ترجمة وتحرير نون بوست
نظرًا للأوضاع الحالية، فإن عبارة “نقطة تحول”، أصبحت مصطلحًا شائع الاستخدام، لكن من المرجح أن المؤرخين في المستقبل سيعتبرون سنة 2016 فعلاً، نقطة تحول في تاريخ السياسة العالمية، ولعل أول مفاجأة للمجتمع الدولي تتمثل في النصر الذي حققه ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفي المقابل، كان خبر هزيمة المرشحة هيلاري كلينتون صدمة تردد صداها في أنحاء العالم.
سيتسلم الملياردير دونالد ترامب، مهامه في البيت الأبيض بداية من 20 من كانون الثاني/ يناير 2017، ويعتبر الكثيرون أن هذا التاريخ سيكون يوم “الجمعة الأسود”، خوفًا من “ظاهرة ترامب”، التي قد تلحق ضررًا بالأمن الدولي وحماية البيئة وحقوق الإنسان، ضررًا لا يمكن إصلاحه، بينما يرى آخرون أن التغيير الذي سيطرأ في الإدارة الأمريكية، سيكون تغييرًا مرحبًا به، لكن من المؤكد أن السنة الجديدة ستكون سنة التغييرات الحاسمة والخطيرة.
وعلاوة على ذلك، فإن سنة 2016 كانت سنة حافلة بالآمال والخيبات لعدة أسباب منها الإيجابي ومنها السلبي، وعمومًا، احتدت طيلة هذه السنة المعارك ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق، حتى مع تعدد الهجمات الإرهابية التي شملت مختلف أنحاء العالم من نيس وصولاً إلى جاكرتا.
كما وقعت اتفاقية السلام في كولومبيا، ووضعت بذلك، حدًا لأطول تمرد شهده العالم، أما الاتحاد الأوروبي فقد وقع في حالة من عدم اليقين والارتباك، جراء التصويت في بريطانيا، وفي الأثناء، تمثل مسألة مصادقة أغلب الدول على اتفاق باريس، انفراجًا بشأن تغير المناخ.
الانتخابات والاستفتاءات
تضع وجهة نظر ترامب، المشجعة على سياسة العزلة السياسية والاقتصادية، مسألة العولمة تحت المجهر، مما يستوجب طرح العديد من التساؤلات عن إمكانية العودة إلى حقبة ما قبل سنة 1939، التي ازدهرت فيها القومية الاقتصادية، وما تفرضه من رسوم جمركية وحواجز تجارية وضوابط على حركة العمل ورأس المال، وما تقتضيه من انغلاق اقتصادي وفكري، ويأمل العديد من السياسيين أن يكون ترامب أكثر واقعية وبراغماتية، وأقل تمردًا.
لكن ترامب يصر على تحدي العديد من الكيانات الدولية، وإثارة تساؤلات عن جدوى المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة حلف شمال الأطلسي، كما يثير الشكوك بشأن أهمية التحالفات الاستراتيجية الرئيسية في آسيا، ولم يكتف بذلك، إذ أعرب مؤخرًا عن قلقه إزاء اتفاق باريس عن تغير المناخ، الذي سيعقد في شهر نيسان/ أبريل القادم.
إن إعلان ترامب عن الحرب التي سيشنها منفردًا لفائدة حكومات استبدادية والدعوة إلى التعذيب والاعتقال إلى أجل غير مسمى، دون محاكمة، إضافة إلى التنميط الديني والعنصرية ضد المهاجرين واللاجئين، كل هذه الخيارات من شأنها ـ في حالة تطبيقها ـ أن تهدد القوانين الدولية لحقوق الإنسان التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة منذ سنة 1945.
وتجدر الإشارة إلى أن عبد الفتاح السيسي الذي قاد الانقلاب العسكري في مصر، كان أول زعيم سياسي تحدث معه ترامب بعد فوزه في الانتخابات، ليطمئنه بأن مصر ستكون على قائمة أولوياته.
إن الرئيس الروسي بوتين يحاول إنشاء جسور التواصل بينه وبين نظيره الصيني شي جين بينغ، وسيضاعف هذا التحالف من قلق الغرب مع حلول سنة 2017
أما في المملكة المتحدة، فكانت نتائج استفتاء حزيران/ يونيو عن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي متقاربة جدًا وغير متوقعة، إذ صوت 52% من الشعب لصالح قرار المغادرة، بينما صوت 48% ضد الانسحاب.
جعل هذا المعطى، القوميين والشعبويين يماثلون بين ما حدث في المملكة المتحدة، وما سيحدث في الولايات المتحدة، لأن العوامل التي دفعت إلى ذلك تتمثل أساسًا في الغضب من تداعيات العولمة والهجرة على أجور الطبقة العاملة.
وإذا حدد جدول الحكومة البريطانية الزمني لسنة 2017، شهر آذار/ مارس لبداية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فمن المرجح أن تحقق المملكة المتحدة هذا الهدف، وتعلن رسميًا عن مغادرتها له، ومن المتوقع أن تكون المفاوضات بخصوص هذا الشأن صعبة نوعًا ما، لأن التركيز سيكون خاصة على حرية التنقل (وهو ما تريد بريطانيا الحد منه)، والحيلولة دون تقييد نفاذ المملكة المتحدة إلى الأسواق الموحدة (ولعل هذا ما تعارضه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي).
ومن المتوقع أن يُعمق انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من مشاكلها الاجتماعية، خاصة إذا تدنت قيمة الجنيه الإسترليني ما سيتسبب في غلاء المعيشة، بالإضافة، إلى أن الانقسامات السياسية داخل الاتحاد الأوروبي، ستزيد الأوضاع تعقيدًا بعد انسحاب المملكة.
أما بالنسبة لفرنسا، فستعقد الانتخابات الرئاسية في الربيع القادم، إذ من المتوقع أن تحقق المرشحة عن الجبهة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، نتائج جيدة، ومن جملة ما تريد لوبان تحقيقه، هو سحب فرنسا من منطقة اليورو وإنهاء علاقتها بالاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن يكون فرانسوا فيون، الكاثوليكي الثاتشري، الممثل لليمين المعتدل، منافسها الرئيسي في السباق الرئاسي، خاصة أن الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند، لن يترشح للانتخابات القادمة.
مارين لوبان وهي محاطة بمسانديها
أما في هولاندا، التي ستنعقد فيها الانتخابات العامة في آذار/ مارس القادم، فإنه من المرجح أن يخطو المرشح خيرت فيلدرز المناهض للإسلام، على نفس منوال لوبان، وأن يضع مخططه الخاص المتعلق بمغادرة الاتحاد الأوروبي.
أما بالنسبة لألمانيا، فستُنظم الانتخابات الاتحادية في أيلول/ سبتمبر القادم، وستترشح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لولاية رابعة على الرغم من المعارضة الشديدة التي ستلقاها من قبل الحزب المعارض لسياسة الهجرة، حزب البديل من أجل ألمانيا.
قد تعرقل حالة الشكّ السياسي، نسق عمل الاتحاد الأوروبي خلال سنة 2017، في الوقت الذي تواجه فيه الدول الأوربية تدفقًا قياسيًا لأعداد اللاجئين الوافدين عليها، فضلاً عن هشاشة منطقة اليورو وتنامي التهديدات الروسية وعدم الثقة في واشنطن، ويبدو أن فكرة الأوروبيين القديمة بشأن تسلم ميركل للمشعل من أوباما، في الدفاع عن الديمقراطيات الليبرالية، يبقى حلمًا شبه أسطوري.
الصراعات والإرهاب
على الرغم من محاولات الأمم المتحدة المتكررة لإرساء السلام في بؤر التوتر، فإن الحرب في سوريا قد امتدت أكثر من خمس سنوات بحلول سنة 2016، ومن المرجح أن تبلغ مرحلة الصراع الدموي الذي ستكون له عواقب وخيمة على جميع الأصعدة، وبخصوص الشأن السوري، يمكن القول إن التدخل العسكري الروسي في المنطقة قد خلق منعرجًا حاسمًا، إذ دفع بالمعارضة السورية المدعومة من قبل قوى الغرب إلى التراجع، وفي المقابل، ساعد نظام بشار الأسد على الصمود أكثر.
أصبح حصار شرق حلب رمزًا لمعاناة الشعب السوري ووحشية الحرب، إذ تعرض الأطفال للقتل والتشويه بطرق مختلفة، وتعرضت المستشفيات والمدارس للقصف، بينما توقفت إمدادات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بعد عملية قصف قافلة المساعدات.
وفي الأثناء، أبدت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا احتجاجًا دبلوماسيًا في مجلس الأمن الدولي، متهمة القوات الروسية والقادة المساندين للأسد بارتكاب جرائم حرب محتملة في حق السوريين، وهددت بفرض عقوبات جديدة، وفي نفس الوقت، تبدو الإدارة في موسكو غير مكترثة بتهديدات القوى الغربية.
وفي المقابل، تتهم روسيا المدعومة من طرف إيران، الغرب بدعم الإرهابيين والسعي إلى إرساء نظام سياسي غير شرعي، وبحلول نهاية هذه السنة، يبدو أن معركة حلب ستنتهي بإضعاف المعارضة المسلحة، ومن جهة أخرى، بدأت عملية إجلاء الجرحى في صفوف المدنيين وسط تقارير عن الفظائع المرتكبة في حق السوريين، بينما يدّعي الأسد وإيران “النصر”.
ومن المتوقع أن يُعمق انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من مشاكلها الاجتماعية، خاصة إذا تدنت قيمة الجنيه الإسترليني ما سيتسبب في غلاء المعيشة
وفي ظل هذه الأوضاع، ازدادت المخاوف بشأن الحرب الأهلية السورية التي قد ينجر عنها أو يحل محلها صراع جديد بين القوى الخارجية، من أجل السيطرة على الأراضي والموارد المتاحة في المنطقة.
أما في بقية دول الشرق الأوسط، فإن الوضع لا يقل سوءًا عن سوريا، ففي العراق، احتدمت معركة تحرير الموصل، وزادت المسألة تعقيدًا، أما في اليمن، فهناك جدل واسع في بريطانيا والولايات المتحدة بشأن مبيعات الأسلحة للمملكة العربية السعودية، التي تُعتبر المسؤول الأول عن سقوط العديد من القتلى في صفوف المدنيين إثر الغارات الجوية، أما في ليبيا، فقد ظهر تهديد جديد من قِبل تنظيم الدولة الذي يتخذ من سرت معقلاً له.
كان تنظيم الدولة أيضًا يمتلك عديد من النشاطات في أفغانستان، التي تعتبر من أعنف الجبهات التي حاربت فيها الولايات المتحدة الأمريكية، متحديًا بذلك حركة طالبان للسيطرة على المناطق الريفية، وبالإضافة إلى ذلك، لا زال يتمركز في أفغانستان أكثر من ثمانية ألف جندي أمريكي على الرغم من مغادرة قوات حلف شمال الأطلسي للمنطقة، فهل سيحاول ترامب إنهاء مشاكل المنطقة في سنة 2017، بعد محاولة أوباما سنة 2009 التي باءت بالفشل؟ أم سيلوذ بالفرار، ويترك الأفغانيين وحدهم في هذه الحرب الضروس؟
ووفقًا لتصريحات ترامب بشأن الحرب ضد الإرهاب، فقد أكد أن مكافحة تنظيم الدولة هي من بين أولوياته القصوى في الخارج، ومن بين الإجراءات التي اتخذها ترامب، نذكر أنه قام بتعيين مايكل فلين، وهو جنرال سابق حيادي تجاه مسألة الإسلاموفوبيا، ليشغل منصب مستشار الأمن القومي، لكن فكرة تكليف هذا المستشار بالقضاء على تنظيم الدولة تثير قلق المراقبين.
وبالتالي، من المرجح أن تركز القوات الأمريكية على استهداف تنظيم الدولة في معاقل “الخلافة” في جميع أنحاء الموصل والرقة التي حاصرت فيها القوات العراقية والكردية مقاتلي التنظيم، لكن على الرغم من كل ذلك، ما زال خطر تنظيم الدولة مستمرًا.
وتثير مسألة إعادة تمركز مقاتلي التنظيم وشق طريقه نحو أوروبا ضمن أعداد المهاجرين الغفيرة التي ستتوافد على أوروبا سنة 2017 الوكالات الأمنية الغربية، فقد هدد التنظيم بذلك في أكثر من مناسبة، وأكد عزمه على شن هجمات شبيهة بتلك التي حدثت في بروكسل في شهر آذار/ مارس الماضي، التي أدت إلى مقتل 32 شخصًا، ونيس في حزيران/ يوليو، التي ذهب ضحيتها 86 شخصًا، وعقب الإعلان عن فوز ترامب، احتفلت المواقع التابعة للتنظيم بهذا الخبر، وتوقعت زيادة في نسق التجنيد في صفوفها.
ونظرًا لهذا الاستقطاب، فإنه من المرجح أن يستمر انتشار التشدد والتطرف على النطاق العالمي، ففي نيجيريا مثلاً، يبدو أنه لا مجال لهزيمة بوكو حرام، على الرغم من إطلاق سراح العديد من الفتيات اللاتي أُختطفن سنة 2014.
أما في البلدان ذات الأغلبية المسلمة مثل باكستان وإندونيسيا وبنغلاديش، فالخطر الإرهابي ما زال قائمًا، وخير مثال على ذلك الهجوم الذي جد في تموز/ يوليو في دكا (بينغلاديش)، والذي راح ضحيته 20 رهينة إثر مهاجمة المتطرفين المحليين لأحد المطاعم، مستهدفين بذلك غير المسلمين والأجانب، أما الهجمة الثانية، فكانت في كويتا (باكستان) في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إذ لقي أكثر من 50 من الشرطة مصرعهم في مذبحة نُسبت إلى تنظيم الدولة.
الديمقراطية والطغاة
أما في سنة 2017، فسيحافظ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على لقب “غول الغرب” بامتياز، وعلى غرار سوريا، فإن القوات العسكرية الروسية تستهدف المناطق الواقعة على طول حدودها مع جمهوريات البلطيق، ولعل هذا ما تفعله في أوكرانيا، فروسيا تشن حملات تضليل وتحاول بسط نفوذها في المنطقة، ومن المتوقع أن تركز حربها الإلكترونية في أوروبا الشرقية.
ومن جهة أخرى، فإن إعراض ترامب عن انتقاد بوتين، قد يفضي إلى إمكانية دخول الولايات المتحدة وروسيا في نوع من التسوية السياسية الواقعية والعودة إلى مفهوم “مناطق النفوذ”، إلا أن هذا الاحتمال يقلق بشدة العديد من دول حلف شمال الأطلسي.
سيحافظ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على لقب “غول الغرب” بامتياز، وعلى غرار سوريا، فإن القوات العسكرية الروسية تستهدف المناطق الواقعة على طول حدودها مع جمهوريات البلطيق
كما زاد ترشيح ترامب لمالك شركة إكسون موبيل ريكس تيلرسون الموالي لبوتين، في منصب وزارة الخارجية من شدة توترهم، وإذا حاول ترامب “إعادة تعيين” عضو آخر موالٍ لروسيا، فمن المحتمل أن بوتين سينال ما يصبو إليه.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الرئيس الروسي بوتين يحاول إنشاء جسور التواصل بينه وبين نظيره الصيني شي جين بينغ، وسيضاعف هذا التحالف من قلق الغرب مع حلول سنة 2017، فلا يخفى عن الغرب أن شي جين بينغ سمح لروسيا بإجراء “مناورات” عسكرية في جميع أنحاء جزر بحر الصين الجنوبي المتنَازع عليها، ونظرًا لتوسع بكين في تلك المناطق بنسق متسارع، فإن ذلك يعتبر تحديًا لقرار الأمم المتحدة الصادر سنة 2016، والذي ينصّ على أن أنشطة الصين تعتبر غير قانونية.
وقد تمادى ترامب، حتى قبل توليه لمهامه الرئاسية رسميًا، في توجيه الانتقادات ضد الصين من خلال التحدث إلى رئيس تايوان، والتشكيك في سياسة التي تتبعها الصين، على الرغم من احترام الولايات المتحدة لسيادة بكين، وبعد تحفظ الإدارة في الصين في الرد على تصريحات ترامب، أعربت أخيرًا عن غضبها الشديد منه، لكن كانت هناك مخاوف من أن قضية تايوان قد تتصاعد عسكريًا في سنة 2017.
وبالنسبة للشأن الداخلي في الصين، فإن قمع بكين للديمقراطيين الذين يسعون إلى استقلال هونغ كونغ، يعكس ما يسميه المتابعون للشأن السياسي الصيني بالتصدع الكبير في الحقوق المدنية وحقوق الإنسان وحرية التعبير في الصين منذ ثورة ماو الثقافية.
وعلاوة على ذلك، فإن سياسة كوريا الشمالية النووية تزيد من حدة التوترات الإقليمية، ومن الممكن أن تعرف هذه الاضطرابات ذروتها سنة 2017، وتُعزى هذه المخاوف إلى التجربة النووية التي أجراها كيم جونغ أون تحت الأرض في أيلول/ سبتمبر الماضي، والتي تعتبر خامس أكبر تجربة نووية من نوعها شملت الصواريخ الباليستية ذات القدرة النووية.
أما في طوكيو، فهناك دعوات لإعادة التسلح النووي الياباني، فقد اقترح ترامب على كل من اليابان وكوريا الجنوبية أن تتزود بالرؤوس النووية، بالإضافة إلى أن إمكانية إلغائه لاتفاق إيران النووي تزيد من خطر سعي طهران لامتلاك أسلحة نووية، الذي قد ينجر عنه تسابق كل من إيران وإسرائيل نحو التسلح وتوليد مزيد من المشاحنات الإقليمية بينهما.
ترامب يصر على تحدي العديد من الكيانات الدولية، وإثارة تساؤلات عن جدوى المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة حلف شمال الأطلسي
وفيما يشبه ما يقوم به زعماء المافيا، طالب ترامب اليابان وكوريا الجنوبية بدفع المزيد من الأموال من أجل تركيز القواعد الأمريكية، وتشير كل هذه الشكوك إلى أن سنة 2017، ستكون سنة التشكيك في الجهود المبذولة لمنع انتشار الأسلحة النووي بامتياز.
لكن في ظل كل هذه التوترات، يبدو أن وضع الديمقراطية في جنوب شرق آسيا أفضل حالاً، إذ عززت حادثة وفاة ملك تايلاند بوميبول أدولياديج، المحادثات مع المجلس العسكري في بانكوك، أما في ميانمار، فالوضع أيضًا يبدو أفضل، أصبحت أون سان سو تشي، زعيمة المعارضة المخضرمة، الزعيمة الفعلية للبلاد، وستشرع في مهامها في الأمم المتحدة بداية من أيلول/ سبتمبر، لكن فشلها في إدانة قمع الأقلية المسلمة يعكس هشاشة موقفها.
وفي أمريكا اللاتينية، تراجع ما يسمى “بالمد الأحمر” من الحكومات اليسارية وسط الاضطرابات في فنزويلا عقب وفاة الرئيس هوغو تشافيز، كما شهد اليسار تراجعًا ملحوظًا في العديد من دول أمريكا اللاتينية كالأرجنتين وشيلي مرورا بالإكوادور، وصولاً إلى بوليفيا والبرازيل.
أما في إفريقيا، فقد أدى تسلم بوروندي لولاية ثالثة على التوالي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في رواندا، وفي أوغندا، مدد الرئيس يوري موسفني في فترة حكمه لتصبح رئاسة مدى الحياة بعد تلاعبه بنتائج الانتخابات، أما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فقد تم تأجيل الانتخابات الرئاسية، في حين تخلى رئيس غامبيا، يحيى جامع، عقب هزيمته الانتخابية، ثم رفض التنحي فيما بعد.
وبغض النظر عن المبالغة في تصوير العجز الديمقراطي في إفريقيا، فإن هذا لا ينفي وجود بعض الإنجازات، وفي تقرير نشر سنة 2016، أشار فريدوم هاوس إلى أن نيجيريا وليبيريا وساحل العاج تُعد من بين البلدان التي حققت قدرًا كبيرًا من التقدم في مجال الحقوق السياسية والحريات المدنية، كما أشاد بالإنجازات التي حققتها بتسوانا وغانا والرأس الأخضر وبنين، ومن المرجح أن يصبح ترامب مثالاً للديكتاتورية في الدول الإفريقية، كما هو الحال بالنسبة لرئيس الزيمبابوي.
المصدر: صحيفة الغارديان