ترجمة حفصة جودة
وضع فيسبوك خطة جديدة تستهدف سرعة انتشار الأخبار الوهمية عبر موقعه، تلقت هذه الظاهرة اهتمامًا متجددًا في الأسابيع التي تلت انتخابات 2016، وسط اتهامات تقول بأنها أثرت على سلوك الناخبين، وصلت المشكلة إلى نقطة الانهيار منذ أسبوعين عندما قام رجل مسلح بدخول مطعم بيتزا في واشنطون للبحث عن نظرية المؤامرة على الإنترنت فيما يتعلق بعصابة جنسية للأطفال لا وجود لها.
الآن، أصبح هناك كُتّابًا للأخبار الوهمية على شبكات التواصل الاجتماعي، يقومون بإنشاء مواقعهم للسخرية من مؤامرات الحزب اليميني أو استغلال خوارزميات فيسبوك، معتقدين أنهم سيكونون بعيدين عن الأمر قريبًا.
لكن البرنامج الجديد به أشخاص يؤمنون أيضًا بنظرية المؤامرة، ويعتقدون أن علاقات هيلاري كلينتون الوهمية بالسحر “أخبار حقيقية”، ويرسمون بحماس خطوط المعركة عن مستقبل الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي.
ينبغي البدء في إطلاق مبادرة فيسبوك للتحقق من الأخبار والتي تؤدي إلى الرقابة على مواقع الدعاية، لكن المحررين في مواقع مثل “Infowars” وقادة حركة “alt-right” يؤكدون أن هذا الأمر سيؤدي فقط إلى تعزيز الاعتقاد القائل إن هناك أفكارًا يتم قمعها لصالح الحقائق الخاصة بالتيار السائد، ويقول أحد المحررين إن فيسبوك يثبت أن “حرب المعلومات” ليس تعبيرًا مبتذلاً لكنه ملائم تمامًا.
إذا تم تطبيق تجربة فيسبوك بشكل صحيح، فإن مؤلفي الأخبار الوهمية سيواجهون عقبات محتملة فيما يتعلق بإيرادات الإعلانات على مواقعهم، في حالة لم يتم حظر قصصهم من مواقع التواصل الاجتماعي على الفور.
يقول ماركو شاكون – صاحب موقع أخبار مزيفة معتمد – إن فيسبوك أخيرًا اتخذ خطوة إيجابية تجاه التأكد من أن مواقع مثل موقعه لن تنتشر بشكل فيروسي على وسائل التواصل، وفي مقال كتبه شاكون الشهر الماضي يقول إنه أنشأ موقعه حتى يكون الأشخاص الذين ينشرون أخبار الحزب اليميني الوهمية مدركين أنهم معرضون لقصص مكتوبة بنفس طريقة قصصهم المختلقة تمامًا.
هدف شاكون من ذلك هو إجبار فيسبوك على التوصل لحل مشكلة انتشار الأخبار الوهمية والتي يعتقد أنها متأصلة بشدة وتنتشر بسهولة، ويرى أن هذا هو الأسلوب الصحيح، فالأشخاص الذين يخشون الرقابة، يخشون من القائمة البيضاء للمواقع المعتمدة، ويضيف: “يبدو هذا التصرف أكثر ذكاءً ويجب على شركات مثل فيسبوك أن تستخدم هذه الطريقة، وسوف تعمل الضمانات الجديدة على منح الناس مسؤولية أكبر فيما ينشرونه”.
ما بين موقعه على الإنترنت والتفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعية، حققت النسخة المزيفة من “جولدنمان ساكس”، حيث تصف كلينتون أنصار ساندرز بحفنة من الخاسرين، ملايين المشاهدات، كما تم قراءة القصة المزيفة على الهواء مباشرة في برنامج ميغين كيلي على قناة فوكس نيوز، كما نشرت المواقع التابعة لترامب هذه القصة أيضًا.
في هذا السياق، تُظهر الوثيقة المزيفة أن النسخة الخيالية من كلينتون تتحدث عن عرض الأطفال “My Little Pony”، ومن ثم تراجعت كيلي عن القصة وتم سحبها من المواقع دون أي تصحيح.
يقول شاكون: “معظم الأشخاص الذين يعيدون نشر الأخبار الوهمية، يعتقدون أنها حقيقية، أو أنهم يأملون أن تكون كذلك، لكنهم ينشرونها رغم ذلك، لقد أخبروني أنهم يشعرون بالراحة عند نشر هذه القصص حتى لو كانت غير حقيقية”.
سياسة فيسبوك الجديدة ستسمح للمستخدمين بالإبلاغ بأنفسهم عن الأخبار الوهمية، هذه الأخبار التي تصل عنها بلاغات متكررة سيتم عرضها على مجموعة محايدة للتحقق من صحتها مثل “PolitiFact” أو “Snopes”، وفي البداية سوف تكون عملية تجريبية للتبين من كيفية تنفيذ هذه السياسة عمليًا.
بعض النقاد – ممن ينشرون أخبارًا مضللة لكنهم لا يعملون ذلك – يشيرون إلى أنه قد يكون هناك تحيزات محتملة من منظمات فحص الحقيقة، والتي يعتقدون أنها تهتم بتعزيز جدول أعمال يساري.
يرى بول جوزيف واتسون مؤسس موقع “Infowars” والذي يعزز من نظريات المؤامرة، أن جهود فيسبوك الجديدة هي جزء من خطة عقابية يسارية، وقد تحدث بالتحديد عن موقع “Snopes” – شركة فيسبوك شريكة في هذا الموقع – لأن أحد المحققين بهذا الموقع وصف نفسه بأنه صاحب توجهات سياسية يسارية، لذا يرى واتسون أن هناك تضاربًا في المصالح لأن “Snopes” ليس محايدًا كما هو واضح.
وقال واتسون إن محتواه قد تم حجبه بالفعل، لكن الرقابة سوف تجذب الانتباه لقضيته وأنه مستعد للقتال، وأضاف: “لقد قام فيسبوك بحذف مقاطع فيديو خاصة بنا على يوتيوب بالفعل، لكن هذه المحاولات لإسكاتنا سوف تفشل، فخضوعنا للرقابة سوف يجذب الانتباه إلينا وسيكون الناس أكثر حماسًا لنشر محتوانا”.
كان موقع “Breitbart” والذي يقدم أخبارًا حقيقية مؤيدة لترامب، قد قام بإطلاق حملة في سياق حرب الحقائق الشرعية، وكتب عنوانًا على صفحته الرئيسية بعد إعلان فيسبوك يقول: “مرسوم سادة الكون: نحن نقرر ما هي الأخبار الوهمية”.
قام مايك كيرنوفيتش بإطلاق هاشتاج “#HillarysHealth” في أثناء الانتخابات الأمريكية مما ساعد على انتشار نظريات مختلفة عن الأمراض التي تروجها الإشاعة، يقول مايك أن هناك مواقعًا أخرى قامت بنشر أخبار كاذبة لذا ينبغي حظرها أيضًا، ويضيف مايك: “أين هي أسلحة الدمار الشامل، هل ينبغي حظر نيويورك تايمز من فيسبوك؟” (في إشارة إلى نشرها تقارير خاطئة قبل حرب العراق)، يرى مايك أن طريقة تحديد الأخبار الوهمية، طريقة غير كاملة.
يقول مايك: “إنها عملية معقدة، فبعض الناس يخطئون، والوقوع في الخطأ يختلف عن نشر الأخبار الكاذبة، فإذا حاول شخص ما الوصول إلى الحقيقة، من خلال طرق مضللة، فهذا لا يعني أنه ينشر أخبارًا كاذبة، حتى لو بدت تلك الطريقة غريبة للآخرين”، وأشار إلى ذلك بقصة المرأة المسلمة التي تراجعت عن قصتها بتعرضها لمضايقات من أنصار ترامب في محطة المترو، والتي أشاعتها لتوضيح المناخ الحاليّ لوسائل الإعلام في البلاد.
ويختتم مايك كلامه قائلاً: “لقد أصبحت المؤسسة الإعلامية غير شريفة، وأصبحنا نحكم على الآخرين من خلال عدة تغريدات، هذه هي اللعبة الآن، وفي هذا السياق، جميع وسائل الإعلام تنشر أخبارًا وهمية”، وهكذا تبدأ حرب المعلومات من الآن.
المصدر: ديلي بيست