تخرج بين فترة وأخرى تصريحات من مسؤولين أتراك حول نية الحكومة التركية تجنيس سوريين بالرغم من معارضة حزب الشعب الجمهوري المعارض لسياسة العدالة والتنمية الحاكم، بذريعة أن منح الجنسية للسوريين سيكون له تأثيرات ديمغرافية في العديد من الولايات التركية خلال السنوات القادمة.
فبخلاف حزب العدالة والتنمية الحاكم فإن جميع الأحزاب التركية المعارضة أعلنت رفضها الصريح لتجنيس السوريين ومن بينها حزب الحركة القومية الذي وصف زعميها دولت بهتشلي الخطوة بـ”اللامسؤولة” مشيرًا أنها تهدد السلم المجتمعي.
ويجدر التنبيه أن تجنيس السوريين سيعد من الاستثناءات بالنسبة للقانون التركي فالشروط التي يضعها القانون التركي لمنح الجنسية للأجانب غير محققة بالنسبة للسوريين لذا فهو استثناء وتجاوز للأسس القانونية التركية المعنية بهذا الشأن. فمن بين الشروط التي يفرضها القانون التركي لمنح الجنسية للأجنبي، إقامته في الأراضي التركية لمدة لا تقل عن خمس سنوات وأن يكون غير محكوم وغير مرتكب لجريمة.
زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي
خطوات ملموسة على صعيد التجنيس
انتشرت موجة تشاؤم بين السوريين حول اتخاذ الحكومة أي خطوات ملموسة على صعيد تجنيسهم والبدء بإجراءات تدريجية تنتهي بمنحهم الجنسية وفق شروط معينة، وخصوصًا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو/تموز الماضي.
إلا أن ذلك التشاؤم انقشع بعدما بدأت دوائر الهجرة خطوات عملية في الفترة القريبة الماضية من خلال اتصالات على سوريين تطلب منهم الحضور لمقابلة أولية وإحضار بعض الأوراق الثبوتية وانتظار موعد المقابلة الأخرى، علمًا أنه لا وجود لأرقام رسمية تبين كم العدد المستهدف من السوريين التي تنوي الحكومة تجنيسهم.
وقد تبين أن العديد من الذين تم الاتصال بهم هم من ذوي الشهادات الجامعية والمعاهد المتوسطة كالأطباء والمهندسين والمعلمين، والمستثمرين بشكل خاص، وستنتقل الجنسية وفق الأطر القانونية لبقية أفراد عائلة المجنس ممن أعمارهم دون سن 18 سنة علمًا أن الجنسية الجديدة لا تسقط الجنسية الأصلية، وسيكون لزامًا فقط على من هم دون سن الخدمة الإلزامية في تركيا تأدية الخدمة العسكرية في الجيش التركي.
يذكر أن مراقبون سوريون رأوا أن هذه الخطوة أتت بعد إدراك الخطأ الذي وقعت به الحكومة طوال الأعوام الماضية حيث خرجت معظم الكفاءات والمستثمرين والأموال السورية إلى البلدان الغربية، ولم تستفد تركيا من القدرات السورية التي لجأت إليها، من دفعات اللاجئين السوريين التي بدأت بالتوافد منذ العام 2012 وبدأت بالتصاعد مع تصاعد وتيرة العنف الممارس في سوريا.
لاجئون سوريون متوجهون إلى أوروبا
وقد تخوف سوريون من إسقاط النظام السوري جنسيتهم السورية بعد منحهم الجنسية التركية فبينما يسمح القانون التركي بالجنسية المزدوجة قد يعمد النظام السوري الذي يعادي تركيا بإسقاط الجنسية السورية على كل شخص تمنحه تركيا جنسيتها، فالقانون السوري يجيز نص القانون الناظم للجنسية شطب الجنسية عن المواطن السوري الذي تجنس بجنسية دولة أخرى دون إخطار السلطات بذلك وعليه أيضًا تتم مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للشخص المجنس.
من جهة أخرى فإن هناك خطوات ملموسة من قبل الحكومة لتجنيس المستثمرين الأجانب بهدف جذب المزيد من الاستثمارات إلى البلاد، وستشمل هذه الخطوة السوريين أيضًا، الذين عبروا أن هذه الخطوة مع تأخرها ستكون حافزًا لزيادة استثماراتهم في تركيا.
هناك مستثمر سوري بين كل 4 مستثمرين أجانب في تركيا
وفق تصريحات لوزير التنمية التركي لطفي ألوان أن خطة الحكومة فيما يخص الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب تقوم على مرحلتين أولهما منحهم إقامة لفترة معينة ومن ثم منحهم الجنسية بعد التأكد من عدم قيامهم بتصرفات سيئة خلال فترة إقامتهم.
والمعلوم أن الاستثمارات السورية احتلت طوال السنوات الخمسة الماضية الحصة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية بتأسيسهم ما يقرب من 4500 شركة ورفدهم السوق التركية بما يقارب من 7000 مليون ليرة تركية منذ بدء الأزمة السورية، حيث أشارت بيانات اتحاد الغرف التركية أن عدد الشركات المملوكة لسوريين في تركيا منذ العام 2011 إلى اليوم ارتفعت لتصل إلى 4 آلاف و 450 شركة برأس مال صافي وصل إلى ما يقارب 700 مليون ليرة تركية، ويذكر أن هناك مستثمر سوري بين كل 4 مستثمرين أجانب في تركيا.
ستكون الجنسية عاملًا مهمًا في منح السوريين الشعور بالاستقرار المجتمعي وهذا سينعكس بالضرورة على زيادة فعاليته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على تركيا بالدرجة الأولى، ومن جهة أخرى فقد عبر تجار سوريين في غازي عنتاب أن منحهم الجنسية سيكون دافعًا لهم لتوسيع أعمالهم في كل تركيا.