في خطوة اعتبرها البعض متأخرة، أعلن البنك المركزي المغربي ووزارة المالية، مطلع هذا الأسبوع، الترخيص لخمسة بنوك إسلامية تشاركية والسماح لثلاثة بنوك محلية بتقديم منتجات تشاركية لزبائنها في المملكة.
البنوك “التشاركية” تفتخ أبوابها
بعد رفض طويل ونقاش دام سنوات، أصدرت لجنة مؤسسات الائتمان المكونة من ممثلين عن البنك المركزي ووزارة المالية المغربية رأيًا بقبول الطلبات المقدمة من أجل إنشاء بنوك إسلامية تشاركية، بهدف ضخّ مزيد من السيولة المالية للأسواق المغربية ودفع المستثمرين الأجانب للاستثمار في المملكة.
إفراج البنك المركزي المغربي عن تراخيص إنشاء بنوك إسلامية، جاء بعد أكثر من سنتين على مصادقة البرلمان المغربي على مشروع قانون البنوك التشاركية (الإسلامية)، في نوفمبر 2014 ،ودخل قانون البنوك الإسلامية في البلاد، حيّز التنفيذ، بعد نشره بالجريدة الرسمية، في يناير 2015.
ويسمح هذا القانون لبعض البنوك العاملة في المغرب أو خارجه، بتقديم خدمات بنكية إسلامية، مثل المرابحة والمضاربة والإجارة والمشاركة، وأية معاملات تتفق مع تعليمات المجلس العلمي الأعلى (أعلى مؤسسة دينية في البلاد)، وكانت السلطات المغربية بدأت عام 2010 السماح للبنوك التقليدية بتقديم مجموعة محدودة من الخدمات المالية الإسلامية مثل الإجارة والمرابحة، غير أن نتائج التجربة كانت محدودة النجاح.
اختار البنك المركزي المغربي اسم “البنك التشاركي“، وتخلّى عن الاسم المتداول في بعض الدول الإسلامية “بنك إسلامي“، للابتعاد عن عديد من الانتقادات الموجهة لهذه البنوك
طلبات القبول جاءت من أجل إحداث بنوك تشاركية من طرف كل من القرض العقاري والسياحي (مغربي) بشراكة مع بنك قطر الدولي الإسلامي والبنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا (مغربي) بشراكة مع المجموعة السعودية البحرينية دلة البركة، والبنك الشعبي المركزي (مغربي) مع المجموعة السعودية” غايدنس”، والقرض الفلاحي للمغرب (مغربي) بشراكة مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية والتجاري وفا بنك (مغربي).
أقر البرلمان المغربي قانون البنوك التشاركية في نوفمبر 2014
كما أصدرت اللجنة رأيها بالترخيص للبنك المغربي للتجارة والصناعة ومصرف المغرب والشركة العامة بقصد تقديم منتجات بنكية تشاركية لزبائنها، ووصل البنك المركزي المغربي أكثر من 17 طلبًا للترخيص لبنوك تشاركية، ويتعلق الأمر بطلبات واردة من مجموعات مصرفية مغربية وأخرى مختلطة، وطلبات لمصارف أخرى من قطر والكويت والإمارات والسعودية والبحرين.
واختار البنك المركزي المغربي اسم “البنك التشاركي“، وتخلّى عن الاسم المتداول في بعض الدول الإسلامية “بنك إسلامي“، للابتعاد عن عديد من الانتقادات الموجهة لهذه البنوك في خصوص اعتمادها على الشريعة الإسلامية، ومن المنتظر أن تشمل منتجات هذه البنوك “التشاركية” وخدماتها، قطاعات اقتصادية وعقارية وسياحية وصحية وتعليمية، ويعود للبنك المركزي المغربي الترخيص للمصارف، ومن بينها المصارف الإسلامية، علمًا أن المركزي المغربي يتمتع باستقلالية القرار عن الحكومة.
أي آفاق اقتصادية لهذه السوق المالية؟
رغم تأخر صدور هذه التراخيص، فإن عديد من الخبراء في المغرب، يؤكدون أن من شأن الترخيص للبنوك الإسلامية أن يساهم في دعم الاستقرار المالي والاقتصادي للمملكة وحمايتها من آثار الأزمات المالية العالمية ،ومن المنتظر أن يمكّن التمويل التشاركي من تعبئة مصادر تمويل إضافية للاستثمار الموجه للمشاريع الكبرى وإتاحة حلول جديدة للمغربيين، وتوفير التمويل المناسب للحاجيات الخاصة للأسر والمقاولات الصغيرة.
يملك المغرب، إمكانيات لاستقطاب تدفقات من البنوك الإسلامية الخليجية والماليزية بقيمة سبعة مليارات دولار بحلول 2018
وتتوقع تقارير اقتصادية أن يكون المغرب سوقًا واعدة في مجال الصيرفة الإسلامية، لأنها مطلب اجتماعي وشعبي، وموضوع اهتمام من الكثير من المستثمرين داخل المغرب وخارجه، وتسجّل هذه السوق المالية نسبة نمو سنوية تتراوح بين 15 و20% على المستوى العالمي، ويقدّر حجمه بنحو 1300 مليار دولار.
ويملك المغرب، إمكانيات لاستقطاب تدفقات من البنوك الإسلامية الخليجية والماليزية بقيمة سبعة مليارات دولار بحلول 2018، حسب تقرير لمؤسسة تومسون رويترز ومؤسسات مالية إسلامية، الذي أكّد أيضًا أن بمقدور المملكة تطوير قطاع للتكافل تفوق قيمته مائتي مليون دولار بحلول العام نفسه.
توقعات بنمو الاقتصاد المغربي بعد الترخيص للبنوك الإسلامية
ومن المنتظر أن يشرع المغرب، في إصدار أول سندات (صكوك) إسلامية في تاريخه، خلال النصف الأول من العام الحالي لسدّ العجز في ميزانيته العام، ويسعى المغرب، بعد دخول البنوك الإسلامية لتطوير التمويل الإسلامي من خلال جذب أموال من دول الخليج العربي.