وسط حالة من الترقب، تتوجه أعين الفلسطينيين هذه المرة إلى العاصمة اللبنانية “بيروت” التي تحتضن اجتماعات اللجنة التحضيرية المكلّفة بالإعداد لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، يومَيْ 10 و11 كانون الثاني الحاليّ، علها تجد ما تتمناه منذ11 عامًا بإغلاق صفحة الانقسام السوداء.
اجتماع بيروت بين الفصائل الفلسطينية هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة، وجاء بناءً على دعوة وجهها رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، استنادًا إلى قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إثر اجتماعها بتاريخ 27 كانون الأوّل 2016، والذي دعا اللجنة التحضيرية للاجتماع، وبعد مشاورات جرت بين الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين وافقتا على المشاركة في الاجتماع.
ويعول الكثير من الفلسطينيين على النتائج المتوقعة من لقاء بيروت، فينظرون له كأنه محاولة جديدة لتقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس، ومحاولة من أجل طي صفحة الخلافات القائمة والتوجه بصدق نحو إتمام الوحدة الوطنية الغائبة عن الفلسطينيين منذ سنوات طويلة.
محاولة جديدة للمصالحة
حركة حماس أعلنت رسميًا موافقتها على المشاركة في اجتماعات اللجنة التحضيرية الخاصة بالمجلس الوطني، وقالت الحركة إن قيادة الحركة درست الدعوة الكريمة التي تلقتها من الزعنون، للمشاركة في اللجنة التحضيرية الخاصة بالمجلس، ومناقشة الأوضاع الفلسطينية، وقررت المشاركة في الاجتماعات التحضيرية.
وأوضحت الحركة أن مشاركتها تأتي “انطلاقًا من الحرص على تعزيز الوحدة الوطنية، وتطبيق اتفاقات المصالحة الفلسطينية الهادفة إلى إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية بكل ملفاتها، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية”.
إسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس قال: “الموافقة جاءت بعد مشاورات داخل الحركة واستشارة بعض الفصائل الوطنية والإسلامية، وذلك حرصًا على الوحدة الوطنية وتطبيق المصالحة الفلسطينية”، مضيفًا “حرصنا على المشاركة في الاجتماع التحضيري لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وبهذا نؤكد على ضرورة تطبيق اتفاق القاهرة وإعادة تشكيل المجلس الوطني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية”.
وعن الملفات المطروحة في الاجتماع التحضيري للمجلس الوطني، أضاف رضوان “ندرس أن يتم تطبيق اتفاق القاهرة وإعادة تشكيل المجلس الوطني والمصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وصولًا إلى الشأن السياسي الخاص بالحفاظ على ثوابت الشعب الفلسطيني والتوافق الفلسطيني – الفلسطيني لأجل اتفاق المصالحة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي”.
وتأمل رضوان أن يكون هناك حرصًا وطنيًا لأجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، الأمر الذي يعالج كل المشاكل على الساحة الفلسطينية.
وتطالب حماس بشكل دائم بعقد ما يسمى “الإطار القيادي المؤقت” لحل قضايا الشعب الفلسطيني، ويضم هذا الإطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وممثلي الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي.
يشار إلى أن حركتي حماس والتحرير الوطني (فتح) اتفقتا في القاهرة عام 2011 ضمن تفاهمات المصالحة على عقد “الإطار المؤقت”، إلا أنه لم ير النور حتى الآن.
تحضيرات مستمرة.. وأمل قائم
واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كشف أن التحضيرات جارية لعقد اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني، المزمع عقده في بيروت، مؤكدًا وجود مشاورات سابقة مع الفصائل الفلسطينية كافة من أجل ضمان حضور الاجتماع، سواء فصائل منظمة التحرير بما فيها الجبهة الشعبية “القيادة العامة”، وطلائع حرب التحرير الشعبية قوات الصاعقة الموجودتين في سوريا، إضافة إلى الفصائل غير المنطوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية وهي حركتي “الجهاد الإسلامي” و”حماس”.
ونوه أبو يوسف إلى أن اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني عقدت أربعة اجتماعات سابقة في مدينة رام الله بالضفة الغربية، الأول كان برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وثلاثة اجتماعات برئاسة سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأشار إلى أنه، تم الاتفاق على أهمية عقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني من أجل انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ووضع برنامج سياسي جديد، وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، بما فيها اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي.
وأضاف “في ظل عدم انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني منذ فترة طويلة، يأتي الانعقاد في سبيل تعزيز وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والتأكيد على أهمية انطواء الجميع في إطارها، والتأكيد على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولا بد من انتظام عمل مؤسساتها.
وتابع “نأمل أن يكون هناك استحقاق ناتج عن اجتماع المجلس الوطني له علاقة بإذابة الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بشكل حقيقي”.
والمجلس الوطني الفلسطيني، هو بمكانة برلمان منظمة التحرير الفلسطينية، وعُقدت آخر دورة له في غزة عام 1996، تبعتها جلسة تكميلية في مدينة رام الله عام 2009.
ويعدُّ المجلس الوطني الفلسطيني هو الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها، وهو السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها.
مبادرة للخروج من مأزق الانقسام
من جانبه قال عضو اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني بسام الصالحي: “إن الصراع الحقيقي الذي يواجه القيادة هو إبقاء القضية الفلسطينية محورية أساسية على المستوى العالمي، وكذلك العمل على إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس”، مشددًا على ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني لإعادة ترتيب البيت الداخلي لمنظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها.
وأوضح الصالحي أن أهمية انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني تكمن في السياق السياسي لترتيب العلاقات مع الإقليم المحيط بالفلسطينيين في ظل الأزمات التي تمر بها الدول العربية، مشددًا على أن الصراع والتحدي الحقيقي الذي يواجه القيادة هو إبقاء القضية الفلسطينية على أجندة العالم، والقضية المحورية الأساسية على المستوى العالمي، وكذلك العمل على إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
واعتبر الصالحي مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية في اجتماع اللجنة التحضيرية في بيروت في الأيام القادمة توحيد وتمتين لموقف منظمة التحرير الفلسطينية.
وعلى ضوء التطورات الفلسطينية الداخلية، أطلقت الجبهتان الشعبية والديمقراطية مبادرة تتعلق باللجنة التحضيرية للدورة العادية المقدمة للمجلس الوطني، وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، لضمان أوسع مشاركة للقوى فيها.
والتقى وفدان من الديمقراطية برئاسة الأمين العام نايف حواتمة والشعبية برئاسة نائب الأمين العام أبو أحمد فؤاد للتداول بشأن التطورات السياسية الحالية على المستوى الوطني، تمهيدًا للمشاركة في اجتماع اللجنة التحضيرية للدورة العادية القادمة للمجلس الوطني الفلسطيني، وتوصلا إلى ما يلي:
1- ترحب الجبهتان بالمبادرة المسؤولة لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأخ سليم الزعنون بالدعوة لعقد اجتماع في بيروت للجنة التحضيرية للدورة العادية القادمة للمجلس الوطني، استجابة للمطلب الوطني الجامع في اختيار المكان المناسب الحاضن لمشاركة جميع القوى الفلسطينية من داخل منظمة التحرير الفلسطينية ومن خارجها.
2- تدعو الجبهتان جميع القوى الفلسطينية إلى المشاركة دون شروط مسبقة في اجتماع اللجنة التحضيرية التي ستكون معنية باعتماد جدول أعمال يلبي متطلبات وأولوية انعقاد دورة توحيدية للمجلس الوطني في أقرب فرصة متاحة.
3- تؤكد الجبهتان على الأهمية الفائقة لاستعجال إجراء انتخابات متكاملة للمؤسسات التشريعية الفلسطينية، وفي المقدمة المجلس الوطني الفلسطيني بنظام التمثيل النسبي الكامل وبالقائمة المغلقة، إنفاذًا لما نصت عليه جولات الحوار الوطني الفلسطيني الشامل بالقاهرة.
4- تعتبر الجبهتان الوظيفة التوحيدية للمجلس الوطني أولوية وطنية عليا، ينبغي توفير شروطها دونما تردد، بما في ذلك اختيار مكان انعقاد دورة المجلس، واعتماد البرنامج السياسي الوطني الموحد على أساس “وثيقة الوفاق الوطني 2006” وقرارات المجلس المركزي (2015) المجمع عليها وطنيًا.
5- تشدد الجبهتان على الضرورة القصوى للدعوة العاجلة لانعقاد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية في القاهرة، وبرئاسة الأخ محمود عباس، رئيس اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، لترسيم مخرجات اجتماع اللجنة التحضيرية والقضايا الأخرى الخارجة عن جدول أعمالها، وبما يخدم أولوية عقد مجلس وطني توحيدي ينتخب الهيئات القيادية المعنية، وبخاصة لجنة تنفيذية جامعة تضم جميع مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية.