لقاء مرتقب سيضم رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، وقائد الجيش التابع للبرلمان، خليفة حفتر في العاصمة الجزائرية الأيام القليلة القادمة.
هذا اللقاء ليس الأول بينهما، فقد سبقهما لقاءان معلنان أحدهما في المرج والآخر في القاهرة، ومحورهما كان دعوة خليفة حفتر للقبول بالوفاق السياسي والاندماج في المنظومة الأمنية للوفاق، وقد فشل السراج في مساعيه والسبب هو تعنت حفتر حيث يرى في الخيار العسكري الحل للأزمة الليبية، وبالتالي فنظرته للوفاق سلبية وقد كانت شروطه للاعتراف بالاتفاق وبالمجلس الرئاسي تعجيزية.
لكن قبول حفتر الجلوس مع السراج وفي الجزائر يحتاج إلى وقفة لما للمكان من حيثيات ودلالات مهمة جدا؛ فالجزائر دولة كبيرة لها أسس ومنطلقات تحكم سياساتها الخارجية ورؤيتها للمشكل الليبي، من أبرز هذه الأسس والمنطلقات تحقيق التوازن في مقاربة الحل ومنع تغول طرف إقليمي وتضخم حضوره في توجيه الأحداث على الساحة الليبية، وهنا نشير إلى عدم رضا الجزائر عن دور القاهرة فيما يجري في ليبيا، خاصة رهان الأخيرة بشكل كبير على حفتر وعلى الخيار العسكري لفرض الاستقرار، إلى الدرجة التي يسلم فيها حفتر للنظام المصري، ويعكس هذا التسليم المطلق تصريحه بأنه مع أي قرار أو تحرك مصري حيال ليبيا حتى لو تعارض مع المصلحة الوطنية.
هذا اللقاء ليس الأول بينهما، فقد سبقهما لقاءان معلنان أحدهما في المرج والآخر في القاهرة، ومحورهما كان دعوة خليفة حفتر للقبول بالوفاق السياسي والاندماج في المنظومة الأمنية للوفاق
البعد المحوري الآخر في السياسة الخارجية الجزائرية، هو الملف الأمني والخوف من اضطراب الوضع في المنطقة الغربية، بشكل ينعكس سلبا على الاستقرار في الجزائر خاصة وأن العناصر الجزائرية فاعلة وبارزة بين التنظيمات المتشددة في المنطقة، ويمكن أن تستفيد من الاضطراب المحتمل في الغرب الليبي لتعيد تنظيم نفسها واستهداف النظام والدولة.
نجحت الجزائر نسبيا في أن تتساوق وأهداف سياستها الخارجية حيال ليبيا خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث استقبلت وفودا محسوبة على جبهة طرابلس في الصراع ما بعد الانقسام السياسي، ورعت بعض الاجتماعات لحل الأزمة الليبية، ونجحت في أن تكون صوتا يعرقل مساعي ترجيح كفة طرف على آخر في المحافل الإقليمية والدولية، وهي اليوم من الداعمين للوفاق وتعمل لدفعه للأمام خطوات.
إذا، الجزائر تسير وفق رؤيتها الواضحة تجاه الملف الليبي، لكن السؤال هو لماذا قبل حفتر بالوساطة الجزائرية، وهل يؤشر ذلك إلى تحول في توجهه الرافض للحل السلمي وللوفاق بسبب ضغوط إقليمية ودولية، وتراجع الدعم المطلق من قبل الدول العربية ومن ضمنها مصر؟ أم إنه قادم للاستفادة من نفوذ الجزائر لتمرير رسائله وفرض شروطه؟
نجحت الجزائر نسبيا في أن تتساوق وأهداف سياستها الخارجية حيال ليبيا خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث استقبلت وفودا محسوبة على جبهة طرابلس في الصراع ما بعد الانقسام السياسي، ورعت بعض الاجتماعات لحل الأزمة الليبية
من الممكن أن حفتر ومستشاريه يعتقدون الآن أن دور الجزائر في الأزمة الليبية قد يكون مهما في ظل الفتور في الدعم المصري المرتبط بالدعم الإماراتي، وذلك في ظل التأزيم الواقع بين أهم العواصم الخليجية والقاهرة، وأيضا مع تفاقم الأزمة المصرية الداخلية.
يضاف إلى ما سبق الدور المحوري لروسيا في المنطقة في ظل ارتباك الدور الأمريكي والأوروبي، ولا يستبعد أن يكون اتجاه حفتر إلى الجزائر بتوجيه روسي، فموسكو تثق في الجزائر أكثر من ثقتها في القاهرة، فالأولى ما تزال ضمن دوائر التنسيق الروسي، أما الثانية فعلاقاتها منذ أربعة عقود مرتبطة بالغرب سياسيا واقتصاديا وأمنيا، والفتور الراهن لا يعني على الإطلاق قطيعة وتغييرا في الأحلاف. ونعلم أن زيارة حفتر للجزائر الأسبوع المنصرم جاءت بعد زيارته لروسيا والتقائه بمسؤولين سياسيين روس كبار.
الجزائر تسير وفق رؤيتها الواضحة تجاه الملف الليبي، لكن السؤال هو لماذا قبل حفتر بالوساطة الجزائرية، وهل يؤشر ذلك إلى تحول في توجهه الرافض للحل السلمي وللوفاق بسبب ضغوط إقليمية ودولية
في حال ثبت أن التحليل السابق ليس واقعيا وذلك باتضاح الصورة من خلال نتائج الزيارة أو الاتجاه الذي سيسير عليه حفتر داخليا، فيمكن أن يكون قبول حفتر للقاء من باب ذر الرماد في العيون وتخفيف الضغوط الغربية عليه؛ بسبب رفضه للاتفاق السياسي وعدم اعترافه بشرعية المجلس الرئاسي، وبالتالي فإنه لن يتنازل عن شروطه التعجيزية السابقة، وتنازله وفقا للطلب الجزائري سيكون شكليا، فإذا قبل السراج الشروط فسيجد نفسه أمام موجة غضب من قبل جبهة المعارضين لحفتر في المنطقة الغربية، وإذا رفضها فالأزمة مستمرة والعجز مستمر والتصعيد العسكري محتمل جدا.
المصدر: ليبيا الخبر