منذ البارحة والأخبار تتواتر حول الإعلان عن وقف شامل لإطلاق النار في سوريا، حتى جاء الخبر اليقين اليوم بعد إعلان موسكو ظهر اليوم عن بدء وقف إطلاق النار في منتصف هذه الليلة 30 دسمبر/ كانون الأول في الساعة 12 ليلًا بعد مشاورات مكثفة دامت لأيام بمشاركة فصائل سورية وقوى إقليمية ودولية في أنقرة.
روسيا تعلن والكل بعدها يؤكد
الرئيس الروسي فلاديمر بوتين أكد أنه تم توقيع ثلاث وثائق اليوم الخميس بين المعارضة السورية والنظام السوري، تتضمن وقفًا شاملًا لإطلاق النار والرقابة عليه والاستعداد لمفاوضات حول السلام في سوريا.
كما صرّح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن وقف إطلاق النار سيبدأ منتصف الليلة وأشار أن نحو 60 ألف مسلح من فصائل المعارضة السورية وقعت الاتفاق مع دمشق، تضم سبع مجموعات من القوى الرئيسية هي؛ أحرار الشام، وجيش الإسسلام، وحركة نور الدين زنكي، وجيش المجاهدين، وشخصيات متفرقة من الجيش الحر.
ومن غرفة المفاوضات في أنقرة أكد أسامة أبو زيد المستشار القانوني للجيش الحر اتفاق الهدنة الموقع وبدون استثناء أيًا من المناطق التي يسيطر عليها الثوار أو الفصائل ومن ضمنها فتح الشام ضمن تلك المناطق ومن بينها الغوطة وجنوب العاصمة ووادي بردى والوعر في حمص، بينما تستثتي الدولة الإسلامية والمناطق المتواجدة فيها. علمًا أن وفد التفاوض السوري كان قد انسحب كما أشار أبو زيد في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر بعد وضع استثناءات لمناطق ولفصائل في الاتفاقية أصرت عليها روسيا. وأعلن مسؤل بالفصائل السورية في النهاية أن وقف إطلاق النار لا يستثني إلا المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة فقط.
اتفاق هدنة شاملة لا تستثني أي من المناطق التي يسيطر عليها الثوار و لا يستثني أي فصيل ضمن هذه المناطق يبدأ نفاذ الاتفاق الساعة١٢بتوقيت #سوريا
— أسامة أبو زيد (@oabozayd) December 29, 2016
7 فصائل وقعت على الاتفاق
ومن جهتها أعلنت وكالة سانا للأخبار السورية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار يشمل جميع المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة وأن الجيش السوري سيلتزم بنص الاتفاق الموقع، وبدورها أيضًا أكدت وزارة الخارجية التركية ما قاله بوتين حول وقف إطلاق النار الذي سيبدأ سريانه منتصف اليوم، وأجاب أوغلو على سؤال حول رضى المعارضة السورية بهذا الاتفاق، بالإيجاب، وأنه لم يكن هذا الاتفاق ليتم لولا رضاهم وأنهم أصحاب القرار ودور تركيا هو داعم للفصائل المشاركة. ومن جهة أخرى تسعى تركيا لضم كل من قطر والسعودية لدعم المعارضة السورية أكثر.
يعد الاتفاق نقطة حاسمة في عمر الثورة السورية على صعيد اختبار آخر لوقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية للانتقال نحو الخطوة الآخرى التي تتضمن عملية الانتقال السياسي، وخصوصًا أنه لا يعد الاتفاق الأول. وفي حال نجاح الاتفاق فإنه سيشكل أرضية مهمة لبداية العملية الانتقالية وبناء جسر ثقة يشمل إخلاء الجرحى من مناطق المعارضة وإدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وإقامة مجال إنساني واقتصادي مشترك يتضمن حرية الشحن ونقل البضائع وقيام مجالس محلية منتخبة من السكان بحيث تجري إدارتها من ضامني الاتفاق وهما روسيا وتركيا وتقوم المجالس بإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها.
نحو 7 فصائل من المعارضة السورية تحوي 60 ألف مسلح وقعت على الاتفاق
وعن عدم تمثيل المعارضة السياسية في مفاوضات أستانة منتصف الشهر المقبل تقول المعارضة السياسية أن الفصائل المشاركة في المفاوضات هي جزء من الهيئة العليا كما أن رياض حجاب المنسق العام للهيئة التفاوضية العليا يجري مباحثات مع المسؤولين الأتراك وممثلي فصائل المعارضة العسكرية في أنقرة وهو على اطلاع بكل ما يدور هناك، ومن المقرر أن تعقد الهيئة العليا للمفاوضات اجتماعًا لهيئتها السياسية في الرياض في العاشر من شهر يناير/كانون الثاني المقبل لاتخاذ قرار نهائي من حوار أستانة، حيث أبلغت موسكو محاوريها أنها وضعت على جدول أعمال أستانة بنودًا بينها وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية والعملية السياسية بموجب القرار 2254.
الاتفاق يعزز مبدأ تقسيم مناطق النفوذ
منذ تدخل موسكو في سوريا وهي تحاول بسط نفوذها على المنطقة واستعادة روسيا كقوة عالمية وطرف ذو ثقل في الشرق الأوسط، والتوصل لحل في سوريا سيعيد روسيا إلى صدارة المشهد العالمي، بعد أن اعتاد العالم على أن تلعب الولايات المتحدة هذا الدور.
وقد برز في أروقة موسكو للحل السياسي اقتراحان كما جاء في صحيفة الحياة أحدهما يقوم على تعيين بشار الأسد خمسة أو ثلاثة من النواب له أو تشكيل مجلس رئاسي بموجب الدستور الراهن على أساس ضرورة عدم حصول فراغ دستوري. بينما أكدت دول أخرى فاعلة في الملف السوري على أهمية انتقال سياسي جوهري بما يتضمن وضع صلاحيات الرئيس على مائدة المفاوضات سواءًا لدى بحث خيار نواب الرئيس أو خيار تشكيل حكومة وحدة تمثيلية بموجب القرار 2254.
وحسبما جاء في وكالة رويترز فإن سوريا من خلال الاتفاق الثلاثي الذي جرى بين روسيا وتركيا وإيران سيسمح بإقامة مناطق نفوذ للقوى الإقليمية في سوريا وأن “بشار الأسد سيبقى رئيسًا حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة على أقل تقدير ولكن سيتم سحب جزء كبير من صلاحياته الرئاسية وبعدها سيتنحى لصالح مرشح علوي أفل إثارة للانقسام كما يشير أندرو كورتونوف المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية.
وتعد الخطوة الأولى الآن بالنسبة لروسيا هي تثبيت وقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا ومن ثم الشروع في محادثات أستانة وسيكون الهدف لاحقًا إشراك دول خليجية والولايات المتحدة وفي مرحلة لاحقة الاتحاد الأوروبي الذي سيطلب منه ومن ودول خليجية أن يتحملوا تكلفة إعادة الإعمار.