في ظل المشهد المعقد التي تشهده حلب الشرقية من احتجاز رهائن ومحاولات لعرقلة اتفاق إجلاء المدنيين والإعلان عن استكمال الجيش السوري للسيطرة على ما تبقى من حلب الشرقية، يعمل بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمحاولة بدء سلسلة جديدة من محادثات السلام بشأن سوريا بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، حيث اتفق بوتين مع الرئيس التركي على إجراء مفاوضات سلام في سوريا في “آستانة” عاصمة كازخستان، وأكد جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي على وجود نية لعقد مفاوضات بين ممثلين عن المعارضة وعن الأسد في تلك المفاوضات التي لم يتم تحديد موعدها بعد.
روسيا تلتف على جنيف
أكد بوتين أن روسيا تجري مباحثات مكثفة مع المعارضة السورية بوساطة تركية، وتسعى لإيجاد تسوية سياسية، تكون الخطوة المقبلة فيها وقف كل عمليات القتال وإطلاق النار، ترافق خروج هذه الأخبار مع أخرى من العاصمة الدنماريكية كوبناهغن في أثناء اجتماع لرياض حجاب مع وزير الخارجية هناك تفيد أن رياض حجاب سيذهب للاجتماع في الآستانة، فثارت ثائرة ناشطين من المعارضة السورية على حجاب الذي سيذهب إلى هناك ويقبل بحكومة انتقالية دون جنيف ودون هيئة عليا انتقالية وفسروا هذا الحل أنه رضوخ للغزاة الروس والقبول بشرط بقاء بشار الأسد.
في حين نفى المكتب الإعلامي لحجاب ما تناقلته وكالات أنباء عن ذهاب المعارضة لآستانة، موضحًا أن الاجتماع الذي جرى في العاصمة الدنماركية مع وزير الخارجية الدنماركي أكد على استعداد الهيئة العليا للمفاوضات لمتابعة التفاوض تحت مظلة الأمم المتحدة وفق بيان جنيف 1 والقرارات الدولية ذات الصلة وتنفيذ ما نصت عليه من خلال تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية والبدء بالتفاوض بشأن عملية الانتقال السياسي الحقيقي وهي جوهر العملية السياسية كما يؤكد حجاب.
ورغم أن الاجتماع لم يؤكد موعده بعد ولم يتأكد من المعارضة السورية، فإن مراقبين يرون أن ذهاب المعارضة إلى الاجتماع المنوي عقده في كازخستان يندرج تحت المناورة والانحناءة التكتيكية، فالروس اليوم باتوا أسياد المشهد في سوريا والذهاب للتفاوض معهم لا يعني بالضرورة الخضوع لهم بقدر ما يعني المرونة والتفكير بواقعية، في ظل عدم امتلاك المعارضة السياسية لأي أوراق ضغط ومع إصرار الروس على إفناء الثوار.
ويشير محللون أن الروس يحاولون استثمار عملية السيطرة على حلب سياسيًا، فقد باشروا في استئناف العملية السياسية دون الولايات المتحدة وحتى دون غطاء للأمم المتحدة وبالشراكة مع تركيا شريكها الجديد في المنطقة، حيث يتطلع الروس لإطلاق العملية التفاوضية بعيدًا عن جنيف، في محاولة للالتفاف على قرارات جنيف السابقة، وفرض حل سياسي في ظل أمر واقع بعيد عن القوى الغربية الصديقة للمعارضة السورية، والساخطة على الفيتو الروسي في مجلس الأمن الدولي.
اتفاق جديد لإجلاء المدنيين
في ظل الحلول السياسية توصلت فصائل المعارضة السورية لاتفاق جديد مع روسيا وإيران لاستكمال إجلاء المدنيين والمقاتلين من المنطقة المحاصرة فيما تبقى من حلب الشرقية مقابل شرط جديد هو إخراج جرحى وعائلاتهم من بلدتي الفوعا وكفريا بريف إدلب مقابل إخراج عدد مماثل من مضايا والزبداني في ريف دمشق المحاصرتين من قبل النظام، وسط اتهامات لميليشيات إيرانية وحزب الله بتعطيل الاتفاق السابق، والذي تم تعطيله أمس الجمعة بعد خروج ما يقرب من 8 آلاف شخص تم إعادتهم بعد احتجازهم لساعات وإذلالهم وقتل 4 منهم.
فبينما قاسى أهالي حلب الشرقية الذين لا يزالوا محاصرين والمهجرين في مراكز الإيواء المؤقتة في ريف إدلب ليلة باردة وقاسية كانت هناك مفاوضات ماراثونية استطاعت خلالها إيران والميليشيات المقاتلة فرض جزء من شروطها على الاتفاق السابق بإخراج أعداد من بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام والمحاصرتيين من قبل المعارضة في ريف إدلب.
ونشر المكلف من مجلس قيادة حلب بالتفاوض عن مدينة حلب المحاصرة “الفاروق أحرار” تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر في صباح هذا اليوم، التوصل إلى اتفاق بين الثوار وروسيا وإيران بشأن استئناف عملية إجلاء المحاصرين من حلب.
التوصل لاتفاق بين الثوار و #روسيا و #إيران
بشأن #حلب
— الفاروق أبو بكر (@alfarookahrar11) December 17, 2016
ولم تذكر أي من مصادر المعارضة أو النظام أعداد الذين سيخرجون من البلدات الأربعة كما لا تزال الآلية المتعلقة بالتزام جميع الأطراف قيد النقاش، ووفقًا لمصادر إعلامية فإن الاتفاق الجديد سيحمل مراقبة وتعهدات وضمانات لسلامة عمليات الإجلاء في كل المناطق.
وكان من المتوقع أن تتواصل عملية إجلاء المدنيين في الساعة العاشرة صباح هذا اليوم في ظل تخوف لدى المعارضة والمدنيين من غدر الميليشيات الإيرانية مرة أخرى من أجل فرض شروط أخرى، وحتى ساعة كتابة هذا المقال لم تجر أي عملية إجلاء للمدنيين.