تشهد منطقتنا تحولات ضخمة تعيد تشكيل بنيتها، ويساهم في ذلك عوامل داخلية وأخرى إقليمية ودولية، لكن وبلا شك هناك شخصيات مؤثرة تعمل في خضم هذه التحولات، ولها أدوار خاصة في الظل، وأدوار أخرى منتظرة في المستقبل يتوقع أن تكون أكبر.
وعلى ذلك آثر نون بوست البحث في هذه الأدوار لبعض الشخصيات، وتقديم ملف “رجال الظل” ليساهم في إجلاء صور الفاعلين منهم في مستقبل الدول العربية، بتحديد الحيثيات التي تجعلهم رجالًا في الظل، وكذلك شبكة علاقاتهم الإقليمية والدولية، وطبيعة دور هذه الشخصيات في التأثير على الواقع الحاليّ، وكذلك مدى فرصهم في الوصول إلى مناصب رسمية في المستقبل.
هذا الملف يساعد على إظهار حقيقة بعض الأدوار الخفية التي تُمارس في المنطقة عبر شبكات من العلاقات الإقليمية والدولية، ولها التأثير الأبرز في صناعة المشهد الحاليّ للمنطقة، عبر الأشخاص الذين سيتناول الملف التعريف بهم وبطبيعة أدوارهم الحاليّة والمتوقعة مستقبلًا.
محمد دحلان.. يخدم من؟
دائمًا ما كان يرتبط اسم النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، بالكثير من الملفات السوداء والشائكة في المنطقة بأكملها وتدور حوله بشكل مستمر علامات الاستفهام بالأدوار التي يلعبها، وكذلك الجهات التي يخدمها وينفذ مخططاتها بكل دقة.
فدور النائب محمد دحلان أو ما يطلق عليه بعض الفلسطينيين “الثعلب”، لم يقتصر على حدود دولة فلسطين التي ولد في أحد أحيائها الفقيرة وأصبح الآن من أشهر وأغنى الفلسطينيين بصورة مفاجئة، وشهدت خلال فترة وجوده في القطاع بعد توليه عدة مناصب أمنية هامة ومرموقة أبرزها جاهز “الأمن الوقائي” و”المخابرات”، وتشكيله لـ”فرقة الموت” الكثير من الأزمات والخلافات الداخلية مع جميع الفصائل وعلى رأسهم حركة حماس.
فشهد قطاع غزة الكثير من التجاوزات مع قيادة حركة فتح والمقربين من الرئيس الراحل ياسر عرفات “أبو عمار” خلال فترة وجود دحلان، وعمليات اغتيال وتصفية كبيرة، حتى تطورت ووصلت إلى حد الاشتباك المسلح مع حركة حماس الأمر الذي دفعه للهرب من القطاع تجاه مصر خوفًا على حياته، وترك القطاع تحت حكم حماس منتصف العام 2007.
دحلان في قطاع غزة قبل هروبه
اللحظة الحاسمة
اسم محمد دحلان لم يرتبط فقط بقطاع غزة وافتعاله للأزمات والخلافات الداخلية وتنامي الحقد الفلسطيني عليه، بل ذهبت أصابع الاتهام لأبعد من ذلك حين خرجت قيادات فتحاوية كبيرة تتهمه بالضلوع المباشر في التسبب بوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
فخرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس صراحة في مؤتمر صحفي بذكرى انطلاقة حركة فتح وقال: “أنا أعرف من اغتال الرئيس عباس، وستندهشون من القاتل، وسيتم الإعلان عن اسمه قريبًا”، في إشارة واضحة لمحمد دحلان.
فكانت الاتهامات التي دائمًا ما كان يُنكرها وينفيها دحلان بشكل قاطع، تتحدث بأن محمد دحلان ساعد الاحتلال الإسرائيلي عبر شخصيات فلسطينية مقربة بدس السم لياسر عرفات، حتى توفي وما زال ملفه مفتوحًا حتى هذه اللحظة، مع اتهامات مستمرة لدحلان بتدبير الحادثة.
وحاول محمد دحلان خلال وجوده في الضفة الغربية المحتلة، بعد هروبه من قطاع غزة، إقامة علاقات “سرية” مع مسؤولين إسرائيليين “أمنيين وسياسيين”، وكانت دائمًا ما تجري تلك اللقاءات بعيدًا عن أعين رجال الرئيس محمود عباس وحركة فتح، مما فتح باب انتقادات جديدة وعلامات استفهام كبيرة عن الهدف من تلك اللقاءات السرية مع الإسرائيليين خاصة بعد مقتل الرئيس الراحل “أبو عمار”.
وهنا كانت اللحظة الحاسمة، فبعد تقارير سرية كثيرة وصلت مكتب الرئيس عباس تحذره من مخططات دحلان، وأنه يخطط لخلافته في رئاسة حركة فتح وكذلك الصعود على كرسي رئاسة السلطة الفلسطينية، فقرر الرئيس عباس اتخاذ عدة خطوات من شأنها أن تقلل من نفوذ محمد دحلان داخل الحركة في قطاع غزة والضفة الغربية، وقطع طريق الوصول لكرسي الرئاسة.
دحلان خلال لقائه بالإسرائيليين
فأصدر الرئيس عباس قرارات تتعلق بفصل وإيقاف عن العمل كل شخص يتبع لمحمد دحلان، ففصل المئات من العناصر إضافة إلى الضغط على اللجنة المركزية لحركة “فتح” لإصدار قرار بفصله من حركة “فتح” نهائيًا تحت تهم “الخيانة والفساد المالي والإداري”.
وفي مايو/ أيار 2011، صدر قرار من اللجنة المركزية لحركة فتح بفصل محمد دحلان من عضوية الحركة، وتحويله إلى النائب العام بتهمة الفساد المالي وقضايا القتل، وعلى إثر ذلك تعمق الخلاف بين محمد دحلان وعباس، رافقته موجة من التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات بينهما، رغم سعي مصر ودول أخرى لوضع حد لهذا الخلاف.
وعلى الرغم من قرار الفصل الرسمي من حركة فتح، فإن محمد دحلان واصل هجومه الحاد على الرئيس عباس، وانتقاد سياسته في التعامل مع المتغيرات والأزمات الفلسطينية الداخلية والخارجية، فقرر أن يبدأ اللعبة السياسية مع الرئيس عباس من الخارج.
دحلان في رام الله قبل طرده منها
بداية اللعبة
وهنا قرر دحلان خوض غمار المعركة مع الرئيس عباس ورجال حركة فتح المقربين منه، فبدأ بحملات تشهير كبيرة ضد الرئيس الفلسطيني ومركزية فتح تارة بالخيانة والتملق، وأخرى بأنهم تسببوا بـ”ضياع حركة فتح وضياع مشروعها المقاوم والوطني” عبر منابره الإعلامية الخاصة.
دحلان لم يتوقف عند استخدام منابر الإعلام لتشويه صورة الرئيس عباس وقادة فتح، بل استخدم نفوذه المالي الكبير، في إغواء وإغراء أعداد كبيرة من قيادة الحركة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بضمهم لصفه، والدخول معه في نفق القتال ضد عباس ونجح فعليًا في ذلك.
وبحسب قيادات فتحاوية بارزة، فإن دحلان ذا الشخصية المثيرة للجدل والمنافس الأول والأكبر للرئيس عباس، استطاع أن يخترق الدائرة الضيقة للرئيس عباس ويجند فيها رجاله، وإنهم فقط ينتظرون ساعة الصفر للانقلاب على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يعاني وبات وضعه في الحركة ضعيفًا للغاية.
وهنا قال الكاتب المحلل السياسي الفلسطيني فايز أبو شمالة، إن دحلان نجح في اختراق الدائرة المقربة من الرئيس محمود عباس، سعيًا منه للوصول إلى الرئاسة، وبحسب ما أفاد به أبو شمالة، فإن لديه معلومات مؤكدة تثبت نجاح دحلان في اختراق الدائرة المقربة والصلبة من عباس، وكذلك تمكنّه من شراء تنظيمات فلسطينية بأكملها، بالإضافة للكثير من الأسماء والشخصيات والكتاب والقادة الميدانيين.
وقال: “هناك قناعة لدى المقربين من الرئيس عباس أن المستقبل لدحلان، وأنه هو الرئيس القادم”، مؤكدًا على أن علاقة هذه الشخصيات (لم يذكرها) بعباس ليست علاقة عقائدية كي يبقوا مخلصين له، لكنها علاقة مصلحة.
وأشار المحلل الفلسطيني إلى أن رجال عباس بدأوا يتساقطون، خوفًا وطمعًا، وبعض القادة في رام الله صاروا ينفذون أوامر رجال محمد دحلان في غفلة من محمود عباس، لافتًا إلى أن بعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح يُكنون احترامًا كبيرًا لدحلان ورأيه، ورجال عباس ينتظرون ساعة الصفر كي ينقلبوا عليه وينصبوا دحلان رئيسًا بأي طريقة ممكنة.
وبعد الخلافات والصراعات داخل الساحة الفلسطينية بين عباس ودحلان، أمر الرئيس عباس بنقل تلك الخلافات وبالتحديد عبر مؤسسة “الإنتربول” الدولية، حين قرر تقديم طلب رسمي للوكالة الدولية بإلقاء القبض على دحلان وتسليمه للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي فتح باب صراع جديد بين الرجلين.
وهنا رأى مراقبون ومحللون في قرار عباس بالقبض على دحلان جولة جديدة من المعركة الدائرة بين الرجلين، لكن الجولة قبل أن تبدأ ستصطدم بالعديد من العقبات أبرزها دولة الإمارات العربية المتحدة التي يقيم فيها دحلان.
وأصدرت محكمة جرائم الفساد الفلسطينية، ومقرها رام الله قبل أيام حكمًًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة مالية تقدر بـ16 مليون دولار، بحق النائب دحلان، وذلك عندما عمِل منسقًا للشؤون الأمنية في الرئاسة الفلسطينية عامي 2007 – 2008.
هذا الحكم القضائي على دحلان، جاء بعد يوم من رفع الحصانة عنه وعن 4 آخرين من نواب حركة فتح بالمجلس التشريعي، وبذلك أصبح دحلان ليس فقط خارج حركة فتح، وإنما أيضًا خارج التشريعي، ودون أي مسمى تنظيمي أو برلماني، وهو الآن مطالب بالمثول أمام القضاء الفلسطيني في عدة تهم وكلها تُهم كبيرة بالمناسبة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن حركة فتح تشهد منافسات كبيرة بين كبار قادتها، الذين يرمون إلى خلافة أبو مازن، الذي يناهز عمره الـ81 عامًا، بعد أن أعلن مرارًا أنه لن يترشح مجددًا لرئاسة السلطة الفلسطينية.
وتشهد كذلك الساحة الفلسطينية خلافات دائرة ومستمرة بين عباس ودحلان، لم تقتصر على الحرب الكلامية وتبادل الاتهامات بين القيادات المؤيدة لكل منهما فقط، بل انتقلت بقوة لساحات العمل الميداني ومواقع التواصل، فيما شهدت مناسبات عدة عراكًا بين أنصارهما.
دحلان داخل أحد المقرات الأمنية بالضفة
من يساند محمد دحلان ؟
عند فتح ملف دحلان والمرور بالملفات السوداء المرتبط بها سواءً كانت محلية أو عربية أو دولية، تُطرح هنا عدة تساؤلات مشروعة وتراود كل ذهن فلسطيني وعربي، تتلخص فيمن هو دحلان، ومن يسانده؟ وكيف يحصل على تلك الأموال؟ ومن يخدم؟ تلك التساؤلات تجد دائمًا طريقًا للإجابة ولكن…!
فدحلان أو “الثعلب” تعود أهميته بتمتعه بشبكة علاقات دبلوماسية وسياسية وشخصية، بإسرائيل وأمريكيا ودول عربية كثيرة، في حين كان يطلق عليه في السابق “ابن إسرائيل وأمريكيا المدلل”، فتجد مصر والأردن والإمارات التي يعمل مستشارًا أمنيًا لأحد أمرائها ويقيم فيها، دائمًا ما كانت تقف خلف دحلان وتقدم له كل الدعم السياسي والمالي، حتى وصلت إلى قطيعة الرئيس محمود عباس.
فحاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التوسط لدى الرئيس عباس لإعادة دحلان إلى حركة فتح مجددًا إلا أن الرئيس عباس رفض تلك الوساطة، الأمر الذي ترتب عليه توتر العلاقات بشكل كبير بين السلطة ومصر.
محمد دحلان والدول العربية
إضافة لعلاقات دحلان القوية بتلك الدولة وخاصة العربية، فإن السياسة التي يتبعها الرئيس محمود عباس، لم تكن محل رضى وقبول لعدد من الدول العربية التي كانت تعد في السابق سندًا قويًا وداعمًا لعباس للحفاظ على سلطته “المترنحة”.
فتوتر علاقة عباس بالنظام المصري، بات ظاهرًا للجميع بعد فشل الوساطة المصرية بملف دحلان، التي لم تكن الأخيرة على سجل الدول العربية التي ترفض سياسة الرئيس عباس الحالية، في التعامل مع الأوضاع الفلسطينية الداخلية خاصة في ملف دحلان.
وتحدثت هنا قيادات في فتح، بأن الرئيس عباس وصلته معلومات وصفت بـ”السرية”، بأن بعض الدول العربية تبحث فعليًا عن شخصية فلسطينية تكون بديلة له في المرحلة المقبلة، لرئاسة السلطة الفلسطينية التي على وشك الانهيار.
وأوضحت أن هناك مباحثات سرية جرت، وكذلك تم عرض بعض الأسماء التي يمكن أن تكون بديلة لعباس، وعلى رأسها محمد دحلان، وإنها فقط تنتظر القرار النهائي من عباس بالاستقالة لتنصيب دحلان خلفه، الأمر الذي تعقد كثيرًا بحسب الرئيس الفلسطيني، وجعلته ينتفض غضبًا ويرفض أي تدخلات عربية بالشؤون الفلسطينية الداخلية في إشارة واضحة لمصر والأردن.
فبات من المؤكد أن دحلان يتمتع بنفوذ سياسي دولي كبير، إذ إنَّ هذا الوزير والرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي في السلطة الفلسطينية عاش عدة أعوام في دولة الإمارات العربية المتَّحدة وهو مستشار الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، زد على ذلك أنَّه يعتبر صديقًا لرئيسي وزراء الجبل الأسود وصربيا، ميلو ديوكانوفيتش وألكسندر فوسيتش.
ففي عام 2010 حصل دحلان وزوجته على جنسية دولة الجبل الأسود، ووصفه رئيس وزرائها ميلو ديوكانوفيتش في البرلمان كصديق، جلب – بحكم علاقاته مع الأسرة المالكة في أبو ظبي – استثمارات كبيرة إلى دولة الجبل الأسود، وفي عام 2013 حصل دحلان أيضًا على الجنسية الصربية، وذلك بعد أن وعد هذه الدولة مثلما يُقال بملايين الدولارات كاستثمارات تأتي من دولة الإمارات العربية المتَّحدة.
الملفات السوداء
تدور منذ عدة أعوام حول شخصية محمد دحلان المثيرة للجدل شائعات بشأن مؤامرات وعمليات التصدِّي لمؤامرات، اشتدَّت أكثر في الشهور الأخيرة، فلم يرتبط اسم دحلان بالملفات الفلسطينية الشائكة فقط، بل تجاوز ذلك وأصبحت أصابع الاتهام توجه له من كل حدب وصوب، فتارة يتهم بضلوعه في “الانقلاب العسكري” الفاشل الذي جرى في تركيا في 15 يوليو/ تموز 2016 ، بتمويل من دول خليجية، واتهام آخر بدعم بعض التنظيمات المسلحة في سوريا، ومواجهة جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى المحاربة والهجوم المستمر والدائم على النظام التركي الحاكم، ومشاركته الاجتماعات الدولية في روسيا، وذلك كله لتطبيق “أجندات خارجية”.
كل تلك الاتهامات التي توجه لدحلان، تجعله فعلًا يدخل تحت مسمى “رجل الظل”، وتبقيه تحت “الشبهات” نظرًا للدور الخفي والسري الكبير الذي يلعبه في العديد من الملفات الساخنة على المستويين العربي والدولي، وكذلك الأجندات الخارجية التي ينفذها، في حين تبقى عينه موجهة دائمًا إلى كرسي الرئاسة الفلسطينية، ولكن يبقى السؤال المطروح هنا هل سيتحقق حلمه ومتى؟
من هو محمد دحلان؟
محمد يوسف شاكر دحلان ولد في مخيم خان يونس عام1961، قيادي في حركة فتح، وسياسي فلسطيني، ورئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق في غزة، وقائد سابق ومؤسس لمنظمة شبيبة فتح، وعضو العلاقات بمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح بالانتخاب في مؤتمرها السادس الذي عقد في بيت لحم بتاريخ 4/8/2009، وحصل على أعلى نسبة أصوات من مرشحي فتح في دائرة محافظة خان يونس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 م، واستقال من منصب مستشار الأمن القومي بعد الانقسام الفلسطيني، وشغل مفوض الإعلام والثقافة في اللجنة المركزية لحركة فتح، فصلته اللجنة المركزية لحركة فتح بعد تقرير يتعرض لقضايا جنائية ومالية وأحيل للقضاء على إثرها.
اختارته السلطة الفلسطينية عضوًا في فريق التفاوض الفلسطيني في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق أوسلو بدءًا من مفاوضات القاهرة عام 1994، ومرورًا بمفاوضات طابا والمفاوضات على إطلاق سراح الأسرى وواي ريفر وكامب ديفيد الثانية وانتهاءً بقيادته للمفاوضات التي أفضت إلى ما يسمى ببروتوكول العبور والحركة في سياق الإعداد لمرحلة ما بعد تطبيق خطة الإخلاء الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1995.
قضى محمد دحلان خمس سنوات في السجون الإسرائيلية في الفترة من 1981-1986 قبل ترحيله إلى الأردن عام 1988، متكلم يتحدث العربية والعبرية بطلاقة، متزوج من ابنة عمه وله طفلان ذكران
وفي سرد مختصر لتفاصيل حياته وعمله، يقول القيادي في حركة فتح حسين الشيخ في مقال سري سرب من مكتبه: “دحلان كان يسكن في بيت متواضع شأنه شأن كل الذين هاجروا من قراهم داخل الأراضي المحتلة، فعاش حالة المخيمات ووضع اللجوء إلى أن انتسب للجامعة الإسلامية في غزة ودخل في إطار ما يسمي بحركة الشبيبة الفتحاوية، وبدأ يبرز دوره كناشط داخل حركة فتح.
علمًا بأن هناك أشخاص في الإطار الطلابي أكثر منه نشاطًا وسمعة، لكن المخابرات الإسرائيلية بدأت باعتقاله لتلميع صورته، لم يحدث يومًا أن قام الاحتلال على مدي تاريخه بنقل شخص من زنزانته إلى مستشفى ليعالجه، سوى محمد دحلان في أثناء اعتقاله أخرجوه إلى مستشفي الشفاء وروجوا في الشارع أنه في حالة خطيرة نتيجة تعرضه إلى التعذيب الشديد، وبين الفينة والأخرى يعتقله الاحتلال بشكل وهمي ويستمر مسلسل صنع دحلان، لتكبير صورته النضالية بالساحة الشعبية أي بمعني أن كل من عاصر تلك الفترة يعي جيدًا بأن هذا الشخص صنيعة المخابرات الإسرائيلية.
ويقول: “فقد مضى على الثورة مناضلون ومطاردون كثيرون ولم يذكرهم الشعب الفلسطيني، كأنه لا يوجد في غزة مناضل سوى دحلان ، بعد ذلك فبركت له المخابرات الإسرائيلية عملية من أجل إبعاده إلى الخارج، وكأنه كان يشكل تهديدًا على أمن إسرائيل! بعد ذلك تم إبعاده إلى الخارج فقام دحلان بالتقرب هناك من أبو جهاد خليل الوزير أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية في الشتات، وبدأ يبرز دور دحلان كناشط في منظمة التحرير الفلسطينية في الساحة الخارجية، ثم انتقل إلى تونس ليكون مسؤولاً عن لجنة غزة مع نبيل طموس وبعض الشخصيات ذات السمعة السيئة” بحسب الشيخ.
وبدأ محمد دحلان من خلال نشاطه بتونس وتقربه من مركز القرار الفلسطيني وبالذات من الرئيس ياسر عرفات بالتسوية، حيث كان لمحمد دحلان دور في ملف التسوية مع إسرائيل، وعند توقيع اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية و إسرائيل عاد دحلان إلى غزة على رأس الملف الأمني من خلال تشكيل جهاز الأمن الوقائي الذي كانت وظيفته اجتثاث قوى المعارضة الفلسطينية واعتقال المناضلين في فلسطين.
بعد ذلك، قام محمد دحلان بفتح أبواب سجونه واعتقل المئات من الإسلاميين المعارضين لاتفاقية أوسلو ولتأسيس السلطة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، وكان يشغل مدير ملف التنسيق الأمني وتبادل المعلومات مع الجانب الإسرائيلي وتربطه علاقة قوية بوزير جيش الاحتلال الإسرائيلي شاؤول موفاز ورئيس شعبة الموساد الإسرائيلي يورام كوهين.
محمد دحلان مصدر ثقة عند إسرائيل أكثر من غيره من الشخصيات الفلسطينية، فهو كان المسؤول عن الأمن السياسي في مناطق السلطة الفلسطينية، كما كان مسؤولًا عن التنسيق الأمني المتبادل مع إسرائيل
وبعد قدوم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة والضفة الغربية بدأ دحلان يتصرف وكأنه الحاكم الوحيد في غزة، حيث كان يصفي معارضيه من خلال جهاز الأمن الوقائي التابع له، وبعد سيطرة دحلان على مقاليد الحكم في غزة بدأ يبرز دوره الاقتصادي داخل القطاع.
وقام بشراء أكبر عقارات غزة أبرزها بيت الرجل الثري رشاد الشوا وبنى قلعة على شاطئ بحر غزة كما كانت له أسهم في كبري شركات الأسمنت وأسهم في مشاريع ومناقصات إعمار غزة، في ذلك الوقت، كان دحلان وموسى عرفات حديث الشارع الفلسطيني ويعتبروا من كبار رموز الفساد في السلطة الفلسطينية.
إلى أن جاءت سيطرت حماس على غزة، بعدها فر دحلان وزمرته بالمال الفلسطيني من قطاع غزة، وبدأ يستثمر الأموال في كل من الأردن والإمارات حيث يملك العديد من الشركات التجارية برفقة زميله محمد رشيد المستشار السابق للرئيس ياسر عرفات.
ويضيف الشيخ: “محمد دحلان ومحمد رشيد متورطين في سرقة المال العام الفلسطيني، ونحن لا نتجنى عليهم بل إن حركة فتح هي التي رفعت قضية لإحضار محمد رشيد في قضية فساد وسرقة أموال عامة، وتم إخطار محمد رشيد للحضور والمثول والرد على الادعاء أمام المحكمة التي شكلها الرئيس محمود عباس، الحديث يدور عن اختفاء ملايين الدولارات سواء الخاصة بحركة فتح أو السلطة ، ولكن محمد رشيد لم ينفذ قرار المحكمة ورفض المثول أمامها طالبًا ضمانات بعدم الاعتقال ولجأ إلى نبش ملف الفساد واتهام الرئيس محمود عباس وأبنائه أنهم متورطين بالفساد وهذا ما تعودت عليه حركة فتح وقادتها التستر على المفسدين”.
“محمد دحلان ومحمد رشيد شركاء في سلب أموال الشعب الفلسطيني، وكانت تربطهم علاقة قوية بالجنرال الأمريكي دايتون التي أوكلت له مهمة إعادة بناء الأجهزة الأمنية من خلال محمد دحلان و رشيد أبو شباك”.
ويختم الشيخ قوله: “دحلان لم يكن يومًا صنيعة الواقع الفلسطيني، وإنما هو صناعة تم صناعتها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، تربى في كنف الاحتلال وهو الذي أشرف على إعداده لهذه المهمة التي قام بها على مدار العديد من السنوات”.
لمتابعة ملف رجال الظل كاملاً يمكن أن تجده هنا