تسهم مشاريع البنية التحتية في العالم في دفع عجلة النمو في البلاد وتضع أسس للتنمية الاقتصادية، إذ من شأن القيام بإنشاء الطرق والجسور والأنفاق وخطوط نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية خلق كثافة في فرص العمل، ومن جهة أخرى فإن هذه المشاريع بعد إنجازها تسهم في زيادة ثروت المجتمع ورفع مستوى معيشة مواطنيه.
تركيا على الواجهة من جديد
بالرغم من الأزمات التي عصفت بتركيا خلال الفترة الماضية والحالية من تفجيرات وانقلاب إلا أن مسيرة افتتاح المشاريع القومية لا تزال على قدم وساق فبعد افتتاح جسر السلطان ياووز سليم وهو الجسر الثالث الذي يربط طرفي المدينة، افتتحت تركيا اليوم الثلاثاء نفق أوراسيا بشكل رسمي قبل موعد افتتاحه المحدد بستة أشهر، بمشاركة كل من رئيس الدولة أردوغان ورئيس الحكومة بن علي يلدريم.
ويعد نفق السيارات “أوراسيا” الذي يربط شطري اسطنبول الأوروبي والآسيوي كأول نفق بحري لعبور السيارات، بعد افتتاح نفق مرمراي للميترو، العام الماضي. وكانت الحكومة التركية طرحت اسم النفق للاستفتاء الشعبي بين مصطفى كمال أتاتورك والسلطان العثماني عبد الحميد سوى أنها ألغت الاستفتاء واعتمدت اسم أوراسيا.
فعلى مسافة 14.6 كم تقع 3.4 كم منها تحت قاع مضيق البوسفور بينما يتوزع الجزأين الآخرين في الطرفين الأوروبي والآسيوي، برغم أن المشاريع الواقعة تحت البحر لاقت اعتراض من قبل المعارضة السياسية بذريعة الزلازل، إلا أن أوراسيا مزود بآلية مقاومة للزلازل تصل إلى قرابة 7.4 درجات على مقياس ريختر، تسهل عملية تمدد وتقلص البنية الإسمنتية، أو انحناءها لدى وقوع الزلازل، بحيث لا تشكل خطرًا على حركة المرور بداخله.
يبلغ ارتفاع النفق 14 متراً، ومؤلف من طابقين للذهاب والإياب، ويعد سادس أطول نفق ي العالم، وفي نهاية النفق على الجهتين فتحات تهوية ومداخل مرور، وفي جانب واحد منها مقر الإدارة المركزي. وفيه ممرات علوية للمشاة وممرات سفلية لوسائل النقل. وسيمكن 90 ألف سيارة من العبور خلاله ذهابًا وإيابًا على جانبي المدينة الآسيوي والأوروبي.
وتبلغ تكلفة المشروع نحو 1.246 مليار دولار، ويعد الغرض الرئيسي من المشروع التخفيف من الازدحام المروري وإيجاد حلول لعقد مرورية تقلل مدة الرحلات، بين منطقتي “كاديكوي” و”أوسكودار” في الطرف الآسيوي ومنطقتي “زيتينبورنو”” و”باكركوي” في الطرف الأوروبي من 100 دقيقة إلى 15 دقيقة، وستكون تعريفة عبور النفق الذي تديره الشركات المنفذة، 17 ليرة تركية.
وقد نتج عن عملية حفر النفق 3 ملايين متر مكعب من الأتربة، واسُتخدم فيها 700 ألف متر مكعب من الخرسانة، و70 ألف طن من الحديد، وسيعمل على توفير 25 مليون ساعة على المسافرين كل سنة، وسيخفف 85 طنًا من الانبعاثات الناتجة عن العربات والسيارات بسبب المدة المختصرة الناجمة عنه، وعمل على إنجاز المشروع أكثر من 60 شركة ومصنع، يعمل فيها كل يوم 1800 عامل، وما مجموعه 2500 شخص من المهندسين والمشرفين والتقنيين.
وتعد الرسالة الرئيسية من وراء الإسراع في افتتاح النفق هو إيصال رسالة للعالم أن تركيا لا تزال جذابة للاستثمار رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها وأن مسيرة التنمية فيها لم تتعطل، واقتصادها سائر بخطى حثيثة نحو تحقيق رؤيتها الأولية في العام 2023 لتكون من ضمن الاقتصادات العشر الأكبر في العالم، وبدخل فرد يبلغ عند 30 ألف دولار، وصادرات تفوق الـ 500 مليار دولار.
يذكر أن النفق تم تنفيذه من خلال شركات محلية وأجنبية على نظام ( إبني، شغل، انقل) ولديها مشاريع أخرى يتم العمل فيها على هذا النظام وأبرزها المحطة النووية للأغراض السلمية التي تبنيها الشركات الروسية.
عائدات الطرق والجسور في تركيا
خلال الأشهر السبعة الماضية من العام الجاري بلغت عائدات أجور العبور على الجسور والطرق والسريعة بتركيا كما قدرتها المديرية العامة للطرق البرية بتركيا، نحو 703 ملايين ليرة تركية ما يعادل نحو 234.3 مليون دولار، وجاء في التقرير الصادر عن المديرية أن نحو 36 مليون مركبة استخدمت الجسور والطرق السريعة المؤجرة خلال نموز /يوليو الماضي.
وقد بلغت أرباح كل من جسر مضيق البوسفور وجسر السلطان محمد الفاتح اللذين يربطان طرفي اسطنبول نحو 18.241 مليون ليرة تركية تم تحصيلها من أجور مرور المركبات عبر الطرق السريعة. ويذكر أن عدد الأنفاق التي افتتحتها تركيا من العام 2003 ارتفعت من 50 نفقًا إلى 188 نفقًا، ويتوقع أن يتم افتتاح 470 نفقًا بطول 700 كيلو متر حتى العام 2023