منذ ترشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة ووعوده وتصريحاته تثير جدلًا كبيرًا لدى كبار الشركات في قطاعات عديدة وأبرزها مجموعات صناعة السيارات كجنرال موتورز وفورد، بالإضافة إلى شركات التقنية والتكنولوجيا حيث تقوم جل الشركات الأمريكية بتصنيع منتجاتها خارج الولايات المتحدة.
بينما وعد ترامب تنفيذ سياسات إنمائية من خلال إجبار الشركات الأمريكية على إعادة وظائفها إلى داخل البلاد أو فرض ضرائب باهظة عليها في حال استمرارها بتصنيع منتجاتها خارح البلاد.
ترامب يهدد شركات بلاده
انتقد ترامب توجه الشركات الأمريكية الكبرى لنقل مصانعهم إلى المكسيك وبالتالي نقل فرص العمل إلى هناك على حساب المواطنين في الولايات المتحدة، وتعهد ترامب بإعادة النظر في اتفاقية نافتا المعمول بها منذ العام 1994 ويزيد الضرائب على الواردات ويعاقب الشركات التي تنقل مصانعها لخارج الولايات المتحدة.
شركات صناعة السيارات تريد البقاء في المكسيك ليتمكنوا من تصنيع السيارات الصغيرة التي لا تعد مربحة بالمقارنة مع سيارات الدفع الرباعي التي تهيمن على الأسواق الأمريكية، واتفاقية نافتا مع دول أمريكا الشمالية توفر لهم الوصول إلى العمالة الرخيصة التي تمنح سيارتها الصغيرة الميزة التنافسية.
وحول آخر ما تناوله ترامب في هذا المضمار هدد شركة جنرال موتورز الأمريكية عملاق صناعة السيارات الأمريكية بفرض ضرائب باهضة عليها إذا ما واصلت صناعة السيارات خارج البلاد في إشارة لمصنعها في المكسيك، إذ أشار أن الشركة تصدر سيارات الشيفروليه كروز التي تصنعها في المكسيك لتبيعها في الولايات المتحدة بدون ضرائب. وقال ترامب إما أن تصنع الشركة داخل الولايات المتحدة أو تدفع ضريبة عالية عند إدخال منتجاتها لداخل الولايات المتحدة.
وعد ترامب تنفيذ سياسات إنمائية من خلال إجبار الشركات الأمريكية على إعادة وظائفها إلى داخل البلاد أو فرض ضرائب باهظة عليها في حال استمرار تصنيع منتجاتها في الخارج
بينما ذكرت الشركة في بيان لها ردًا على تهديدات ترامب أن سيارات شوفرليه كروز التي تقوم بتصنيعها في المكسيك تعد للتصدير إلى الأسواق العالمية، بينما جزء قليل يدخل إلى الولايات المتحدة. ونقل عن الشركة أن من بين 190 ألف سيارة شوفرليه كروز باعتها في الولايات المتحدة كان هناك 4500 سيارة فقط مصنعة في المكسيك. وحسب البيان الصادر عن الشركة ذكر أن الشركة تصنع موديل شوفرليه كروز هاتشباك في المكسيك لتصديره للأسواق العالمية وبيع جزء قليل في الولايات المتحدة.
وفي نفس السياق أعلنت شركة فورد الأمريكية لصناعة السيارات عن إلغائها خطة لبناء مصنع في المكسيك بقيمة 1.6 ميار دولار دعمًا لسياسة ترامب الإنمائية وقال المدير التنفيذي للشركة مارك فيلدز إن الشركة قررت تخصيص 700 مليون دولار للاستثمار في إحدى مصانعها في ولاية ميشيغن بحيث يستمر الاستثمار لمدة 4 سنوات ويوفر 700 فرصة عمل جديدة وستركز الشركة في استثمارها على صناعة سيارات تعمل بالكهرباء إلى حانب منتجات أخرى، وبهذا تكون الشركة قد تراجعت عن خططها لبناء مصنع لها في المكسيك حيث كان من المفترض له أن يخلق 2800 فرصة عمل.
ويذكر أن شركة فورد سبق لها وأن أعلنت بعد فوز ترامب أنها ستواصل مشاريعها في المكسيك حيث كلفة اليد العاملة أقل بكثير من الولايات المتحدة، وقال فيلدز أنه لن يعود عن مشاريعه الاستثمارية في المكسيك.
وعزا مارك فيلدز تبدل موقفه إلى المناخ الأكثر إيجابية بالنسبة إلى الصناعة والاستثمار في الولايات المتحدة، وأشار أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع ترامب حول هذا الموضوع.
وبعد إعلان فورد لقرارها عبرت وزارة الاقتصاد المكسيكية عن أسفها لهكذا قرار وذكرت في بيان لها أن نمو شركة فورد في المكسيك يمثل استراتيجية تنافسية تقوم على سلسلة من القيم العالمية تخوض عبرها أمريكا الشمالية تنافسًا مع مناطق أخرى في العالم.
من الممكن أن تؤدي مواقف ترامب من شركات السيارات الأمريكية التي تنتج في دول أمريكا الشمالية إلى أزمة سياسية بين الدول الموقعة على اتفاقية نافتا
سجل ترامب انتصارًا على المجموعة الصناعية فورد مرتبن الأولى تحقق في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني حيث تم إلغاء انتقال موقع لتجميع السيارات في ولاية كنتاكي بعدما كان مقررًا نقله إلى المكسيك، والثانية عندما عدلت الشركة عن بناء مصنع لها في المكسيك مقابل الاستثمار في ولاية ميشيغن.
يذكر أن ترامب يركز على مصانع السيارات الأمريكية المتواجدة في المكسيك ولم يتوجه بعد إلى بلدان أخرى تحتضن مصانع أمريكية مثل كندا، وحسب شبكة CBC NEWS الأمريكية فإن هذا يعود إلى الاندماج الحاصل في قطاع السيارات الكندية والأمريكية في قطع الغيار والسيارات وعبورها الحدود بسلاسة. فإذا ما أقدم ترامب على فرض رسوم على السيارات المصنعة في كندا والعابرة إلى الولايات المتحدة سيكون هذا بمثابة ضربة قاسية للمستهلك الأمريكي بسبب المنفعة المتبادلة بين كلا البلدين.
من الممكن أن تؤدي مواقف ترامب من شركات السيارات إلى تكبيد صناع السيارات خسائر من صناعة السيارت الصغيرة في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع التكاليف مقارنة مع دول أمريكيا الشمالية، وأزمة سياسية بين الدول الموقعة على اتفاقية نافتا والتي ينوي ترامب إعادة النظر فيها لتصبح لصالح الولايات المتحدة بشكل أكبر وهذا سيتضح أكثر مع دخول ترامب للبيت الأبيض.
وادي السيليكون قلق
العامل المشترك لدى شركات التقنية الأمريكية هو بغضهم لترامب والغموض الذي يلف سياساته المرتقبة، حيث تطرق ترامب أثناء حملته الانتخابية على إجبار شركة آبل على تصنيع منتجاتها في الولايات المتحدة بدلا من الصين وانتقدها في عدم رضوخها لطلب مكب التحقيقات الفدرالي بفك قفل هاتف آيفون كان يمتلكه أحد منفذي هجوم سان برناردينو، وقد أرسل الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك رسالة لموظفي الشركة في كل الفروع لطمأنتهم مؤكدًا أن آبل لديها فريق متنوع من كل الأطياف.
بالرغم من البغض العميق الذي تكنه شركات التقنية لترامب إلا أنها تخشى من إلغاء عقودها السخية مع الحكومة الأمريكية
أما مايكروسوفت فانتابتها حالة من القلق هي الأخرى بسبب الإجراءات التي وعد بها ترامب وخصوصًا فيما يتعلق بالمهاجرين فالرئيس التنفيذي لأكبر الشركات التقنية في العالم هو ساتيا ناديلا من الهند، الذي أكد أن مايكروسوفت لديها قاعدة متنوعة من الموظفين مكرسة للإبداع رغم الخلافات السياسية.
وتشابه موقف مارك زوكربيرغ مؤسس شركة فيس بوك مع مواقف من سبقه وقال في رسالة وجهها لموظفيه أن قيم الشركة يجب ان تكون مكرسة دوما للعالم الذي نريده لأبنائنا وأن هذه القيم أهم وأكبر من أي منصب في العالم.
يذكر أن استطلاعًا لمعظم شركات التقنية حول موقفها من من مساعدة ترامب في بناء سجل خاص بالمسلمين في الولايات المتحدة من أجل تعقبهم، جاء فيه أن آبل وغوغل وأوبر أكدت بوضوح موقفها الرافض لمساعدة ترامب في هذا، كما وقع أكثر من 1300 موظف من شركات التقنية الكبرى تعهدًا بعدم المساعدة أبدًا في بناء سجل للمسلمين.
وعلى الرغم من البغض العميق الذي تكنه شركات التقنية لترامب إلا أنها في نفس الوقت تخشى من إلغاء عقودها السخية مع الحكومة الأمريكية التي تقدر بمليارات الدولارات إلى جانب الطمع بما يمكن أن تحققه من صفقات مجزية في ظل إدارة ترامب.