ترجمة وتحرير نون بوست
لمعظم الوقت، ينسى “فيصل” (وقد تم تغيير اسمه حفاظا عليه) أن لديه طلقات خرطوش في رأسه، إلا أنه أحيانا يشعر بها أثناء لعبه كرة القدم وأحيانا أخرى لا يستطيع النوم بسببها، لكن الآن ومع احتمالية أن يتلوث موضع الإصابة بتلك الطلقات يخشى فيصل من الذهاب للحصول على العلاج الطبي.
“إذا ذهبت إلى المستشفى فأنا على يقين أنهم سيقبضون عليّ” يقول الشاب ابن الخامسة والعشرين في لهجة خافتة عندما التقينا في مقهى حي صغير في وقت متأخر من المساء.
فيصل كان خائفا للغاية، كان يحدق مرارا وتكرارا في زبائن المقهى، كما أنه فرك يديه بعصبية عندما مرت ناقلة جند مدرعة ورآها من موقعه، لكن كان هناك سبب وجيه لذلك الخوف، لقد سلمت المستشفيات العشرات من أنصار الإخوان المسلمين إلى الشرطة بعدما جاؤوا مصابين، وفيصل يحرص على أن يتجنب ذلك المصير.
لقد حاول صديقه الطبيب مساعدته واستطاع بالفعل إخراج ١٤ رصاصة من جسده لكن هناك المزيد في أماكن لا يستطيع الطبيب التعامل معها من عيادته البسيطة!
لقد أصيب فيصل أول مرة في فض اعتصام رابعة العدوية، وبعدها بشهرين أصيب مرة أخرى في المظاهرات التي صاحبت ذكرى حرب أكتوبر، عندما حاول مع مئات آخرين من الإخوان أن يشقوا طريقهم للوصول إلى ميدان التحرير، يوم قُتل أكثر من خمسين شخصا!
قابلت فيصل لأول مرة في حي من الأحياء راقية في القاهرة عندما كان يعتصم هو وآلاف آخرين من الإخوان، قبل وقت قليل من هجوم الأمن عليهم، بخلاف أكثر من ٧٠٠ من الإخوان المسلمين الذين قُتلوا في هذا اليوم، لم يمت فيصل وقتها، لكنه أصيب إصابات متعددة، من بينها رصاصة يقول أنها أطلقت من إحدى الشرفات السكنية المحيطة بالمنطقة، هرب فيصل الذي كان يترنح بسبب فقده الدم وصوت الرصاص ما زال يرن في أذنيه، كان يترنح في الشوارع الجانبية التي اختار أن يسلكها بعيدا عن كمائن الجيش، وعندما وصل أخيرا إلى منزله انهار نائما لأكثر من ١٨ ساعة.
وخوفا عليه، ورغم رفضها لمواقفه السياسية، إلا أن أسرته انتقلت به إلى مدينة ساحلية حيث ظل هناك لأسابيع يتعافى من جروحه، وعندما عاد، كان قد حلق لحيته وحرص على ارتداء ملابس ذات أكمام طويلة لإخفاء الجروح والأخاديد التي حفرها الرصاص والخرطوش في ذراعيه.
فيصل هو مجرد عنصر بسيط للغاية في “تحالف دعم الشرعية” الذي ينظم مظاهرات أسبوعية ضد الانقلاب، لم ينضم أبدا للإخوان المسلمين، وعندما قابلته لأول مرة في إبريل، لم يحمل هذا القدر من التعاطف مع الإخوان، قال لي حينها “مرسي شخص عديم الفائدة”، لكن الانقلاب العسكري المدعوم شعبيا غيّر موقفه ذلك.
يقول الآن “مرسي كان ديمقراطيا” لقد استخف الجميع بحكمه، عندما كان يقول ذلك كان يهمس حتى أنني كنت أحتاج أن أميل برأسي لأسمع ما يقول! “الجيش لديه السلاح، وقرر أن يحكم فجأة ذات صباح!”
لكن عندما سألته عن المسؤول عن حرق الكنائس، قفز إلى نظرية مؤامرة وقال إن “الأمن هو المسؤول عن ذلك” لقد حرقوا الكنائس لينظر الجميع إليها فيما يبدأون في قتلنا، لقد كانوا على وشك إبادتنا في مكان الاعتصام” مشيرا إلى أحداث حرق الكنائس التي بدأت مع فض رابعة العدوية.
فيصل ما زال يصر على الاستمرار “تحت المطر أو تحت الشمس الحارقة، سأستمر في التظاهر لإعادة رئيس بلادي”.