطنهما نحو 15 ألف شخص ينتمون إلى المذهب الشيعي في معظمهم، يسيطر عليهما عناصر مسلحة من حزب الله اللبناني ومن الحرس الثوري الإيراني، وقد قامت المعارضة السورية المسلحة بفرض حصارًا عليهما.
جاء ذلك على لسان إليزابيث هوف ممثلة المنظمة في سوريا والتي أكدت أن الرسالة (بوقف العملية) جاءت من الروس الذين يراقبون المنطقة، وأضافت بأنه ليس هناك اتصالات بين فريقها الذي يضم تسعة موظفين في شرق حلب وبين السلطات السورية عند نقطة عبور الراموسة.
خلافات روسية إيرانية حول حلب
رغم التحالف الواضح بين روسيا وإيران في الأزمة السورية إلا أن الخلافات بين الجانبين يبدو وأنها كانت نارًا تحت الرماد فيما يخص تحديدًا استراتيجية التعامل مع حلب والهدن المختلفة وآخرها اتفاق الإجلاء الذي تم برعاية روسية تركية وغياب إيراني، وأوقفته في مرحلته الحالية مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني.
إلا أن البعض يؤكد أن هذه التباينات لا يمكن أن تعتبر خلافات استراتيجية ولكنها على المستوى التكتيكي نتيجة لاختلاف المصالح والتحركات على الأرض، ولكن في النهاية التعاون الروسي الإيراني هو الذي رجح الكفة لصالح النظام السوري.
هذا وغادر المدينة المحاصرة قرابة 6 آلاف شخص على الأقل منذ يوم الخميس، لكن تقارير الأمم المتحدة تقول إن 50 ألف شخص لا يزالون عالقين في شرقي حلب.
تركيا تحاول إتمام عملية الإجلاء
عقب الأنباء المتدوالة عن تعليق عمليات الإجلاء نقلت وسائل الإعلام التركية أخبارًا عن بحث رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، التطورات الأخيرة في حلب، في اتصال هاتفي مع النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جيهانغري، وهو ما يشير إلى إدراك تركيا للسبب الرئيسي لتوقف عمليات الإجلاء.
وقالت مصادر في رئاسة الوزراء التركية، إن يلدريم قال خلال الاتصال الهاتفي: “بدأت عمليات الإجلاء في حلب، إلا أنه جرى استهداف المدنيين خلال سير تلك العمليات. الوضع في حلب مثير للقلق، وتركيا مستعدة لبذل قصارى جهدها لسير عمليات الإجلاء بدون مشاكل وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة”.
عقب إطلاق النار على إحدى قوافل الإجلاء من قبل مليشيات مساندة لقوات الأسد اعتراضًا على اتفاق إجلاء المدنيين، احتجزت المليشيات نحو 800 مدني كرهائن لإجبار المعارضة على تقديم مزيد من التنازلات لاستئناف عملية الإجلاء.
كما أكد يلدريم لجيهانغيري على ثقته من أن إيران ستقوم بالمبادرات اللازمة من أجل استمرار عملية الإجلاء من شرقي حلب دون مشاكل، وأن تركيا مستعدة للتعاون مع طهران بهذا الشأن.
بدوره نقلت وسائل الإعلام قول جيهانغيري إن إيران تأمل أيضًا في أن تسير عملية الإجلاء دون مشاكل، مضيفًا أن التواصل مع تركيا سيستمر في هذا الإطار، في حين لا يُعرف حتى الآن ما إذا كان الاتصال التركي نجح في وقف الاعتراض الإيراني أم ستستمر عملية تعليق الإجلاء.