تفاصيل الليلة العصيبة على برلين بعد حادث الدهس وتبعاتها

20161220062125reup-2016-12-20t062018z_1901276328_lr1ecck0hljlz_rtrmadp_3_germany-truck

أعلنت شرطة العاصمة الألمانية برلين، الثلاثاء، أنها تتعامل مع الهجوم بالشاحنة على حشد في سوق لعيد الميلاد مساء الإثنين في برلين على أنه “اعتداء إرهابي مرجح”، في وقت أكدت فيه الإذاعة الألمانية تبني تنظيم داعش للهجوم.

وكتبت الشرطة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء: “جميع الإجراءات الشرطية المتخذة إزاء الهجوم الذي يحتمل أن يكون إرهابيًا في ميدان برايتشايدبلاتس تسير على قدم وساق وتطبق بالعناية الواجبة.”

وقد رجحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن يكون حادث الدهس الذي وقع مساء أمس الاثنين في أحد أسواق عيد الميلاد (الكريسماس) في برلين هجوما إرهابيا. وقالت ميركل اليوم الثلاثاء: “يتعين علينا وفقا للوضع الحالي أن ننطلق من فرضية أن الحادث هجوم إرهابي”.

وأعربت المستشارة الألمانية عن صدمتها إزاء حادث الدهس في برلين. وقالت: “هذا يوم صعب للغاية بالنسبة لألمانيا”. وذكرت ميركل أن أفكارها تدور هذه اللحظة حول القتلى والمصابين على وجه الخصوص، مضيفة أن البلد بأكمله يشعر بالحزن.

ارتفاع عدد القتلى إلى 12

قالت شرطة العاصمة في تغريدة على “تويتر”: “12 شخصًا قتلوا في ساحة بريتشيد وهناك 48 آخرين في المستشفيات، بعضهم جروحهم خطيرة”، وأضافت أن المحققين يفترضون أن سائق الشاحنة التي دهست الحشد في السوق فعل ذلك عن عمد، حيث سارت الشاحنة فوق الممشى المخصص للمارة قرب كنيسة الذكرى في برلين.

في غضون ذلك، قالت الإذاعة الألمانية إن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أعلن مسؤوليته عن الاعتداء، لافتة إلى عدم وجود تعليق رسمي ألماني عن إعلان التنظيم تبنّيه الهجوم.

وأعلنت الشرطة الألمانية أنها اعتقلت شخصًا يشتبه أنه كان يقود الشاحنة، بينما قُتل مساعد السائق في العملية، وأعلنت فيما بعد أنها عثرت على جثة رجل بولندي داخل الشاحنة التي اقتحمت السوق، وقالت الشرطة في تغريدة على “تويتر” إن الرجل الذي عثر عليه ميتًا في مقصورة الشاحنة وتحددت جنسيته بأنه مواطن بولندي، لم يكن خلف عجلة القيادة عندما اقتحمت الشاحنة السوق.

ذكرت إذاعة “برلين-براندبورج” الألمانية صباح اليوم الثلاثاء أن الرجل المشتبه في قيادته للشاحنة باكستاني

وقرابة الساعة الثامنة مساءً (19.00 ت غ) اقتحمت، شاحنة سوداء اللون تحمل لوحة تسجيل بولندية ويرجح أنها سرقت من ورشة، سوقًا ميلادية مكتظة في وسط الجانب الغربي من العاصمة الألمانية، حيث دهست حشدًا من الناس، بحسب الشرطة.

من جهتها، ذكرت إذاعة “برلين – براندبورج” الألمانية صباح اليوم الثلاثاء أن الرجل المشتبه في قيادته للشاحنة باكستاني، وذكرت أيضًا استنادًا إلى مصادر أمنية أن المشتبه به المقبوض عليه وصل إلى ألمانيا في 31 من ديسمبر 2015، وبحسب تقرير الإذاعة، فإن المشتبه به معروف لدى الشرطة بسبب ارتكابه جنح بسيطة، ولم تعلق الشرطة حتى الآن على هذه البيانات.

فيما قالت وكالة الأنباء الألمانية إنّ مصادر أمنية رجحت أن الرجل المقبوض عليه للاشتباه في تورطه بحادث الدهس في برلين وصل إلى ألمانيا كلاجئ في فبراير الماضي عبر طرق البلقان، وأوضحت أنه أقام في أحد نزل اللاجئين بالعاصمة الألمانية، وفقًا لمصادرها الأمنية، ويرجح محققون أن يكون من باكستان أو أفغانستان، حسب الوكالة.

إلى ذلك، قالت صحيفة “ميرور” البريطانية، إن ثمة اعتقاد بأن الجثة التي تم العثور عليها في الشاحنة هي لسائق الشاحنة الأصلي، وأنه ربما يكون قد قُتل عمدًا قبل اختطاف الشاحنة وتنفيذ الهجوم على سوق عيد الميلاد في العاصمة الألمانية، وذلك بناءً على تصريحات المالك الأصلي للشاحنة، البولندي الأصل، والذي نقلت عنه وسائل الإعلام تأكيده بأن السائق بريء من ذلك الهجوم، حيث أكّد في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن الشخص الذي كان يقود الشاحنة ثم قفز منها ليس السائق الذي يعمل لديه، مؤكدًا تعرض شاحنته للاختطاف.

خوف من صعود اليمين المتطرّف

حادثة برلين، والتي ترجح السلطات الألمانية أنها “إرهابية”، لن تكون الحادثة الأولى من نوعها، فهي شبيهة بعملية الدهس التي شهدتها مدينة نيس الفرنسية، في 14 من يوليو الماضي، عشية العيد الوطني الفرنسي، حين دهس سائق شاحنة حشودًا من المارة في اعتداء إرهابي نفذه التونسي محمد لحويج بوهلال، وأوقع 86 قتيلاً من 19 جنسية وأكثر من 400 جريح.

وتخشى الجاليات المسلمة واللاجئون في ألمانيا، أن يتسبب لهم هذا الحادث، إن ثبت تورط أحدهم فيه، في مشاكل كبيرة مع الألمانيين وارتفاع حالة الإسلاموفوبيا التي انتشرت مؤخرًا في العديد من الدول الغربية وتكثيف عمليات المراقبة ضدّهم ووضعهم تحت الملاحظة الدائمة وتعرَّضهم للمضايقات وتضييق الخناق عليهم، فضلاً عن تنامي العنصرية التي باتت تستحوذ على المجتمع وتهدد السلم الاجتماعي في شرق ألمانيا.

يخشى المهاجرون، أن تزيد هذه الحادثة، من شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا

ويؤكّد مراقبون، أن هذه العملية ستصب في مصلحة اليمين المتطرف في ألمانيا، كما حصل في باقي الدول الأوروبية، وسبق أن قالت فراوكه بيتري زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، في أغسطس الماضي، إن على برلين إرسال المهاجرين الذين يتم رفض طلبات لجوئهم والمهاجرين غير الشرعيين إلى جزر خارج أوروبا، وأضافت زعيمة الحزب الذي يمثل اليمين المتطرف، أنه يجب تحويل مكتب اللاجئين إلى مكتب للتهجير، حيث صرحت فراوكه بيتري قائلة: “سيتم نقل المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء الذين يتم رفض طلباتهم إلى جزيرتين خارج أوروبا تحت حماية الأمم المتحدة”، إلا أنها لم تحدد الجزيرتين اللتين قصدتهما.

ويخشى المهاجرون أن تزيد هذه الحادثة من شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا، وحقّق الحزب أكثر من مفاجأة في الانتخابات المحلية الألمانية في الأشهر الأخيرة منها فوزه على الحزب الديمقراطي المسيحي لأول مرة في ولاية ميكلنبورغ فروبومرن الشرقية.

وأظهرت تقارير إعلامية تزايد معدل الاعتداءات التي تعرض لها اللاجئون في شرق ألمانيا خلال عام 2015 أكثر من ثلاثة أضعاف بالمقارنة مع عام 2014، وذلك مع تزايد الاتجاه إلى اليمين المتطرف في هذه المنطقة من البلد الذي استقبل أكبر عدد من اللاجئين خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي دفع بعض هؤلاء اللاجئين للتفكير في ترك الأراضي الألمانية، حيث وصل ألمانيا، السنة الماضية، حوالي 890 ألف لاجئ ومهاجر.