حصل نون بوست على نسخة خاصة من مشروع شهادة الدكتوراة التي كان يعمل عليها المهندس التونسي محمد الزواري بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس قبل اغتياله، حيث كان موضوع رسالته عن “صناعة الغواصات والتحكم بها عن بعد”.
هذه النسخة من مشروع الدكتوراة التي كان الزواري قد شارف على إنهائها، بعد العمل عليها لسنوات، لكن فوهة كاتم الصوت كانت أقرب إليه من ذلك، وأنهت مسيرته العلمية والعملية.
القناة العاشرة الإسرائيلية كانت قد تحدثت عن أن السبب الحقيقي لاغتيال الزواري هو “الخطر القادم مما كان ينوي على فعله وصنعه بالمستقبل”، وليس فقط لريادته في صناعة وتطوير ما عرف بـ”طائرات الأبابيل” التي استخدمتها كتائب القسام في حربها الأخيرة مع الكيان الإسرائيلي عام 2014.
وبحسب مقربين من الزواري في تصريحات خاصة لـ”نون بوست”، فإن المهندس كان بالفعل مهتمًا بدراسة تطوير الغواصات الحربية وكيفية التحكم بها عن بعد، وأكد المقربون منه أن سبب اغتياله لم يكن طائرات الاستطلاع فقط، لكن ما كان ينوي فعله والوصول له في مشروع الدكتوراة هو السبب.
“نون بوست” حاول بدوره التواصل مع أحد تلاميذ الزواري، وهو أحد العاملين مع الزواري في جمعيته لتعليم صناعة الطائرات الصغيرة للشباب، حيث دار حوار مقتضب مع التلميذ الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، وأكد أن الزواري كان يعمل على تطوير الشباب والقيام بهم، من خلال تعليمهم هذه التقنيات وكيفية صناعة الطائرات الصغيرة والتحكم بها عن بعد، في جمعيته التي كان يديرها، حيث كان هذا الشاب هو مساعده الأول، والذي أكد لنا أيضًا أن الجمعية مغلقة الآن حتى إشعار آخر، لأن جميع الطلاب وذويهم باتوا خائفين على أنفسهم، بعد حادثة اغتيال الزواري، وما خرج حولها من معلومات عن سبب اغتياله وتصفيته على يد الموساد الإسرائيلي، بحسب ما تشير به أصابع الاتهام، واتهامات كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والتي حمّلت الكيان الإسرائيلي مسؤولية قتله، متوعدة برد على ذلك، في بيان نشر لها أمس.
الجهات الرسمية تتكتم
إلى ذلك، فقد قالت مصادر إعلامية تونسية، إنه سيتم تنظيم مسيرات في عدة مدن تونسية اليوم، وذلك للتنديد باغتيال العالم الزواري، والصمت الحكومي المطبق بشأن القضية، حيث يقول صحفيون تونسيون إن هناك حالة من التكتم الرسمي بخصوص قضية الزواري، ورفض للتواصل أو التعاطي مع الإعلام، متهمين بذلك الحكومة التونسية بمحاولة “دفن القضية أو قتلها”.
وتصر السلطات التونسية حتى اللحظة أن العملية هي عملية قتل وليست اغتيال، وأن من قام بها هي “عصابات مسلحة”، وقامت السلطات المحلية التونسية بإلقاء القبض على بعض المتورطين في قتل الزواري في مدينة جربة، كما قامت بحجز بعض السيارات وأسلحة كلاشينكوف وأسلحة من نوع “كاتم صوت”، كما لم تقم السلطات بإعطاء مزيد من المعلومات عن ذلك. وقد حاولت “نون بوست” التواصل مع الجهات الرسمية التونسية للتعليق على الموضوع، لكن قوبلت تلك المحاولت بعدم الرد.
يذكر أن المهندس الزواري من مواليد عام (1966)، وهو مخترع أول طائرة من دون طيار في تونس، وطيّار سابق في شركة الخطوط التونسية، وكان يعمل مهندسًا بإحدى الدول العربية ومتزوج من امرأة سورية، ومديرًا تجاريًا بشركة خاصة، وطالب دكتوراة بالمدرسة الوطنية للمهندسين في صفاقس، ومؤسس نادي الطيران الجامعي في المدرسة التونسية للمهندسين.
واستيقظت تونس فجر الجمعة الماضي، على خبر اغتيال المهندس الزواري، بمحافظة صفاقس التونسية، حيث أطلقت نحوه 20 طلقة استقرت 8 منها في جسده، حيث لم يمض على عودته من تركيا سوى أربعة أيام.
وفي بيان لها نشر أمس، أكدت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن “الشهيد التونسي المهندس الطيار محمد الزواري، هو أحد أفراد الكتائب، وهو أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية، والتي كان لها دورها في حرب العصف المأكول عام 2014.
إلى ذلك، لم تصدر إسرائيل أي تعليق رسمي بشأن الحادثة، علمًا بأنها تتابع باهتمام هذه التقارير، لكن أور هيرل وهو معلق الشؤون الأمنية في القناة العاشرة قال أمس إن التقارير الأجنبية تتحدث عن مسؤولية “الموساد” عن عملية الاغتيال، كما تحدثت مواقع عبرية عن ذلك أيضًا.
تفاصيل جديدة بمصادر خاصة حول ملابسات عملية الاغتيار تنشر لأول مرة على نون بوست
الزواري درب قساميين.. و”إسرائيل” تخشى الانتقام
الصحافة العبرية الصادرة اليوم الأحد اهتمت بقضية اغتيال جهاز الموساد للمهندس الزواري، الذي عمل في صفوف كتائب القسام منذ سنوات، حيث وصف الخبير العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هارئيل الزواري بأنه مهندس الطائرات المسيّرة التابعة لحماس.
وقال هارئيل “الزواري انضم أخيرًا إلى قائمة الاغتيالات الطويلة حول الشرق الأوسط المنسوبة لإسرائيل”، بزعم أن هذه السياسة الإسرائيلية لملاحقة المسلحين تسعى لإحباط أهدافهم المستقبلية للمس بأمنها.
وقدر هارئيل بأن اتهامات حماس لإسرائيل بالوقوف خلف عملية الاغتيال قبل يومين في تونس لن تؤدي لاندلاع حرب جديدة في غزة، “لكن إسرائيل مطالبة بالاستعداد جيدًا خشية تنفيذ الحركة لعملية انتقام مفاجئة”.
كما علّق الكاتب في صحيفة “إسرائيل اليوم” دانيئيل سريوتي بالقول إن الزواري درّب عددًا من مساعديه في القسام عقب نجاحه في الوصول إلى قطاع غزة قادمًا من مصر، عبر الأنفاق الموجودة في مدينة رفح.
واعتبر الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت أليئور ليفي أن بصمات الزواري اتضحت خلال المواجهات العسكرية التي خاضتها حماس وإسرائيل في الحروب الثلاث الأخيرة، وأظهرت الحركة امتلاكها لهذا النوع من الطائرات من دون طيار.
وأشار الكاتب إلى أن الطائرات التي صممها الزواري لا تحمل أسلحة أوتوماتيكية، لكنها مؤهلة لحمل مواد متفجرة، وهي بالأساس مصممة لتصوير مواقع عسكرية.
أما الخبير الأمني لصحيفة معاريف يوسي ميلمان فتتناول تدني مهنية ودقة عملية الاغتيال، حيث اختلفت عن عمليات الموساد وخصوصًا تلك التي استهدفت علماء المشروع النووي الإيراني في طهران وقادة حزب الله في لبنان واغتيال محمود المبحوح في دبي.
وخلص إلى أن عدم المهنية الذي ظهر على عملية اغتيال الزواري، ووجود بعض الآثار الميدانية لها ربما أريد منه وضع مزيد من الضباب على العملية وتشتيت اتجاهات التحقيق الأمنية، “وربما يكون دليلًا على ذكاء المنفذين”.