تعتزم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، عقد لقاء بمقرها مع مراسلي وسائل الإعلامية الأجنبية العاملة بتونس، ظهر اليوم، لمناقشة التضييقات التي يتعرض لها الصحفيون في تونس، عقب تمكن صحفي من القناة العاشرة العبرية، من تصوير تقرير تلفزيوني أمام بيت المهندس محمد الزواري الذي اغتيل مؤخرًا بمحافظة صفاقس، وكذلك أمام وزارة الداخلية التونسية وسط العاصمة تونس.
تضييقات قالت عنها نقابة الصحفيين التونسيين إنّ وزارة الداخلية تسعى من خلالها إلى التغطية على الإخفاق الأمني المتعلق باغتيال الزواري واستباحة صحفي إسرائيلي للسيادة الوطنيّة، والتحجج بالتحديات الأمنية لضرب حقّ الصحفيين في ممارسة عملهم بكل حريةّ، ومنع التونسيات والتونسيين من الحصول على معلومات دقيقة وذات مصداقيّة.
جدير بالذكر منعت قوات الأمن التونسية إحدى الصحفيات التونسيات العاملة في وكالة تونس أفريقيا للأنباء، الثلاثاء، من تغطية حراك احتجاجي ببنقردان (جنوب)، وطالبتها بترخيص في الصدد رغم استظهارها لكل وثائقها المهنيّة. كما تمّ منع صحفي أخر من التصوير بأحد ساحات العاصمة. ومنع آخر من التوجه لبيت أنيس العامري المشتبه به في هجوم برلين.
تعد حرية التعبير أبرز وأهم ما كسبناه من الثورة التونسية ولا يمكن التراجع عنها ولا يمكن ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات
تضييقات أمنية لعمل الصحفيين تأتي في ظل احتفال تونس بالذكرى السادسة للثورة، التي كان أبرز مطالبها “حرية التعبير”. في هذا الشأن تقول يسرى وناّس، صحفية تونسية في إحدى وكالات الأنباء الأجنبية، لنون بوست، ” تعد حرية التعبير أبرزوأهم ما كسبناه من الثورة التونسية ولا يمكن التراجع عنها ولا يمكن ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات.” وأضافت، “ما نراه اليوم من تضييق على عمل الصحفي الميداني ورقابة يمارسها أعوان الأمن أمر غير مقبول بالمرة، فمن غير المعقول أن تغطي السلطات وتحديدا وزارة الداخلية فشلها فيما يتعلق بدخول صحفي القناة العاشرة الإسرائيلي إلى تونس إبان حادثة اغتيال الزّواري بممارسة رقابة على مختلف وسائل الإعلام وسيما الأجنبيّة وبالتالي يمكن القول أننا اليوم أمام اختبار حقيقي من أجل الحفاظ على حق الصحفي في ممارسة عمله دون ضغوط نحن أقمنا قطيعة مع الممارسات الإعلامية في ظل النظام السابق ولن نعود إليها أبدا واليوم نحن في حاجة إلى ان يتضامن كل الصحفيين ونتوحد من اجل الحفاظ على حقوقنا.
صحفي القناة العبرية العاشرة، يقوم بتقرير صحفي أمام بيت الشهيد محمد الزواري
عقب تمكن صحفي القناة العاشرة العبرية، من تصوير تقرير تلفزيوني أمام بيت الشهيد محمد الزواري بمحافظة صفاقس وأمام وزارة الداخلية التونسية وسط العاصمة تونس، قررت الحكومة التونسية تنظيم عمل شركات الانتاج التليفزيوني التي تتولى انتاج المواد التلفزية والإخبارية وغيرها لفائدة القنوات الأجنبية.
خولة بن قياس، صحفية في قناة تونسية خاصة، رأت في حديثها مع نون بوست، أن واقع الصحافة والإعلام في تونس لم ينفك يؤرق أهل هذا القطاع خاصة الشباب منهم حديثي التجربة من بعد الثورة. وقالت في هذا الشأن، “الحرية التي منحتها لنا الثورة مهددة .. الكل خائف ربما اليوم لن نتمكن من حمل الكاميرا والتجول في شوارع العاصمة وربما أيضا لن نتمكن من كتابات مقالات في مواقعنا الخاصة أو مواقع اخبارية نعمل بها.” وتابعت، “اليوم لا نريد دولة البوليس الذي يسلط عصاه على الصحفيين تحت أي تعلات، نريد دولة نساهم في بنائها ننقل همومها وتحمينا أكيد لا مجال لزعزعة أمنها القومي لكن لا تجعلوه ذريعة لسلب حرياتنا.”
النقابة حمّلت، في بيان لها، وزير الداخليّة “مسؤوليّة تواصل مثل هذه الممارسات المهينة للمهنة الصحفية وللصحفيين رغم النداءات المتكررة بضرورة احترام القوانين والإجراءات المنظمة للمهنة وخاصة المتعلق منها بالتراخيص والاعتمادات، والالتزام بكل التعهدات التي حصلت أثناء دورات تدريبية وندوات نظمتها النقابة بالشراكة مع وزارة الداخلية.” وينصّ الفصل 31 من الدّستور التونسي على أن “حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة”
مسألة الترخيص بالتصوير، مسألة تؤرق الصحفيين التونسيين، وكثيرا ما يتخذها أعوان الأمن ذريعة للاعتداء على الصحفيين
هذه الاعتداءات المتكررة، جاءت بالتزامن مع إيقاف شاب تونسي بتهمة التحريض على رئيس الجمهورية بعد نشره صورة كاريكاتورية في صفحته الخاصة على الفيسبوك، فسّرت على أنها تحريض على قتل الرئيس. وعلّق الصحفي إلياس بن صالح على هذه الحادثة، في تصريح لنون بوست، “يبدو أن هيبة الدولة التونسية لا نراها الا على الشعب وبالأخص الصحفيين”. وتمر اليوم على تونس، سنتين من تقلّد الباجي قائد السبسي، منصب رئاسة الجمهورية.
مسألة الترخيص بالتصوير، مسألة تؤرق الصحفيين التونسيين، وكثيرا ما يتخذها أعوان الأمن ذريعة للاعتداء على الصحفيين. في هذا السياق، قالت الصحفية التونسية مريم الناصري، لنون بوست، “رغم تأكيد وزارة الداخلية أن عمل الصحفيين لا يستحق ترخيص، بل الاستظهار فقط بالبطاقة المهنية، إلا أن الواقع عكس ذلك. فأغلبنا يطالب بترخيص كلما حاولنا تصوير احتجاج. بدليل منع بعض الصحفيين منذ أيام من تغطية الاعتصام الذي ينفذه أهالي بن قردان. لا سيما منهم من يعملون كصحفيين مستقلين ويجدون صعوبة في الحصول على ترخيص من قبل رئاسة الحكومة أو وزارة الداخلية اللتان عادة تقبلان مطالب الترخيص بالتصوير من قبل المؤسسات الإعلامية ولا تعطيها للصحفي بصفته الشخصية.” وأكّدت مريم تعرضها لعديد الاعتداءات خلال السنوات الأخيرة، من ذلك السب أو الاعتداء والمنع من التصوير من قبل الوحدات الأمنية خلال تغطية بعض التحركات.”
احتجاجت للصحفيين التونسيين أمام مقر نقابتهم
وأضافت الناصري، “رغم مرور ستة سنوات على الثورة لكن الصحفيين مازالوا يتعرضون إلى عديد التضييقات الأمنية، خاصة صحفيو الميدان الذين يتواجدون في الصفوف الأمامية لتغطية الوقفات الاحتجاجية والتحركات الاجتماعية في جميع الجهات. فالجهاز الأمنيّ الذّي كان الأداة الرئيسيّة في يد بن عليّ لفرض سلطته، لم يغيّر من عقيدته في التعامل مع المجتمع المدنيّ والمواطن التونسيّ والصحفي على حد السواء.
جدير بالذكر تحتل تونس المرتبة الأولى عربيًا في مجال حرية الصحافة، حسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” لسنة 2016.