منذ بداية الأزمة السورية التي رافقت القمع الوحشي للتظاهرات السلمية، كانت متابعة أرقام الضحايا مهمة صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة. الأمم المتحدة حاولت كثيرا أن تجمع معلومات موثوقة من ضباب الحرب. اعتمدت الأمم المتحدة أحيانا على مجموعة تحليلات بيانات حقوق الإنسان، وهي منظمة غير ربحية مقرها سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة تطبق معايير علمية صارمة على البيانات الواردة من مناطق النزاع وانتهاكات حقوق الإنسان حول العالم.
فمثلا في سوريا تعمل المنظمة على تحليل بيانات ثمانية مصادر مختلفة تضم مصادر مستقلة ومؤسسات حقوقية سورية. إن تلك المعايير جعلت مصادر الأمم المتحدة الأكثر دقة والأقل عددا كذلك، فأرقام الأمم المتحدة كانت الأقل من بين كل الأرقام، فلم تكن غير شاملة وكانت تمثل الحد الأدنى لعدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في سوريا، الموثقين بالاسم وتاريخ ومكان الوفاة.
في الأسبوع الماضي قالت الأمم المتحدة أنها لن تحدث أرقام الضحايا، وقال المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل للأسوشتد برس أن”الأمم المتحدة لا تمتلك معلومات من الداخل السوري. وأن مصادرها غير موثقة ولا يمكن التأكد منها من آخرين”. وأكد أن الأمر كان دوما كذلك، إلا أن الأمم المتحدة لا تستطيع تجاوز خط لا يمكنها فيه ضمان صدق المعلومات التي تنشرها.
كانت آخر إحصائية أعلنتها الأمم المتحدة في يوليو/ تموز الماضي وقالت فيها إن أكثر من ١٠٠ ألف سوري سقطوا في الأحداث.
عدم استطاعة المراسلين الصحفيين والوكالات الإغاثية الوصول داخل سوريا جعل المهمة أكثر صعوبة، فلم يكن من الممكن التأكد من الأرقام بدقة، لكن كان هناك شيء واحد واضح ومؤكد: لقد تزايدت أعداد القتلى بشكل مخيف وانتشر العنف بشكل كبير على مدار السنوات الثلاث الماضية.
الحرب امتدت إلى كل سوريا، من بؤر المقاومة في حماة وحمص مبكرا، ثم إلى المناطق الأكثر (تحضرا) في حلب ودمشق، وإلى المناطق الحدودية مع تركيا ولبنان والعراق وفي الشمال الشرقي حيث الأكراد.
هذه الخريطة توضح المكان والزمان لهؤلاء الضحايا.
الخريطة تصور قرابة ٧٤ ألف شخص لقوا حتفهم في الفترة من مارس ٢٠١١ إلى نوفمبر ٢٠١٣، كل نقطة مضيئة تمثل وفاة شخص أو أكثر، الأسباب الأكثر شيوعا للوفاة هي إطلاق النار المباشر، القصف العشوائي والمتعمد، والإعدامات الميدانية. كلما زادت النقاط لمعانا يعني ذلك أن عددا أكبر من الناس قد قضوا في هذه اللحظة.
بعض النقاط تبدو مضيئة لشهور مثلما هو الحال في دمشق وحمص وحلب وحماة وإدلب، وهو ما يعني أن القتل لم يتوقف في تلك المناطق طوال تلك الفترة.
تم رسم هذه البيانات من مراكز توثيق الانتهاكات التابعة للجان التنسيق المحلية في سوريا والتي كانت واحدة من المصادر الثمانية التي اعتمدت عليها الزمم المتحدة في تقاريرها.
هذه الخريطة لا توضح أعداد القتلى بدقة على الإطلاق، لكنها فقط تشير إلى تصاعد الصراع في الفترة منذ بداية الثورة وحتى نوفمبر ٢٠١٣.
يمكنك مشاهدة الخريطة عبر الضغط هنا