قرر النظام المصري في تصرف مفاجئ، يوم الأربعاء الماضي، التحفظ على أموال الصحفي مصطفى صقر، مالك صحيفتي “البورصة” و “الديلي نيوز- إيجيبت”، وآخرين بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.
وذلك بعدما أصدرت لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين، قرارًا بتجميد والتحفظ على أرصدة وحسابات وممتلكات صقر، رئيس مجلس إدارة شركة بيزنس نيوز، المالكة لهاتين الجريدتين المتخصصة في مجال الاقتصاد والأعمال، ومنعه من التصرف فيها.
هذا القرار للجنة صدر ضمن قرارات أخرى بالتحفظ على مجموعة جديدة من أموال وجمعيات تدعي اللجنة تبعيتها لجماعة الإخوان المسلمين
وقد صرحت اللجنة بأنها أخطرت البورصة المصرية وهيئة الرقابة المالية وشركة مصر للمقاصة بهذا القرار الذي أصدرته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة.
القرار شمل مصطفى صقر بشخصه، وشركة “بيزنس نيوز” للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، حيث تعمل شركة بيزنس نيوز في مجال نشر الصحف وتنظيم المؤتمرات الاقتصادية، وتمتلك جريدتي البورصة الاقتصادية وديلي نيوز إيجيبت اليوميتين.
هذا القرار للجنة صدر ضمن قرارات أخرى بالتحفظ على مجموعة جديدة من أموال وجمعيات تدعي اللجنة تبعيتها لجماعة الإخوان المسلمين، حيث صدرت قرارات بالتحفظ على أموال شخصين آخرين هما نور محمود على يوسف وخالد أحمد أحمد أبو شادي، بالإضافة إلى شركة “النور” للاستيراد والتصدير.
وأفات اللجنة جمعيتين أهليتين، هما جمعية “الفجر” الخيرية بقرية صراوة مركز أشمون محافظة المنوفية، وجمعية “الصفوة” الخيرية بقرية طملاي بنفس المركز إلى قائمة التحفظ الخاصة بجماعة الإخوان.
وقد خاطبت اللجنة البورصة وهيئة الرقابة المالية باتخاذ اللازم نحو منع هؤلاء من التصرف بكافة ممتلكاتهم العقارية والمنقولة والسائلة، ومنعهم من التصرف في جميع حساباتهم المصرفية والودائع أو الخزائن أو السندات أو أذون الخزانة المسجلة بأسمائهم طرف أي من البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي.
هل كتب السيسي مقالًا في جريدة “إخوانية”؟
ما يجعل من قرار لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين مستغربًا بشأن التحفظ على أموال مالك جريدة “الديلي نيوز- إيجيبت” اليومية الصادرة باللغة الإنجليزية، هو أنا هذه الجريدة بالتحديد اختصها الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي بكتابة مقال عن السياسات الاقتصادية للبلاد في عهده كرسالة موجهة للمستثمرين الأجانب المشاركين خلال مؤتمر “يورو مني” عامي 2014 و 2015، حيث ترعى الجريدة هذا المؤتمر إعلاميًا.
رجح مراقبون أن النظام يعلم جيدًا أن مالك الجريدتين بعيد عن الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وإلا لم يكن تُختار بعناية لتوجيه رسائل طمأنة إلى المستثمرين عن الاقتصاد المصري من خلال مقالة تحمل اسم رئيس الجمهورية شخصيًا.
هذه الجريدة بالتحديد اختصها الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي بكتابة مقال عن السياسات الاقتصادية للبلاد في عهده كرسالة موجهة للمستثمرين الأجانب
وما حدث قد يكون متعلقًا بمحاولة ضم الجريدة إلى أرتال الوسائل الإعلامية الموالية للنظام بشكل مباشر خاصة وأن الجريدة تعرف في الأوساط الصحفية باعتدالها وبعدها التام عن الخط التحريضي الذي ينتهجه الإعلام الموالي للنظام في مصر منذ انقلاب الثالث من يوليو.
بماذا ردت الصحف المصادرة؟
أكدت مؤسسة “بيزنس نيوز” للصحافة والنشر، من خلال بيان نشرته عقب قرار التحفظ على أموالها أنها لا تنتمي هى أو أى من العاملين بها أو مؤسسيها إلى أى فصيل حزبى أو سياسى أو تيار دينى، ولم تكن معبرة فى أى وقت عن أى توجه لفئة معينة، باستثناء خطها التحريرى ذى الطابع الليبرالي.
وذكرت المؤسسة، في بيانها أيضًا أنها تعمل وفقًا لأحكام قانون الصحافة 96 لسنة 1996 كشركة مساهمة مصرية، وأن إصدراتها تحمل ترخيص المجلس المجلس الأعلى للصحافة، وتطبق كل القواعد القانونية والاشتراطات المهنية في مسؤولي تحريرها، مؤكدة أن الإجراءات القانونية ستؤكد سلامة موقفها القانوني والمالي.
وأشار البيان إلى أن الممثل القانوني للمؤسسة قد تقدم بتظلم للجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان، يوضح فيه كافة الجوانب القانونية والمالية المتعلقة بعمل الشركة وسياستها التحريرية فى إصدارتها الصحفية.
كما أوضح البيان أن ميزانياتها وتقارير ممارسة نشاطها متاحة، ويتم اعتمادها من هيئة الاستثمار وأنها تمول نشاطها من رأسمالها وإيرادتها الإعلانية ولم تتلق أية تمويلات من جهات محلية أو أجنبية، كما أنها تمر بكافة الصعوبات بحثًا عن تجربة صحفية مستقلة، وتطبق معايير واضحة في الفصل بين الرأى والخبر، والتحرير والإعلان، وتقدم خدماتها للقارئ باستقلالية دون تحزب أو انتماء سوى لمعايير المهنة وميثاق العمل الصحفي.
أكدت مؤسسة “بيزنس نيوز” للصحافة والنشر، من خلال بيان نشرته عقب قرار التحفظ على أموالها أنها لا تنتمي هى أو أى من العاملين بها أو مؤسسيها إلى أى فصيل حزبى أو سياسى أو تيار دينى
وفي سياق متصل، أكد مصطفى صقر في تصريحات إعلامية نشرت في عدة صحف مصرية أن مؤسسته ستسعى للدفاع عن سمعتها ومصالحها، ومصالح أكثر من 230 شخصًا يعملون فيها، وستسلك كل السبل لإثبات صحة موقفها المتوافق مع كل القواعد القانونية المعمول بها فى مصر.
ولكن حتى الآن غير واضح ما إذا كانت ستسجيب السلطات المصرية لهذه التوضيحات من جانب المؤسسة ومالكها، إلا إنه على أية حال يرى مراقبون بأنه كما اختار السيسي الصحيفة لطمأنة المستثمرين بشأن الاقتصاد المصري، فإنه بمصادرتها يختار نفس الوسيلة لإعطاء انطباع سلبي لدى المستثمرين بأن القمع في مصر يطال الصحف دون أي أسباب منطقية.