ترجمة حفصة جودة
يجب أن يكون عام 2017 العام الذي يشدد فيه المجتمع الدولي أخيرًا من لهجته والأهم من ذلك أفعاله، عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي، القضية معروفة وغير قابلة للجدل، فالاحتلال الإسرائيلي يخالف باستمرار حقوق الإنسان، وقوانينه وسياساته تتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى مختلف التزامات ومعاهدات القانون الإنساني الدولي.
ففيما يتعلق بقضية بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومع تعاقب حكومات الاحتلال الإسرائيلي المختلفة خلال 50 عامًا، ما زال بناء المستوطنات مستمرًا، الأمر الذي يشكل خرقًا خطيرًا لاتفاقيات جنيف، ويشكل نظامًا تمييزيًا بطبيعة الحال.
سيشهد العام القادم الذكرى الـ50 للحكم العسكري الإسرائيلي على ملايين الفلسطينيين عديمي الجنسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع مرور العام تلو العام، يشدد الاحتلال الإسرائيلي من قبضته على الأراضي المحتلة ولا يلين، وأصبح إنشاء دولة واحدة أمرًا واقعًا، تتشكل من خلال تشريعات فصل وتمييز عنصري.
أكثر من مجرد كلمات
لقد حان الوقت لخطابات جماعات حقوق الإنسان وصانعي السياسات أن تعكس هذا الواقع، فمع وصول الاحتلال الإسرائيلي لـ50 عامًا من احتلال الأراضي الفلسطينية، يصبح الأمر فرصة لجماعات مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية لترقية لهجتهم، والتي يمكن أن تتضمن قرارات لوصف سياسات الاحتلال الإسرائيلي المحظورة دوليًا فيما يتعلق بالتمييز والفصل العنصري.
خطوة كهذه تجسد الحقائق على الأرض وخطورة الجرائم التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي، يمكنها أن تلعب دورًا هامًا في حشد التأييد لحقوق الشعب الفلسطيني، وفضح هؤلاء الذين يواصلون تبرير السياسات الإسرائيلية ويقومون بحمايتها من المساءلة.
الأمر ليس مجرد لهجة، بل يجب أن يكون حاسمًا أكثر، فيجب أن يكون عام 2017 العام الذي تقوم فيه المنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني – وحتى الحكومات – بتشديد ممارساتها وتوصياتها السياسية ونهجها تجاه الاحتلال الإسرائيلي.
في العام المقبل يجب أن يكون هناك تركيزًا عاجلًا في الضغط على إسرائيل لإنهاء السياسات التمييزية وانتهاكات حقوق الإنسان، يجب أن يحل منطق الضغط محل منطق التهدئة، وتحل المساءلة محل الإفلات من العقاب، ويحل التضامن محل المشاركة في الجريمة.
يجب أن تنتهي التصرفات العبثية التي تقوم بها دول مثل الاتحاد الأوروبي والحكومات الغربية في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية باعتبارهما شريكان متكافئان في الأمور التي يجب أن يقوم بها كلا الجانبين، لقد أصبحت سياسة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي بحذر ولطف أو إجراء محادثات خاصة وعامة، سياسة مفلسة، وكذلك الأمر بالنسبة للتعبيرات المكررة للإعراب عن قلقهم.
نعم، الضغط من العوامل المؤثرة
هل يؤثر الضغط؟ بالطبع، فقد حقق تغييرًا في العديد من المواقف والسياقات الأخرى، كما حقق تأثيرًا صغيرًا في نطاق الاحتلال الإسرائيلي ذاته، ففي مقاله بشهر أكتوبر، أشار المحلل الإسرائيلي عكيفا إلدر إلى بعض الأمثلة التاريخية التي اضطرت فيها إسرائيل لإجراء بعض التغييرات نتيجة الضغوط الخارجية.
فقد كتب إلدر أنه في عام 1975 قام رئيس الوزراء إسحاق رابين بتوقيع اتفاقيات فصل القوات مع مصر وسوريا بعد أن هدد كسنجر (وزير الخارجية الأمريكية) بإعادة تقييم العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وفي عام 1991 وافق رئيس الوزراء إسحاق شامير على المشاركة في المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط بمدريد، نتيجة الضغوط التي قام بها الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب.
ويضيف إلدر، أنه مؤخرًا في عام 2009 كان الالتزام العام الذي أعلنه باراك أوباما في القاهرة لوضع حد للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، محفزًا لخطاب نتنياهو في جامعة بار إيلان بنفس العام، للموافقة على حل الدولتين.
في الحقيقة تتأثر إجراءات خطط بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي بشكل روتيني بالاستجابة الدولية المتوقعة، فيتم تعطيل خطط البناء والتخفيف من التشريعات المتطرفة أو وضعها على الرف.
لقد حان الوقت للضغط بشدة
بالطبع، مثل هذه الخطوات من جانب الاحتلال الإسرائيلي كانت متواضعة وسطحية، لكنها تعكس طبيعة الضغوط المتواضعة التي تمت ممارستها، لذا لنفكر فيما يمكن تحقيقه إذا كان هناك إرادة سياسية لممارسة ضغوطات ذات مغزى مثل القيام بشكل من أشكال العقوبات والحظر.
في عام 2013 كتب الصحفي الإسرائيلي نعوم شيزاف قائلاً: “حملات حقوق الإنسان وكفاحها من أجل حقوق الأقليات – خاصة الأقليات من أصحاب الأرض الأصليين مثل الفلسطينيين – تلقى دعمًا دوليًا، لأن الجماعة القائمة على السلطة لن تكون سعيدة أو مستعدة لمنح الآخرين حقوقهم”.
وأضاف شيزاف: “الاحتلال الإسرائيلي الذي طال مداه، ولا مبالاة الشعب الإسرائيلي تجاه الوضع الراهن، وتصورهم الذاتي بأنهم جزء من الديموقراطية الغربية، يخلق مبررًا إضافيًا لمحاولة تعبئة الرأي العام الدولي والمؤسسات الدولية لقضية إنهاء الاحتلال، رغم ما قد يسببه من غضب شديد بين الشعب الإسرائيلي”.
القيام بضغوط حقيقية تجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي أصبح واجبًا أخلاقيًا وضرورة استراتيجية، لذا لنأمل أن يتحمل العاملون في مجال حقوق الإنسان والحكومات الدولية مسؤولية هذا الأمر في العام المقبل.
المصدر: ميدل إيست آي