على الرغم من عدم توفر الدعم المالي من الدول الصديقة والداعمة للثورة السورية، إلا أن الحكومة المؤقتة والتي تتواجد أجهزتها ومؤسساتها على مساحة 21% من الأراضي المحررة التي تسيطر عليها المعارضة السورية لا تزال تكافح من أجل إدارة موارد المنطقة المحررة بكل ما أتيح لها.
تسعى الحكومة المؤقتة منذ استلام جواد أبو حطب رئاستها إلى تسلم إدارة المعابر الحدودية مع تركيا والأردن، فهناك معبرين حدوديين مع تركيا هما باب السلامة وباب الهوى ومعبر نصيب مع الأردن.
منذ تحرر المعابر في الشمال السوري من يد النظام وتقوم على إدارتها الفصائل العسكرية ومن ثم آلت إدارتها للجان مدنية تعود للمجالس المحلية أو لجان تتبع للفصائل العسكرية، أما الأردن فالحكومة هناك لم تعطي الإذن بمزاولة العمل في معبر نصيب الحدودي لأسباب عديدة.
المعابر ثروة حقيقية ضائعة
ترتبط سوريا بتركيا في الشمال بمعبران هامان هما معبر باب الهوى في إدلب وباب السلامة عند مدينة إعزاز التابعة لحلب، ولا تخضع إدارتهما للحكومة المؤقتة. يتركز الضغط الأكبر على معبر باب الهوى حيث يحظى بحركة كبيرة من السيارات السياحية والشاحنات والمارة والمسافرين، ويُشبه بأنه “خلية نحل” لا يتوقف عن العمل، وبالأخص لإن إدلب تكتظ بمخيمات اللجوء التي تدخل إليها المساعدات الدولية من قبل المنظمات والجمعيات الإغاثية.
وقد تم تحرير المعبر منذ منتصف العام 2013 على يد أفراد الجيش الحر وكان يشهد توقفًا عن العمل جزئيًا وكليًا في بعض الأحيان بسبب المعارك مع قوات النظام على المعبر ولكن بعد تحرير إدلب بشكل كامل منذ ما يقرب من عامين على يد غرفة جيش الفتح بات المعبر بيد المعارضة السورية ويعمل بشكل كامل إلا في حال إغلاق المعبر من الطرف التركي لأسباب معينة.
توضح الخريطة معبر باب الهوى في إدلب
يعد معبر باب الهوى شريان النقل البري بين أوروبا وسوريا والخليج العربي ويبعد عن مدينة إدلب نحو 33 كم ويتبع إداريًا لمحافظة إدلب في الشمال السوري ويعد المعبر البوابة الأكبر مع تركيا يقابله من الطرف التركي معبر “جلفا غوزو” التابع لولاية هاتاي التركية.
يدير المعبر إدارة مدنية “مستقلة” تشرف على حركة عبور المسافرين والبضائع من وإلى تركيا وتتمتع الإدارة بكفاءات علمية متخصصة وتعتمد العمل المؤسساتي العلمي أساسًا في عملها حسب ما كتب في الموقع الرسمي للمعبر.
بحسب إحدى التسريبات أشارت أن متوسط دخل معبر باب السلامة يقدر بحوالي 2 مليون دولار شهريًا، وقبل سيطرة الميليشيات على خط عفرين – المدينة الصناعية كانت حوالي 4 مليون دولار، كما يبلغ متوسط دخل معبر باب الهوى حوالي 8 مليون دولار شهريًا.
كثافة العبور تأتي عبر نقل المواد الغذائية من الأسواق التركية ليتم بيعها في الأسواق السورية في إدلب وحلب حيث يعاني الأهالي في المدن والبلدات المحررة نقصًا كبيرًا في المواد الغذائية وخاصة الزارعية، فالإنتاج الزراعي شبه معدوم في المناطق المحررة بسبب القصف المستمر الذي يمنع المزارعين من القيام بأي نشاط زارعي، فبحسب إحدى المواقع الإعلامية المعارضة السورية فإن أكثر من 300 شاحنة محملة بالبضائع تمر يوميًا من المعبر تساهم في تأمين متطلبات المواطنين السوريين، ومن جهة أخرى فإن إدلب تعد مستودع الناوحين السوريين من كل سوريا إذ ينتشر في عموم المحافظة مئات آلاف النازحين الذين يسكنون في مخيمات أقيمت لهذا الغرض.
ويتميز المعبر بقربة من مدينتين كبيرتين هما حلب وإدلب فهو يقع في نقطة تعتبر وصل بين ريفي المدينتين ما يجعله الممر المناسب لكل الأهالي في المحافظتين لقربه منهما ولسيطرة المعارضة على كل الطرق الموصلة إليه.
الحكومة المؤقتة تسعى لإدارة المعابر
تعد المعابر الحدودية من الأمور السيادية للدول ومن الموارد التي تزود خزينة الدولة بالمال المتأتي من الرسوم والجمارك جراء عبور المسافرين والشاحنات والسيارات، لذا تتطلع الحكومة المؤقتة لإعادة إدارة المعابر واستلام إدارتها من جديد، وتسخر الأموال القادمة من التبادل التجاري في برامج تنموية للمحافظات السورية المحررة في مختلف المجالات.
جواد أبو حطب رئيس الحكومة السورية المؤقتة
إدارة المعابر بحسب رئيس الحكومة المؤقته يتطلب لفريق فني للجوازات ولمختبرات الجودة لفحص البضائع والمنتجات التي تنقل عبر المعابر ومن جهة أخرى يحتاج إلى تنسيق كامل مع الحكومة التركية التي لا تملك أية اعتراضات كما يؤكده رئيس الحكومة جواد أبوحطب ولكن تسعى الحكومة المؤقتة لتأمين التجهيزات اللوجستية كتوفير الأجهزة اللازمة والكوادر المتدربة ومختبرات الجودة والوثائق اللازمة للعبور بين الدول.
أما مع الجانب الأردني فأشار أبو حطب أنه تم إرسال طلب لوزارة الخارجية الأردنية وبانتظار الرد، ففتح المعبر هناك أمر بالغ الأهمية من أجل توفير فتح معبر نصيب لتنشيط التبادل التجاري بين البلدين وتوفير العمل للمواطن السوري الذي يحتاج للصحة والتعليم والعمل.
إلا أن استلام المعابر يحيطه خطر بسبب الهجمات الذي تتعرض لها بين الفينة والأخرى، وهو ما يعرض إدارة المعبر لانكشاف وثغرات إدارية وتحدي كبير أمام الحكومة لكسب ثقة الجانب التركي، والذي يسعى لضبط الحدود لمنع تسلل عناصر داعش إلى داخل تركيا، وفي حال عدم إثبات الحكومة قدرتها على ضبط المعبر من اختراقات داعش والتفجيرات والخلافات بين عناصر الجيش الحر فإن الحكومة لن تعطي الإذن بمزاولة الحكومة لعملها في المعابر.
تفجيرات في معبر باب السلامة في مدينة اعزاز
إذ تعرضت مدينة اعزاز لانفجار هز المدينة نتجية انفجار صهريج محروقات أمس السبت 7 يناير/ كانون الثاني توجهت أصابع الاتهام نحو داعش، وقع الانفجار أمام مبنى المحكمة الشرعية والبلدية ومركز الرعاية الصحية وسط المدينة أسفر عن دمار كبير في المحال التجارية، وبلغ عدد القتلى نحو 60 قتيلا و 150 جريحًا وخروج المباني الثلاثة عن العمل بشكل كامل والتي تخدم مئات السكان،وخصوصًا من قاطني المخيمات المحيطة بمدينة اعزاز والتي تتجاوز الـ20 مخيمًا.
وهذه الحادثة ليست الوحيدة إذ استهدفت المدينة سلسلة تفجيرات خلال العشرة أيام الماضية أدت لسقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، واتهمت فصائل الجيش الحر داعش الوقوف خلف تلك الحوادث لضرب الحاضنة الشعبية للجيش الحر في المنطقة وخلخلة صفوف المعارضة.
ومن جهة أخرى فقد عبر البعض أن هناك استهتار واضح من قبل الفصائل في حماية المدينة من اختراق داعش وذلك يعود إلى الانقسام بين بعضهم البعض و التنافس الحاصل بينهم وإرادة كل فصيل الاستئثار بالمراكز والدوائر الرئيسية فيها.