ترجمة وتحرير نون بوست
نقلت صحيفة الغارديان عن مصادر تابعة لها، أن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، اطلع على آخر التقارير الحكومية التي أثبتت أن الذخائر العنقودية التي تم تصنيعها في المملكة المتحدة تم استخدامها من قبل قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية خلال حربها ضد الحوثيين في اليمن.
والجدير بالذكر أن التحقيقات التي أجرتها الحكومة في الغرض، دعّمت التقارير الإعلامية التي نشرت مؤخرًا، والتي أفادت أن المملكة العربية السعودية شنّت هجمات عسكرية في اليمن، مستخدمة قنابل عنقودية، كما بينت هذه التقارير أن المملكة المتحدة كانت تقدم الدعم للمملكة العربية السعودية من خلال تدريب قواتها العسكرية.
وفي نفس الإطار، أوردت نفس المصادر أن فالون بالإضافة إلى عدد من الوزراء في الحكومة البريطانية، كانوا على اطلاع بنتائج هذه التحاليل منذ قرابة الشهر، في المقابل، لم يتلق أي وزير بريطاني تأكيدًا رسميًا حاسمًا من السلطات السعودية يؤكد ضلوعها فيما نسب إليها أو نفيها للتهم.
في المقابل، نفت المملكة العربية السعودية على الملأ وفي وسائل الإعلام الادعاءات التي توثق تورطها في استخدام القنابل العنقودية في حرب اليمن، وأوضحت أن القنابل العنقودية التي تم العثور عليها، تعود مخلفاتها للصراعات القديمة في المنطقة.
وتعقيبًا على آخر المستجدات، ارتفعت الأصوات المطالبة بأن تعيد الحكومة البريطانية النظر في صادرات الأسلحة للمملكة العربية السعودية، خاصة بعد أن شهدت المبادلات البريطانية السعودية تطورًا واضحًا.
ويوعز ذلك إلى قيام الولايات المتحدة الأمريكية، الأسبوع الماضي، بتعليق مخططات الصفقة التي تقضي بتصدير مجموعة من الأسلحة الموجهة وعالية الدقة لحدود سنة 2020، للمملكة العربية السعودية.
بعض القنابل العنقودية المصنعة في المملكة المتحدة، والتي تم العثور عليها وجمعها في شمال اليمن
وبالعودة إلى حيثيات الحرب في اليمن، يُذكر أنه في سنة 2015، أعلنت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، الحرب ضد انتفاضة المتمردين الحوثيين الذين ثاروا على الحكومة اليمنية، وطيلة الفترة المنقضية، قدمت المملكة المتحدة يد العون للمملكة العربية السعودية من خلال تدريب القوات العسكرية السعودية في اليمن.
ومن المرجح، أن تعمل المملكة المتحدة جاهدة في الأيام القادمة لإثبات تورط السعودية وتبرئة نفسها من المشاركة في تزويد السعودية بالذخائر العنقودية، ولعل أكبر دافع بالنسبة للمملكة المتحدة لكشف الحقيقة للعلن، هو توقيعها في سنة 2010 على “اتفاقية الذخائر العنقودية“، فهذه المعاهدة، تمنع على الدول الموقّعة استعمال القنابل العنقودية التي تخلف قنابل صغيرة قابلة للانفجار بعد فترة من سقوطها، مما قد يتسبب بقتل المئات من المدنيين.
وفي الواقع، تلزم اتفاقية الذخائر العنقودية المملكة المتحدة، بالتخلص من أي نوع من هذه الأسلحة وتحثها على منع أي شخص من استخدامها، في المقابل، تعد المملكة العربية السعودية من بين الدول التي لم توقع على هذه الاتفاقية.
وأفاد مصدر عسكري بريطاني رفيع المستوى أن “المملكة المتحدة أولت قضية الذخائر العنقودية المصنعة في المملكة المتحدة، أهمية قصوى وتمت إثارة المسألة على أعلى مستوى داخل الحكومة، ونحن نحاول وبشكل نهائي تناول موضوع القنابل العنقودية وإنهاء الجدل القائم بشأنها”.
وعلاوة على كل ذلك، لم تكشف وزارة الدفاع البريطانية على محتوى التقرير، غير أن المتحدث باسم الحكومة أدلى بأن “الحكومة تأخذ الاتهامات الموجهة ضدها على محمل الجد، ولقد قمنا بدراسة معمقة للقضية، بالاعتماد على كل المعلومات المتاحة لنا، مع الأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات الممكنة، هذا بالإضافة إلى طرح القضية على المملكة العربية السعودية وحلفائها”.
وأبرزت جملة من التقارير التي أجرتها قناتيْ “أي تي في” و”سكاي نيوز” الفضائية البريطانية، بالإضافة إلى منظمة العفو الدولية، أنه تم إسقاط مجموعة من القنابل العنقودية المحظورة عالميًا، في الحرب التي تدور رحاها في اليمن، والتي تم تصنيعها في المملكة المتحدة.
وفي أيار/ مايو الماضي، تعهد وزير الخارجية البريطاني السابق فيليب هاموند، بأن “تحقق وزارة الدفاع وبشكل دقيق في قضية استخدام القنابل العنقودية، كما ستطالب المملكة العربية السعودية بتقديم ضمانات ملموسة، تؤكد من خلالها أنه لم يتم توظيف أي ذخائر عنقودية، بريطانية الصنع، في الصراع القائم في اليمن”.
وفي السياق نفسه، وخلال تلك الفترة، صرح وزراء في الحكومة البريطانية أن “أجهزة الدولة لا تملك أي دليل قطعي عن اعتماد مثل هذه الأسلحة فعليًا خلال حرب اليمن”، ونوهوا بأن القنبلة العنقودية التي عثرت عليها منظمة العفو الدولية، قد تكون من مخلفات الصراع الذي شهدته المنطقة في فترة سابقة، كما أشاروا إلى أن المملكة المتحدة زودت المملكة العربية السعودية بالذخائر العنقودية لآخر مرة في سنة 1989.
ومنذ أيار/ مايو الماضي، نشرت قناتيْ “أي تي في” و”سكاي نيوز البريطانية”، لقطات من فيديو، ظهر فيه رئيس حكومة الحوثيين عبد العزيز صالح بن حبتور، ليتهم المملكة المتحدة بارتكابها جرائم حرب في اليمن.
من المرجح، أن تعمل المملكة المتحدة جاهدة في الأيام القادمة لإثبات تورط السعودية وتبرئة نفسها من المشاركة في تزويد السعودية بالذخائر العنقودية
كما قال بن حبتور لقناة “سكاي نيوز” في وقت سابق من هذا الشهر: “المملكة المتحدة قامت ببيع قنابل عنقودية للمملكة العربية السعودية، وكانت بريطانيا على علم مسبق بأن السعودية ستقوم بإسقاطها على الأراضي اليمنية على غرار صعدة وصنعاء فضلاً عن العديد من المقاطعات الأخرى، ولا أشك في أن المملكة المتحدة متورطة في جرائم حرب، بل إنني على يقين من ذلك، إن أيديهم ملطخة بدماء المدنيين اليمنيين الذين يتم قصفهم بصفة متواصلة”.
وأثار زعيم الحزب الوطني الإسكتلندي في البرلمان البريطاني أنجوس روبرتسون، العديد من التساؤلات بخصوص استخدام السعودية لأسلحة عسكرية محظورة دوليًا، والتي صدرتها لها المملكة المتحدة، كما وجه هذه الأسئلة لرئيسة الوزراء البريطانية في ظل تنامي المخاوف عن الوضع في اليمن.
وفي الإطار ذاته، أفاد روبرتسون أنه علم من مصادر مطلعة على الوضع، أن المملكة العربية السعودية ألقت بقذائف عنقودية من صنع المملكة المتحدة، على الأراضي اليمنية.
وأضاف روبرتسون أن هذه الهجمات غير مقبولة بتاتًا، في المقابل، سلطت مثل هذه العمليات المزيد من الضغط على وزارتي الدفاع والخارجية، لتثبتا براءتهما من الاتهامات الموجهة لبريطانيا.
وواصل روبرتسون قائلاً: “في هذه الأثناء توقفت الولايات المتحدة الأمريكية عن تزويد المملكة العربية السعودية بالصواريخ الموجهة، لذلك قد آن الأوان بالنسبة للمملكة المتحدة لتبني نهج أخلاقي في التعامل مع المسألة”.
وعلاوة على كل ذلك، حينما أثيرت هذه التساؤلات في الأسبوع الماضي، من قبل روبرتسون، أفصحت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، خلال لقاء جمعها بمجلس العموم البريطاني، أنه “سيتم التحقيق في أية اتهامات بشأن انتهاك القانون الدولي الإنساني، وبطرق مدروسة”.
في المقابل، دافعت ماي بضراوة عن حقيقة دعم المملكة المتحدة للمملكة العربية السعودية، وقالت إن التدخل في اليمن كان بدعم من قبل الأمم المتحدة، مضيفة “الاستقرار والأمن في منطقة الخليج مهم جدًا بالنسبة لنا، كما أن المملكة العربية السعودية كان لها دور كبير في إنقاذ المئات من الأرواح في المملكة المتحدة بفضل المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها لنا”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وبّخ مكتب رئيسة الوزراء البريطانية، وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، على خلفية انتقاده للمملكة العربية السعودية على هامش المؤتمر الذي انعقد في روما.
وفي هذا السياق، صرح جونسون أن السعودية قامت بالتحريض على اندلاع حروب بالوكالة في المنطقة، وتعليقا على هذه التصريحات، نفى مكتب رئيسة الوزراء البريطانية، أن تكون تصريحات جونسون، انعكاسًا للموقف الرسمي للحكومة.
في خضم كل هذه الأحداث، تعتبر المملكة المتحدة من بين أبرز الحلفاء للمملكة العربية السعودية في حربها في اليمن، نظرًا للتدريب العسكري الخاص من قبل القوات البريطانية للجيش السعودي عن كيفية استهداف القنابل.
كما أنها أبرمت صفقات لبيع معدات دفاعية للجيش السعودي، تجاوزت قيمتها مليارات الجنيهات الإسترلينية، بما في ذلك عدد من الطائرات، منذ بداية الحرب في اليمن.
وفي الأسبوع الماضي، كشف الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط توبياس إلوود، أنه “حث، وبصفة رسمية، الدول الخليجية الستة على الانضمام للدول الموقعة على الاتفاقية الدولية التي تحظر استخدام الذخائر العنقودية”.
دافعت ماي بضراوة عن حقيقة دعم المملكة المتحدة للمملكة العربية السعودية، وقالت إن “التدخل في اليمن كان بدعم من قبل الأمم المتحدة”
كما أوضح إلوود أن المملكة المتحدة تدين وبشدة استعمال مثل هذه الأسلحة، وقام شخصيًا بدعوة الدول الخليجية الستة بتوقيع المعاهدة”، واستدرك قائلاً “أنا أستنكر استعمال الذخائر العنقودية، فهي سلاح فتاك ينتشر على أرض المعركة إلى أن يصل إلى مكان آهل بالسكان، ومن ثمّ يسبّب أضرارًا كارثية”.
أعلن إلوود، أنه على استعداد بأن يؤيد أي تحقيق مستقل في جرائم الحرب المرتكبة في اليمن من قبل الطرف السعودي ونظيره البريطاني، في حال أثبت أن التحقيق الذي أجرته السعودية غير موثق، ولا يمكن الاعتماد عليه.
المصدر: صحيفة الغارديان