ترجمة وتحرير نون بوست
لم تخف الأمم المتحدة مخاوفها من اندلاع معركة أخرى في مدينة إدلب بعد سقوط حلب خاصة أن النظام السوري يتوخّى نفس المنهجية الإجرامية.
“هل ستكون إدلب، حلب الجديدة؟”، هذا السؤال أسال الكثير من الحبر، خاصة بعد نزوح أغلب مقاتلي المعارضة والمدنيين نحو الغرب باتجاه مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة والجهاديين، وقد أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالأزمة السورية ستيفان دي ميستورا أنه “في حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي أو وقف لإطلاق النار، فإن إدلب ستكون حلب الثانية”.
في المقابل، ليست هذه المرة الأولى التي تتراجع فيها كتائب المعارضة المسلحة نحو شمال غرب سوريا حيث تتركز أهم معاقل الثوار، ووفقًا لبعض التوقعات، فإن أكثر من 50 ألف مقاتل تحت لواء المعارضة يرتكزون أساسًا في هذه المناطق، وينتمي أغلبهم لكتائب جيش الفتح وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) المنشقة عن تنظيم القاعدة.
في السابق، لم يعط النظام السوري أهمية كبرى لمدينة إدلب نظرًا لتركيز كل جهوده نحو استعادة حلب حتى لو كلّف ذلك دمارها بالكامل، وخلال السنة الماضية، انهزمت قوات النظام في إدلب أمام كتائب جيش الفتح المدعومة من كل من السعودية وقطر وتركيا، ولم يفقد النظام السوري إدلب فقط، خاصة بعدما واصل جيش الفتح تقدمه في شمال المدينة ليستعيد مدينة جسر الشغور التابعة لمحافظة إدلب أحد أهم معاقل النظام، وقد صرح في ذلك الوقت، أحد قادة كتائب المعارضة المسلحة قائلاً: “لقد أصبح أعداؤنا الآن تحت مرمى بنادقنا”.
ومع اقتراب المعارضة المسلحة من “قلب” الطاولة على النظام، أوقفت الولايات المتحدة بصفة مفاجئة مساعداتها العسكرية للثوار، بعد ذلك، تدخلت روسيا عسكريًا في سوريا إلى جانب بشار الأسد، وكثفت من قصفها على الأحياء الشرقية لمدينة حلب حيث تورطت مع النظام في ارتكاب مذابح في حق المدنيين العزل.
وفي السياق نفسه، أكدت لجنة الإنقاذ الدولية أنها قلقة من أن “تكون إدلب مسرحًا لإلقاء القذائف والبراميل المتفجرة على النازحين من مدينة حلب”، وتجدر الإشارة إلى أن الذي يرأس هذه المنظمة غير الحكومية هو النائب البريطاني السابق للشؤون الخارجية دافيد ميليبون، وأكدت لجنة الإنقاذ الدولية أن النظام كثف، خلال الأشهر الأخيرة، هجماته على إدلب وتعمد قصف مدرسة ليقتل 22 تلميذًا وستة مدرّسين.
كما أنه حتى المستشفيات لم تسلم من همجية النظام السوري، وفي هذا السياق، أفادت لجنة الإنقاذ الدولية أن نحو 700 ألف مدني سوري نزحوا إلى إدلب مؤخرًا هربًا من بطش النظام.
ومنذ سنة تقريبًا، أثبت النظام أنه عاجز تمامًا عن مواجهة كتائب المعارضة وحده في أحياء حلب الشرقية، فاتخذ سياسة التجنيد الإلزامي، أي تجنيد كل من هو قادر على حمل السلاح، مع حصار المدينة وقصفها عشوائيًا، ولولا تدخل روسيا والميليشيات الشيعية الموالية لإيران، لباءت السياسة التي يعتمدها النظام بالفشل.
لكن هل ستواصل مرة أخرى هذه الميليشيات وروسيا دعمها للنظام في حالة هجومه على إدلب؟ إن الإجابة عن هذا السؤال، عند تركيا، التي تراقب بحيرة فقدان المعارضة، التي تدعمها، للمناطق السورية الحدودية مما جعل الحدود التركية في خطر.
من جهة أخرى، قررت كل من الأمم المتحدة وروسيا وتركيا والولايات المتحدة وإيران تنظيم اجتماع في موسكو يوم 27 من كانون الأول/ ديسمبر القادم بهدف البحث عن مخرج سياسي للأزمة السورية، لكن مستقبل إدلب ما زال على المحك.
المصدر: لوتون