اختتمت تونس، اليوم، مؤتمرها الوطني للشباب الذي انطلق أمس تحت شعار “مستقبل بلادنا في إيدين شبابنا”، وسط مقاطعة عديد من القوى الشبابية ومنظمات المجتمع المدني، بسبب ما قالوا عنها إنّها إسقاطات وإملاءات فوقية لمخرجات الحوار.
نحو استراتيجية وطنية للشباب.. تونس 2030
بعد أشهر طويلة من التحضيرات والندوات والورشات في مختلف أنحاء البلاد، حل ركب المئات من شباب تونس إلى عاصمة بلادهم للمشاركة في المؤتمر الوطني للشباب الذي تواصل ليومين وهدف إلى إشراك ممثلي الشباب في استراتيجية الاقتراح والتصور، لإنجاح المشروع الذي يرمي إلى إعادة الثقة بين الشباب ومحيطه السياسي والمجتمعي، حسب منظمي المؤتمر.
في ختام المؤتمر، قالت وزيرة الشباب والرياضة التونسية ماجدولين الشارني إن نتائج الحوار المجتمعي ستمثل ركيزة لصياغة رؤية وطنية للشباب بهدف إعداد استراتيجية وطنية للشباب.. تونس 2030، تقوم على العمل التشاركي مع جميع الفاعلين المهتمين بشؤون الشباب، والتنسيق بين مختلف القطاعات ذات العلاقة بالشأن الشبابي.
مشاركة رئيس الحكومة التونسية في أشغال مؤتمر الشباب
من جهته قال رئيس حكومة تونس إن شباب بلاده ليس المشكل بل الوضع الاقتصادي الذي تعيشه تونس هو المشكل، معتبرًا أن من بين الحلول الرهان على الشباب.
ويسعى القائمون على هذا المؤتمر إلى رفع نسبة اهتمام الشباب بالشأن العام، وأفاد محمد الجويلي المدير العام للمرصد الوطني للشباب أن 7% فقط من الشباب في تونس، يهتمون بالشأن العام وهو رقم ضعيف جدًا حسب تعليقه، ويرجع عديد من الخبراء عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية إلى غياب الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة والمعارضة وبالأحزاب السياسية.
يمثل الشباب في تونس نسبة 24% من العدد الإجمالي لسكان البلاد
وينصّ الفصل الثامن من الدستور التونسي على: “الشباب قوة فاعلة في بناء الوطن، تحرص الدولة على توفير الظروف الكفيلة بتنمية قدرات الشباب وتفعيل طاقاته وتعمل على تحمله المسؤولية وعلى توسيع إسهامه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية”، ويمثل الشباب في تونس 24% من العدد الإجمالي لسكان البلاد.
مسار الحوار
تحت شعار “الشباب قوة فاعلة في بناء الوطن”، انطلق مسار هذا المؤتمر بالأنشطة الوطنية الصيفية، بداية من 10 من يوليو 2016 وإلى 8 من سبتمبر الماضي، بمشاركة 100 ألف شاب تونسي من مناطق الجمهورية كافة، تلاه المسار البحثي الذي انطلق يوم 3 من أكتوبر الماضي إلى 10 من ديسمبر الحالي باعتماد عينة ممثلة لـ12022 عائلة (شمل البحث العائلة والشاب) موزعة على تراب الجمهورية.
مسار جاء بالتزامن مع مسار منابر الحوار المحلية والإقليمية، تحت شعار “شباب تونس 2030” وهاشتاغ “إيجا للحوار” من 1 من أكتوبر 2016 إلى 13 من نوفمبر، تم خلاله تنظيم 1250 منبر حوار محلي بمعدل 5 منابر بكل معتمدية في مختلف الفضاءات الشبابية من دور الشباب والثقافة ومعاهد ومؤسسات سجنية وإصلاحية وفضاءات عامة إضافة إلى شباب المهجر، وحضر هذه المنابر ما يزيد عن 40650 مشاركًا.
شهد المسار الافتراضي، مشاركة 22 ألف شاب عبر الموقع الخاص بالمؤتمر الوطني للشباب، حسب منظمي المؤتمر
إلى جانب هذه المسارات عرفت التحضيرات للمؤتمر المسار الإعلامي الذي امتدّ من 15 من أكتوبر إلى 13 من نوفمبر 2016، تم خلاله إنتاج وإعداد ما يقارب 1200 حصة إذاعية بإذاعات الواب بالمؤسسات الشبابية في شكل منتديات حوارية وإنتاج حصتين تلفزيونيتين بالتعاون مع bbc média action للبث عبر الوطنية الثانية، بالإضافة إلى المسار الافتراضي الذي شهد مشاركة 22 ألف شاب عبر الموقع الخاص بالمؤتمر الوطني للشباب، حسب منظمي المؤتمر.
مسارات، رافقتها خطّة اتصالية ضعيفة حسب أحد المشاركين فيها، يدعى فارس التارزي، الذي قال لنون بوست: “رغم عمق المضامين المطروحة ونجاعة المقاربة التشاركية المعتمدة التي حفّزت الشباب على الإبداع واقتراح حلول ابتكارية فقد لاحظنا ضعفًا في الخطة الاتصالية للجهات المنظمة”.
مؤتمر ثانٍ للشباب من تنظيم المقاطعين
مع انتهاء أشغال هذا المؤتمر، تستعدّ قوى شبابية ومنظمات مدنية مقاطعة، تنظيم مؤتمر ثانٍ للشباب بعد غد الجمعة، تحت شعار “المؤتمر الحقيقي للشباب #إيجا_إنت” ، نتيجة لما وصفوه بتجاهل الدولة لمشاكل الشباب الحقيقية وعدم إشراكهم في مخرجات الحوار الذي تبنته الدولة، ويقول مقاطعو الحوار إنّ صياغة محاور الحوار المجتمعي لشؤون الشباب وقضاياه كانت بطريقة مسقطة وفوقية.

يحاول المشاركون في هذه المؤتمرات إيجاد حلول لمشاكل الشباب
منظمات “فني رغمًا عني” و”راج تونس” و”أنا يقظ”، أعلنوا، في وقت سابق، مقاطعتهم للحوار الوطني للشباب بعد متابعتهم عن كثب لسير الحوار الوطني للشباب وكل التجاذبات التي رافقته بين مؤسستي رئاسة الجمهورية والحكومة، حسب بيان مشترك لهم.
الشابة نهى الحجلاوي، عبّرت، بدورها عن مساندتها هذا المؤتمر، وكتبت تغريدة على تويتر، جاء فيها، #إيجا_إنت نساند حوار الشباب الحقيقي المقترح من طرف شباب المجتمع المدني.
#ايجا_انت نساند حوار الشباب الحقيقي المقترح من طرف شباب المجتمع المدني pic.twitter.com/sJZzALgj9T
— Hajlaoui Nouha نهى (@nouha_hajlaoui) December 12, 2016
قبل موعد انطلاق هذا المؤتمر، احتضنت عديد المحافظات في تونس، حلقات نقاش شبابية لبحث مشاكل الشباب في تونس، تزامن مع إعلان القائمين على هذا المؤتمر، الأربعاء 21 من ديسمبر 2016 كيوم وطني للحوار بين الشباب.
ويوكّد بعض الشباب المشارك في هذه الفعاليات على أهمية نشاطهم، في ظل ما وصفوه بتقصير الدولة في معالجة مشاكلهم، وكتبت فتاة تدعى إيمان نفّاتي، تدوينة في موقعها على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك قائلة: “لكم مؤتمركم ولنا مؤتمرنا”.
من جهتها قالت الناشطة في المجتمع المدني ياسمين والي، لنون بوست: “الحوار الذي دعا إليه السبسي (رئيس تونس) هو حوار سياسي بحت لا يخدم الشباب ولا يعطي حلول تفيدهم، أطلقه رئيس الجمهورية لمجرد ترضيات وباتفاقات سياسية”، وتابعت “لم يتم الإعلام اللازم ولا إشراك الشباب وبالتالي مؤتمر صوري لن يعطي نتيجة”.
ويعاني الشباب في تونس من مشاكل عدّة منها البطالة التي تجاوزت 15.5% هذه السنة، وتدنّي المستوى التعليمي في البلاد وعدم ملاءمته مع سوق الشّغل، وانسداد الأفق أمامه، إلى جانب انتشار إدمان المخدرات في صفوف هذه الفئة العمرية وارتفاع عدد المساجين من الشباب بتهم استهلاك وترويج المخدرات.