نقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عمن أسمته مصدرًا مطلعًا أن مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، قام بزيارة إلى سد النهضة الإثيوبي، وذلك في إطار تواجده في العاصمة أديس أبابا للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة، بحسب خبر الوكالة.
وقد أفاد المصدر الإثيوبي الذي أفادت وكالة الأناضول أنه فضل عدم ذكر اسمه، حيث رافق المسؤول السعودي وفده، إن الخطيب الذي وصل أديس أبابا يوم الجمعة أمس الأول، زار في اليوم نفسه، سد النهضة، وكان في استقباله مدير المشروع سمنجاو بقلي.
زيارة الخطيب لإثيوبيا هي الثانية لمسؤولين سعوديين خلال أيام، حيث زارها الأسبوع الماضي وزير الزراعة عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، الأمر الذي يعكس اهتمام الرياض بتعميق العلاقات مع إثيوبيا.
هذا وقد ذكر التلفزيون الإثيوبي الرسمي، أن مستشار العاهل السعودي التقى خلال زيارته، برئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين، وأشار إلى أنه جرى خلال اللقاء، الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، ومن جهته، دعا ديسالين السعودية إلى “دعم سد النهضة ماديًا والاستثمار في إثيوبيا”، وفق التلفزيون نفسه.
أما من جهة الضيف السعودي فقد أكد أحمد الخطيب مستشار ملك السعودية إن “المملكة وإثيوبيا لديهما إمكانات هائلة ستمكن البلدين من العمل معًا في تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بينهما”.
ووفق ما ذكرته وكالة الأنباء الإثيوبية أجرى الخطيب مشاورات مع وزير الخارجية ورقنه جبيهو، وأشار إلى أن المستثمرين السعوديين يرغبون بالعمل في إثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة.
جدير بالذكر أن زيارة الخطيب لإثيوبيا هي الثانية لمسؤولين سعوديين خلال أيام، حيث زارها الأسبوع الماضي وزير الزراعة عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، الأمر الذي يعكس اهتمام الرياض بتعميق العلاقات مع إثيوبيا.
توجهات عكس القاهرة
تحمل هذه الزيارة في طياتها إشارات عديدة لعل أبرزها أنه سباحة بعيدة عن تيار القاهرة فيما يتعلق بمحاولة ممارسة الضغط على أديس أبابا بسبب مشروع سد النهضة الإثيوبي، حيث تتخوف القاهرة من تأثير السد على حصتها السنوية من مياه النيل، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن السد سيمثل نفعًا له خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررًا على السودان ومصر.
كان متوقعًا من الجانب السعودي أن يقف إلى جانب مصر في محاولات الضغط على إثيوبيا، إلا أن زيارة مستشار العاهل السعودي إلى سد النهضة تحديدًا تعكس سباحة متعمدة ضد تيار القاهرة
ولكن القاهرة حاولت التفاوض مع إثيوبيا طوال الفترة الماضية حول هذه الإشكالية إلا أن المكاتب الفنية لم تصل إلى شئ حتى هذه اللحظة، وهو ما يُشعر القاهرة وحكومتها بالتورط في اتفاقية المبادئ الخاصة بنهر النيل والتي وقعها الرئيس المصري في العاصمة السودانية الخرطوم، والتي أكسبت إثيوبيا شرعية لبناء السد دون أن تتأكد القاهرة من مواصفاته الفنية ومدى ضررها على حصة مصر.
وهو الأمر الذي لجأت معه القاهرة إلى ضغوط دبلوماسية ومحاولات لإعادة التفاوض مع أديس أبابا على الصعيد السياسي والفني، تلك المحاولات التي لم تنجح حتى اللحظة، وما زاد الموقف سوءًا هو اتهام أديس أبابا للنظام المصري بتأجيج احتجاجات معارضة داخل الأراضي الإثيوبية، وهو ما يعكس ذروة التوتر بين الجانبين المصري والإثيوبي.
وعليه فقد كان متوقعًا من الجانب السعودي أن يقف إلى جانب مصر في محاولات الضغط على إثيوبيا، إلا أن زيارة مستشار العاهل السعودي إلى سد النهضة تحديدًا تعكس سباحة متعمدة ضد تيار القاهرة، إذ أن الزيارة في حد ذاتها لم تكن لتعتبر بهذه الأزمة لولا زيارة السد، تلك الزيارة التي تحمل من الرسائل السياسية لنظام الحكم في القاهرة الكثير.
العين بالعين
تأتي زيارة مستشار العاهل السعودي إلى إثيوبيا، بعد ساعات من زعم مصادر أن الرئيس اليمني السابق على عبد صالح، زار القاهرة أخيرًا، بحسب ما ذكرته صحيفة “العربي الجديد”، الجمعة الماضية، وكذلك بعد سيل المواقف القاهرية التي تسبح ضد تيار المملكة العربية السعودية في القضايا الإقليمية.
وفي ظل تزايد الأنباء عن اتساع الهوة في وجهات النظر بين القاهرة والرياض خاصة فيما يخص القضية السورية التي انحاز فيها النظام المصري لنظام الأسد والجبهة الروسية الإيرانية، فيما تعمل المملكة على الإطاحة بنظام بشار الأسد منذ سنوات.
تأتي زيارة مستشار العاهل السعودي إلى إثيوبيا، بعد ساعات من زعم مصادر أن الرئيس اليمني السابق على عبد صالح، زار القاهرة أخيرًا، بحسب ما ذكرته صحيفة “العربي الجديد”، الجمعة الماضية
كما توالت الأخبار في هذا الصدد عن زيارات أمنية متبادلة بين أجهزة الأمن السورية والمصرية، كان آخرها زيارة اللواء علي مملوك إلى القاهرة، بالإضافة إلى أنباء لقاءات سرية عقدت على مستويات مختلفة بين طهران والقاهرة، وكذلك الأنباء الواردة عن استقبال مصر لوفود حوثية، وهي ما تعتبر في العرف الدبلوماسي أعمالًا استفزازية للمملكة التي كانت تعد الداعم الأول والأكبر لتثبيت أركان حكم النظام المصري الحالي.
بالإضافة إلى هذا الشعور بالخيانة من جانب المملكة تجاه نظام الرئيس عبد الفتاح السياسي فإن قضية “تيران وصنافير” المعلقة تعد أحد القضايا الشائكة بين البلدين في هذا التوقيت الحرج من علاقاتهما.
هذه الزيارة السعودية لأحد المواقع التي ربما تشكل لمصر كارثة مائية الفترات المقبلة إذا لم تستطع القاهرة التقليل من أضرار السد فنيًا على دول المصب، تعني إشهار السعودية لأحد كروتها في اللعبة الإقليمية مع القاهرة، وهي إشارة تلقفتها الأجهزة المصرية بلا شك ولكن دون تعقيب رسمي حتى الآن.