يعقد في موسكو اليوم اجتماع وزراء خارجية ثلاثي بين كل من روسيا وتركيا وإيران (لافروف – جواد ظريف – جاويش أوغلو) على أن يكون هناك مؤتمرًا صحفيًا في تمام الساعة 19:00 بتوقيت موسكو، علمًا أن هذا الاجتماع خطوة تمهيدية قبل الاجتماع الرئاسي المعلن في 27 من الشهر الحاليّ بين الدول الثلاثة المذكورة.
المؤكد أن هذا الاجتماع على أهميته وحساسيته في هذا التوقيت بالذات لن يخرج بحل سحري للأزمة السورية، فهو أشبه بعصف ذهني لما آلت إليه مجريات الأحداث الأخيرة في حلب بعد بدء تنفيذ الاتفاق وكيف سيسير في المرحلة المقبلة؟ وسيسعى الاجتماع للتقريب بين وجهات نظر الدول الثلاثة فيما يخص الأزمة وطرق حلها لتكون اللبنة الأولى في الاجتماع الرئاسي القادم الذي سيضم زعماء روسيا وتركيا وإيران في 27 من الشهر الجاري.
اجتماع بعد مقتل السفير الروسي
تأمل موسكو من جهتها أن يؤدي هذا الاجتماع إلى إحراز تقدم في تسوية الأزمة السورية ويساهم في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتخذة بهذا الشأن، حيث تبنى مجلس الأمن أمس 19 من ديسمبر/ كانون الأول بالإجماع، مشروع قرار بشأن نشر مراقبين أمميين في حلب لمتابعة إجلاء باقي المسلحين والمدنيين، وكان لافروف أعلن أمس الإثنين أن روسيا تعول على إجراء مفاوضات بناءة ومفصلة مع إيران وتركيا اللتين تملكان القدرة الفعلية على تحسين الأوضاع على الأرض في سوريا.
لم يؤثر مقتل السفير الروسي آندريه كارلوف على برنامج الاجتماع وأجندته، حيث تمت لململة الموضوع من قبل تركيا وروسيا بشكل سريع واعتبر الرئيس الروسي بوتين أن مقتل السفير كارلوف في أنقرة استفزاز يهدف لإجهاض عملية تطبيع العلاقات الروسية التركية والتي ساهم السفير الروسي المغتال فيها بطبيعة الحال، فضلاً عن تقويض التسوية السورية، وهي نفس وجهة النظر التي تبنتها تركيا.
ظهرت دلالات من وراء الحادثة تفيد أن توقيت الحادثة يسهم في ضرب تطورات الأزمة السورية وتطبيع العلاقات التركية الروسية بعد الهزة الكبيرة التي شهدتها العلاقات بين البلدين إثر سقوط الطائرة الروسية في نهاية العام الماضي.
ففي ظل غياب دور عربي فاعل في سوريا وحسم أمريكي وتغول روسي، توج التقارب بين روسيا وتركيا باتفاق خروج المحاصرين في حلب والحديث عن عملية سياسية جديدة برعاية البلدين وبحضور طهران لإحياء وقف إطلاق النار في كل سوريا ومن ثم الانتقال للعملية السياسية، كما لا يمكن إغفال المصلحة الإيرانية في الإضرار بالعلاقات التركية الروسية سواء في تدخلها في سوريا من جهة والخلاف المبطن مع تركيا في المنطقة مؤخرًا من جهة أخرى.
لكن تشير صحيفة الغاريدان أن مقتل السفير الروسي سيؤدي لتقريب العلاقات الروسية التركية بشكل أكثر من السابق، بحجة أنه لا يوجد أي ذرائع سياسية لخلق خلاف بين روسيا وتركيا، ومع ذلك يبقى تعامل روسيا في المنطقة قائم على أساس المصلحة ومن غير المعقول أن تمر حادثة مقتل السفير مرور الكرام على روسيا، إذ صدر عن لافروف تصريح اليوم أنه لا ننازلات أبدًا أمام الإرهابيين، في حضرة كل من تركيا وإيران وفي اجتماع يخص الأزمة السورية فهذا قد يدلل بحسب محللين على رغبة روسيا ألا تذهب عملية الاغتيال بالمجان.
علمًا أن تركيا عمدت في الساعات الأولى بعد الحادثة إلى عدم تكرار سيناريو إسقاط المقاتلة وتأزم العلاقات مجددًا بين البلدين، فرحبت تركيا بمشاركة لجنة تحقيق ثنائية مع موسكو لكشف ملابسات الحادثة، وأكد أردوغان أن الهجوم أصاب تركيا وشعبها قبل أن يصيب موسكو وسفيرها.
ما الهدف الأساسي من الاجتماع؟
الهدف الأساسي للاجتماع سيكون فهم آراء الأطراف الثلاثة وتوضيح أين يقف الجميع ومناقشة إلى أين تذهب الأحداث، أما لافروف فقد أمل أن تتحدث الأطراف الثلاثة بالتفصيل وبعبارات واضحة، وأكد أن الاجتماع ليس بمعجزة لكنه سيمنح الأطراف فرصة للاستماع إلى بعضهم حسب تعبيره، ومن جهة أخرى أشار أن الأوروبيين منشغلون بلغة الخطابة والدعاية ولا يؤثرون على من يستمعون إليهم كما يقول، وفي نفس السياق سيجتمع وزراء دفاع الدول الثلاثة أيضًا اليوم لبحث تطورات الأحداث في سوريا وفي حلب خصوصًا.
تدعم روسيا وإيران النظام السوري على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية بينما تقف تركيا على النقيض حيث ما زالت تطالب أنقرة بإسقاط بشار الأسد وأنه المسؤول عن كل ما يحدث وتطالب بترك منصبه للبدء بعملية انتقال سياسي في البلاد.
ومن جهة أخرى تساند أنقرة المعارضة السورية وتعتبر الداعم الرئيسي لها عسكريًا، إذ تساند أنقرة قوات المعارضة السورية من خلال قوات درع الفرات التي تحارب لتأمين الحدود التركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية والقوات الكردية التي تسعى للانفصال في كيان مستقل، بينما لم تشتبك تلك القوات مع جيش النظام السوري حتى الآن على الأقل.