تشهد السوق المصرية نقصًا حادًا في أصناف الدواء بما يقرب من 4 آلاف صنف دواء وتعد أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكر والكبد والمحاليل الطبية وأدوية الأورام والصرع والقلب وأنواع الأنسولين ومشتقات الدم من أبرز الأصناف الناقصة من السوق.
من جانب آخر فإن الحكومة المصرية تلجأ لرفع أسعار أصناف من الأدوية بنسب مختلفة وهذا يشكل ضربة لشريحة واسعة من المجتمع في مصر والتي تعاني من موجات غلاء طال مختلف أسعار السلع والخدمات الأساسية، والجدير ذكره أن نسبة الفقر المدقع في العام 2015 جاءت عند 27.8% من الشعب المصري حسب البيان الأخير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر والصادر في 16 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حيث يُعرف الفقر المدقع بأنه الوضع الذي لا يستطيع فيه الفرد أو الأسرة توفير احتياجات الغذاء الأساسية.
أسباب أزمة الدواء في مصر
منذ تعويم الجنيه وشركات الأدوية تقاوم الخسارة المحتّمة والإفلاس، فتحرير سعر صرف الجنيه أدى لارتفاع سعر الصرف إلى أكثر من الضعف، إذ قفز سعر الصرف من 8.88 جنيه مقابل الدولار ليلامس في الوقت الحاليّ قرابة 20 جنيهًا لكل دولار وهذا شكل عبئًا كبيرًا على شركات الدواء المصرية البالغ عددها 154 مصنعًا توفر نحو 92% من احتياجات المواطن المصري من الأدوية والمستلزمات الطبية، وحسب تحاليل عديدة ترى أنه لا وجود لاستقرار لسعر الصرف على المدى المنظور وتشير التوقعات إلى ارتفاع السعر إلى حدود 30 جنيهًا في العام المقبل 2017 في أفضل التقديرات.
فالمشكلة عند تلك المصانع أنها تستورد المادة الخام من الخارج وعند ارتفاع سعر الصرف إلى هذا السعر يعني أن فاتورة استيراد المواد الخام زادت على الشركات بنحو الضعف، هذا التغير في الفاتورة أجبر مصانع الأدوية على رفع الأسعار والمعلوم أن أسعار الدواء في مصر تخضع لتسعيرة جبرية من قبل الحكومة على المصانع وكذلك على مستوردي الدواء، وفي حال التزام الشركات والمصانع بهذه التسعيرة ستتكبد خسائر مالية طائلة.
فوضعت المصانع بسبب هذه الظروف أمام خيارين أحلاهما مر فإما أن تتتوقف عن الإنتاج لتفادي الخسائر أو تنتج الدواء وتتحمل الخسائر، فاختارت الخيار الأنسب بالنسبة لها والذي لا يعرضها لخسائر مالية وهو التوقف عن الإنتاج، ما فاقم أزمة نقص الأدوية في مصر.
وحسب مسؤولين في وزارة الصحة فقد توقفت شركات الأدوية عن توريد احتياجات المستشفيات الجامعية التي تعالج 30% من الحالات المرضية البسيطة في مصر و70% من الحالات المعقدة كالأورام وعمليات القلب والمخ ونحو 55% من العمليات الكبرى في مصر مثل المعهد القومي للأورام ومشفى الحسين الجامعي ومشفى القصر العيني والمنيل الجامعي ومشافٍ أخرى.
وما ضاعف الأزمة أكثر هو ظهور سوق الأدوية غير الصالحة للاستخدام مستغلة حالة الفوضى في السوق من فقدان لأصناف كثيرة من الأدوية وارتفاع الأسعار، ومن جهة أخرى فإن رفع الأسعار من قبل الحكومة المصرية شكل فصلًا مهمًا من فصول الأزمة هناك.
توجه الحكومة لرفع أسعار الدواء مجددًا
توقع خبراء أن الحكومة ستعمل لعلاج الأزمة على زيادة تسعيرات الأدوية بنسب مختلفة وسيضطر المواطن لتحمل تبعات زيادة الأسعار فلا وجود لبديل آخر أمامه، حيث حركت الحكومة المصرية قبل نحو 6 أشهر أسعار نحو 7200 صنف دواء بنسبة 20% على الأسعار الأقل من 30 جنيهًا، ومن المقرر أن تقر الحكومة اليوم الخميس 22 من ديسمبر زيادة جديدة لتضاف إلى الضربات المتتالية التي تلقاها الشعب المصري وخصوصًا الفقراء منهم، والذي يكاد يصبح تأمين المواد الأساسية ضربًا من المستحيل تحت هذه الظروف القاهرة.
إذ من المقرر أن تقر الحكومة زيادات جديدة بواقع 50% للأصناف الدوائية الأقل من 50 جنيهًا و30% للأدوية التي يتراوح سعرها ما بين 50 إلى 100 جنيه و25% للأدوية ما بين 100 إلى 150 جنيهًا مع تطبيق زيادة 30% على جميع الأصناف المستوردة، بعد لقاء لوزير الصحة بعدد من ممثلي شركات الأدوية المحلية والأجنبية وعلى رأسهم رئيس غرفة صناعة الدواء رجل الأعمال أحمد العزبي صاحب سلسلة صيدليات كبرى.
وعقب ظهور أنباء عن نوايا الحكومة بزيادة جديدة لأسعار الأدوية علقت الصيدليات المصرية في الأمس بيع الكثير من الأدوية المهمة للمواطنين بحجة عدم توفرها انتظارًا لقرارات الاجتماعات الوزارية القادمة.
علمًا أن الحكومة تكون بهذا قد رضخت لشركات الأدوية التي طالبت الحكومة رسميًا برفع أسعار أكثر من 900 صنف دواء جراء ارتفاع سعر الدولار المتصاعد أمام الجنيه.