تسعى الإدارة الامريكية وحلفائها لاثبات نصر دبلوماسي عبر مؤتمر “جنيف 2″، فهم يضغطون باتجاه حلول سياسية في منطقة الشرق الاوسط تحافظ على حلفائهم، فهذا كيري في زيارات مكوكية بين رام الله وتل أبيب وعمان والقاهرة والرياض يروج لمبادرة لعودة المفاوضات والخروج باتفاق جديد ينهي الضغط الشعبي الذي قد يطيح بحليفهم في رام الله، وكذلك تسعى الادارة الامريكية لدعم السيسي في مصر بكل ما تملك حتى تحافظ على بقائه، ولا ينفك ان يكون مؤتمر “جنيف 2” جولة من تلك الجولات التي تسعى فيها الإدارة الامريكية للحفاظ على حلفائهم واعوانها .
مؤتمر “جنيف 2” ليس الحل ولن يكون إنما هو مقدمة لإطالة امد الصراع والتمديد لنظام الاسد والمساهمة الفعلية في تدمير سوريا بشراً وحجراً، فالمؤتمر في احسن احواله لن يكون اكثر من استعراض واحتفال دبلوماسي، فالحرب مستمرة والدمار والقتل والتشريد على قدم وساق، وقوافل السلاح الروسي لا تهدأ وقوافل المقاتلين الايرانيين والعراقيين واللبنانيين لا تتوقف، ماذا سيفعل مؤتمر “جنيف 2” في ظل كل هذا الزخم الذي يؤجج نار الحرب المستعرة على ارض سوريا فكل الاطراف تضع كل ثقلها في المعركة، ولا بد في النهاية من منتصر.
إن إلغاء شرط ايقاف اطلاق النار قبل الدخول بمفاوضات جنيف لهو اكبر دليل على ان “جنيف 2” ليس إلا استعراضاً، وقد اختتم الأمر بتاكيد الزعبي وزير الإعلام لدى النظام السوري بأن الاسد سيترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية مرة أخرى، وفي نفس الوقت لا تهدأ طائرات النظام عن القاء البراميل المتفجرة على كامل التراب السوري وقد تعقد المشهد الامني اكثر فأكثر بتحركات داعش التي زعزعت الصفوف في المناطق المحررة بتوجيه مخابراتي سوري ايراني، أضف إلى ذلك حالة التفكك وعدم الثبات والفاعلية التي ظهر بها الإئتلاف في اجتماعاته الاخيرة في اسطنبول، كل هذه الظروف والحيثيات تعلمها جميع القوى الضاغطة للمشاركة في مؤتمر “جنيف 2” وهي تعلم حكما ان مؤتمرها لن يخرج بنتيجة، فجل ما يستطيع ان يقدمه النظام هو مقاعد وزارية دون حقائب لمعارضة الداخل التي صنعها هو .
النظام السوري عبر تحركات داعش في مناطق المعارضة وعبر ضغطه الشديد بالقصف المكثف بالبراميل ورفع عدد الشهداء يضغط على المعارضة حتى لا تذهب الى جنيف، فيذهب منفردا ليستكمل الاستعراض ويعود الى دمشق ليكمل حفلة الدم ويدشن حملته الانتخابية للتجديد للاسد طاغية حاكما على الورق وتستمر نار الحرب في التهام سوريا، سوريا شعبا وتاريخا وحضارة لا تعني شيء لدى نظام الاسد فالمهم لديه هو بقائه المسيطر والحاكم حتى لو كان ذلك على الورق فقط، والمجتمع الدولي لا يهتم باي قيمة للإنسانية يهتم بمظهره وليس مؤتمر “جنيف 2” اكثر من حفلة دبلوماسية تظهر قدرة المجتمع الدولي على صنع مؤتمرات السلام والحوار وتظهر في نفس الوقت قيمة التاريخ والانسان لديه، مؤتمر “جنيف 2” سيعقد ليحتفل الجميع بالنصر على سوريا وكل على طريقته .