بعد إعلان رئاسة الأركان السورية سيطرتها على حلب بشكل كامل إبان خروج جميع المسلحين من آخر الأحياء المحاصرة، أصبحت حلب تحت سيطرة جيش النظام السوري، وأعلن قيادة الجيش في بيان أن تحرير المدينة يشكل تحولًا استراتيجيًا ومنعطفًا مهمًا في الحرب على الإرهاب من جهة وضربة قاصمة للمشروع الإرهابي وداعميه من جهة أخرى. وأضاف البيان أن تحرير المدينة يؤسس لانظلاق مرحلة جديدة لدحر الإرهاب من جميع الأراضي السورية.
سوى أن جهة أخرى غير النظام السوري بدأت عمليًا بالاحتفاء بعملية التحرير من خلال خطوات عملية لتوطيد مكاسبها على الأرض هناك.
روسيا تنشر كتيبة شرطة في حلب
أصدر الرئيس الروسي فلادمير بوتين أمس الجمعة أوامره لتعزيز السيطرة على حلب وتثبيت مكاسبه في سوريا من خلال تحويل منشآتها البحرية المستأجرة في طرطوس على الساحل السوري إلى قاعدة عسكرية دائمة تضاف إلى قاعدتها الجوية في حميميم في محافظة اللاذقية.
يأتي هذا القرار بعد توقيع اتفاقية مع النظام السوري لإنشاء قاعدة عسكرية روسية دائمة في طرطوس وتوسيع نطاقها، قد تبلغ مدتها نحو 49 عامًا لتحل مكان ما كان يسمى “مركز الإمداد المادي والتقني” الروسي في طرطوس، وبعد صدور بيان الكرملين أمس الجمعة المتضمن قرارت الرئيس بوتين من المتوقع إحالتها إلى البرلمان الروسي للمصادقة على القرار كما حصل مع اتفاقيات مشابهة تم توقيعها مع النظام السوري، مثل قاعدة حميميم في اللاذقية عام 2015، واتفاقية أخرى لنشر مجموعة القوات الجوية الروسية في الأراضي السورية إلى أجل غير مسمى، ونشر صواريخ اس 300 واس 400 في طرطوس.
قاعدة طرطوس الروسية في سوريا
وذكر الكرملين أن توقيع الاتفاقية يؤدي إلى تنظيم المسائل المتعلقة بتوسيع أراضي ومنشآت الأسطول الروسي في مرفأ طرطوس وتطويرها وتحديث بناها التحتية وكذلك دخول سفن حربية روسية إلى المياه والموانئ السورية.
أما القرار الآخر فهو نشر كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية في حلب “المحررة” بهدف الحفاظ على الأمن حسب إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلا أن فحوى هذه الخطوة يأتي لتعزيز الحضور العسكري الروسي على الأرض لاقتران القرار السياسي في حلب بإجراءات عسكرية على الأرض.
ومن المقرر حسب محللين تطوير البنية التحتية في قاعدة طرطوس من خلال إنشاء بنية تحتية متكاملة سواءًا فيما يخص السفن والمرافئ وإضافة منظومة كاملة للتحكم ومنظومة للدفاع الجوي ومنظومة حراسة ودفاع، بالإضافة إلى نشر قوات برية في القاعدة.
إذ وصف مركز الإمداد بأنه غير مهيء لتحمل السفن الكبيرة فالميناء ليس عميقًا بما فه الكفاية ويفتقر لكثير من الإمكانات الفنية، حيث ترسو فيه السفن للتزود بالوقود والبضائع ويوجد فيه مبان للتخزين ومستودعات عائمة وباخرة صيانة ويعمل فيها نحو خمسين بحارًا روسيًا.
شرطة عسكرية روسية في سوريا
يُذكر أن القاعدة الروسية مصادق عليها في اتفاقية رسمية منذ العام 1971 أيام الاتحاد السوفييتي وتزود الأسطول الحربي السوفييتي سابقًا بالدعم الفني ومن ثم الروسي فيما بعد منذ العام 1977 إذ يعتبر مرفأ طرطوس نقطة الدعم الوحيدة لروسيا في البحر المتوسط.
قاعدة عسكرية أخرى في جبلة
كما أعلنت روسيا مؤخرًا عن نيتها إنشاء قاعدة عسكرية ثانية في مدينة جبلة الساحلية لتضاف إلى قاعدة طرطوس البحرية ومن المفترض أن تكون أحدث من قاعدة طرطوس، وتخدم القوات العسكرية الروسية وقوات النظام السوري.
إذ استلم الروس مؤخرًا من النظام السوري القاعدة العسكرية “اسطاموا الجوية للحوامات” الموجودة في ريف جبلة، وهي عبارة عن كتيبة للدبابات تقع شمال مطار حميميم بعدة كيلومترات وتم تجهيزها لتكون مطارًا في العام 2015 بعد دخول القوات الروسية إلى سوريا في سبتمبر/ أيلول 2015 ومن المقرر أن تنشر روسيا فيها مروحيات للتقليل من المروحيات الموجودة في مطار حميميم.
طائرة روسية في مطار حميميم العسكري
ومن خلال قواعدها العسكرية ومنظوماتها الصاروخية المنشورة بالإضافة إلى القوات البرية والاتفاقيات الرسمية الموقعة مع النظام السوري يتحقق لروسيا ما لم يكن يكن متاحًا لها في السنوات الماضية بتوسيع سيطرتها ونفوذها ليس على سوريا فحسب بل على البحر المتوسط بشكل عام وذلك بنشر سفن عسكرية تابعة لها في المنطقة، وكل ذلك على مرأى ومسمع من الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن جهة أخرى تحضر روسيا مع تركيا وإيران مناقشة مسألة التسوية في سوريا في لقاء محتمل في آستانا عاصمة كازخستان والبدء بخطوات عملية لوقف إطلاق الناء في كامل الأراضي السورية تمهيدًا لإطلاق عمليات مفاوضات سياسية بين النظام والمعارضة، على ضوء انتهاء عملية إخلاء المدنيين والمسلحين من حلب الشرقية.