واجه سمير الوافي مقدم برنامج “لمن يجرؤ” حملة انتقادات لاذعة إثر انتهاء حلقته الحوارية التي استضاف فيها رئيس حركة النهضة ومحمود البارودي، برلماني معارض، والشيخ فريد الباجي المعروف ببعده عن حركة النهضة وكذلك الفنان مقداد السهيلي الذي صرح مؤخرا بأنه يفضل زمن ما قبل الثورة على ما يحدث الآن.
وإن كان الحوار قد دام لحوالي ساعتين فإن أكثر ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي فور انتهائه هو كلمة الغنوشي الأخيرة التي قال فيها: “نحن وشعبنا فخورون بصناعة ثورة سلمية راقية مبدعة أضاءت سماء العالم العربي … ونحن الآن بصدد تحويل هذه الثورة إلى دولة فيها حرية وكرامة وشغل، وفيها دين وتعايش ما بين مختلف الآيديلوجيات والأحزاب”.
الجيش وبن علي:
في الحلقة السابقة من نفس البرنامج، استضاف سمير الوافي مدير الأمن العسكري السابق الجنرال المتقاعد أحمد شابير، والذي فجر مفاجأة بقوله بأن معلومات استخباراتية نقلت إلى زين العابدين بن علي قبل أيام من هروبه تفيد بأن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي كان سيعود إلى تونس يوم 9 يناير2011، وبأن بن علي أمر آن ذاك بخطف الطائرة التي سيأتي عليها الغنوشي.
وفي أول تعليق منه على هذا الادعاء، قال الغنوشي أنه لم يكن ينوي العودة لتونس في تلك الأيام، وقال بأنه يتوقع بأن الجنرالات المحيطين ببن علي آن ذاك استغلوا “الخوف الذي يثيره اسم الغنوشي في قلب بن علي” للتأثير عليه ودفعه إلى الهروب.
حرية الضمير:
أثار بند “حرية الضمير” الذي وافقت حركة النهضة على إدراجه في الدستور التونسي جدلا و سخطا كبيرين بين المنتمين للتيار الإسلامي في تونس عامة والمنتمين لحركة النهضة خاصة، حيث يقول الفصل السادس من مسودة الدستور: “الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية”.
وكانت المفاجأة في لقاء البارحة هي أن المعارض محمود البارودي قال بأن المعارضة واجهت حركة النهضة بكتب الشيخ راشد الغنوشي التي تحدث فيها عن حرية الضمير وحرية الإنسان في اتباع الدين الذي يريد، وهو ما تقبله الغنوشي خلال البرنامج مؤكدا تبني الحركة لهذا الفصل.
أخطاء النهضة:
على عكس ما عهد من السياسيين في العالم العربي من إصرار على عدم الاعتراف بأخطائهم، صرح الغنوشي بأن حزبه تأخر خلال فترة مشاركته في الحكم في إنجاز العدالة الانتقالية والمحاسبة، وتأخر كذلك في تنظيم الانتخابات، ورأى بأنه كان يفترض أن “يهتم المجلس الوطني التأسيسي بالدستور فقط لا محاسبة الحكومة وتشريع القوانين”.
كما ربط تأخّر التنمية في البلاد بوقوع حكومات الحركة في خطأ التعامل مع البيروقراطية والقوانين التي تركها النظام السابق عوضا عن تجاوزها، مما أدى إلى تعطل نسبة كبيرة من المشاريع التنموية التي سعت النهضة إلى تنفيذها.
النظام السابق والتجمع وبورقيبة:
فاجأ الغنوشي الجميع بقوله بأنه كان يتمنى “أن لا يُحلّ حزب التجمع(حزب بن علي)” حيث اضاف بأنه كان يفضل أن يخوض “التجمعيون” الانتخابات حتى يتم هزمهم من خلال الانتخابات.
وفي تعليقه على الأصوات التي تقول بأن الوضع الإجتماعي في تونس كان أحسن خلال النظام السابق، وما يعتبره التونسيون “حنينا” للدكتاتورية، اعتبر رئيس حركة النهضة أن “هذه الأصوات تمثّل احتجاجا على الحاضر وليس حنينا إلى الماضي”.
كذلك واجه الغنوشي ما يوجه له من لوم بسبب عدم ترحمه على الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة، بالقول بأنه قال سابقا بأنه “لا يقدر على الترحم على بورقيبة” بسبب ما أصابه من أذى من “نظام الاستبداد” الذي أقامه بورقيبة، وبأنه يقدم الآن مصلحة الوطن ويقدم الصفح وتجاوز ما حصل، وبأنه يسأل الل أن يرحم بورقيبة.
السلفية والإرهاب:
من أكثر التصريحات التي تستخدمها المعارضة لمهاجمة راشد غنوشي قوله بأنه يعتبر السلفية أبناءه وبأنهم يذكرونه بشبابه، وَوُوجِه الغنوشي في حلقة البارحة بهذه التصريحات وبالتطورات التي عاشتها تونس والتي جعلت رئيس الوزراء المنتمي لحركة النهضة يعلن تصنيف تنظيم أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي.
وكان رد الغنوشي بأنه أدلى بتلك التصريحات عندما كان التيار السلفي يحمل فكرا متشددا ولا يستخدم العنف لتطبيقه، وبأنه وحركته واجهوا تنظيم أنصار الشريعة بحزم مباشرة فور ثبوت استخدامهم للعنف، مؤكدا بأن تهمة الإرهاب موجهة فقط للفصيل السلفي الذي استخدم العنف وبأن كلامه لا ينطبق على بقية السلفيين الذين لم يجنحوا للعنف حتى وإن كان يختلف معهم في عديد من الأفكار.
وحول إشاعة اعتقال زعيم تنظيم أنصار الشريعة التونسي “أبو عياض” في ليبيا على يد قوات أمريكية، قال الغنوشي بأنه يتمنى أن لا يوجد تونسي واحد متهم بالإرهاب وبأنه لا يتمنى أن يعتقل تونسي واحد بتهمة الإرهاب، إلا أنه سيكون سعيدا لاعتقال اي إرهابي.
كما أكد الغنوشي بأن لقاءاته بقيادات بعض التيارات السلفية ومن بينهم “أبو عياض” كانت قبل ممارستهم للعنف، وكانت في إطار محاولة ترغيبهم في العمل المدني عبر الأحزاب والجمعيات، وبأن صلته انقطعت بالكامل مع هؤلاء فور شروعهم في ممارسة العنف.