تونس تتوعد المقاتلين العائدين من بؤر التوتر

1-461892-1024x548

بنبرة حادة توعّد مسؤولون تونسيون، المقاتلين العائدين من بؤر التوتر بعقوبات صارمة تراوحت بين السجن والمراقبة الأمنية المشددة بموجب قانون الإرهاب التونسي، مؤكّدين عدم وجود أي اتفاقية سرية في هذا الشأن تجمع بلادهم ببلدان أخرى.

السجن والمراقبة الأمنية المشدّدة

إجراءات تتراوح بين السجن والمراقبة الأمنية المشددة وإمكانية بناء وحدة سجنية جديدة خاصة بالمقاتلين التونسيين العائدين من بؤر التوتر، هذا ما أعلن عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية إياد الدهماني، في أعقاب اجتماع وزاري استثنائي مساء أمس الجمعة، خصص للنظر في ملف عودة التونسيين المشاركين في القتال ببؤر التوتر، وأكد المسؤول التونسي أن حكومة بلاده عازمة على إيقاف العائدين من بؤر التوتر حال وصولهم إلى التراب التونسي ومحاكمتهم وفق قانون مكافحة الإرهاب.

وتتوفر لدى أجهزة الاستخبارات التونسية، معطيات عن هويات العناصر التونسية المقاتلة في الخارج، حسب الناطق الرسمي للحكومة، وتعتبر تونس، سوريا والعراق بؤر توتر.

وفي 23 من ديسمبر الحالي، أعلن وزير الداخلية التونسي الهادي المجدوب خلال جلسة مساءلة أمام البرلمان أن 800 جهادي تونسي عادوا من بؤر التوتر، وانضم أكثر من  5500  مقاتل تتراوح أعمار معظمهم بين 18 و35 عامًا إلى تنظيمات جهادية في سوريا والعراق وليبيا بحسب تقرير نشره فريق عمل الأمم المتحدة عن استخدام المرتزقة عام 2015.

يعدّ مرتكبًا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن، كل من يتعمد استعمال تراب الجمهورية أو تراب دولة أجنبية لانتداب أو تدريب شخص

التعامل مع مسألة عودة المقاتلين من بؤر القتال والتوتر إلى تونس، تحتوي أيضًا إمكانية بناءوحدة سجنيةخاصة بهم أو إعادة تأهيل وحدة سجنية أخرى لاحتوائهم، حسب الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية.

ويعتبر الفصل 33 من قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، على أنه “يعدّ مرتكبًا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن، كل من يتعمد استعمال تراب الجمهورية أو تراب دولة أجنبية لانتداب أو تدريب شخص (..) بقصد ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية (..) داخل تراب الجمهورية أو خارجه، أو السفر خارج تراب الجمهورية بغاية ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية.”

رئيس الحكومة يوسف الشاهد، نفى من جهته، في لقاء له على التلفزيون الرسمي التونسي، مساء الخميس، أن تكون بلاده قد وقّعت أي اتفاقية بشأن عودة المقاتلين، مؤكدًا أن تونس ستكون حازمة في تعاطيها مع ملف عودة المقاتلين.

مظاهرة أمام البرلمان رفضًا لعودة المقاتلين

وقال الشاهد” :نأخذ الموضوع بكل جدية ونملك القائمات الأسمية لكل الإرهابيين الموجودين في بؤر التوتر والذين يشاركون في تنظيمات إرهابية ،نعرفهم واحدًا واحدًا ونملك كل المعطيات عنهم.”

وأكّد رئيس الحكومة التونسية، في تصريحات ثانية لوكالة الأنباء الألمانية أن حكومته سترسل بعثات أمنية إلى مناطق النزاعات في الخارج للتقصي عن أعداد التونسيين الذين يقاتلون هناك بعد مقتل العديد منهم.

تصريحات رئيس الحكومة التونسية، جاءت بعد مخاوف من خطورة عودة المقاتلين الذين سافروا للقتال في سوريا أو العراق أو ليبيا على استقرار البلاد، عبّرت عنها أحزاب سياسية تونسية.

ودعت ستة أحزاب من بينها حزب حركة نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحكومي، الحكومة لتوضيح موقفها من عودة المقاتلين وطالبت السلطات بمصارحة الرأي العام عن الإجراءات الأمنية والقانونية المتخذة بشأنهم، فيما تظاهر المئات، السبت الماضي، أمام البرلمان رفضًا لعودة المقاتلين.

تؤكّد الحكومة التونسية أنها تعمل وفق استراتيجية وطنية لمقاومة الإرهاب صادقت عليها الرئاسة

وتشهد تونس في الآونة الأخيرة جدلاً كبيرًا بشأن مسألة العودة الجماعية لآلاف المقاتلين التونسيين إلى تونس، على خلفية تصريحات الرئيس الباجي قائد السبسي الذي قال فيها:خطورة المقاتلين أصبحت من الماضي ،وكثير منهم يريدون العودة، ولا يمكننا منع تونسي من العودة إلى بلاده.”

وتؤكد الحكومة التونسية أنها تعمل وفق استراتيجية وطنية لمقاومة الإرهاب صادقت عليها الرئاسة (وهي تتجاوز المقاربة الأمنية والعسكرية، وتركز بشكل أكبر على مقاربات نفسية وثقافية وتربوية)، وخطط علمية لمعالجة ملف التونسيين العائدين من بؤر التوتر تعتمد على تجارب مقارنة بمساعدة خبراء دوليين والمجتمع الدولي.

سحب الجنسية يصطدم بالدستور

في مقابل توعّد الحكومة بتتبع هؤلاء المقاتلين، يطالب عديد من التونسيين بعدم السماح لأي مقاتل بالعودة إلى تونس وبضرورة سحب الجنسية التونسية من المتورطين في القضايا الإرهابية، غير أن الطلب يصطدم بالدستور الذي ينصّ في فصل الـ25 “يحجر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن، فالعودة إلى الوطن حق دستوري، ولا يمكن منع أي مواطن من العودة إليه مهما كان السبب.

وعقب حادثة برلين الأخيرة التي وجهت أصابع الاتهام فيها إلى تونسي يدعى أنيس العامري، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصال هاتفي لها مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أنّ إرجاع الإرهابيين التونسيين من أوروبا إلى تونس أصبح أمرًا مفروضًا وليس رغبة.

أنيس العامري المشتبه به في حادثة برلين

وبلغ عدد قضايا الإرهاب المعروضة على القضاء التونسي، إلى فبراير الماضي،  1944 قضية، وعدد الموقوفين على ذمة هذه القضايا 778 شخصًا، حسب كمال بربوش الناطق الرسمي باسم النيابة العامة بتونس، وكانت السلطات التونسية أعلنت في بداية العام الماضي أنها منعت 15 ألف شاب وفتاة من السفر إلى سوريا والالتحاق بمقاتلي تنظيم الدولة.

يخشى معظم أهالي المقاتلين التونسيين في الخارج التحدّث في هذا الموضوع وتقديم أي معطيات عن أبنائهم

وكانت السلطات قد وضعت 92 عائدًا تحت الإقامة الجبرية، بعد أيام من تفجير استهدف حافلة للحرس الرئاسي، وأودى بحياة نحو 12 شخصًا، في نوفمبر 2015، وتشير تقارير غير رسمية إلى وجود نحو 3500 تونسي في بؤر التوتر، ويقبع في سجون تونس اليوم نحو 2000 شخص بين مدانين في جرائم إرهابية وموقوفين على ذمة قضايا متعلقة بـالإرهاب، وذلك حسب صابر الخليفي مدير عام إدارة السجون والإصلاح بوزارة العدل.

ويخشى معظم أهالي المقاتلين التونسيين في الخارج التحدّث في هذا الموضوع وتقديم أي معطيات عن أبنائهم خوفًا من تتبعهم قانونيًا أو اتهامهم بتمجيد الإرهاب، ويجرّم قانون مكافحة الإرهاب في تونس تمجيد الإرهاب ويعاقب فاعله بالسجن.