اقترحت تركيا وروسيا توقيع أطراف الأزمة السورية على اتفاق لوقف إطلاق النار يشمل كافة الأنحاء السورية بحسب ما صرحت أنقرة، فيما أكدت موسكو أنها تأمل في تنظيم محادثات للسلام بين أطراف الصراع في كازاخستان الشهر المقبل.
وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، التقارير التي تناقلتها وسائل إعلام تركية وأفادت بأن أنقرة وموسكو وافقتا على اقتراح يفضي إلى وقف لإطلاق النار في أنحاء سوريا كافة، حيث قالت وكالة الأناضول التركية إن الاتفاق سيبدأ تنفيذه منتصف الليل بحسب التوقيت المحلي.
وتابعت الوكالة أن الخطة تشمل توسيع نطاق وقف إطلاق النار الساري في حلب ليشمل كل أنحاء البلاد إلا أنها تستثني ما أسمتها “المجموعات الإرهابية”، مضيفة إن الخطة وفي حال نجاحها ستشكل أساسًا لمفاوضات سياسية بين النظام السوري والمعارضة، تلك المفاوضات التي تريد موسكو وأنقرة تنظيمها في أستانة العاصمة الكازاخستانية.
ومع تضارب الأنباء بشأن حقيقة التوصل نهائيًا لهذا الاتفاق، رفض متحدث باسم الكرملين الروسي تأكيد أو نفي الخبر، بينما لا تزال وسائل الإعلام التركية تؤكد أن أنقرة وموسكو ستبذلان جهودًا حثيثة ليدخل وقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة السورية المسلحة حيز التنفيذ.
غموض يكتنف المفاوضات
هذا وتؤكد مصادر مختلفة عزم تركيا وروسيا عقد اجتماع غدًا الخميس بين ممثلين عن المعارضة السورية المسلحة وعسكريين روس وأتراك، لبحث تطبيق الوقف الشامل لإطلاق النار في سوريا، مما يعد خطوة في طريق الترتيب لاجتماعات أستانة، بينما يؤكد البعض الآخر أن ثمة اجتماعات عُقدت منذ أيام بين هذه الأطراف ولكن لم يعلن عنها.
مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا، ستيفان دي ميستورا، أيد الجهود التي تبذلها موسكو وأنقرة وطهران من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا
المفاوضات التي حدثت في الأيام الماضية تعثرت بسبب طلب الجانب الروسي استثناء الغوطة الشرقية من الهدنة المقترحة، وكذلك طلبه التعريف بمواقع جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، وهو ما رفضته المعارضة السورية المسلحة التي لا زال بعضها ينفي إلى الآن التوصل لاتفاق نهائي برعاية تركية روسية.
ولا زالت الأنباء حتى اللحظة مضطربة بين إعلان موافقة الفصائل المعارضة المسلحة على هذه الهدنة التي ترعاها تركيا وروسيا، وبين أنباء أخرى تشير إلى أن الفصائل لم تستلم حتى الآن مسودة هذا الاتفاق، وهو الأمر الذي قد يُشير إلى وجود انقسام بين الفصائل المعارضة بشأن الاتفاق.
معضلة بقاء الأسد
تشكل مسألة مصير الرئيس السوري بشار الأسد بعد هذا الاتفاق معضلة بين أطراف الأزمة والأطراف الدولية أيضًا حيث وجهة النظر التركية المختلفة مع الرؤية الروسية الإيرانية بشأن الأسد، ولكن بعد التقارب التركي الروسي مؤخرًا، يبدو أنه تم إيجاد صيغة وسط بين الطرفين فيما يخص وضع الأسد في المرحلة الانتقالية، وما يبدو أيضًا أن إيران لم تكن جزءًا من هذه الصيغة، لم توافق عليها، حيث تغرد تصريحاتها الرسمية بعيدًا عن روسيا وتركيا بشأن ضرورة بقاء الأسد واعتباره “خط أحمر”.
فيما أعاد جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي تأكيد موقف بلاده الذي تتبناه منذ فترة، بشأن استحالة أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد جزءًا من أي تحول سياسي، وهو ما قد يشير إلى تقارب روسي تركي في هذه المعضلة الشائكة بدون إيران، بعد مباحثات منذ فترة عقدت للتوصل إلى حل للصراع السوري.
استبعاد لأطراف
غابت أطراف عدة رئيسية في هذه المباحثات التركية الروسية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الأمم المتحدة رغم أن وزارة الخارجية الروسية أكدت سابقًا إن مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا، ستيفان دي ميستورا، أيد الجهود التي تبذلها موسكو وأنقرة وطهران من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، والترتيب لمفاوضات جديدة للسلام في كازاخستان.
وبالرغم من أن الترتيبات الخاصة بعقد المفاوضات المزمعة مازالت غير واضحة، فإن موسكو قالت إنها ستعقد في كازاخستان. ولكن الولايات المتحدة لن تشارك فيها، وفي وقت لاحق قالت وزارة الخارجية الروسية، إن لافروف بحث مع نظيره الأمريكي هاتفيا خطة للسلام في سوريا، دون الخوض في أي تفاصيل.
كما صرحت إيران على لسان وزير الدفاع حسين دهقان في مقابلة مع تلفزيون “روسيا اليوم”، إنه يجب عدم السماح بمشاركة السعودية في عملية السلام السورية القادمة، وهو ما يعني وجود إرادة لاستبعاد أطراف كانت رئيسية في المفاوضات السابقة، وهنا ستجدر الإشارة إلى انتصار لوجهة النظر الروسية الإيرانية في سوريا، بعد التفاوض مع تركيا حول ضرورة التوصل لحل سياسي، ولكن لا يُعلم حتى الآن ما إذا كانت تركيا ستوافق على استبعاد السعودية وقطر أم لا من المفاوضات القادمة، الأمر الذي قد ينعكس على استجابة بعض أطراف المعارضة السورية المسلحة المدعومة من الرياض والدوحة لهذا الاتفاق التركي الروسي.
جدير بالذكر أن المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب أكد إن المعارضة السورية مستعدة لهدنة ومفاوضات بشأن الانتقال السياسي على أن تعقد في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
صرحت إيران على لسان وزير الدفاع حسين دهقان في مقابلة مع تلفزيون “روسيا اليوم”، إنه يجب عدم السماح بمشاركة السعودية في عملية السلام السورية القادمة
وعبر حجاب عن دعمه جهود الأشقاء والأصدقاء لحقن الدم السوري من خلال إبرام اتفاق هدنة وتحقيق بنود القرارات الأممية ذات الصلة، كما رحب بالتحولات في مواقف بعض القوى الدولية، والجهود التي قد تمثل انطلاقة للتوصل إلى اتفاق يجلب الأمن عبر تنفيذ مضامين بيان “جنيف1” والقرارات الأممية ذات الصلة.
بالرغم من أن الترتيبات الخاصة بعقد المفاوضات المزمعة مازالت غير واضحة، فإن موسكو قالت إنها ستعقد في كازاخستان. ولكن الولايات المتحدة لن تشارك فيها
ويقول حجاب إن المعارضة غير معنية بأي صفقات خارجية تتم بمنأى عنها، وإنها لم تتلق دعوة لحضور المفاوضات التي يجري التداول بشأنها حتى الآن، في إشارة إلى المفاوضات التي قالت روسيا إنها ستعقد في أستانة عاصمة كزاخستان.
وكشف عن اتصال مستمر مع فصائل الثورة، وحثها على الإيجابية والتعاون مع الجهود الإقليمية المخلصة للتوصل إلى اتفاق هدنة لحقن الدم.