كعادة كل الأطفال وقعت بحب أفلام الرسوم المتحركة عندما كنت صغيرة، غصت في عالم ديزني، ألفت العديد من الحكايات لعرائسي الصغيرة، وكنت دائمًا ألتصق بالنهايات السعيدة.
ذات يوم شاهدت فيلمًا لعروس البحر، لم يكن الفيلم الخاص بـ”ديزني”، بل فيلمًا غريبًا ماتت فيه عروس البحر في النهاية، تحولت إلى “زبد البحر”، وظللت أبكي لفترة طويلة بسبب ذلك “هذا لا يمكن أن يكون عادلًا” هكذا – كطفلة – رددت.
لم تكن مشاكل الرسوم المتحركة بالنسبةِ لي تعتمد على “خيبة الأمل” التي تلي بعض النهايات التعيسة، بل لأنني قلدت بعض تلك الأشياء، ولم تكن حقًا أشياءً جيدة!
تمتُع الأطفال بأفلام الرسوم المتحركة لا يعني بالضرورة أنها جيدة لأجله، ليس علينا ترك الأطفال أمام التلفاز يشاهدون أي شيء فقط دون مراقبة ومشاهدة ما يشاهدونه، وهذا لأسباب عديدة، سأعرض أهمها، وأشهر الحوادث التي حدثت للأطفال بسبب تلك المشاهدات غير الواعية.
المشاكل الصحية
نعم أفلام الرسوم المتحركة قادرة إلى إصابة أولادنا بالمشاكل الصحية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فدعنا نرى كيف من الممكن أن تؤثر تلك الأفلام المسلية على حياة أطفالنا الصحية:
صدمة البوكيمون
في اليابان عام 1997 سُجلت 653 حالة صرع استقبلتها المستشفيات، بعد عرض إحدى حلقات الأنمي الياباني الشهير “بوكيمون”. أنمي “بوكيمون” لـ “ساتوشي تاجيري” يحكي عن طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، يدعى “آش”، ويحاول أن يصبح أفضل لاعب بوكيمون في العالم.
في 16 من كانون 1997 استقبلت مستشفايات اليابان 685 طفلًا بعد تعرضهم لنوبات دوار وغثيان وصرع، بل وعمى مؤقت بسبب عرض الحلقة الـ38 من حلقات أنمي بوكيمون وهيElectric soldier porygon.
تدور أحداث الحلقة عن مغامرات “آش” وأصدقائه في أثناء سفرهم داخل جهاز “بوكيبول”، مشكلة الحلقة تقنية للغاية، ففي جزء منها تم استخدام تقنية الرسوم المتحركة المضيئة بسرعة، ومع استخدام وميض الألوان الأحمر والأزرق أدى هذا إلى إصابة الأطفال بهذه النوبات.
سميت تلك الحالة “صدمة البوكيمون” أو “Pokemon shock”.
كلفت تلك الحادثة شركة “نيتندو” أموالًا طائلة على سبيل تعويض العائلات المتضررة، كذلك تغيرت سياسة عرض حلقات الأنمي، وبدأت في إحداث تعديلات في طريقة عرض الرسوم، كما أوضحت إلى المشاهدين المشكلة، وشرحت لهم الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار هذا الحادث مرة أخرى.
قُبلة الضفدع
يعتبر فيلم “الأميرة والضفدع” من أكثر الأفلام المسلية التي صنعتها “ديزني”.
الفيلم صدر عام 2009، وهو مقتبس عن رواية إ. د. بيكر “الأمير الضفدعة”، والرواية ذاتها اقتُبست عن حكاية من حكايات “الأخوين جريم” “الأمير الضفدع”. الفيلم من إخراج جون موسكر ورون كليمنتس، وتأليف راندي نيومن.
تدور أحداث الفيلم عن الأمير نافين المحب للموسيقى، يقابل دكتورًا مشعوذًا يحوله إلى ضفدع، وفي محاولته كي يعود إلى طبيعته البشرية يقابل الفاتنة تيانا، يحاول إقناعها بتقبيله ليتحول إلى أمير من جديد، لكن المحاولة تفشل وتتحول هي إلى ضفدع!
تلك القبلة التي أعطتها تيانا إلى نافين أدت إلى إصابة نحو 50 طفلًا أمريكيًّا بالسالمونيلا، بسبب محاولتهم تقبيل ضفادع!
الـــعــــنـــف
الرسوم المتحركة تقدم العديد من الرسائل غير المباشرة لعقول الأطفال، على سبيل المثال ما نراه في
سلاحف النينجا
“ليوناردو” أحد أعضاء سلاحف النينجا، نراه في الحلقات يقاتل بشراسة ويهدم المباني ويضرب الأشرار بكل عنف.
توم وجيري
“توم وجيري” يركضان خلف بعضهما البعض، محاولان إصابة بعضهما البعض بأي شكل، ضرب.. تكسير.. نجد القط يعاقب على ما يقترفه الفأر، والفأر يهرب بعدما يضرب القط ويحيل حياته جحيمًا، بينما القط يفكر دائمًا في قتل الفأر أو أكله.
تلك الرسائل المباشرة أو غير المباشرة تصيب الأطفال بحالة من “تقبل العنف”، فرأس الأطفال كالإسفنج تمامًا، يستطيع تقبل العنف كشيء طبيعي جدًا، وينظرون إليه كأنه واقع ملموس، فهم أكثر عرضة لتقليد ما يرونه.
يقول خبراء الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال“AAP” إن الأطفال الذين الذين يشاهدون الرسوم المتحركة التي تميل إلى العنف يكونون أكثر عصبية وعدوانية.
فهناك ثلاث آثار سلبية للرسوم المتحركة التي تميل إلى العنف وهي:
1- فقدان القدرة على الشعور بآلام الآخرين.
2- عدم الانزعاج بسبب وقوع أي عنف حولهم في الحياة الحقيقية.
3- يصبحون عرضة للتصرف بعدوانية وعنف.
محاولات التقمص
في أوقات كثيرة عندما يشاهد الطفل الرسوم المتحركة يعتبر نفسه جزءًا من البطل، عادةً يكون البطل عدواني للغاية، أو لديه قوة ما خارقة، فهو من الممكن أن يطير، يستطيع التنقل بين المباني بسهولة، السقوط من الطابق العاشر دون خدش.
هذه الشخصيات العدوانية أو الخارقة تتحول إلى “قدوة”، ودون إشراف الوالدين سيصبح من الصعب التفريق بين ما هو واقعي وما هو خياليّ.
قد تشكل تلك الأشياء تهديدات على حياة الأطفال، فهناك من أخذها بالفعل إلى حد التطرف.
على سبيل المثال في السبعينيات ظهرت على شاشات التليفزيون المصري مسلسل رسوم متحركة يدعى “فرافيرو”، ذلك الطفل فرافيرو كان يستطيع الطيران، وبسببه حدث أن بعض الأطفال حاولوا الطيران بالفعل من فوق أسطح المنازل، ولقوا حتفهم.
أيضًا في 2013 قفزت فتاة صينية صغيرة (4 أو 5 أعوام) من الدور السادس بمظلتها، مقلدة إحدى شخصيات مسلسل الرسوم المتحركة المفضل لديها!
المعتقدات الخاطئة
معظم أفلام الكارتون التي يراها أولادنا تكون مدبلجة عن لغات أخرى، فيبدأ أولادنا بتشرب تلك المعتقدات والثقافات المختلفة، التي قد تؤثر بشكل سلبي عليه، وقد ظهر الأمر بشكل كبير عام 2012 في الجزائر، عندما انتحر 3 أطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ12 بطريقة متشابهة، وفي توقيت متقارب بعد عرض حلقة من حلقات الأنمي الشهير “المحقق كونان”.
“المحقق كونان” هي سلسلة “ماجا” للكاتب غوشو أوياما حُولت إلى أنمي في يناير 1996.
تدور أحداث الأنمي عن المتحري “سينشي كودو” الذي كان يتتبع أحد الأشخاص المشبوهين، فهجم شريكه عليه وأجبره على تناول عقار ما، وعندما استيقظ سينشي وجد جسده قد تقلص، فتخفى في شخصية الطفل كونان، وبدأ استكمال مشواره في التحري.
إحدى الحلقات التي عُرضت انتحرت فيها إحدى الشخصيات شنقًا لأنها سئمت الحياة، معتقدة أنها سوف تعود بعدها إلى حياة جديدة تملأها السعادة.
تلك الحلقة أثرت بالأطفال الثلاث ودفعتهم للانتحار في محاولة منهم للعودة إلى حياة جديدة سعيدة، وقد قيل إن حوادث الانتحار ظلت تتوالى حتى سجلت الجزائر 15 حالة انتحار.