لم يكن العام 2016 عامًا سهلًا على الاقتصاد العالمي عامة والاقتصاد الشرق أوسطي خاصة إذ توالت الأزمات منذ بدايته وحل الشلل والجمود في بعض البلدان وعكست الأزمات السياسية وهن وضعف الهياكل الاقتصادية في تلك البلدان بعدما ألقت بظلالاها على الاقتصاد.
تعويم للعملات المحلية وارتفاع في المديونية العامة وعجوزات في الميزان التجاري وفرض ضرائب وسياسات تقشفية وانخفاض في أسواق الأسهم ومشاكل مالية مختلفة عانت منها الحكومات العربية خلال العام 2016 وكان دخول صندوق النقد الدولي هو العامل المشترك والحل الذي استعانت به تلك الدول، وارتفاع الدولار مقابل العملات العالمية حيث أدى لخروج العملة الصعبة من الاقتصادات الناشئة إلى الولايات المتحدة بعد فوز ترامب في الرئاسة، والأمر الآخر هو انخفاض أسعار البترول العالمية ومن ثم ارتفاعها بعد الاتفاق التاريخي لمنظمة أوبك في خفض إنتاج النفط حيث رفع أسعار النفط إلى فوق 50 دولار للبرميل.
انتعاش في أسواق المال في 2017
عمّت موجة تفاؤل في أسواق المال العالمية بعد اتفاق أوبك التاريخي وارتفاع سعر النفط عن عتبة 50 دولار للبرميل إذ يعد النفط الممول الرئيسي لميزانيات أغلب البلدان العربية، ومن جهة أخرى المحاولات الحثيثة التي تبذها الدول الخليجية خصوصًا لتخفيض العجز المالي لديها من خلال إصلاح هياكلها المالية للتخلص من عبء الاعتماد على النفط.
بحسب استطلاع للرأي شمل 13 من كبار مديري الصناديق في الشرق الأوسط أجري على مدى الأسبوع الماضي أظهر أن 62% من المدراء يتوقعون زيادة مخصصاتهم لأسهم الشرق الأوسط على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة ولم يتوقع أحدًا منهم تقليصها. وتعد هذه النتائج إيجابية جدًا لدرجة أنها الأكثر إيجابية منذ فبراير/شباط 2014 وهو العام الذي هبطت فيه أسعار النفط بنسبة 60% عن أعلى سعر لها.
الاقتصاد المصري سيشهد استقرارًا في العام المقبل 2017
وكانت هناك توقعات لاستطلاع مماثل الشهر الماضي توقع فيها 43% من المستطلعة آرائهم زيادة مخصصاتهم لأسهم الشركات في الشرق الأوسط بينما توقع 7% منهم تقليصها. ويعد ارتفاع أسعار النفط إلى 55 دولارًا للبرميل في الأسابيع الماضية مرتفعًا عن متوسط السعر في العام 2016 عند حوالي 45 دولارًا للبرميل.
وقد تراجع النمو في دول مجلس التعاون من 3.3% إلى 1.8% في العام 2016 وتوقع تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي زيادة في معدلات النمو إلى أكثر من 2% في المدى المتوسط. وتوقع الصندوق في تقريره أن يتعافي الاقتصاد العالمي في العام المقبل بدعم من الأسواق الصاعدة والنامية.
سوق مصر للأوراق المالية
وبالنظر للموازنة المالية التي أقرتها السعودية مؤخرًا للعام المالي 2017 يظهر أنها حققت تقدمًا بفضل الإجراءات التي عملت بها الحكومة من قبيل الإجراءات التقشفية واعتماد سياسات مالية أكثر تحفظًا للإنفاق ومنع زيادة الرواتب والمصروفات للعام المقبل أو إبرام عقود بالتزامات كبيرة في السنوات المقبلة. ويُذكر أن المملكة تمكنت من تخفيض العجز عن العام 2015 إذ تم تقدير الإيرادات بـ692 مليار ريال والنفقات 890 مليار ريال أي بعجز مقداره 198 مليار ريال وهو أقل عن العام 2015.
وبفضل تلك السياسات المالية المتبعة من قبل دول الخليج فقد توقع 46% من مدراء صناديق الاستثمار زيادة المخصص للسعودية ضمن محفظة الأسهم الإقليمية في حين توقع 23% منهم تقليصها، إلا أن مدراء لصناديق استثمار لا يزالوا يعتقدون أن التقييمات للأسواق المالية السعودية ليست جذابة على الرغم من الزخم القوي في السوق في الشهرين الماضيين، حيث أشاروا أن سياسات التقشف التي تتبعها الحكومة ترجح بقاء الاقتصاد السعودي بطيئًا في العام المقبل.
عمومًا فإن تقييمات مدراء الصناديق لأسواق المال الخليجية تعكس الأخبار الإيجابية التي تلقتها الأسواق بعد ارتفاع أسعار النفط العالمية على إثر اتفاق أوبك، ويرون أنه لا زال هناك عوامل قد تؤدي لتدهور الأسواق ولعل أهمها اعتماد الميزانيات على النفط وتحدي الإجراءات التقشفية.
سوق الكويت للأوراق المالية
أما في مصر التي شهدت أكبر الأزمات بين بلدان الشرق الأوسط جراء تعويم الجنيه والتبعات التي لحقها التعويم من رفع للأسعار ورفع الدعم عن بعض السلع والخدمات، فالتقييمات تبقي الاستثمارات حذرة على الرغم من النظرة التفاؤلية على المدى الطويل بعد تعويم الجنيه. وبحسب معهد ستراتفور فإن الاقتصاد المصري سيشهد استقرارًا في العام المقبل 2017 وأن الحكومة ستسعى لجذب تمويل من الشركاء الخارجين عبر الاستثمارات.
وفي النهاية فإن الاقتصاد العالمي سيواجه عوامل عديدة في جميع الدول ومن بينها دول الشرق الأوسط في سبيل رفع معدلات النمو الهاجس الأهم لدى الجميع من حيث “النمو المتواضع للاستثمار الرأسمالي والنمو السلبي للإنتاج الصناعي وتراجع ثقة الأعمال التجارية”.