وراء كل حدث قصة تدور أحداثها وتفاصيلها في كواليس لا يعرفها الكثيرون الذين يشهدون النتائج فقط، هذا هو الحال في قصة “التقويم”، فلم يولد من يوم وليلة بل له تاريخ طويل به الكثير من الأحداث المشوقة.
قبل سرد قصة “التقويم” لا بد من معرفة معناه اللغوي، فالتقويم في اللغة، مصدر من “قوم الشيء”، أي إذا أزال ما به من اعوجاج، ويقال: تقويم البلدان، أي بيان طولها وعرضها، وتقويم الأزمان وهو مجموعة قواعد للتوفيق بين السنة المدنية – التي تضبط مصالح الدول ونشاطاتها من مالية ودراسة ونحو ذلك – والسنة الاستوائية التي تتفاوت وفقًا لها الفصول السنوية من شتاء وربيع وصيف وخريف.
ويطلق اسم التقويم في علم الفلك على الكراسة التي تحتوي على جداول الأيام والأسابيع والشهور ومواعيد طلوع الشمس والقمر وغروبهما، وأوقات الصلوات وتحديد أيام الأعياد.
ويطلق التقويم على ما يعرف اليوم بـ”الروزنامة”، وهي لفظة فارسية تعني جدول الأيام ويقابلها بالإفرنجية لفظة Al – Manach، واستعمل المسلمون الجداول التقويمية في بادئ الأمر بمعنى “الازياج” أي الحسابات الفلكية.
والتقويم هو الطريقة التي يستخدمها الإنسان لضبط الوقت، ويتكون عادة من ثلاث وحدات رقمية تمثل فترات زمنية هي اليوم والشهر والسنة.
هل بداية العام في يناير؟
اختلفت على مر العصور والثقافات مواعيد الاحتفال ببداية العام، فالاحتفال بالعام الجديد في أول يناير ظاهرة جديدة نسبيًا، إذ إن أولى الاحتفالات المسجلة بالعام الجديد كانت العام 2000 قبل الميلاد، وكان يتم الاحتفال بها في موسم الربيع بمنتصف مارس.
وفي هذه السطور القليلة نتحدث عن قصة تاريخ الاحتفال بالعام الجديد في الثقافات المختلفة على مر العصور وهي كالتالي:
رأس السنة الرومانية
التقويم الروماني الأول كان مصممًا بحيث تكون بداية العام في الأول من مارس، إذ احتوى على 10 أشهر فقط، وما زال هذا التقويم مؤثرًا على أسماء الشهور التي نستخدمها حتى الآن، من سبتمبر وحتى ديسمبر، وهي الشهور التي كانت من السابع إلى العاشر في العام الروماني القديم.
وأخذت أسماؤها من الأرقام اللاتينية، septem مشيرًا إلى رقم سبعة، وocto لرقم 8 وnovem لرقم 9 وdecem لرقم 10.
وانضم شهر يناير للتقويم في العام 700 قبل الميلاد عندما أضاف الإمبراطور نوما بومبيليوس الشهرين يناير وفبراير.
وفي العام 153 قبل الميلاد انتقلت بداية العام من شهر مارس إلى يناير ولوقت طويل كان يتم الاحتفال برأس السنة في مارس بسبب العادات المتوارثة حتى تمّ الاعتياد على التاريخ الجديد.
في العام 46 قبل الميلاد أدخل يوليوس قيصر تعديلًا جديدًا على التقويم الروماني، إذ اعتمد التقويم الشمسيّ بدلًا من القمريّ، وأكَّد التقويم الجديد على أن بداية العام هي في الأول من يناير من كل عام، ليبدأ هذا التاريخ في الثبات أكثر لدى الرومانيين ويصبح هو التاريخ الذي يحتفل به الملايين حتى اليوم بالعام الجديد.
في العصور الوسطى تم اعتبار الاحتفال بالعام الجديد عودة للوثنية، وفي العام 567 تم إلغاء الأول من يناير كبداية للعام وذلك في العديد من الدول الأوربية والمسيحية، وأصبح العام الجديد يبدأ في 25 من ديسمبر/ كانون الأول عيد ميلاد السيد المسيح، ويتم الاحتفال بعيد البشارة وعيد الفصح في 25 من مارس.
التقويم الغريغوري (الميلادي)
وهو التقويم العالمي المعتمد حاليًا، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر، وجاء معدلًا للتقويم اليولياني بعد أن لوحظ أن الاعتدال الربيعي الحقيقي يقع في الحادي عشر من شهر آذار بدلًا من الحادي والعشرين منه، وبدأ العمل بهذا التقويم عام 1582م، ويسمى أحيانًا بالتقويم الغربي تمييزًا له عن التقويم اليولياني الشرقي الذي ما زال مستعملًا حتى الآن من قبل بعض المذاهب المسيحية الشرقية الأرثوذكسية، وحاليًا يسبق التقويم الغريغوري التقويم اليولياني بثلاثة عشر يومًا.
الاحتفال بآكيتو في بابل
يعتبر “آكيتو” من أوائل الاحتفالات برأس السنة أو بداية العام في التاريخ وذلك منذ 4000 عام، وكان احتفالًا يجمع بين الدين والأسطورة، ويتم في اليوم الأول الذي يظهر فيه القمر مكتملًا بعد الاعتدال الربيعي بأواخر مارس، إذ يصبح اليوم مقسمًا بالتساوي بين الظلمة والنور، والنهار والليل، ما يجعله اليوم الذي تولد فيه الطبيعية من جديد.
ويتم الاحتفال ببداية العام في مهرجان ديني كبير يُسمى “آكيتو”، وهي كلمة مشتقة من كلمة سومرية تعني الشعير الذي يُحصد في الربيع، ويتضمن هذا المهرجان العديد من الشعائر لمدة 11 يومًا، وتزين المدينة خلاله.
وآمن البابليون القدماء أن تلك الشعائر تنظف العالم من مساوئ العام السابق، وتعد الأرض للعام الجديد بدخول الربيع.
رأس السنة الفارسية
الاحتفال بعيد النوروز في بلاط عباس الثاني الصفوي
ما زال الكثيرون يحتفلون بـ”عيد نوروز” حتى الآن عالميًا، وهو أيضًا من أقدم الاحتفالات بالعام الجديد في العالم، وُيقال إنه يرجع إلى 15 ألف عام، وبتتبع التاريخ نجد أن مظاهر الاحتفال متكررة بذات الشكل وفي نفس الموعد منذ 2550 عامًا، ولكن المسجل أنه منذ 550 عامًا قبل الميلاد، حيث احتفل به قورش أول ملوك الفرس.
وأيضًا احتفل الفارسيون بالعام الجديد من بداية الربيع، وكانت تستمر الاحتفالات ثلاث عشرة ليلة متواصلة مليئة بالطقوس الدينية.
التقويم النجمي
يرتبط التقويم النجمي بطلوع نجم معين مثل التقويم المصري القديم الذي كانت بداية السنة فيه طلوع نجم الشعري اليمانية المرتبط بفيضان نهر النيل، وكانت مدتها 366.25 يومًا أي أطول من السنة الشمسية بيوم واحد، مما سبب خللًا واضحًا في هذا التقويم، وفي عام 284م اعتمد المصريون التقويم القبطي أو الإسكندراني الذي يعرف بهذا الاسم حتى الآن، ويوجد في الكثير من التقاويم الجدارية وطول سنته مساوٍ للسنة الشمسية لكن بدايتها في 11 من سبتمبر.
التقويم الشمسي
هذا التقويم مرتبط بدوران الأرض حول الشمس وما ينتج عنه من تغير الفصول من دون أن يكون له أي ارتباط بالقمر أو أطواره، ويبلغ طول السنة الشمسية 365.2422 يوم، وقد عرف من هذا النوع تقاويم عدة منها:
التقويم الروماني القديم
وقد اختاره الرومان بديلًا للتقويم القمري في السنة التي أسسوا فيها مدينة روما عام 753 ق.م، ولكنه لم يكن شمسيًا ولا قمريًا خالصًا آنذاك، وكان طول السنة فيه 304 أيام موزعة على عشرة أشهر أولها آذار/ مارس وآخرها كانون الأول/ ديسمبر.
وبعد ذلك بنحو خمسين عامًا أمر حاكم روما الثاني بإضافة شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير إلى الأشهر العشرة لتصبح شهورها اثني عشر شهرًا، وعدد أيامها قريبًا جدًا من أيام السنة القمرية، ولكن شهر شباط كان موقعه بين كانون الأول والثاني لأكثر من مائتي عام إلى أن أعيد ترتيب الشهور مرة أخرى، وأصبح شهر كانون الثاني قبل شباط، ولكن أول شهور السنة في التقويم الروماني كان شهر آذار.
التقويم اليولياني
وينسب إلى يوليوس قيصر الذي حكم روما عام 53 ق.م، وفيه ابتدأت السنة بشهر كانون الثاني وتحول إلى تقويم شمسي خالص، وأعيد التوافق بين السنة المدنية والفصول السنوية بزيادة أيام العام 46 ق.م. من أجل تسوية المتراكم من الأيام الزائدة حتى بلغ عدد أيام ذلك العام 445 يومًا، وتكريمًا لذلك الإمبراطور سمي الشهر السابع كونتيلس باسم تموز/ يوليو كما سمي – لاحقًا – الشهر الثامن سكستيلس آب/ أغسطس تكريمًا للقيصر أغسطس.
التقويم الجلالي
وينسب التقويم الجلالي أو التقويم الهجري الشمسي إلى السلطان السلجوقي جلال الدين شاه سلطان خراسان الذي أمر بإعداده سنة 468هـ، وهو تقويم شمسي إسلامي وضعه ثمانية من الفلكيين المسلمين يرأسهم الفلكي الشاعر عمر الخيام، وكان لا يقل عن دقة التقويم الغريغوري مع أنه سبقه إلى الظهور بأكثر من 500 سنة، وما زال مستخدمًا حتى اليوم في أفغانستان، وكان يستخدم في إيران حتى عام 1979 حيث استبدل بالتقويم الهجري، وقد حدد الأول من برج الميزان بداية لهذا التقويم.
التقويم الصيني
وظهر قبل الميلاد بنحو أربعمئة سنة، وكان الصينيون أول من اعتبر السنة 365.25 يوم، وقد استمر العمل بهذا التقويم حتى عام 1872 حيث عدل عنه إلى التقويم الغريغوري.
التقويم القمري
يرتبط هذا التقويم بالدورة الاقترانية للقمر حول الأرض، وهو ما يسمى بالشهر القمري الذي تبلغ مدته 29.53 يوم، وعلى هذا الأساس فإن عدد أيام السنة القمرية بأشهرها الاثنى عشر يبلغ 354.36، أي أنه اقل من عدد أيام السنة الشمسية بـ10.88 يوم، كما أن هذا التقويم لا يرتبط إطلاقًا بحركة الأرض حول الشمس وما ينشأ عنها من تغيرات فصلية ونحو ذلك.
ومن ذلك، التقويم الرسمي للمملكة العربية السعودية أم القرى، وهو تقويم هجري قمري يبدأ بشهر محرم الذي يقال إنه سمي بهذا الاسم لأنه أحد الأشهر الحرم، ثم صفر الذي سمي بهذا الاسم لأن الديار تصفر فيه وتخلو من أهلها الذين خرجوا للقتال بعد انقضاء الأشهر الحرم، ثم ربيع الأول وربيع الآخر اللذان صادف وقوعهما في فصل الربيع عند تسمية هذه الشهور، ثم جمادى الأولى وجمادى الآخرة اللذان صادف وقوعهما في فصل الشتاء عند تسمية هذه الشهور حيث تجمد الماء، ثم رجب الذي سمي بهذا الاسم تعظيمًا له كأحد الأشهر الحرم، ثم شعبان الذي سمي بهذا الاسم لتشعب القبائل فيه بعد قعودهم عن ذلك في الشهر السابق، ثم رمضان الذي اشتق اسمه من الرمضاء حيث صادف وقوعه في وقت اشتداد الحرارة عند تسميته، ثم شوال الذي صادف وقوعه وقت “تشويل النياق” أي رفع أذيالها طلبًا للتلقيح، ثم ذو القعدة من القعود عن القتال لأنه أحد الأشهر الحرم، وأخيرًا ذو الحجة من الحج إلى الكعبة المشرفة.
التقاويم التوفيقية
أخذت بعض الأمم بتصميم تقاويم خاصة بها تكون مرتبطة بحركة الشمس وحركة القمر في آن واحد، فالسنة شمسية والأشهر قمرية، وذلك بالتوفيق بين السنين الشمسية والسنين القمرية، ومن ذلك:
التقويم الإغريقي
اعتمد الإغريق في بادئ الأمر على التقويم القمري، وبعد أن اكتشفوا تغيرات المواعيد عبر السنين بسبب الفارق بين السنتين الشمسية والقمرية، لجأوا إلى استخدام نظام كبس خاص بهم، وذلك بتطبيق الدورة التي اقترحها الفلكي الإغريقي ميتون، والمسماة Metonic والتي ما زالت مستعملة في بعض التقاويم الدينية حتى الآن، وتتضمن دورة ميتون هذه – البالغ طولها 19 سنة شمسية – 235 شهرًا قمريًا، حيث تحقق هذه الدورة تتابعًا دوريًا لظهور الهلال القمري ومراحله الأخرى كل 19 سنة شمسية وقد بدأ العمل بهذا التقويم سنة 432 ق.م.
التقويم البابلي
تعد شعوب ما بين النهرين من الشعوب المتقدمة في المعرفة الفلكية، فقد توصلوا إلى معرفة البروج الاثنى عشر وقاسوا ساعات النهار بالمزاول وساعات الليل بالساعات المائية، وقسموا السنة إلى اثنى عشر شهرًا قمريًا.
أخذ بهذا التقويم السومريون ثم البابليون من بعدهم، ولإيجاد علاقة هذه السنة القمرية مع التغيرات الفصلية المناخية على مدار السنة وما يتعلق بهذه التغيرات الفصلية المناخية على مدار السنة وما يتعلق بهذه التغيرات من أعمال، عمد البابليون أيضًا إلى الكبس، بإضافة تسعين يومًا إلى كل ثماني سنوات قمرية، ثم تحولوا عن ذلك إلى النظام الإغريقي في الكبس وهو تطبيق دورة ميتون التي سبق ذكرها.
التقويم العبري
اتخذ العبرانيون تقويمًا شمسيًا قمريًا في آن واحد، ويبدو أنه مقتبس من التقويم البابلي الذي عرفوه في أثناء فترة السبيسبي اليهود إلى بابل، وقد أتى التقويم العبري لاحقًا للتقويم الإغريقي والبابلي، وللتوفيق بين الأشهر القمرية وفصول السنة لجأوا إلى نظام الكبس أيضًا، وذلك بإضافة شهر كامل إلى كل ثلاث سنوات لتصبح السنة الثالثة ذات ثلاثة عشر شهرًا بدلًا من اثنى عشر شهرًا بتكرار الشهر السادس آذار مرتين، ويسمى الشهران بآذار الأول وآذار الثاني، وتعود بداية التقويم العبري إلى سنة 3761ق.م التي يعتقد العبرانيون – خطأ – أنها تاريخ بدء الخليقة، وبصورة عامة فإن السنة العبرية لا يمكن أن تبدأ بأي من الأيام الثلاثة التالية: الأحد، الأربعاء، الجمعة، فإذا صادفت بداية السنة احد هذه الأيام عمدوا إلى تأجيل بداية السنة إلى اليوم التالي.
التقويم الأثيوبي
التقويم الإثيوبي هو تقويم ديني كنسي، تستخدمه الكنائس المشرقية في إرتيريا وإثيوبيا، وهو مستنبط من التقويم المصري القديم، والسنة فيه 12 شهرًا وكل شهر 39 يومًا وتضاف 5 أيام في شهر من الشهور ويبدأ من عام 284 م.
التقويم الجمهوري
التقويم الجمهوري أو التقويم الجمهوري الفرنسي، هو التقويم الذي اعتمد خلال الثورة الفرنسية، استخدم خلال الفترة من 1792 إلى 1806، ولفترة وجيزة من قبل كومونة باريس.
أنشأ في 15 فنديميير السنة الثانية، الموافق 6 من تشرين الأول 1793، واعتبر يوم إعلان الجمهورية بداية للتأريخ: 1 فنديميير السنة الأولى، الموافق 22 من أيلول 1792، فهذا اليوم هو كبداية “عصر الفرنسيين”.
عملت الثورة الفرنسية على إيجاد أنظمة حسابية جديدة لا ترتبط لا بالملكية ولا بالمسيحية، من هذه الأنظمة نظام القياس المتري والتقويم الجمهوري، وفيه اعتمد حساب جديد للسنوات، والسنة قسمت تقسيمات مختلفة على ما كانت عليه في السابق، وأوجدت تسميات جديدة للأشهر، فالسنة قسمت إلى 12 شهرًا، كل شهر مؤلف من 30 يومًا، مع إضافة 5 أو 6 أيام في نهاية السنة، لكي تتوافق مع السنة المدارية.
التقويم العلمي
وهذا التقويم يقول إن أيام السنة نفسها تقع دائمًا في كل سنة في التاريخ نفسه.
التقويم الهجري
التاريخ الهجري في متحف مدينة قونية التركية
التقويم الهجري القمري أو التقويم الإسلامي هو تقويم قمري يعتمد على دورة القمر لتحديد الأشهر، ويستخدمه المسلمون خصوصًا في تحديد المناسبات الدينية.
أنشأه الخليفة عمر بن الخطاب وجعل هجرة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة في 12من ربیع الأول (24 من سبتمبر عام 622م) مرجعًا لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته التقويم الهجري لكنه مركز أساسًا على الميقات القمري الذي أمر الله في القرآن باتباعه.
ويتكون التقويم الهجري من 12 شهرًا قمريًا أي أن السنة الهجرية تساوي 354 يومًا تقريبًا، بالتحديد 354.367056 يوم، والشهر في التقويم الهجري إما أن يكون 29 أو 30 يومًا (لأن دورة القمر الظاهرية تساوي 29.530588 يوم)، وبما أن هناك فارق 11.2 يوم تقريبًا بين التقويم الميلادي الشائع والتقويم الهجري فإن التقويمين لا يتزامنان مما يجعل التحويل بين التقويمين أكثر صعوبة.
في سنة 412م وقبل البعثة النبوية بـ150 سنة وبمكة المكرمة اجتمع العرب سواء من رؤساء القبائل أو الوفود في حج ذاك العام أيام كلاب بن مرة جد النبي محمد الخامس، لتحديد أسماء جديدة للأشهر يتفق عليها جميع العرب وأهل الجزيرة العربية بعد أن كانت القبائل تسمي الأشهر بأسماء مختلفة، فتوحدوا على الأسماء الحالية وهي كالتالي:
محرّم: وهو أول شهور السنة الهجرية ومن الأشهر الحرم: سمى المحرّم لأن العرب قبل الإسلام كان يحرّمون القتال فيه.
صفر: سمي صفرًا لأن ديار العرب كانت تصفر أي تخلو من أهلها للحرب وقيل لأن العرب كان يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفر المتاع.
ربيع الأول: سمي بذلك لأن تسميته جاءت في الربيع فلزمه ذلك الاسم.
ربيع الآخر: (أو ربيع الثاني) سمي بذلك لأنه تبع الشّهر المسمّى بربيع الأول.
جمادى الأولى: كانت تسمى قبل الإسلام باسم جمادى خمسة، وسميت جمادى لوقوعها في الشتاء وقت التسمية حيث جمد الماء وهي مؤنثة النطق.
جمادى الآخرة: (أو جمادى الثانية) سمي بذلكَ لأنه تبع الشهر المسمى بجمادى الأولى.
رجب: وهو من الأشهر الحرم، سمي رجبًا لترجيبهم الرماح من الأسنة لأنها تنزع منها فلا يقاتلوا، وقيل: رجب أي توقف عن القتال، ويقال رجب الشيء أي هابه وعظمه.
شعبان: لأنه شعب بين رجب ورمضان، وقيل: يتفرق الناس فيه ويتشعبون طلبًا للماء، وقيل لأن العرب كانت تتشعب فيه (أي تتفرق)، للحرب والإغارات بعد قعودهم في شهر رجب.
رمضان: وهو شهر الصوم عند المسلمين، سُمّي بذلك لرموض الحر وشدة وقع الشمس فيه وقت تسميته، حيث كانت الفترة التي سمي فيها شديدة الحر، ويقال: رمضت الحجارة، إذا سخنت بتأثير الشمس.
شوال: وفيه عيد الفطر، لشولان النوق فيه بأذنابها إذا حملت “أي نقصت وجف لبنها”، فيقال تشوَّلت الإبل: إذا نقص وجفّ لبنها.
ذو القعدة: وهو من الأشهر الحرم: سمي ذا القعدة لقعودهم في رحالهم عن الغزو والترحال فلا يطلبون كلأً ولا ميرة على اعتباره من الأشهر الحُرُم.
ذو الحجة: وفيه موسم الحج وعيد الأضحى ومن الأشهر الحرم، سمي بذلك لأن العرب قبل الإسلام يذهبون للحج في هذا الشهر.
وفي النهاية رأى علماء وباحثين أن ومن أجل اكتمال دور التقويم في حياتنا فإنه يجب أن يتوفر مفهومان وبشكل متوافق أحدهما مدني، الغرض منه تنظيم شؤون حياة الناس ونشاطاتهم.
والثاني فلكي، يرتبط بظواهر فلكية بحتة، وعلى رغم المحاولات التاريخية للتوفيق بين المفهومين، ما زالت معظم التقاويم تعاني من بعض المشكلات التي ترجع بشكل رئيس إلى الوحدات الطبيعية الرئيسة للتقويم، وهي (اليوم والشهر والسنة) ليست وحدات بسيطة وتامة بل هي أجزاء غير تامة من بعضها، فالسنة ليست 12 شهرًا تامًا وثابتًا، والشهر ليس 30 يومًا تامًا وثابتًا، ولهذا فإضافة إلى التقاويم التوفيقية السابقة ظهرت بعض المحاولات الإصلاحية لإعداد بعض التقاويم التي تتفق أيامها وأسابيعها مع شهورها وأعوامها توافقًا حسابيًا إجرائيًا وليس فلكيًا بالطبع.