كان خبر اتهام تونسي في العملية الارهابية الأخيرة التي حدثت في سوق الاعياد ببرلين وتبني تنظيم “الدولة الاسلامية لها، بمثابة الصاعقة لأغلب المهاجرين المقيمين بألمانيا، خاصة منهم التونسيين. ولم يخفي أغلبهم خشيته أن تؤثّر هذه الحادثة على مستقبلهم هناك، في ضل دعوات اليمين المتطرف لطرد اللاجئين.
خشية من “النازيين الجدد”
منذ اعلان الشرطة الألمانية، توجيه أصابع الاتهام لطالب لجوء تونسي يدعى أنيس العامري (24 سنة) بعدما عثرت على وثيقة هوية أسفل مقعد سائق الشاحنة التي استخدمت في دهس حشد بسوق لعيد الميلاد مساء الاثنين وقتلت 12 شخصا، انتاب التونسيين الخوف والخشية على مستقبلهم من ردّة فعل الحكومة الألمانية وسكان ألمانية خاصة ما أصبح يعرف ب”النازيين الجدد”. واعتبر بعضهم أنه إن ثبت تورط التونسي العامري المفتش عنه في الاعتداء الارهابي على سوق لعيد الميلاد في برلين، فهو إعتداء منه لا على ألمانيا فقط، بل على تونس وديمقراطيتها الناشئة.
وقال مكتب الادعاء الاتحادي في ألمانيا إنه رصد مكافأة قدرها 100 ألف يورو لمن يدلي بمعلومات تفضي إلى إلقاء القبض على المشتبه به. وذكرت صحيفة دي فيلت نقلا عن محققين أن القوات الخاصة في الشرطة الألمانية داهمت شقتين في ضاحية كروزبرج في برلين في وقت متأخر البارحة لكن لم تعثر على عماري. إلى ذلك نفى متحدث باسم رئيس الادعاء الاتحادي في ألمانيا اليوم الخميس صحة تقرير إخباري عن اعتقال أربعة أشخاص لصلتهم بالتونسي المشتبه به في هجوم برلين. وبين المتحدّث أن لا علم له بالقبض على أي شخص.
قبل ذلك، قالت الإذاعة الألمانية إن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أعلن مسؤوليته عن الاعتداء، لافتة إلى عدم وجود تعليق رسمي ألماني عن إعلان التنظيم تبنّيه الهجوم.
الجالية التونسية في ألمانيا تخشى أن تتسبب لهم حادثة برلين بمشاكل كبيرة مع الألمانيين بعد سنوات التعايش المشترك بينهم
في نفس السياق، ذكرت، تقارير إعلامية، أنه تم القيام بعملية لمكافحة الإرهاب في مدينة دورتموند الألمانية اليوم الخميس.وقالت إذاعة غربي ألمانيا “دابليو دي أر” إنه تم إلقاء القبض على أربعة أشخاص اليوم خلال ذلك.” لكنها أشارت إلى أنه لم يتضح حتى الآن إما إذا كانت العملية لها علاقة بعمليات البحث عن التونسي المشتبه به هجوم برلين أم لا.
إلى ذلك، أعلنت الشرطة الدنماركية، حسب وكالة الأنباء الألمانية، أنها فتشت ميناء وعبّارة بشمال البلاد بعد بلاغ عن مشاهدة المشتبه به الرئيسي في هجوم الدهس في برلين هناك، إلا أن التفتيش لم يسفر عن أية نتائج. وقامت الشرطة بنشر مروحية وقوات ودوريات بمشاركة كلاب مدربة. وقال المتحدث إن الدوريات الشرطية ستبقى في المنطقة مع استمرار البحث في أنحاء أوروبا عن المشتبه به أنيس العامري.
من جهتها، بدأت وحدات مكافحة الارهاب في تونس، بدأت القيام بتحريات مع عائلة العمري، بهدف معرفة مدى صلة العمري بتنظيم الدولة الاسلامية.
وتخشى الجالية التونسية في ألمانيا، أن تتسبب لهم حادثة برلين، في مشاكل كبيرة مع الألمانيين، بعد سنوات التعايش المشترك بينهم، من ذلك تكثيف عمليات المراقبة ضدّهم ووضعهم تحت الملاحظة الدائمة وتعرَّضهم للمضايقات وتضييق الخناق عليهم.
“العامري”.. منحرف وهارب من حكم قضائي في تونس
غادر أنيس العامري، الذي يشتبه بتنفيذه اعتداء برلين، تونس قبل سبعة أعوام كمهاجر بشكل غير مشروع وأمضى وقتا في السجن في إيطاليا، بعد اتهامه بممارسة العنف والتخريب في أحد مراكز الهجرة التي مكث بها فور وصوله إلى أوروبا، بعدها توجّه إلى ألمانيا في يوليو الماضي، وصنّف العامري “شخصا خطرا” منذ أشهر في غرب البلاد وعرف باستخدامه عدة هويات مستعارة وسفره الكثير وتنقله في الإقامة بين ولايتي برلين وشمال الراين-فستفاليا الأمر الذي أدّى إلى فقد السلطات آثره منذ نوفمبر الماضي، بحسب تقارير إعلامية ألمانية. ومنذ مارس الماضي أصبح موضع تحقيق كلفت به نيابة برلين بتهمة “الاعداد لعمل اجرامي خطير يشكل خطرا على الدولة، والاشتباه في اعداده عملية سطو لشراء “اسلحة رشاشة لارتكاب اعتداء لاحقا على الارجح، بمساعدة شركاء سعى للعثور عليهم”، قبل أن تتوقف متابعته في شهر سبتمبر لغياب العناصر الكافية.
كثيرًا ما يقوم عديد من المهاجرين التونسيين غير الشرعيين بإيداع مطالب لجوء لدى السلطات الالمانية، دون الادلاء بجنسيتهم الاصلية
وسبق للسلطات الألمانية، في يونيو الماضي، رفض طلب من العامري بمنحه اللجوء ولم تتمكن من طرده لان تونس رفضت طوال أشهر الاعتراف بانه من مواطنيها. لكن بعد يومين من الهجوم في برلين تونس بأن العامري تونسي الجنسية ووفرت وثيقة سفر تتيح ترحيله، بحسب وزير الداخلية بولاية شمال الراين فيستفاليا الألمانية.
وكثيرًا ما يقوم عديد المهاجرين التونسيين غير الشرعيين بإيداع مطالب لجوء لدى السلطات الالمانية، دون الادلاء بجنسيتهم الاصلية واستعمال جنسيات أخرى بأنفسهم او بالاستعانة بمحامي وذلك ربحا للوقت في البقاء لأطول فترة ممكنة بصفة قانونية. كما يعتمد الكثيرين منهم ايداع مطالب في ولايات مختلفة، لتمديد فترة جمع وثائق الملف.
اللاجئون في ألمانيا
وعند رفض طلب اللجوء، ويصدر قرار أمر قضائي بمغادرة اللاجئ التراب الالماني، لا يصبح القرار ساريا الا في حالة وجود هوية أو وثيقة سفر تثبت جنسية الشخص المرفوض مطلب لجوؤه.
من جهتها، ذكرت صحف تونسية، أن العامري كان مفتشا عنه وملاحقا في تونس في جرائم حق عام ارتكبها بمحافظة القيروان (مسقط رأسه) وتورّط في السرقة والاعتداء بالعنف وبيع الخمر خلسة ومحكوم عليه غيابياً في قضية سرقة متصلة بالعنف تمت على الأراضي التونسية.
عدم تصنيف تونس والجزائر والمغرب كدول أمنة يعرقل إجراءات اللجوء
شهد محيط الكنيسة التذكارية في العاصمة الألمانية برلين، حيث قتل 12 وأصيب 48 في حادثة الدهس، مظاهرتين متعارضتين، مساء أمس الأربعاء، الأولى مناهضة للاجئين، والأخرى مدافعة عنهم، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول التركية.
واستغلت أحزاب اليمين المتطرف، حادثة برلين، لتجديد مطالبتها ترحيل اللاجئين وتوجيه اللانتقادات اللاذعة لسياسة ألمانيا التي توصف بالسخية في استقبال المهاجرين.
يعيق حزب الخضر اتخاذ قرار إعلان تونس على أنها “موطن آمن” في مجلس الولايات “بوندسرات“
من جهته، اتهم فولفجانج بوسباخ، عضو الحزب المسيحي الديمقراطي (حزب ميركل)، في تصريحات خاصة لبرنامج “مورجن ماجازين” بالقناة الثانية الألمانية “زد دي إف”، شريكهم في الائتلاف الحاكم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالحيلولة دون تأسيس ما يسمى بمراكز العبور على الحدود.
ويعرقل عدم تصنيف تونس والجزائر والمغرب كـ”دول أمنة”، عملية الإسراع من إجراءات اللجوء بالنسبة للمواطنين المنحدرين منها، ويعيق حزب الخضر اتخاذ قرار إعلان تونس على أنها “موطن آمن” في مجلس الولايات “بوندسرات”.
مظاهرات اليمين ضد سياسات ميركل
وسبق أن قالت فراوكه بيتري زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، في أغسطس الماضي، إن على برلين إرسال المهاجرين الذين يتم رفض طلبات لجوئهم والمهاجرين غير الشرعيين إلى جزر خارج أوروبا، وأضافت زعيمة الحزب الذي يمثل اليمين المتطرف، أنه يجب تحويل مكتب اللاجئين إلى مكتب للتهجير، حيث صرحت فراوكه بيتري قائلة: “سيتم نقل المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء الذين يتم رفض طلباتهم إلى جزيرتين خارج أوروبا تحت حماية الأمم المتحدة”، إلا أنها لم تحدد الجزيرتين اللتين قصدتهما.
وتعتبر حادثة الدهس ببرلين، أدمى هجوم على الأراضي الألمانية منذ 1980. ويماثل هجوم برلين ذلك الذي وقع في مدينة نيس الفرنسية، عشية الاحتفال باليوم الوطني الفرنسي، عندما صدم رجل مولود في تونس بشاحنة حشدا على ساحل البحر في مدينة نيس الفرنسية فقتل 86 شخصًا.