تعد أسواق عيد الميلاد في العالم العربي والأجنبي فرصة للتجار وأصحاب المتاجر لتعزيز مبيعاتهم ومضاعفتها عن باقي أشهر العام بسبب الإقبال الكبير للناس على شراء الملابس والمأكولات والهدايا والزينة، إلا أن العديد من الدول العربية ومن بينها لبنان ومصر في الوطن العربي وألمانيا في أوروبا تتعرض لاعتداءات وأزمات سياسية واقتصادية أثرت على أسواق الميلاد وأثارت مخاوف التجار هناك من عدم تحقيق العائد المتوقع في هذه الأيام.
ألمانيا تتعرض لضربة إرهابية في أسواق الميلاد
حسب إحصائيات اتحاد منظمة المعارض بألمانيا تؤكد أن ما يقرب من 85 مليون شخص يزورون سنويًا أسواق عيد الميلاد التي تقام خصيصًا في هذه الأيام بحثًا عن الترفيه والسلع والهدايا المتنوعة، فأقيم في العام 2013 نحو 1450 سوقًا لعيد الميلاد، حيث تحولت الأسواق مع مرور الزمن إلى مكان للاستهلاك، إذ تمثل فرصة لعرض جميع المنتجات ومن بينها الصناعات الحرفية التقليدية.
إلا أن الاعتداء الأخير الذي جرى في برلين استهدف إحدى تلك الأسواق، حيث اقتحمت شاحنة كبيرة سوق عيد الميلاد التقليدي بالقرب من إحدى الكنائس في قلب العاصمة برلين في 19 من ديمسبر الحاليّ، وقد أدى الحادث لدهس عدد كبير من الزوار والأكشاك الموجودة في السوق بعدما قطعت مسافة من 50 إلى 80 مترًا وسط السوق فقتلت 12 شخصًا وجرحت 48.
فالواضح أن الاعتداء استهدف توجيه ضربة لألمانيا في هذا المكان الحساس الذي يشهد في هذا التوقيت كثافة بشرية عالية من الوزار الذين يأتون للتسوق لمستلزمات العيد، وبعد الاعتداء كثفت الشرطة من وجودها في مختلف أسواق عيد الميلاد في عموم ألمانيا وشهدت ترتيبات أمنية مشددة.
أسواق الميلاد في ألمانيا
وانتقلت المخاوف أيضًا من برلين إلى العواصم والمدن الأوروبية فتم تشديد الحراسة على أسواق عيد الميلاد هناك ورفعت درجة التأهب خوفًا من تكرار سيناريو برلين في مدن أوروبية أخرى، ويذكر أن مدينة نيس الفرنسية شهدت حادثًا مشابهًا لحادثة الدهس أدت لمقتل 86 شخصًا في منتصف العام الحاليّ.
بالنسبة للاقتصاد الأمريكي فهو يعول بشكل كبير على عطلة عيد الميلاد لما لها من أهمية بالغة في تحريك الإنفاق الاستهلاكي في الأسواق التجارية وبالتالي تحفيز المصانع على الإنتاج وتوظيف المزيد من الأشخاص، فمن المتوقع أن يصرف الأمريكيون في عطلة أعياد الميلاد 700 دولار بمعدل وسطي على الهدايا والسلع مشكلة إجمالي 655 مليار دولار حسب تقديرات الاتحاد الفيدرالي للبيع بالتجزئة وموقع ستاتيستا.
ويذكر أنه في العام الماضي 2015 سجلت مبيعات التجزئة نحو 632 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصرف الأمريكيون على الزينة والأشجار والأضواء في عيد الميلاد ما يقرب من 6 مليار دولار في هذا العام، كما تشكل العطلة فرصة كبيرة لخلق فرص عمل في البلاد، ففي العام 2013 وظفت الأسواق في الولايات المتحدة 768 ألف شخص في عطلة أعياد الميلاد.
كيف يبدو عيد الميلاد في لبنان ومصر؟
يمر عيد الميلاد هذا العام على لبنان مختلفًا عن سلفه في الأعوام السابقة حيث كانت البلاد تمر بفراغ سياسي وانتكاسات وفوضى على الأصعدة كافة، فبينما استطاعت زينة عيد الميلاد في العام الماضي أن تجذب الناس لالتقاط الصور إلا أن الحركة في الأسواق كانت مخيبة وخجولة، في حين أن هذا العام يشهد إقبالًا متزايدًا على الشراء والتسوق لشراء الهدايا ومستلزمات الزينة.
وقد ربط محللون اقتصاديون الازدهار النسبي الحاصل حاليًا في لبنان إلى الاستقرار السياسي الناتج عن انتخاب عون رئيسًا للبلاد وتكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، وعودة زيارات مواطني دول الخليج للارتفاع بعد تحسن العلاقات الخليجية اللبنانية نسبيًا.
وقد بلغت الحجوزات في الفنادق نحو 90% في هذه الفترة رغم تراجع متوسط مدة الإقامة المتزامنة مع ليلة رأس السنة للسياح الخليجيين إلى 7 أيام مقارنة بنحو أسبوعين في الأعوام الماضية، حسبما أشار رئيس اتحاد المؤسسات السياحية ونقيب الفنادق بيار الأشقر، مضيفًا أن غالبية الحجوزات جاءت من السياح وليس من المغتربين، إذ زادت نسبة الإشغال عن نفس الفترة في العام الماضي التي لم تتجاوز الـ56% بحسب الإحصائيات المتاحة.
الاحتفال بعيد الميلاد في لبنان
وحسب أحد الخبراء فإن الأجواء تعد إيجابية وهناك احتمال لقرب حدوث ازدهار سياحي في لبنان، إذ من المتوقع أن يصل عدد السياح خلال العام الحالي إلى 1.55 مليون سائح بفضل انكشاف التداعيات الأخيرة عن البلاد، وتعد الذروة السياحية للبلاد في العام 2010 حيث استقبل لبنان نحو مليوني سائح.
في حين أن الوضع في مصر كان سيئًا، إذ شهدت أسواق بيع الملابس ركودًا تامًا رغم الاحتفالات بأعياد الميلاد، وذلك يعود إلى موجة الارتفاع في الأسعار التي تشهدها الأسواق المصرية الناجمة عن تعويم الجنيه، ومن جهة أخرى الحادث الأخير الذي حصل داخل الكنيسة البطرسية وأدى لمقتل 27 شخصًا.
وعن الغلاء الحاصل في أسواق الملابس تؤكد مواقع مصرية أن قطعة الملابس التي كان سعرها 500 جنيه بات سعرها 1200 جنيه أي ارتفاع بأكثر من الضعف وهناك سلع في الأسواق ارتفعت أسعارها بنسبة 150% عن العام السابق، وقد تأثرت حركة البيع والشراء بشكل كبير بسبب الارتفاع الكبير للدولار مقابل الجنيه.
أحد أسواق الملابس التجارية في مصر
وتعد حركة الاستيراد شبه متوقفة بسبب حالة عدم الاستقرار في أسعار الصرف، ومن جهة أخرى فإن المصانع المصرية شبه متوقفة عن إنتاج ملابس جيدة بأسعار منخفضة بسبب ارتفاع تكاليف استيراد المواد الخام من الخارج، كما طرح التجار كميات كبيرة من الملابس المستوردة المخزنة في المخازن بأسعار مرتفعة، ما سبب حالة من الركود العام في الأسواق.