- ترجمة وتحرير: نون بوست
أثار نشطاء مخاوف بشأن مصير المعتقلين المصريين في منشأة في سيناء، حيث أسفر إطلاق نار جدّ الشهر الماضي عن مقتل ثلاثة ضباط أمن على الأقل. وحسب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، تعرّض ضباط بمقر الأمن الوطني بالعريش في 30 تموز/ يوليو، بمحافظة شمال سيناء المضطربة، لهجوم من قبل مساجين “متطرّفين” صادروا أسلحتهم أثناء نقل أربعة معتقلين. وقد أدى الهجوم إلى اندلاع اشتباكات دامية بين المعتقلين وقوات الأمن.
وحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” ووكالة “رويترز” للأنباء عن مصادر أمنية فإن أربعة ضباط شرطة قتلوا على الأقل، في حين أشار موقع “مدى مصر” الإخباري المحلي إلى مقتل ثلاثة من بينهم ضابط رفيع المستوى. ومن جانبها، أعلنت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عن مقتل ثمانية ضباط شرطة على الأقل وإصابة أكثر من 20 شخصًا، بينما لم تصدر الحكومة أي بيانات عن حيثيات الحادث أو الضحايا.
حيال هذا الشأن، قال أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن مصير حوالي 15 معتقلاً سياسيًا محتجزين في الطابق الذي وقعت فيه بعض الاشتباكات “لا يزال غير مؤكد”. وأضاف أن “السجناء محتجزون في ظروف غير قانونية، حيث يفتقر مبنى الأمن الوطني لأي شكل من أشكال الرقابة القضائية أو الحكومية”. وحسب تقديراته، هناك ما بين 40 إلى 45 محتجزا مدنيا في المنشأة مؤكدا أن ظروف احتجازهم ترقى إلى مستوى “الاختفاء القسري”.
وفقًا لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، التي لم يتمكن موقع “ميدل إيست آي” من التحقق من مدى صحة مزاعمها، بدأ الحادث أثناء نقل أربعة محتجزين كانوا في الطابق الثاني من المبنى المكون من أربعة طوابق. ويحتوي كل طابق على فئات مختلفة من السجناء، إذ يضم الطابق الأول “المسلحين المتطرفين”، والثاني المشتبه بهم في مساعدتهم، في حين يضم الطابق الثالث “السجناء السياسيين”.
وأثناء عملية النقل، هاجم أحد المساجين ضابط أمن وافتك سلاحه، ثم استخدمه لمهاجمة الضباط الآخرين وتحرير زملائه السجناء الثلاثة الذين استولوا على أسلحة من ضباط آخرين. ثم هاجم السجناء الأربعة قوات الأمن داخل المبنى. وقد انتقلت الاشتباكات بعد ذلك إلى الطابق الرابع حيث لاذ المسلحون بالفرار.
بعد فترة وجيزة، صرحت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بأن قوات الأمن المركزي انتشرت في المنطقة للتعامل مع الوضع. أطلقوا الغاز المسيل للدموع على الطابق الثالث حيث يُحتجز المعتقلون السياسيون ويختبئ فيه المسلحون الذين نفذوا عملية إطلاق النار. وخارج المبنى كانت هناك قوات أمنية وسيارات إسعاف وعربات إطفاء. وحسب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، كانت النار والدخان يتصاعدان من نوافذ الطابق الثالث.
من خلال فيديو توضيحي، أوضحت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أن شبكات الإنترنت والهاتف انقطعت لفترة وجيزة عن المنطقة لمنع نشر أي وثائق أو صور على الإنترنت باستخدام هواتف الضحايا المتوفين. وأضافت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أن “سيارات الإسعاف نقلت جثث ثمانية ضحايا، من بينهم قائد قوة العمليات الخاصة العقيد محمد مؤنس، بالإضافة إلى 18 شرطيًا مصابًا.
ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس، أظهرت قائمة الضحايا أن عناصر الشرطة أصيبوا بطلقات نارية وعانوا من صعوبات في التنفس جراء الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن من خارج المبنى.
المطالبة بالشفافية
نددت جماعات حقوقية بغياب أي ردود فعل رسمية حتى اللحظة الراهنة. وقد أوضح سالم لموقع “ميدل إيست آي” أن “عدم وجود تعليقات رسمية على الحادث لأكثر من أسبوعين يعكس عدم إيلاء السلطات اهتماما بالرأي العام المحلي في مصر أو عائلات المعتقلين”. وأضاف أنه “من مسؤولية السلطات المصرية الكشف عن مصير عشرات المعتقلين داخل المباني الذين كانوا متواجدين خلال الاشتباكات المسلحة”.
يوم الخميس، صرّحت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بأنه يتعين على السلطات الرد على الشائعات التي تشير إلى تعرض عدد من المعتقلين “لعمليات قتل خارج نطاق القضاء”. وقالت الشبكة في بيانها إنه “في ظل الحصار الإعلامي والحقوقي المفروض على شبه جزيرة سيناء منذ سنوات، وصعوبة الحصول على معلومات حول الوضع هناك، أصبح المتحدث العسكري ووزارة الداخلية هما المصدران الرئيسيان للمعلومات”.
وتجدد الشبكة المصرية دعوتها للسلطات المصرية بالكشف عن تفاصيل ما حدث داخل مقر الأمن الوطني وإصدار بيان بشأن المعاملة غير القانونية التي يتعرض لها المدنيون المحتجزون داخله. وتحمّل الشبكة السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن سلامة وأمن المواطنين المتواجدين داخل مقر الأمن الوطني.
يقع مقر الأمن الوطني في منطقة شديدة التحصين شرق العريش، وهي منطقة مضطربة في شمال سيناء حيث يقاتل الجيش المصري تمردًا تابعا لتنظيم الدولة الإسلامية منذ سنوات. لذلك، فُرض تعتيم إعلامي على المنطقة، مما جعل الوصول إليها عمليا غير متاح للصحفيين وجماعات حقوق الإنسان.
وقد أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو لواء سابق في الجيش منذ 2014، “الحرب على الإرهاب” في شمال سيناء بعد الإطاحة بسلفه المدني المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي في انقلاب عسكري في السنة التي سبقتها. وفي شباط/ فبراير 2018، صعّد العملية بإعلانه هجومًا جديدًا “لإنهاء الإرهاب” في المنطقة، لكن منذ ذلك الحين، لم يعلن الجيش بعد الهزيمة أو النصر. وكانت مدينة العريش إحدى النقاط المحورية للصراع، حيث قُتل مئات المدنيين والعسكريين منذ بدء عملية 2018.
المصدر: ميدل إيست آي