ربما تكون سنة 2016 سنة صعبة للعديد من الأسباب، ولكنها كانت سنة الإنجازات العظيمة أيضًا، على الأقل على الصعيد العلمي، ونلخص هنا 19 اكتشافًا إيجابيًا حدث هذا العام، غيّروا مستقبل البحث والتطوير إلى الأبد.
1- الاستنساخ لا يسبب مشاكل صحية على المدى الطويل
نجح المستنسخون الجينيون الأربعة عن النعجة (دوللي) – التي تعتبر الحيوان الثدي الأول الذي يتم استنساخه في التاريخ – بأن يكبروا جميعًا بصحة جيدة، وقد كان هذا مثيرًا للاهتمام بشكل خاص خاصة بعد أن كانت دوللي قد عانت من التهاب المفاصل التنكسية، ولكن الحيوانات الأربعة المستنسخة “ديبي”، “دينيس”، “ديانا”، “ديزي” لم يظهروا سوى علامات خفيفة من المرض، وقد ساعدت نتائج هذه الدراسة على تهدئة المخاوف من أن الحيوانات المستنسخة عادة ما تشيخ بمعدل أسرع من الحيوانات التي ولدت بشكل طبيعي.
2- استخدام الواقع الافتراضي والتدريب الدماغي لمساعدة المرضى المصابين بالشلل النصفي ليستطيعوا السير مرة أخرى على أقدامهم
تم استخدام الواقع الافتراضي وواجهات الدماغ الآلية (BMI) في الدراسة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الشلل على استعادة أحاسيسهم باللمس وبعض السيطرة الطوعية على عضلات أرجلهم، وكانت الدراسة التي استمرت لمدة سنة واحدة واحدة من أوائل التجارب التي يتم إجراؤها لمعرفة الآثار طويلة المدى التي يعكسها التدريب باستخدام التكنولوجيا على ذوي الإصابات المزمنة، وقد شهد المرضى الثمانية الذين كانوا مشاركين في التجربة تحسنًا في القدرة على الشعور بالأحاسيس التي تأتي من الجلد مثل اللمس والضغط والبرد والدفء والألم.
3- اكتشاف احتياطي ضخم للهليوم تحت الأرض في تنزانيا
تم اكتشاف احتياطي هائل تحت الأرض من غاز الهيليوم من قبل العلماء في وادي ريفت التنزاني، ويعتبر هذا الغاز من الأمور الحيوية لاستخدامه في التصوير بالرنين المغناطيسي ومعدات اللحام والمفاعلات النووية، والجدير بالذكر أنه في عام 2010 كانت مجموعة من علماء الفيزياء الحائزين على جائزة نوبل قد حذرت من أن الإمدادات العالمية من هذا الغاز قد تنفد خلال 30 عامًا، ولكن بفضل اكتشاف حقل الغاز هذا، فإن ذلك يمكن أن يؤخر مخاوف نفاد الغاز، حيث أشارت التقديرات إلى أن جزءًا واحدًا فقط من الحقل يحتوي على 54 مليار قدم مكعب من الهيليوم، وهذا يعادل أكثر من ستة أضعاف الاستهلاك السنوي العالمي.
4- الموافقة على إجراء أول تجربة تعديل جيني باستخدام الكريسبر على البشري
أصبحت تكنولوجيا التعديل الجيني باستخدام الكريسبر أقرب بخطوة واحدة لتجربتها على البشر، وذلك بعد أن حصلت دراسة من جامعة بنسلفانيا على الموافقة الأخلاقية من اللجنة الاستشارية لإعادة تركيب الحمض النووي في حكومة الولايات المتحدة، حيث ستقوم الدراسة الصغيرة بزيادة عدد الخلايا، بهدف إيجاد وسيلة لعلاج السرطان، ولكن العلماء سيستخدمونها في هذه التجربة لمعرفة ما إذا كان الكريسبر آمنًا على البشر بدلًا من أن تستخدم كعلاج فعلي، وفي حال نجاحها، فإن الدراسة ستفتح الباب لاستخدام الكريسبر كعلاج للسرطان وأمراض أخرى.
5- اكتشاف أبعد أوكسجين في الكون على الإطلاق
استطاع العلماء التقاط صورة تدل على وجود الأوكسجين الأبعد في الكون باستخدام مصفوفة مرصد أتاكاما الملليمتري الكبير(ALMA)، وقد اكتشف علماء الفلك “إشارة واضحة” لوجود الأكسجين في مجرةSXDF-NB1006-2 التي تقع على بعد 13.1 مليار سنة ضوئية عنا – أبعد أوكسجين مكتشف على الإطلاق – ويعتبر هذا الاكتشاف خطوة أساسية لفهم التاريخ المبكر للكون، وكيفية تشكل النجوم الأولى فيه.
6- الخوارزمية التي يمكنها التنبؤ بوقت حدوث التسونامي
استطاع العلماء ابتكار خوارزمية يمكنها أن تساعد في إعطاء المدن الساحلية إنذارًا مبكرًا لحدوث التسونامي، فمن خلال دراسة الصفائح التكتونية في اليابان، استطاع الباحثون في الجامعة الوطنية الأسترالية تطوير نظام يمكنه محاكاة تحركات التسونامي النموذجية لتحديد مستوى التهديد الذي يشكله، وبمجرد تحديد العلماء لمصدر التسونامي، فإنه سيكون بإمكانهم استخدام الخوارزمية للخروج بتوقعات أفضل عما سيحدث بمجرد وصول الموجات إلى الشاطئ.
7- اكتشاف 1284 كوكبًا خارج النظام الشمسي
اكتشفت ناسا 1284 كوكبًا خارج النظام الشمسي هذا العام، 550 منها يمكن أن تكون كواكب صخرية مشابهة لكوكب الأرض، واكتشف فريق من علماء الفلك الكواكب باستخدام بيانات من تلسكوب الفضاء كبلر، والجدير بالذكر أن تسعة على الأقل من هذه الكواكب الجديدة “تتفق مع كونها في المناطقة الصالحة للسكن بالنسبة لنجومها المضيفة“، بمعنى أن الكواكب تدور في مدار قريب بما فيه الكفاية من شمسها لتكون درجة حرارة سطحها قادرة على السماح بوجود الماء السائل ضمنها على شكل برك، وهذا يزيد من عدد الكواكب المستضيفة التي يمكن أن تحتوي على الحياة إلى 21 كوكبًا.
8- روبوت ينفذ أول جراحة مستقلة لأنسجة لينة
أجرى روبوت أول جراحة مستقلة تمامًا على كائن حي، وهي عملية خياطة أمعاء لخنازير، وقد تبين بأن الروبوت ذا التحكم الذاتي (ستار) يستطيع القيام بعمليات جراحية تتفوق بدقتها على تلك التي تُجرى يدويًا من قبل الجراحين ذوي الخبرة الذين يستعينون بالتقنيات الجراحية الحالية التي تستخدم المساعدة الروبوتية، ومع ذلك، فقد استغرق الروبوت وقتًا أطول مما يستغرقه الجراح البشري لإجراء العملية، حيث استغرق الروبوت 35 دقيقة، في حين أن الجراحين البشريين يستغرقون 8 دقائق لإجراء مثل هكذا عملية، ولكن وتبعًا للفريق الذي طوير (ستار) فإنهم إذا ما تمكنوا من العثور على شريك مناسب لتطوير التكنولوجيا، فسيكون بإمكاننا البدء باستخدامها سريريًا خلال أقل من عامين.
9- استخدام العلماء للذكاء الاصطناعي لـ“إعادة كتابة” الذكريات المؤلمة في أدمغة الأشخاص
باستخدام مزيج من تصوير الدماغ الآني عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي، والذكاء الاصطناعي والمكافآت، استطاع علماء الأعصاب إيجاد وسيلة لإزالة ذكريات مخيفة محددة من الدماغ، ويمكن أن يتم تطوير التقنية الجديدة، التي ابتكرها الطبيب (بن سيمور) من جامعة كامبريدج ، لعلاج المخاوف الفردية.
10- الأسماك “تتحدث” إلى بعضها ويمكن أن يكون لها لهجات إقليمية
اكتشف علماء الأحياء البحرية من جامعة إكستر أن أسماك قد تمتلك لهجات مختلفة، حيث إن هناك اختلافات واضحة بين الأنواع الأمريكية والأوروبية، فتبعًا لستيف سيمبسون فإن هذه الأسماك تمتلك أصواتًا عريضة ويمكنها تنويع أغانيها، ففي حين أن أصوات الأسماك الأمريكية تكون عميقة وقصيرة، فإن أصوات الأسماك الأوروبية تكون ذات ترددات أعلى، وتستمر لفترات أطول، إلّا أنه ومع ارتفاع درجة حرارة البحر، فإن اللهجات بدأت تتصادم، وذلك مع ازدياد هجرة سمك القد شمالًا، والجدير بالذكر أن سيمبسون وفريقه قد بدأوا ببناء مكتبة صوتية واسعة لتسجيل الأصوات البحرية البريطانية لمعرفة ما يدور تحت المياه هناك.
11- اختبار دم يكشف عن الآثار المبكرة للسرطان
يعتبر المسؤول العلمي لقسم علم الأورام في شركة (Natera) جيمي لين، الرائد خلف اختبار الكشف المبكر عن الحمض النووي للسرطان في مجرى الدم، وقد أوضح لين مدى حساسية اختبارات الدم الذي طورها فريقه للكشف عن الآثار المبكرة للحمض النووي السرطاني في الدم، حيث يستطيع الكشف عن جزيء سرطاني واحد مختبئ بين 10.000 من الجزيئات غير الضارة الأخرى، والجدير بالذكر أن الكشف المبكر هو أمر مهم جدًا في علاج السرطان، وبالتالي كلما تمكنا من الكشف عن هذا المرض في وقت أبكر، سيكون لهذا آثار أكبر على المجال الصحي.
12- تطوير “قلب على رقاقة” قد يعني نهاية التجارب على الحيوانات
للمرة الأولى، قام المهندسون البيولوجيون بإنشاء “قلب على رقاقة” مطبوع بالكامل باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، قادر بالمجمل على النبض بذات القوة التي ينبض بها الجهاز الحقيقي، وبحسب باحثي جامعة هارفارد الذين كانوا وراء هذا المشروع، يمكن إنتاج القلب بسرعة وتخصيصه ليتناسب مع حالة المرض أو المريض، ومن جهة ثانية، فإن تطوير طريقة “الأعضاء على الرقاقات” يمكن أيضًا أن تقلل اعتمادنا على الحيوانات لاختبار العلاجات الطبية.
13- اكتشاف الكيفية التي تطورت بها فئران الخلد العاري كي لا تشعر بأي ألم
تطورت فئران الخلد الإفريقية العارية كي لا تشعر سوى بالقليل من الألم، ولكن التحقيقات التي تمت بقيادة غاري لوين وهو أستاذ في مركز ماكس ديلبروك للطب الجزيئي في برلين، وجدت بأن تكيفًا تطوريًا حدث لدى الفئران جعلها تشعر بما يكفي من الألم لإدراك المخاطر، دون أن يتعارض هذا الألم مع حياتها اليومية، والمثير للاهتمام في هذا الأمر، هو أن فئران الخلد العاري تولد مع كمية معتادة من أجهزة الإحساس بالألم، ولكنها في مرحلة البلوغ، تبدأ بالتخلي تدريجيًا عن هذا الشعور لتبقي منه فقط ما يساعدها للبقاء على قيد الحياة.
14- “Octobot” أول روبوت لين مستقل تمامًا
هذا الروبوت اللين ذو الأرجل الثماني لا يعتمد على مصادر خارجية للطاقة، فهو قادر على توليد الطاقة التي يحتاجها ليتحرك داخليًا، كما أن أطراف (Octobot) تتحرك هوائيًا بواسطة الأوكسجين الذي يتم إنشاؤه من بيروكسيد الهيدروجين الذي يتفاعل مع محفزات البلاتين، الجدير بالذكر أن هذا الروبوت مصنوع تمامًا من مواد لينة، كما أن العملية التي جعلت من (Octobot) أمرًا ممكنًا شكلت أساسًا لصناعة روبوتات مستقلة لينة أخرى يمكن تطويعها للقيام بالمزيد من المهام.
15- الاقتراب خطوة أخرى من الحصول على لقاح لعلاج الزيكا
استطاع الباحثون بنجاح عزل الأجسام المضادة البشرية تستطيع التقليل بشكل ملحوظ من عدوى فيروس زيكا، ففي التجارب التي أجريت على الفئران، استطاعت هذه الأجسام المضادة، والتي تدعى (ZIKV-117)، حماية الأجنة أيضًا في القوارض الحوامل المصابات بالفيروس، وقد تم ربط الفيروس الذي ينقله البعوض بصغر حجم الرأس فضلًا عن غيرها من التشوهات الخلقية لدى الأطفال الذين يولدون لنساء مصابات بالفيروس، وقال العلماء وراء هذه الدراسة في مركز فاندربيلت للقاحات بأن علاجات الأجسام المضادة يمكن استخدامها على النساء الحوامل.
16- اكتشاف موجات الجاذبية
قد لا يكون هناك شيئًا أهم من اكتشاف أمر أساسي عن الطبيعة، وهذا بالضبط ما فعله الفيزيائيون في مرصد ليغو في هذا العام، وذلك عندما أكدوا وجود موجات الجاذبية، وليس لمرة واحدة، ولكن لمرتين.
نحن جميعًا متآلفون بشكل حدسي مع مفهوم الزمكان، فكما تعلمون، تلك الحاوية رباعية الأبعاد هي التي نأكل ونتنفس ونكبر ضمنها، ولكن كما اتضح، فإن الزمكان ليس مربعًا جامدًا، بل هو محيط متموج حي يحتوي على موجات دون ذرية تتولد عن الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، وغيرها من الأجسام الضخمة عند تصادمها ببعضها، وقد تم الكشف عن تموجات الزمكان هذه والتي دعيت بموجات الجاذبية للمرة الأولى من قبل باحثي مرصد ليغو في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، ولكن لم يعلن عنها حتى شباط/ فبراير من عام 2016.
17- تحديد وجود كوكب تاسع في المجموعة الشمسية
لأكثر من عقد من الزمان، تساءل علماء الفلك ما إذا كان هناك كوكبًا تاسعًا خفيًا في المراكز الخارجية الجليدية من النظام الشمسي، وهذا العام، قدم علماء الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أدلة دامغة على أن ما يسمى بالكوكب التاسع هو أمر حقيقي، وتبعًا للعلماء فإن هذا الكوكب أكبر بالحجم من نبتون وأبرد منه، كما ويظهر بأن الكوكب التاسع يدور حول الشمس في مسار بيضاوي الشكل، على مسافة تتراوح بين 100 إلى أكثر من 1000 وحدة فلكية، ولكن حتى الآن ما زال هذا الأمر مجرد تخمين، حيث استند الباحثون في ذلك إلى مدارات حفنة من الأجسام المتناثرة بشكل غير متناغم من حزام كويبر، والتي تتأثر على ما يبدو بجاذبية هذا الكوكب الغامض.
بطبيعة الحال، فإن الوسيلة الوحيدة للتأكد من وجود هذا الكوكب غير التقليدي، ستكون من خلال الأدلة الفوتوغرافية، ولكن اكتشاف الكوكب التاسع في السماء، ليس بالأمر السهل فهذا الجسم البارد والبعيد لا يبعث سوى القليل جدًا من الضوء أو الحرارة، ويبذل العديد من علماء الفلك الآن جهودًا متضافرة لإيجاد الكوكب التاسع، ويبدو أنهم متفائلون بأن ذلك يمكن أن يتم في غضون بضع سنوات.
18- تحويل الانبعاثات الكربونية إلى أحجار كربونية
مع ارتفاع نسبة الانبعاثات الكربونية وظهور تأثيرات تغير المناخ الكارثية في الأفق، بدأ العلماء في التفكير بجدية عن الكيفية التي يمكنهم من خلالها سحب الكربون من الهواء، ولكن على الرغم من أن مفهوم “التقاط الكربون وتخزينه” كان موجودًا منذ سنوات، إلّا أن سنة 2016 شهدت تطورًا جديدًا ومثيرًا في هذا المجال، وذلك بعد أن استطاع الباحثون في جامعة ساوث هامبتون حل الكربون الموجود في الغلاف الجوي في المياه وحبسه في بئر تحت الأرض في أيسلندا، وعلى مدى عامين من الزمن، تفاعل الكربون مع المعادن البازلتية، ليتبلور في نهاية المطاف ويأخذ شكلًا صلبًا يمكن أن يبقيه معزولًا لعدة قرون ولآلاف السنين.
19- اكتشاف أقدم كائن فقاري على الأرض
سر الحياة المديدة قد لا يأتي من مختبر في وادي السيليكون، بل من سمكة قرش في غرينلاند، وهي سمكة تعيش في أعماق البحار ويمكن أن تعيش لما يصل إلى 400 عام، وذلك وفقًا لدراسة جديدة مذهلة نشرت هذا العام في مجال (Science)، وكما أظهر تحليل الكربون المشع لـ 28 من أسماك القرش الإناث في غرينلاند، فإن هذه الحيوانات التي تعيش بعيدًا عنا هي حتى الآن الفقاريات الأطول عمرًا في العالم، حيث إن عمر السمكة الأكبر كان يتراوح ما بين الـ 272 و 512 سنة، وتبعًا للعلماء، فإن السر وراء العمر الطويل لهذه الحيوانات هو أنها تمتلك تمثيل غذائي ذو مستوى منخفض للغاية، مما أدى إلى بطء في عملية النمو والنضج التناسلي.